نقوس المهدي
كاتب
تستخدم هذه المفردة في كثير من العاميّات العربية، وتعني حرفياً المرأة التي تمتهن الدعارة، فهي مرادفة للعاهرة أو البغي أو المومس أو الداعرة.
تمتاز هذه المفردة عن مرادفاتها في العربية الفصحى بأنها تستخدم كشتيمة ايضاً. فقد تلقّب المرأة بالشرموطة عندما يحوم الشك حول إخلاصها لزوجها أو حتى لصديقها، أو بأنها تمارس الجنس خارج إطار العلاقة الزوجية. في أوساط معينة قد تلقب المرأة بالشرموطة لصداقتها مع الرجال أو لأنها تعمل أو لأن ملابسها غير محتشمة كفاية برأي الشاتم أو ربّما لكونها مغرية جنسياً و أحياناً بسبب كثرة خروجها من البيت أو تأخرها في العودة إليه. و قد تلقب المرأة بذلك عندما ترفض عرض الشاتم لها بالزواج أو الحب أو حتى الجنس أو عندما يشعر الشاتم لسبب ما أن المشتومة شريرة أو مكروهة من قبله. فأي امرأة عربية تحاول الخروج من الإطار المرسوم لها مهدّدة بدرجة أو بأخرى أن تختزل بهذه الشتيمة، و يختلف هذا الإطار من بلد عربي إلى آخر، و في الأوساط المختلفة من البلد نفسه.
هذه المفردة إذاً مرادفة لمفردة الشريرة من وجهة نظر السلطة الذكرية، لكنّها تربط مفهوم الشر بالمهنة الأقدم لتجعل أي خروج للمرأة عن طاعة الشاتم أو حتى عن أمنياته أِشبه بقيامها ببيع جسدها لرجال آخرين. وعندما يتهم الشاتم المرأة بذلك فإنه عملياً يشبّه سلوكها المرفوض من قبله بقيامها بتحويل جسدها إلى بضاعة تقدّم مقابل المال لأي زبون يدفع. فالجسد و النفس يفقدان في نظره خصوصيتهما البشرية المرتبطة بالحرية ويتشيّءان، فما أن تخرج المرأة عن تصوّرات الشاتم وتوقعاته لها حتى تصبح شيئاً. وواقع الأمر معكوس، فما أن تبدأ المرأة بالتحرر الفعلي والتوقف عن أن تكون شيئاً مملوكاً حتى تلقى بانتظارها التهديد المعاكس تماماً بأنها مجرد شيء أو بضاعة. ذلك أنّ الشاتم يرى في المرأة في كل الأحوال بضاعة يريد أن يحتكرها لنفسه، فيكوّن العالم حول المرأة بالطريقة التي تبرّر هذا الإحتكار وتزينه لها على أنه كرامة لها، وأي محاولة تقوم بها هي لكسر هذا الإحتكار تبدو في هذا العالم على العكس: توطيداً وغوصاً في التشيّؤ. إن اتساع طيف السلوك الذي إن مارسته المرأة تتهددها هذه الشتيمة من ارتداء حذاء لا يلائم ذوق الشاتم إلى خيانته الفعلية وصولاً إلى ممارسة الدعارة يدلّ من جهة إلى تحدّد فهم الشاتم للمرأة في عبارتين: شرموطة وغير شرموطة - أو ربّما شرموطة و ملاك - لكنّه يدلّ من جهة أخرى على توسّع ذات الشاتم وترهلّها بحيث تتمادى على معظم قطّاعات حياة المشتومة التي يفترض الشاتم أن من حقه التحكم بها وتسييرها كأنها أجزاء فعلية من حياته. و كثيراً ما يكون الشاتم مقهوراً بشتيمته خائفاً منها مهدّداً بها، فالمجتمع في معظم أوساطه ينظر إلى ذات الرجل كمتمادية في ذات المرأة، ألا يقال بأن المرأة شرف الرجل في حين أنها لا شرف لها؟ وما هذا الشرف بالنهاية غير جزء من ذات الرجل يتوقّع منه المجتمع في صيغته التقليدية المحافظة أن يلاحق مصيره عند المرأة، بمعنى آخر، الشرف حسب هذه النظرة جزءٌ من ذات المرأة يخصّ الرجل ولا يخصّها. وهنا يجب الإنتباه إلى موقف الشاتم المركّب، فهو من جهة عدواني ضدّ المرأة يستعين بالمجتمع ونظرته الضاغطة عليها، ويطالبها بأن تتحرك فيه وقفاً لما يمليه على واجب الحفاظ الجزء من ذاته الذي يعتبره مؤتمناً لديها. ومن الجهة الأخرى هو مقهور بهذا المجتمع و خائف منه لأنه محاسب من قبله على سلوك المرأة، أي على سلوك يرتكبه شخص غيره. ممّا يجعل موقف الرجل المتحرّر يكاد يضاهي في تحدّيه للقيم الإجتماعية موقف المرأة المتحرّرة، و يوضح في الوقت نفسه المسؤولية المترتبة على الرجل بما يتعلق في تحرّر المرأة.
