نقوس المهدي
كاتب
صاحب الذوق السليم من النساء
صينة، دينة،الجنة لها معينة، لينة المعاطف، قلبها من الله خائف، لا يتكلف بعلها ما لا يطيق، فهي من المؤمنات بتحقيق، ليست سخابة ولا كذابة، جفونها وسنة، وألفاظها حسنة، تفنع باللباب ولو كانت الخيشة لها جلباب، شفوقة، رفوقة، فهي نعمة وثيقة، تأكل من ماله بالمعروف، و ذبح كل يوم خروف، لا تشكو بعلها للجيران، خائفة من النيران، نهارها صيام، وليلها قيام، ودينها تمام، كثيرة السكون، سوداء العيون، عاشقها مفتون، كيسة ظريفة، عفيفة شريفة، لطيفة نظيفة، لا تنقض العهود، قليلة الصدود، ناعمة الخدود، الملكين لها شهود، لاتسفر عن وجهها لغير بعلها، ولا تلين كلمتها إلا لأهلها، تزيد محاسنها بالعبادة، وتتخذ الخير عادة، داعية إلى الله أن تموت على الشهادة.
وضد ذلك المسلوبة الذوق من النساء
سخابة، سخاطة، حمرية، شرواطة، حرفوشة، عياطة، لا يصطلى لها بنار، وهي من الأشرار، تتمنحس وتغير، وزوجها معها كالأسير، تكلف زوجها م لا يطيق، فهي في جهنم بتحقيق، لا تقنع بالقليل، ولا تراعي في الأنام خليل، كثيرة الملل، ولو لبست حلة من الحلل، زرافية المعنى، فافهم هذا المعنى، ويعجبها كل من حصل، تكره الحلال، وتبدي له الضجر والملال، كثيرة الرفاق وتهوى السحاق، قال فيها بعض الحذاق:
شَيخَة الفُسقِِ والمغانِي جَميعاً ... حَللت فِي الحَرامِ ما لا يَجُوز
ساحقت طفلة، ولاطت وزنت كهلة، وقادت عجوز مكارة، عيارة، يركبها صغار الحارة، كأنها حمارة الراهب زرارة، نحسها معروف، وكم أنفق عليها من الألوف، حالها متلوف ولو ذبح لها كل يوم خروف.
فرحم الله امرأة تأملت هذه الخصال وجعلت بينها وبينها انفصال.
صاحبة الذوق السليم من الجواري
صحة وسلامة من كل عار، راشدة ورشيدة، مباركة وسعيدة، ناعمة ولذيذة، أحسن من حضر في المقام، تفتن الأنام حلوة وسمرة، زهرة خضرة، فهي لمن حصل بها طيبة وانشراح، كأنها نور الصباح، تعد من الملاح خود رداح، تصلح للنكاح، خصائلها ملاح، بها زاد المال كثيرة الاحتمال، ربيت في الدلال، يرى الخير بها والأعتدال وكيد الحسود، وسيدها عليها محسود، ناعمة الأكعاب، فهي من الأتراب، تهدي للأحباب من باعها خاب، ومن اشتراها أصاب، أحسن من غزال وأحلى من وصال، جوهرة يتيمة، هدوة كريمة، لها فنون وذوق، ولها زاد الشوق، أزكى من نيلوفر ونسرين وتفاحة وياسمين، فهي شمس الضحى، للملوك صالحة، وصل للحبيب، من عاش بها يطيب، أنعم من حرير فهي شفاء القلوب، لقاء المحبوب، بفن العود مشغولة ونقر الطار، فهي طرفة بين الجوار.
