محمد ابي سمرا - رسول العري والبصبصة

استهل فؤاد حبيش تسمية جريدته الاسبوعية الجديدة “المكشوف” من فكرته وتصوّره عنها وعن مادتها ومتطلبات جمهورها المفترض: الرغبة في هتك الأسرار والحجب عن المرأة وجسمها. وذلك بتعريضها في الإخبار والقص المفترض انهما حدثيان وواقعيان، إلى حساسية جديدة هي وليدة السفور والتعرية، وفقاً لمبدأ الواقع الإباحي، على خلاف مبدأ الإعلاء الطهراني والروحاني للرغبات والشهوات، ولإستتار النساء وأجسامهن خلف حجب التقاليد المحافظة والفضائل الاخلاقية والاجتماعية البالية. غداة تأسيسه “المكشوف” وإصدارها، نشر حبيش “بيانه التأسيسي” وبيان جريدته، في كتابين هما “السجينات – بحث في حب النساء الشاذ”، و”رسول العري” الذي صار لقباً له، وإسماً آخر لجريدته التي جرى تداول اسمها في صيغة المذكّر، فقيل وكُتب “هذا المكشوف”، بعدما صدرت اسبوعياً ابتداءً من أول أيار 1935. اللافت ان أعدادها الأولى خلت من اسماء كتّاب أو محرّري مادتها ومدبلجيها، سوى اسم “محررها المسؤول” فؤاد حبيش فقط. على صفتحها الأولى في عددها الأول “قصة لم يسبق نشرها” هي “قصة غرام النبيلات” إلى جانب صورة امرأة تنكشف أجزاء مثيرة من جسمها. وتكرُّ سبحة أشباه هذا العنوان على صفحات العدد الأول كلها: “العري في الحب – أتفضل أن تكون عارياً أم لابساً؟”، “الحب في الكتب”، تحته عنوان فرعي: “زوجة متطرّفة في تقواها”، ثم “القضايا القذرة والمحاكمات السرية”، “مدرّسة لا تكره الشهوات”. طوال السنة الأولى من صدورها تتعزّز مثل هذه العناوين والأبواب وتتناسل متزايدة، كأنها قصص وحكايات متسلسلة: “قصة زواج حكيم” (طبيب)، “المطارحات الغرامية التي تفضلها المرأة”، “كيف تحب رجلاً متزوجاً”، “العاشق الحقيقي: واجبه قبل الحب وفيه وبعده”، “جسد ملتهب”، “مخدر جديد يستعبد النساء ويوقظ شهواتهن”، “ما هي اللذة التي تفضلها في الحب: فوق الصخور، القبلة الجارحة، العضة في الأذن؟”، “الغرام في اسبانيا يشمل الكبار والصغار”، “المغازلة في السينما: بغاء القاصرات، أسعار الحب”، “كيف سحر هتلر الفاتنة بريجيت”، “اللهو والحب في لندن”، “الجرائم في بولونيا”، “ريق امرأة يشفي من سم الأفاعي”، “مومس تتحدث إلى ابنها”، “السحاقيات عند اليونان”، “الفحش المقدس في بلاد المهاتما غاندي”… إلخ.
على صفحات 33 عدداً صدر الأخير منها في 7 كانون الثاني 1936، ظل “مكشوف” فؤاد حبيش بوصفه “وان مان شو” تقريباً، رسولاً لهذا النوع من العناوين والكتابة الاسبوعية المترجمة والمدبلجة والمعدّة والمنقولة عن صحف ومطبوعات أوروبية معظمها فرنسية. إلى جانب هذه العناوين وموضوعاتها، صور اباحية لنساء ومضاجعات شديدة الإثارة، يقوم بحفرها على معدن الزنك حرفيّ أو فنّان “الزنكوغراف”، فتشير “المكشوف” إليه في بعض أعدادها باسم “بغدادي” الذي يبدو ان رقابة المطبوعات آنذاك أخذت تحذف بعض صوره الشديدة الإباحية. لذا أصدرت الجريدة بعض أعدادها بمساحات بيضاء على عدد من صفحاتها، بسبب حذف الرقابة تلك الصور.
 
أعلى