كثيراً ما ترسم الحالات المختلفة التي تلقب المرأة بسببها أو تشتم بشرموطة الحدود التي تتجنب المرأة تجاوزها في مقالها و مسلكها و عملها و علاقاتها و ملبسها و حتى تفكيرها، وربّما لا أبالغ إن قلت أن كلمة شرموطة و تأويلاتها المختلفة ترسم حدود عقل المرأةالعربية. و كثيراً ما تتقمّص المرأة هذه العقلية المعادية لها تقمّصاً كاملاً، فتحاكم نفسها و الأخريات بالإستناد عليها، بل كثيراً ما تحاكم بها الرجل الذي يرفض في القول و الفعل الإنصياع لما تتطلبه هذه العقلية من ممارسات تجاه النساء و الرجال في أسرته و المجتمع. فكم من الأمهات يلقنّ أبناءهن و بناتهن الرضوخ إلى هذه العقلية بل و ممارسة قيمها بعدوانية تجاه الآخرين من الجنسين.
ترتكب بعض النساء سلوكات ليست مرغوبة من قبلهن لذاتها و إنّما للتخلص من عبء هذا السيف المسلط على رقابهنّ مرّة واحدة، فتجد نساء يتقافزن من علاقة إلى أخرى فقط ليقطعن على أنفسهن طريق العودة إلى العالم الذي يصبحن فيه شراميط ما أن يستخدمن طلاء أظافر فضياً أو أو يُرى مفرق شعرهن أو حتى ترتفع العباءة سنتمتراً عن الكاحل، و قد تجرّب بعض النساء ممارسة الدعارة فعلاً لاعتقادهن بأنهن بمجرد خروجهن عن طاعة الرجال فقدن أي اعتبار، صرن شراميط و انتهى الأمر، و ربّما ينتقمن بهذه الطريقة من القيم التي تستعبدهن و يمرغن ذاك الجزء من الرجل الذي يخشى على مصيره في أجسادهن. و هل ما من سبب نفسي عميق لإحتراف الدعارة غير الإنتقام من الرجل و التعبير عن قباحة سلطته؟
.
Benouakass Noureddine
تمتاز هذه المفردة عن مرادفاتها في العربية الفصحى بأنها تستخدم كشتيمة ايضاً. فقد تلقّب المرأة بالشرموطة عندما يحوم الشك حول إخلاصها لزوجها أو حتى لصديقها، أو بأنها تمارس الجنس خارج إطار العلاقة الزوجية. في أوساط معينة قد تلقب المرأة بالشرموطة لصداقتها مع الرجال أو لأنها تعمل أو لأن ملابسها غير محتشمة كفاية برأي الشاتم أو ربّما لكونها مغرية جنسياً و أحياناً بسبب كثرة خروجها من البيت أو تأخرها في العودة إليه. و قد تلقب المرأة بذلك عندما ترفض عرض الشاتم لها بالزواج أو الحب أو حتى الجنس أو عندما يشعر الشاتم لسبب ما أن المشتومة شريرة أو مكروهة من قبله. فأي امرأة عربية تحاول الخروج من الإطار المرسوم لها مهدّدة بدرجة أو بأخرى أن تختزل بهذه الشتيمة، و يختلف هذا الإطار من بلد عربي إلى آخر، و في الأوساط المختلفة من البلد نفسه.