وضد ذلك المسلوبة الذوق من الجواري
لا صحة ولا سلامة، في كل عار، أفشر من فشار، تصلح لتصفية الأمزار ولسلخ جلد الفار، ولجمع الزبل والأقذار، وفي المعاصر لوقيد النار، بائعها عيار وشاربها حمار، سارقة هاربة، بالليل والنهار، لا راشدة ولا رشيدة، ولا مباركة ولا سعيدة، متعوسة، منكوسة، كأنها وجه جاموسة، صنانها فاح، معكوسة الصياح، لا يحصل بها طيبة ولا انشراح، إذا خرج خلقها تختنق بنتها، وأيضاً تقتل ستها، وتشتم سيدها بالسوداني، وتعاكسه في جميع ما يعاني، إن طلب منها زبدية، تجيئه بركوكية أنحس الجنوس. وتفهم المعكوس، ما تسوى أربع فلوس، ما يجيبها إلا قلس من القلوس، أو سحيتي منحوس، كثيرة الدمدمة، وأقبح ظلمة من أعوان الظلمة، لا هي نصرانية ولا يهودية ولا مسلمة، لو أقامت عند أستاذها عشر سنين، كانت تتحدث بالسين، كردوشة، منبوشة، سرموجة، برطوشة، ما تسوى قرقوشة، قحبة كورة، تربية النورة.
صاحب الذوق السليم من العبيد
راشد رشيد، موفق سعيد، مبارك وليد، مفتاح لأبواب الصلاح، فلاح ونجاح، لسانه فصيح، ووجهه صبيح، ما يعرف فعل قبيح، محافظ على الصلوات والآداب، رأيه صواب، أشجع من عنتر وأفخر من ياقوت وجوهر، سعد أكبر، وسعد مدبر، به يحصل السرور مساعد سيده في الأمور، به يحصل الفرج، وشذاه عنبر تأرج ، عبد نافع، لسيده مطاوع، ريحانة العبيد، أقوى من الحديد، شاطر أسمر، أسرع أكبر، أضرأ من هلال، أغلى من دينار، نجيب عليه إقبال يسوى ألف مثقال، حامي حمى سيده بالحسام، فهو سيد أولاد حام، يحصل لسيده الفرح، ويذهب عنه الترح إن دخل وإن خرج.
وضد ذلك المسلوب الذوق من العبيد
أبلم بليد، لا سعد ولا سعيد، ولا مقبل ولا رشيد، قوته لحم الفار، وشرب الأمزار، ما يسوى قنشار، ولا ربع ثمن سدس دينار، عاوز نقلة جدار، أو برذعة وحمار، يملأ وينقل عليه طول النهار، أو حمل بلا أسطار، الحرام له غية، وفيه سائر العيوب الشرعية، مخانق مضارب، سارق هارب، إن شبع فسق، وإن جاع سرق، أنجس الجنوس يصلح لرعي الجاموس، فهو لكل شر مفتاح، ما فيه نجاح ولا فلاح ولا صلاح ولا خير، وسيره أنحس سير، أنحس من جلب من الصعيد، جبار عنيد، عاوزه قيد جديد، وما ربك بظلام للعبيد.
باب الطرب
صاحب الذوق السليم من المطربين من أهل السماع والعوادين: أستاذ أمين، يعرف طرائق التلحين وجس العود، في حركاته مسعود، وهم أربع طرائق، يفهمها صاحب الذوق السليم الحاذق،الكد، واللفظ، والمضعف والمدور، يسلكهم في سد الأصل والمحير والأوج والكرادانية فيحصل للنفوس بذلك طمأنينة، تراجيه ترجع إلى الإيقاع، ونقوشه على الأوضاع، فهو قوت الأرواح، ومعدن البسط والإنشراح، بعوده الملذذ، قلب الحسود أكمد كأنه مخارق في الغناء أو معبد، إن جس الرست والعراق يهيم العشاق، وإن جس الزر وكنده والأصفهان، يهيم كل الجيران.
صاحب الذوق من المطربين بالنايات
فبلغ من الطرب الغايات، وإن جس الرهاوي، فكأنه لإبراهيم ابن المهدي مناوي، وإن جس النوى، فكأنه لقلوب العاشقين دواء، أرفق الرفاق، فيحصل في الطرب غاية الإنفاق، لطيف الذات فيصير المستمع في غاية السعادات، رجل مسرور، فيحصل به غاية السرور، يعرف الفواصل كريم النسب فاضل، رجل جواد، فهذا هو العواد، ماهر في الأصل والفروع، طيب النفوس قنوع.
