نقوس المهدي
كاتب
ليسَ كلُّ شرْقٍ أبويًّا و مُتزَمّتًا ، بلْ إنَّ الرُّؤية الأبوية في المجتمع العربي المُسلم امتدّتْ من أقْصى الشرق إلى أقصَى شمالِ أفريقيا ، تونسُ على وجه الخصوص ، حيثُ كانَ الشيخُ النّفزاوي يُحاضرُ في مواضيع الجنسِ و الحب و الشّبق من زاوية نظر الفُحُولَة ، لــِــمَ لاَ !! و هو الرجُلُ الفحْلُ ، و الذكيُّ الأريبُ ، العالمُ بشؤونِ المرأةِ ، الوصيُّ عليها في أمْرَي : الجنس و النّــكاح ؛ ولـــمْ يكن الشيخُ النّفزاوي وَحدَهُ ، بل كان شيوخٌ آخرونَ يكتبونَ في موضوع الجــنس ، و جسد المرأة و عقلها ..، في مُقابل فحولة الرجل التي لا تُفارقُ ذاكرة الشيوخ أبدًا ، و منهُمُ الشيخُ جلال الدّين السيوطي مُؤلّف كتاب : ( شَقائـــقُ الأَتــْـرُجِ في رَقَائِقُ الغــُنْجِ ) ، و أيضا كتابهُ الشهير (نَــواضرُ الأيكِ في مَعرفة النّيك) ، و منهم أيضا الشيخُ شهابُ الدّين أحمد المعروف بــالتّـــيــفاشي ، صاحب كتاب (نُزهة الألباب فيما لا يوجدُ في كتاب) و غيرهما كثير ...، و هاته الكُتب لم تأتِ في سياق التوجه التّعليمي أو التّثقيفي للمُسلمين عامّتهم و خاصّتهم فــقط في أمور الجنس و الحب ، بل إنّها كتبٌ تدُلُّ على أمرينِ ؛ الأوّل درجة التحرّر التي يُقرّها الإسلام للحديث عن أمور الجنس و الحبّ دونَ أيّ تبـَرُّمٍ من الشيوخ ، شرطَ الإفادة و أخلاق العلم. الأمر الثاني : أنّها تدلُّ في كثيرٍ منها على صناعة الوهم الشّبقي الجنسي من زاوية نظر الذكورة \ الفحولة ، ترى في المرأة الجَسَدَ أكثرَ مما ترى فيها المــرأة الإنسان أو باقي محاسنها ، و هذا الوهم المصنوع يأتي في الوقتِ الذي تُريدُ فيه المرأة أن تصْنعَ ميثاقَ وجودِها الأنثوي ، بغيةَ تأسيس وجهة نظر مُتّزنة تجعلُ من أنوثَتها مَطْلبًا ، ومنْ وجودِها الإنساني كوجودِ الرجلِ مكْسَبًا للوجود الإنساني : ذكُورةً و أنوثةً ؛ لكن السؤال الذي يصرخُ في وجهنَا مُعلنًا إحراجهُ لنا ، و قساوتهُ على قلوب الأنوثة العربية هو : أينَ يكمنُ الوهم المزعومُ ؟ للإجابة على هذا السؤال ننطلقُ في رحلة الألف ميل في كتاب الشيخ النفزاوي ، أو لنقُل نفْــتَــتِـــحُ رِحلتَنا في روضِهِ العاطر !!
إنَّ أوّلَ ما يخْطُرُ على بال القارئ و هو يَتـــصفّحُ كتــابَ الشيخ النفزاوي (الروض العاطر في نُزهةِ الخاطر) هو وجود ثُنائية تقوم على حــيّــزَيْـنِ ؛ الحيزُ الأولُ : جُغرافيٌّ يتضمّنُهُ اللفظُ الأول من عنوان الكتاب و هو ( الروضُ \ الروضة )، و الحيزُ الثاني : حسّيٌّ أو لنقل بصريٌّ يتضمنُهُ اللفظُ الرابعُ في عنوان الكتاب و هو ( النُّزهة \ نَزّهَ \ تنزّهَ )، إذن ؛ نحنُ أمام مجالين الأول جغرافي تتحدّدُ دلالتهُ في ثنايا الكتاب ، حيثُ يتحوّلُ الرّوضُ العاطر إلى الجسدِ العاطرِ \ جسد المرأة ، و الثاني حسّي ، حيثُ يُصبحُ البصرُ عبارة عن نُزهة في للخاطر ، و الخاطرُ هنا خاطرُ الرجل \الذكر \ الفحل . فهي إذن؛ رحلةٌ مُمْتعة ــ حسب النفزاوي ــ نُزهةُ خاطر الرجل في الروض العاطر \ في جسدِ المرأة العاطر !!