هذه المفردة إذاً مرادفة لمفردة الشريرة من وجهة نظر السلطة الذكرية، لكنّها تربط مفهوم الشر بالمهنة الأقدم لتجعل أي خروج للمرأة عن طاعة الشاتم أو حتى عن أمنياته أِشبه بقيامها ببيع جسدها لرجال آخرين. وعندما يتهم الشاتم المرأة بذلك فإنه عملياً يشبّه سلوكها المرفوض من قبله بقيامها بتحويل جسدها إلى بضاعة تقدّم مقابل المال لأي زبون يدفع. فالجسد و النفس يفقدان في نظره خصوصيتهما البشرية المرتبطة بالحرية ويتشيّءان، فما أن تخرج المرأة عن تصوّرات الشاتم وتوقعاته لها حتى تصبح شيئاً. وواقع الأمر معكوس، فما أن تبدأ المرأة بالتحرر الفعلي والتوقف عن أن تكون شيئاً مملوكاً حتى تلقى بانتظارها التهديد المعاكس تماماً بأنها مجرد شيء أو بضاعة. ذلك أنّ الشاتم يرى في المرأة في كل الأحوال بضاعة يريد أن يحتكرها لنفسه، فيكوّن العالم حول المرأة بالطريقة التي تبرّر هذا الإحتكار وتزينه لها على أنه كرامة لها، وأي محاولة تقوم بها هي لكسر هذا الإحتكار تبدو في هذا العالم على العكس: توطيداً وغوصاً في التشيّؤ. إن اتساع طيف السلوك الذي إن مارسته المرأة تتهددها هذه الشتيمة من ارتداء حذاء لا يلائم ذوق الشاتم إلى خيانته الفعلية وصولاً إلى ممارسة الدعارة يدلّ من جهة إلى تحدّد فهم الشاتم للمرأة في عبارتين: شرموطة وغير شرموطة - أو ربّما شرموطة و ملاك - لكنّه يدلّ من جهة أخرى على توسّع ذات الشاتم وترهلّها بحيث تتمادى على معظم قطّاعات حياة المشتومة التي يفترض الشاتم أن من حقه التحكم بها وتسييرها كأنها أجزاء فعلية من حياته. و كثيراً ما يكون الشاتم مقهوراً بشتيمته خائفاً منها مهدّداً بها، فالمجتمع في معظم أوساطه ينظر إلى ذات الرجل كمتمادية في ذات المرأة، ألا يقال بأن المرأة شرف الرجل في حين أنها لا شرف لها؟ وما هذا الشرف بالنهاية غير جزء من ذات الرجل يتوقّع منه المجتمع في صيغته التقليدية المحافظة أن يلاحق مصيره عند المرأة، بمعنى آخر، الشرف حسب هذه النظرة جزءٌ من ذات المرأة يخصّ الرجل ولا يخصّها. وهنا يجب الإنتباه إلى موقف الشاتم المركّب، فهو من جهة عدواني ضدّ المرأة يستعين بالمجتمع ونظرته الضاغطة عليها، ويطالبها بأن تتحرك فيه وقفاً لما يمليه على واجب الحفاظ الجزء من ذاته الذي يعتبره مؤتمناً لديها. ومن الجهة الأخرى هو مقهور بهذا المجتمع و خائف منه لأنه محاسب من قبله على سلوك المرأة، أي على سلوك يرتكبه شخص غيره. ممّا يجعل موقف الرجل المتحرّر يكاد يضاهي في تحدّيه للقيم الإجتماعية موقف المرأة المتحرّرة، و يوضح في الوقت نفسه المسؤولية المترتبة على الرجل بما يتعلق في تحرّر المرأة.
كثيراً ما ترسم الحالات المختلفة التي تلقب المرأة بسببها أو تشتم بشرموطة الحدود التي تتجنب المرأة تجاوزها في مقالها و مسلكها و عملها و علاقاتها و ملبسها و حتى تفكيرها، وربّما لا أبالغ إن قلت أن كلمة شرموطة و تأويلاتها المختلفة ترسم حدود عقل المرأةالعربية. و كثيراً ما تتقمّص المرأة هذه العقلية المعادية لها تقمّصاً كاملاً، فتحاكم نفسها و الأخريات بالإستناد عليها، بل كثيراً ما تحاكم بها الرجل الذي يرفض في القول و الفعل الإنصياع لما تتطلبه هذه العقلية من ممارسات تجاه النساء و الرجال في أسرته و المجتمع. فكم من الأمهات يلقنّ أبناءهن و بناتهن الرضوخ إلى هذه العقلية بل و ممارسة قيمها بعدوانية تجاه الآخرين من الجنسين.
ترتكب بعض النساء سلوكات ليست مرغوبة من قبلهن لذاتها و إنّما للتخلص من عبء هذا السيف المسلط على رقابهنّ مرّة واحدة، فتجد نساء يتقافزن من علاقة إلى أخرى فقط ليقطعن على أنفسهن طريق العودة إلى العالم الذي يصبحن فيه شراميط ما أن يستخدمن طلاء أظافر فضياً أو أو يُرى مفرق شعرهن أو حتى ترتفع العباءة سنتمتراً عن الكاحل، و قد تجرّب بعض النساء ممارسة الدعارة فعلاً لاعتقادهن بأنهن بمجرد خروجهن عن طاعة الرجال فقدن أي اعتبار، صرن شراميط و انتهى الأمر، و ربّما ينتقمن بهذه الطريقة من القيم التي تستعبدهن و يمرغن ذاك الجزء من الرجل الذي يخشى على مصيره في أجسادهن. و هل ما من سبب نفسي عميق لإحتراف الدعارة غير الإنتقام من الرجل و التعبير عن قباحة سلطته؟
.
Benouakass Noureddine