وضد ذلك المسلوب الذوق من العوادين
يؤذي المستمعين، فهو من المجانين، سفيه ويلعب في خراه، سعد من لا يراه، من يجالسه بالنهار، يرتكب العار، لا يعرف كف ولا مدور، وهو في صناعته محير، عاوزه الصفع بالجلود، بما أعكسه في العود، كأنه حديد عاوزه نفيه للصعيد، بعوده المائح، ثقيل الدم مالح، إذا قصد شيئاً من النقوش، أفسد حال الحاضرين لأنه كردوش، يملأ المكان غوش، لا يعرف إيقاع العيدان وعوده أنحس من طنابير السودان، سخيف كثيف، ويظن أنه على القلب خفيف، لا يعرف ما يراد منه، جميعه غم وهم، لكن الجنية علة الضم، يستوي عنده الوحش والمليح، ولا يعرف الحسن من القبيح كما قال فيه بعض واصفيه:
وَعَواد سَليب الذَوقِ حَقاً ... لَهُ نَغَمُ وَضَرب فِي اِنقِلابِ
إذا ما كرَّ فرَّ البسطِ عنّا ... وإن غَنَّى فَصِرنا فِي سَرابِ
فَلا فِي نَفسِهِ نَفَسُ ولكن ... يُصَدِّعُ سامِعِيه بِإصطِخابِ
يَظِن بأنَهُ لِلعودِ يدرِي ... ولا يَدرِي الخَطأ مِن الصَواب
داوه الصفع بالكف،ألفاً بعد ألف.
صاحب الذوق السليم من المغاني
يفهم كثير المعاني، يعرف صناعة الإيقاع، مطرب يطرب الأسماع، يسكر بلفظه كسكر الراح، وينعش الأذن بالطرب، محاضرته عجب، فهو للطف النفس سبب، ذاته مجموع حسن، ينفي الوسن، بلفظه الحسن، وفي معانيه رقة، يعرف النكتة والدقة، يعرف الفن والأوتاد، في علم الموسيقى أستاذ، عارف له بذلك نغمة، وذلك من الله أكبر نعمة، يستنجب الأشعار الطيبة، فإنه المراد والبغية، يدخل على القلب السرور، ويعرف العروض والبحور، سلاحياته ذهب، لكل أستاذ غلب، يداوي كل قلب مجروح، لا كودن ولا بيشاني، لطيف لا يؤاخذ كل جاني ويباديه بالإحسان، ما له في فنه ثاني.
وضد ذلك المسلوب الذوق من المغاني
ليس له معنى من المعاني، في فن الأصول كأنه بهلول، صوته من الطيبة هارب، كأنه يضارب، أحمر رقيع، كبير البلعة سقيع، ما له صديق، بارد النغمة، مخبل اليدين، ما يوافق لواحد معية، غناؤه من البروية، كأنه ليالي الأربعانية، ومن سماحته يتعاجب، ويقول كنت أغني عند ابن الحاجب، ثقالة دمه معروفة، كأنه نغمة صوته نعجة بلعت صوفة، يجلب الأخلاط السوداوية، يخانق من في المقام ولو كانوا مية، يثقل المجالس، ويكذب ويتهالس.
خاتمة الكتاب وتحفة أولي الألباب
هذه المقدمة اللطيفة، والنبذة المنيفة، في عرفان الصوت الحسن وأنواعه المنسقة للأسماع، والصوت وأنواعه المؤلمة المؤذية المنفرة للطباع، والأنغام وأصولها وكيف تفرعت وما به تنوعت.
الصوت الحسن: جنس ولا بد لكل جنس من أنواع تحته، فأنواع الصوت الحسن الشجي والندي، والطيب والصحيح والرمل.
فالشجي غذاء الروح منعش الدم الصالح، والندي منعش للبخار الغريزي، والطيب: مسكن الأخلاط السوداوية، والصحيح: كامل الأوز، والرمل: مسكن البلغم.
