أحمد بغدادي - من دفتر أنثى عاشقة في الخراب المضارع

الأنثى ذاتها
كانت تتربّعُ على جثّةٍ دون قصدٍ
أمام المدينةِ المُحطّمة
ترضعُ طفلها
وتشاهدُ هذا الخرابَ الجميل
٭٭٭
الأنثى التي رفعتْ «تنورتها « بأطرافِ أصابعها
في الشارعِ الواسع ..
لم تكن تُغْري الكلابَ والملائكة .
إنما كانت تتنقّل بين الجثثِ المتثائبة
لربما سترفعها أكثر إلى سرّتها
حين تمرّ فوق نبيٍ مقتول بيدِ قناصٍ عاشق
٭٭٭
الأنثى التي كانت تتّكئُ بمرفقيها على النافذة الخشبية
في الصباحِ على سبيل الضوء
وأيضاً حين المساء
صوّرها القناصُ المبدع بعدستهِ الرائعة
الأنثى التي كانت تقفُ بين جيشين قبل أن يباشرا الحرب..
كانت أمي لربما
تريد التقاط جثّتي
الأنثى ذاتها.. لربما
لم تكن أمّي
لربما كانت عاشقة
تريد أن توْقف الحربَ
كي يتسنى لها أن تُقبّلَ حبيبها
بين جيشين لا يعرفان القبلة
ولا يعرفان
كيف تبدأ الحربُ
بعد القبلة
أو قبلها
٭٭٭
الأنثى التي انتحرتْ البارحة من النافذة
لم تمت
كانت جدائلها طويلة
مربوطة إلى حبّها في مدينةٍ أخرى
وحتى أنّها لم تصل إلى الأرض ..
كان حبٌ ينتظرها في الأسفل
حبٌ من مدينةٍ أخرى
٭٭٭
الأنثى التي رتّبَتِ الحربَ على شرفتها جيّداً
ووزّعت الزهورَ الجافةَ على الجثثِ في الأسفل ..
والزهورَ الرطبة على الجثثِ في الأعلى؛
لم تكن تبالغ مُطلقاً في المشهد ..
في الأعلى حتماً
كان قلبُها قتيلاً..
٭٭٭
الأنثى التي قالت لكَ ذات نظرة «أحبّكَ»
وذهبتْ بمرفقٍ واسعٍ مع قلبها ..
اتركها
كما هي.. جميلةً.. رائعة.. عاشقة
فهي؛
اختارت قلبها ..
٭٭٭
الأنثى ذاتها التي لم تكن لها مرآة
كما قال لكَ الشاعرُ الذي مشى بين شفاهٍ كثيرة
وبين مرايا ضريرةْ؛
قل لها: «أنا فخٌ مغمضُ العينين وأستيقظُ أيضاً في حُلمي
وقل لها أيضاً :
ــ هل تعرفين القبلة ؟
٭٭٭
الأنثى التي زرعتْ لكَ فخّاً في ابتسامتها
لا تكن لها مرآة
٭٭٭



.





- من دفتر أنثى عاشقة في الخراب المضارع
أحمد بغدادي٭
شاعر سوري
Jul 21, 2016
 
أعلى