هذه النّظرة الحسّية لجسد المرأة ، أو لنقل النظرة التـشْيـِـيــئِيّـــة لجسد المرأة هي تؤسس لثقافة الجهل و الوهم حول جسد المرأة ، حيثُ يبيحُ النفزاوي لنفسِهِ الحديث عن جسد المرأة من منبر الوصاية ، لـِمَ لا !! وهو قاضي من قضاة المسلمين الذي يحكمُ بينَ الناس ، و يحكمُ في زواجهم و طلاقهم ،و هو قاضي الأنكحة إنْ صحّ التعبير ، يُضافُ إلى هذا مُلاحظةٌ أخرى هي : أنّ قاضي الأنكحة النفزاوي ألّفَ كتابَهُ (العاطر ) تحت طلبٍ من سيادة الوزير المؤنس للسلطان عبد العزيز الحفصي الذي ألحَّ في الطّلبِ ، و زادَ عليهِ أنْ طلبَ من الشيخ أن يويدَ في الكتاب تفاصيلَ أخرى ، نظرًا لأهمية هذا " العلم " بتعبيرهِ ــ أيُّ علم ــ !! علمُ الأنكحة !! فقدْ قال الشيخُ على لسان الوزير : ( و هو ــ أي : علم الأنكحة ــ ممَّا يُحتاجُ إلى معرفتِهِ ، و لا يجهلهُ أو يهزأُ بهِ إلاّ جاهلٌ أحمــقٌ ، قلـيـلُ الدِّرايةِ ) الصفحة 2. نحنُ إذن ؛ أمامَ خطاب وصايةٍ جديد يُمارسُهُ علينا الشيخُ الهمامُ النفزاوي في ضرورةِ معرفَتنَا بالموضوع \ علم الأنكحة ، تُرى هل كان النفزاوي يقصدُ بحكمهِ هذا القاعدة الفقهية المشهورة : (ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجب) !؟ لعلهُ ذاك ، فهو الفقيهُ النّحريرُ. إنّ درجة الوصاية هنا تصلُ للحدّ الذي نتحوّلُ فيه ــ نحنُ عامة الناس ــ إلى : جَهَلَة ، و حمْقى ، و قلِيـلِــي الدّراية !! كلُّ هذا لأنّنا لم نعرف علم الأنكحة ، أو نهزأُ به بدعوى أنهُ وهم أو أنهُ خاص من أخصِّ خواصِّ الفرد في المُجتمع ، و هذا ــ في الحقيقة ــ إرهابٌ فكريٌّ تصنيفي واضحٌ و فاحشٌ ، فإذا أردتَ أن تكونَ حاذِقًا و ذكيّا لبيبًا ، و فَحْلاً فَعليْكَ بـــرأيِ النّفزاوي في علم الأنكحة و جسد المرأة ، أمّا إذا خالفتهُ ، فالويلُ لكَ ، فأنتَ جاهلٌ أحمقٌ قَليل الدّراية !!