وضد ذلك: الفج والرتق: محرك الأخلاط الصفراوية، والخارج: ينفر الطباع السليمة، مهيج للبلغم والمقلوب: مهيج الدم الفاسد.
كما قال الشاعر في هذه الأرجوزة:
اَعلم بِأنَّ الرَّستَ أصلُ الكُلِّ ... تَفرَّعت مِنه بِحُكمِ العَقلِ
فإنهُ أولُ ما تَفَرَّعا ... ثلاثةُ عَنه فصارت أربعاً
الرَّستُ أول والعِراق تابِعه ... والزُّوركند أصفهانُ رابِعه
وأنزَلوهُنَّ عَلى الأركانِ ... وعَدَّة الأخلاطِ فِي الإنسانِ
مُشبِّهوا الأوّلِ فِي الأوتارِ ... بِالمرَّةِ الصفرا ورُكن النارِ
وثانيه بِالدمِ والهواءِ ... وثالِثه بِبَلغمٍ وماءِ
والخَتمُ بِالسَّودا وركنِ الأرضِ ... عِند الطَباق وسُلوكِ العَرضِ
الرَّستُ للحذَّاق يبدُو زَنكَلا ... وَيكتَسِي العُشّاقُ مِنه حُللا
عراقُ يَشفِي السامعين إذ حَلا ... بِمائةٍ وبوسلِيك نَزَلا
والزَروكند والبُزُركُ اِشتَمَلا ... لولا العُلوّ بِالرُهاوِي اِتَّصَلا
نَوى حُسينِيُ وما قد دَخَلا ... مع أصفَهان بِدُخولٍ وَصَلا
فهذا الأصل وما تفرع منه والكلام متسع، وفي هذا القول مقنع.
وانتهى بنا إلى هنا حسن الكلام، والسلام.
تم بحمد الله الملك الوهاب، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد ولع آله وأصحابه وأزواجه وسلم تسليماً كثيراً دائماً أبداً.
صينة، دينة،الجنة لها معينة، لينة المعاطف، قلبها من الله خائف، لا يتكلف بعلها ما لا يطيق، فهي من المؤمنات بتحقيق، ليست سخابة ولا كذابة، جفونها وسنة، وألفاظها حسنة، تفنع باللباب ولو كانت الخيشة لها جلباب، شفوقة، رفوقة، فهي نعمة وثيقة، تأكل من ماله بالمعروف، و ذبح كل يوم خروف، لا تشكو بعلها للجيران، خائفة من النيران، نهارها صيام، وليلها قيام، ودينها تمام، كثيرة السكون، سوداء العيون، عاشقها مفتون، كيسة ظريفة، عفيفة شريفة، لطيفة نظيفة، لا تنقض العهود، قليلة الصدود، ناعمة الخدود، الملكين لها شهود، لاتسفر عن وجهها لغير بعلها، ولا تلين كلمتها إلا لأهلها، تزيد محاسنها بالعبادة، وتتخذ الخير عادة، داعية إلى الله أن تموت على الشهادة.
وضد ذلك المسلوبة الذوق من النساء
سخابة، سخاطة، حمرية، شرواطة، حرفوشة، عياطة، لا يصطلى لها بنار، وهي من الأشرار، تتمنحس وتغير، وزوجها معها كالأسير، تكلف زوجها م لا يطيق، فهي في جهنم بتحقيق، لا تقنع بالقليل، ولا تراعي في الأنام خليل، كثيرة الملل، ولو لبست حلة من الحلل، زرافية المعنى، فافهم هذا المعنى، ويعجبها كل من حصل، تكره الحلال، وتبدي له الضجر والملال، كثيرة الرفاق وتهوى السحاق، قال فيها بعض الحذاق:
شَيخَة الفُسقِِ والمغانِي جَميعاً ... حَللت فِي الحَرامِ ما لا يَجُوز
ساحقت طفلة، ولاطت وزنت كهلة، وقادت عجوز مكارة، عيارة، يركبها صغار الحارة، كأنها حمارة الراهب زرارة، نحسها معروف، وكم أنفق عليها من الألوف، حالها متلوف ولو ذبح لها كل يوم خروف.
فرحم الله امرأة تأملت هذه الخصال وجعلت بينها وبينها انفصال.
صاحبة الذوق السليم من الجواري
صحة وسلامة من كل عار، راشدة ورشيدة، مباركة وسعيدة، ناعمة ولذيذة، أحسن من حضر في المقام، تفتن الأنام حلوة وسمرة، زهرة خضرة، فهي لمن حصل بها طيبة وانشراح، كأنها نور الصباح، تعد من الملاح خود رداح، تصلح للنكاح، خصائلها ملاح، بها زاد المال كثيرة الاحتمال، ربيت في الدلال، يرى الخير بها والأعتدال وكيد الحسود، وسيدها عليها محسود، ناعمة الأكعاب، فهي من الأتراب، تهدي للأحباب من باعها خاب، ومن اشتراها أصاب، أحسن من غزال وأحلى من وصال، جوهرة يتيمة، هدوة كريمة، لها فنون وذوق، ولها زاد الشوق، أزكى من نيلوفر ونسرين وتفاحة وياسمين، فهي شمس الضحى، للملوك صالحة، وصل للحبيب، من عاش بها يطيب، أنعم من حرير فهي شفاء القلوب، لقاء المحبوب، بفن العود مشغولة ونقر الطار، فهي طرفة بين الجوار.
وضد ذلك المسلوبة الذوق من الجواري
لا صحة ولا سلامة، في كل عار، أفشر من فشار، تصلح لتصفية الأمزار ولسلخ جلد الفار، ولجمع الزبل والأقذار، وفي المعاصر لوقيد النار، بائعها عيار وشاربها حمار، سارقة هاربة، بالليل والنهار، لا راشدة ولا رشيدة، ولا مباركة ولا سعيدة، متعوسة، منكوسة، كأنها وجه جاموسة، صنانها فاح، معكوسة الصياح، لا يحصل بها طيبة ولا انشراح، إذا خرج خلقها تختنق بنتها، وأيضاً تقتل ستها، وتشتم سيدها بالسوداني، وتعاكسه في جميع ما يعاني، إن طلب منها زبدية، تجيئه بركوكية أنحس الجنوس. وتفهم المعكوس، ما تسوى أربع فلوس، ما يجيبها إلا قلس من القلوس، أو سحيتي منحوس، كثيرة الدمدمة، وأقبح ظلمة من أعوان الظلمة، لا هي نصرانية ولا يهودية ولا مسلمة، لو أقامت عند أستاذها عشر سنين، كانت تتحدث بالسين، كردوشة، منبوشة، سرموجة، برطوشة، ما تسوى قرقوشة، قحبة كورة، تربية النورة.
صاحب الذوق السليم من العبيد
راشد رشيد، موفق سعيد، مبارك وليد، مفتاح لأبواب الصلاح، فلاح ونجاح، لسانه فصيح، ووجهه صبيح، ما يعرف فعل قبيح، محافظ على الصلوات والآداب، رأيه صواب، أشجع من عنتر وأفخر من ياقوت وجوهر، سعد أكبر، وسعد مدبر، به يحصل السرور مساعد سيده في الأمور، به يحصل الفرج، وشذاه عنبر تأرج ، عبد نافع، لسيده مطاوع، ريحانة العبيد، أقوى من الحديد، شاطر أسمر، أسرع أكبر، أضرأ من هلال، أغلى من دينار، نجيب عليه إقبال يسوى ألف مثقال، حامي حمى سيده بالحسام، فهو سيد أولاد حام، يحصل لسيده الفرح، ويذهب عنه الترح إن دخل وإن خرج.