يسْتنِدُ الشيخُ النّفزاوي في سياق روضهِ العاطر إلى تِرْسانة مُصطلحيّة جبّارة و هائلة ليُثْبِتَ أطروحتَهُ ( المرأة الجسد) ضدًّا في أطروحة (المرأة الإنسان)، منها : مُصطلحُ "الدّراية" و هذا مُصطلحُ الرّجال ، و لا يُتقنُهُ إلا الرجال ، و لا يوجدُ إلا في علم (الرجال) \ (علم الحديث النبوي ). فإذا كانت معرفتنا بعلم الأنكحة قليلة فهذا يعني أنّنا : قليلي الدّراية . و يعني أيضًا أنّنا في منزلة الجُهّال الذين لا ثقة فيهم و لا فضلَ لهم. فالرجل إذا كانَ قليل الدراية بأخبار الرسول الكريم فهو قليل الثقة. لا ثقة فيه. فالذي يدري ليس كالذي لا يدري، و هكذا تُصبحُ الدّراية شرطا من شروط علم الأنكحة؟، كما كانت من قبل شرطًا من شروط علم الرجال !! و منها أيضا مُصطلحُ (الحكيمة) من (الحِكْمَةُ) ، و هو مُصطلحٌ يذكرُهُ عندما يسْرُدُ حكمة في موضوع الجنس ، أو لنقل موضوع شيْئيّة المرأة ، ليكونَ ذلك "حكمَةً" قالتها "حكيمةٌ" ، و قولُ الحكيمة يجبُ أن يحظى بالسمع و الطّاعة لأنه صادرٌ من حكيمة. و الحكيمة هنا هي : الخبيرة بأمور الجنس و المرأة. و يستعملها كثيرًا في كتابه . و هذا الاستعمال ضربٌ من الإيقاع بالمُخاطب \ القارئ ، و تكبيل ذهنهِ بسلاسل الحكيمة الخبيرة \ المُمْتعة. و بدون أدنى شكّ نحنُ ــ القراء ــ هنا سنحقّقُ مُتعةً أثناء سماعنا لِحكَمِ المرأة "الحكيمة" في الروض العاطر..و سنتوجُ أنفسَنا بنُزهة الخاطر في تفاصيلِ حِكمها ، فقدْ قِيلَ لها : أيّتُها الحكيمة : أينَ يوجدُ عقلُ النّساء ؟ في الحلقة القادمة سنعرفُ جواب الحكيمة ، و قولها في عقل النّساء.
إنَّ أوّلَ ما يخْطُرُ على بال القارئ و هو يَتـــصفّحُ كتــابَ الشيخ النفزاوي (الروض العاطر في نُزهةِ الخاطر) هو وجود ثُنائية تقوم على حــيّــزَيْـنِ ؛ الحيزُ الأولُ : جُغرافيٌّ يتضمّنُهُ اللفظُ الأول من عنوان الكتاب و هو ( الروضُ \ الروضة )، و الحيزُ الثاني : حسّيٌّ أو لنقل بصريٌّ يتضمنُهُ اللفظُ الرابعُ في عنوان الكتاب و هو ( النُّزهة \ نَزّهَ \ تنزّهَ )، إذن ؛ نحنُ أمام مجالين الأول جغرافي تتحدّدُ دلالتهُ في ثنايا الكتاب ، حيثُ يتحوّلُ الرّوضُ العاطر إلى الجسدِ العاطرِ \ جسد المرأة ، و الثاني حسّي ، حيثُ يُصبحُ البصرُ عبارة عن نُزهة في للخاطر ، و الخاطرُ هنا خاطرُ الرجل \الذكر \ الفحل . فهي إذن؛ رحلةٌ مُمْتعة ــ حسب النفزاوي ــ نُزهةُ خاطر الرجل في الروض العاطر \ في جسدِ المرأة العاطر !!