وضد ذلك المسلوب الذوق من العبيد
أبلم بليد، لا سعد ولا سعيد، ولا مقبل ولا رشيد، قوته لحم الفار، وشرب الأمزار، ما يسوى قنشار، ولا ربع ثمن سدس دينار، عاوز نقلة جدار، أو برذعة وحمار، يملأ وينقل عليه طول النهار، أو حمل بلا أسطار، الحرام له غية، وفيه سائر العيوب الشرعية، مخانق مضارب، سارق هارب، إن شبع فسق، وإن جاع سرق، أنجس الجنوس يصلح لرعي الجاموس، فهو لكل شر مفتاح، ما فيه نجاح ولا فلاح ولا صلاح ولا خير، وسيره أنحس سير، أنحس من جلب من الصعيد، جبار عنيد، عاوزه قيد جديد، وما ربك بظلام للعبيد.
باب الطرب
صاحب الذوق السليم من المطربين من أهل السماع والعوادين: أستاذ أمين، يعرف طرائق التلحين وجس العود، في حركاته مسعود، وهم أربع طرائق، يفهمها صاحب الذوق السليم الحاذق،الكد، واللفظ، والمضعف والمدور، يسلكهم في سد الأصل والمحير والأوج والكرادانية فيحصل للنفوس بذلك طمأنينة، تراجيه ترجع إلى الإيقاع، ونقوشه على الأوضاع، فهو قوت الأرواح، ومعدن البسط والإنشراح، بعوده الملذذ، قلب الحسود أكمد كأنه مخارق في الغناء أو معبد، إن جس الرست والعراق يهيم العشاق، وإن جس الزر وكنده والأصفهان، يهيم كل الجيران.
صاحب الذوق من المطربين بالنايات
فبلغ من الطرب الغايات، وإن جس الرهاوي، فكأنه لإبراهيم ابن المهدي مناوي، وإن جس النوى، فكأنه لقلوب العاشقين دواء، أرفق الرفاق، فيحصل في الطرب غاية الإنفاق، لطيف الذات فيصير المستمع في غاية السعادات، رجل مسرور، فيحصل به غاية السرور، يعرف الفواصل كريم النسب فاضل، رجل جواد، فهذا هو العواد، ماهر في الأصل والفروع، طيب النفوس قنوع.
وضد ذلك المسلوب الذوق من العوادين
يؤذي المستمعين، فهو من المجانين، سفيه ويلعب في خراه، سعد من لا يراه، من يجالسه بالنهار، يرتكب العار، لا يعرف كف ولا مدور، وهو في صناعته محير، عاوزه الصفع بالجلود، بما أعكسه في العود، كأنه حديد عاوزه نفيه للصعيد، بعوده المائح، ثقيل الدم مالح، إذا قصد شيئاً من النقوش، أفسد حال الحاضرين لأنه كردوش، يملأ المكان غوش، لا يعرف إيقاع العيدان وعوده أنحس من طنابير السودان، سخيف كثيف، ويظن أنه على القلب خفيف، لا يعرف ما يراد منه، جميعه غم وهم، لكن الجنية علة الضم، يستوي عنده الوحش والمليح، ولا يعرف الحسن من القبيح كما قال فيه بعض واصفيه:
وَعَواد سَليب الذَوقِ حَقاً ... لَهُ نَغَمُ وَضَرب فِي اِنقِلابِ
إذا ما كرَّ فرَّ البسطِ عنّا ... وإن غَنَّى فَصِرنا فِي سَرابِ
فَلا فِي نَفسِهِ نَفَسُ ولكن ... يُصَدِّعُ سامِعِيه بِإصطِخابِ
يَظِن بأنَهُ لِلعودِ يدرِي ... ولا يَدرِي الخَطأ مِن الصَواب
داوه الصفع بالكف،ألفاً بعد ألف.
صاحب الذوق السليم من المغاني
يفهم كثير المعاني، يعرف صناعة الإيقاع، مطرب يطرب الأسماع، يسكر بلفظه كسكر الراح، وينعش الأذن بالطرب، محاضرته عجب، فهو للطف النفس سبب، ذاته مجموع حسن، ينفي الوسن، بلفظه الحسن، وفي معانيه رقة، يعرف النكتة والدقة، يعرف الفن والأوتاد، في علم الموسيقى أستاذ، عارف له بذلك نغمة، وذلك من الله أكبر نعمة، يستنجب الأشعار الطيبة، فإنه المراد والبغية، يدخل على القلب السرور، ويعرف العروض والبحور، سلاحياته ذهب، لكل أستاذ غلب، يداوي كل قلب مجروح، لا كودن ولا بيشاني، لطيف لا يؤاخذ كل جاني ويباديه بالإحسان، ما له في فنه ثاني.
وضد ذلك المسلوب الذوق من المغاني
ليس له معنى من المعاني، في فن الأصول كأنه بهلول، صوته من الطيبة هارب، كأنه يضارب، أحمر رقيع، كبير البلعة سقيع، ما له صديق، بارد النغمة، مخبل اليدين، ما يوافق لواحد معية، غناؤه من البروية، كأنه ليالي الأربعانية، ومن سماحته يتعاجب، ويقول كنت أغني عند ابن الحاجب، ثقالة دمه معروفة، كأنه نغمة صوته نعجة بلعت صوفة، يجلب الأخلاط السوداوية، يخانق من في المقام ولو كانوا مية، يثقل المجالس، ويكذب ويتهالس.
خاتمة الكتاب وتحفة أولي الألباب
هذه المقدمة اللطيفة، والنبذة المنيفة، في عرفان الصوت الحسن وأنواعه المنسقة للأسماع، والصوت وأنواعه المؤلمة المؤذية المنفرة للطباع، والأنغام وأصولها وكيف تفرعت وما به تنوعت.
الصوت الحسن: جنس ولا بد لكل جنس من أنواع تحته، فأنواع الصوت الحسن الشجي والندي، والطيب والصحيح والرمل.
فالشجي غذاء الروح منعش الدم الصالح، والندي منعش للبخار الغريزي، والطيب: مسكن الأخلاط السوداوية، والصحيح: كامل الأوز، والرمل: مسكن البلغم.
وضد ذلك: الفج والرتق: محرك الأخلاط الصفراوية، والخارج: ينفر الطباع السليمة، مهيج للبلغم والمقلوب: مهيج الدم الفاسد.
كما قال الشاعر في هذه الأرجوزة:
اَعلم بِأنَّ الرَّستَ أصلُ الكُلِّ ... تَفرَّعت مِنه بِحُكمِ العَقلِ
فإنهُ أولُ ما تَفَرَّعا ... ثلاثةُ عَنه فصارت أربعاً
الرَّستُ أول والعِراق تابِعه ... والزُّوركند أصفهانُ رابِعه
وأنزَلوهُنَّ عَلى الأركانِ ... وعَدَّة الأخلاطِ فِي الإنسانِ
مُشبِّهوا الأوّلِ فِي الأوتارِ ... بِالمرَّةِ الصفرا ورُكن النارِ
وثانيه بِالدمِ والهواءِ ... وثالِثه بِبَلغمٍ وماءِ
والخَتمُ بِالسَّودا وركنِ الأرضِ ... عِند الطَباق وسُلوكِ العَرضِ
الرَّستُ للحذَّاق يبدُو زَنكَلا ... وَيكتَسِي العُشّاقُ مِنه حُللا
عراقُ يَشفِي السامعين إذ حَلا ... بِمائةٍ وبوسلِيك نَزَلا
والزَروكند والبُزُركُ اِشتَمَلا ... لولا العُلوّ بِالرُهاوِي اِتَّصَلا
نَوى حُسينِيُ وما قد دَخَلا ... مع أصفَهان بِدُخولٍ وَصَلا
فهذا الأصل وما تفرع منه والكلام متسع، وفي هذا القول مقنع.
وانتهى بنا إلى هنا حسن الكلام، والسلام.
تم بحمد الله الملك الوهاب، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد ولع آله وأصحابه وأزواجه وسلم تسليماً كثيراً دائماً أبداً.
صورة مفقودة