هذه النّظرة الحسّية لجسد المرأة ، أو لنقل النظرة التـشْيـِـيــئِيّـــة لجسد المرأة هي تؤسس لثقافة الجهل و الوهم حول جسد المرأة ، حيثُ يبيحُ النفزاوي لنفسِهِ الحديث عن جسد المرأة من منبر الوصاية ، لـِمَ لا !! وهو قاضي من قضاة المسلمين الذي يحكمُ بينَ الناس ، و يحكمُ في زواجهم و طلاقهم ،و هو قاضي الأنكحة إنْ صحّ التعبير ، يُضافُ إلى هذا مُلاحظةٌ أخرى هي : أنّ قاضي الأنكحة النفزاوي ألّفَ كتابَهُ (العاطر ) تحت طلبٍ من سيادة الوزير المؤنس للسلطان عبد العزيز الحفصي الذي ألحَّ في الطّلبِ ، و زادَ عليهِ أنْ طلبَ من الشيخ أن يويدَ في الكتاب تفاصيلَ أخرى ، نظرًا لأهمية هذا " العلم " بتعبيرهِ ــ أيُّ علم ــ !! علمُ الأنكحة !! فقدْ قال الشيخُ على لسان الوزير : ( و هو ــ أي : علم الأنكحة ــ ممَّا يُحتاجُ إلى معرفتِهِ ، و لا يجهلهُ أو يهزأُ بهِ إلاّ جاهلٌ أحمــقٌ ، قلـيـلُ الدِّرايةِ ) الصفحة 2. نحنُ إذن ؛ أمامَ خطاب وصايةٍ جديد يُمارسُهُ علينا الشيخُ الهمامُ النفزاوي في ضرورةِ معرفَتنَا بالموضوع \ علم الأنكحة ، تُرى هل كان النفزاوي يقصدُ بحكمهِ هذا القاعدة الفقهية المشهورة : (ما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجب) !؟ لعلهُ ذاك ، فهو الفقيهُ النّحريرُ. إنّ درجة الوصاية هنا تصلُ للحدّ الذي نتحوّلُ فيه ــ نحنُ عامة الناس ــ إلى : جَهَلَة ، و حمْقى ، و قلِيـلِــي الدّراية !! كلُّ هذا لأنّنا لم نعرف علم الأنكحة ، أو نهزأُ به بدعوى أنهُ وهم أو أنهُ خاص من أخصِّ خواصِّ الفرد في المُجتمع ، و هذا ــ في الحقيقة ــ إرهابٌ فكريٌّ تصنيفي واضحٌ و فاحشٌ ، فإذا أردتَ أن تكونَ حاذِقًا و ذكيّا لبيبًا ، و فَحْلاً فَعليْكَ بـــرأيِ النّفزاوي في علم الأنكحة و جسد المرأة ، أمّا إذا خالفتهُ ، فالويلُ لكَ ، فأنتَ جاهلٌ أحمقٌ قَليل الدّراية !!
يسْتنِدُ الشيخُ النّفزاوي في سياق روضهِ العاطر إلى تِرْسانة مُصطلحيّة جبّارة و هائلة ليُثْبِتَ أطروحتَهُ ( المرأة الجسد) ضدًّا في أطروحة (المرأة الإنسان)، منها : مُصطلحُ "الدّراية" و هذا مُصطلحُ الرّجال ، و لا يُتقنُهُ إلا الرجال ، و لا يوجدُ إلا في علم (الرجال) \ (علم الحديث النبوي ). فإذا كانت معرفتنا بعلم الأنكحة قليلة فهذا يعني أنّنا : قليلي الدّراية . و يعني أيضًا أنّنا في منزلة الجُهّال الذين لا ثقة فيهم و لا فضلَ لهم. فالرجل إذا كانَ قليل الدراية بأخبار الرسول الكريم فهو قليل الثقة. لا ثقة فيه. فالذي يدري ليس كالذي لا يدري، و هكذا تُصبحُ الدّراية شرطا من شروط علم الأنكحة؟، كما كانت من قبل شرطًا من شروط علم الرجال !! و منها أيضا مُصطلحُ (الحكيمة) من (الحِكْمَةُ) ، و هو مُصطلحٌ يذكرُهُ عندما يسْرُدُ حكمة في موضوع الجنس ، أو لنقل موضوع شيْئيّة المرأة ، ليكونَ ذلك "حكمَةً" قالتها "حكيمةٌ" ، و قولُ الحكيمة يجبُ أن يحظى بالسمع و الطّاعة لأنه صادرٌ من حكيمة. و الحكيمة هنا هي : الخبيرة بأمور الجنس و المرأة. و يستعملها كثيرًا في كتابه . و هذا الاستعمال ضربٌ من الإيقاع بالمُخاطب \ القارئ ، و تكبيل ذهنهِ بسلاسل الحكيمة الخبيرة \ المُمْتعة. و بدون أدنى شكّ نحنُ ــ القراء ــ هنا سنحقّقُ مُتعةً أثناء سماعنا لِحكَمِ المرأة "الحكيمة" في الروض العاطر..و سنتوجُ أنفسَنا بنُزهة الخاطر في تفاصيلِ حِكمها ، فقدْ قِيلَ لها : أيّتُها الحكيمة : أينَ يوجدُ عقلُ النّساء ؟ في الحلقة القادمة سنعرفُ جواب الحكيمة ، و قولها في عقل النّساء.