نقوس المهدي
كاتب
وقد نسميها بالشبقية أو الإيروسية، نسبة إلى (إيروس) إله الرغبة والحب والجنس وتم عبادته على أنه إله الخصوبة، ولازالت العديد من التماثيل التي تعبر عنه حيث يبدو فيها شابا عاريا
متناسق الجسم مفتول العضلات ومستعدا للإخصاب وتحقيق رغبته الجنسية وبذر ذاته في كل الأرحام. وإيروس كان ملازما لأفروديت. وخلاصة ما يعبران عنه هو تحقيق أقوى الأنسال وتمكين البشر من البقاء والتعبير عن أقصى رغباته العاطفية والجنسية لكي ينتصر على الموت ويصنع الحياة الجميلة الزاهية المعطرة بالحب والتلاحم الجسدي الممتع اللذيذ.
وقد تواصلت البشرية على مر العصور في صراعاتها البقائية وتأكيد الصفات الوراثية التي تحقق بقاءا أقوى وأكثر قدرة على تحدي المخاطر والتفاعل الخلاق مع الحياة. وكان الجنس هو السلاح الأقوى الذي يوفر أعدادا من البشر القادر على المجابهة والتحدي والتواصل، وكان لا بد أن يكون لعنصري القوة والمال الدور الكبير في هذا التدافع البقائي فوق التراب، ولابد للأنثى أن تنجذب لرجل قوي يمتلك مميزات القدرة عى منحها ابناءا قادرين على التفاعل القوي مع الحياة وتأمين أسباب الحماية والرعاية لها، ولهذا كانت النساء في إنجذاب لا واعي نحو الأقوى والأصلح، وكذلك الرجال لديهم ذات الدوافع الدفينة الطامحة إلى بذر جيناتهم في أرحام نساء قادرات على التفاعل القوي مع الحياة، وبهذا يتمكن النوع البشري من التواصل والنماء. وقد أخترعت الوسائل والمهارات العديدة للوصول إلى هذه الغايات ومنها الحب بكل أنواعه ودرجاتها وسلوكياته وما يترتب عنه من نتائج وتفاعلات، وسميه ما شئت لكنه في حقيقته عبارة عن خدعة بقائية محكومة بإرادات جينية وهرمونية تحقق غاياتها وتتبنى أهدافها وتؤسس لوجودها الكامن فيها.
ومرت البشرية بمراحل طويلة وصعبة وهي تواجه هذه النداءات وتحاول أن تهذب الغرائز فاستنبطت العديد من الأنماط الإجتماعية ومنها الزواج االذي تسيّد على معظمها ولم يكن في يوم من الأيام الوسيلة الوحيدة لتنظيم العلاقة مابين الرجل والمرأة، بل أن هناك أساليب أخرى متنوعة ومعروفة شاركت الزواج في إنتاج البشر ورعايته، ولا زلنا إلى يومنا هذا نؤكد التفاعل ما بين الجنسين بجميع الوسائل والصيغ التي عرفتها البشرية منذ أقدم الأزمان ولكن بنسب متفاوتة ومختلفة ما بين مجتمع وآخر.
فعندما ننظر في المجتمعات المتحررة جنسيا، نرى أن الجنسين قد عبرا عن طاقاتهما ورغباتها بأقصى قدراتهما ومعرفتهما وهما لا يزالان في سن المراهقة أو دون العشرين من العمر، فلايوجد ما هو خيالي او ممنوع، فكل ما يمكن فعله قد حصل، وكل ما يراد إفراغه قد تحقق وتكرر وأصبح الجنس أمرا عاديا وحاجة متوفرة لا تحتاج إلى جهد كبير وعناء، فالأنثى المستعدة متوفرة والذكر الراغب متوفر وكذلك المكان والزمان والرعاية الإقتصادية لنتائج هذا التفاعل الجنسي الحر. أما في المجتمعات المحافظة أو المخنوقة جنسيا والمكبلة بالمعايير والمحرمات والممنوعات، فأن الجنس يكون خيالا قائما في العقول والنفوس، ويتحول إلى حالة سرابية وفنتازيا مهيمنة على الوعي والإدراك ويستنزف طاقات الشباب والشابات في متاهات وخيالات وتفاعلات صعبة وعناءات متراكمة لدرجة تجعل من الجنس جريمة بشعة يحاسب عليها المجتمع أشد حساب وتقترن بالخوف والرهبة والرعب وعدم السهولة، ولهذا تكمن في أعماق الجنسين تصورات ومحرمات وصياغات نفسية وذهنية ذات تأثيرات سلبية على تفاعلهما عندما يتحقق الزواج الذي هو المنفذ الوحيد لتفريغ تلك الطاقات المكبوتة والرغبات المسجونة في زنزانة الرعب والخوف والحرام والممنوع.
وهذه الظروف القهرية تدفع إلى أن يعبر كلا الجنسين عن طاقاتهما الجنسية ورغباتهما البقائية بوسائل أخرى تتوافق وإشارات المرور والخطوط الحمراء في المجتمع، مما ينجم عن ذلك العديد من المساهمات وعلى جميع المستويات، وخصوصا الإبداعية كالشعر والرسم وفنون الكتابة الأخرى. أي أن المكبوت سيجد وسيلةً للترويح عن نفسه وتفريغ طاقاته الجنسية، فيسمو بها إلى ما يرضي المجتمع الذي هو فيه.
خذ على سبيل المثال شابة في مجتمع متحرر جنسيا توفرت عندها الرغبة لممارسة الجنس في عطلة نهاية الأسبوع، فأنها تتزين وتعد نفسها لهذه الغاية وتستخدم جميع الوسائل المتاحة في المجتمع للظفر بذكر قادرٍ على أن يرضيها ويحقق رغباتها الجنسية في ليلة حمراء في شقتها أو شقته ثم يذهب كل منهما إلى غايته. وهذه الشابة لا يمكنها أن تعبر بالكتابة عن رغبتها لأنها تمتلك الوسائل الكثيرة للتعبير عنها والتمتع الكامل والمطلق بها لكنها يمكنها أن تصف ما فعلته بدقة متناهية.
أما إذا توفرت هذه الرغبة لدى فتاة في مجتمع مكبوت وممنوع من أي وسيلة لتحقيق التفاعل الجنسي، فأنها ستبتكر وسيلتها للتعبير عن رغبتها وتفريغ طاقتها الجنسية تتناسب وواقعها الذي هي فيه . ويبدو أن من أنسب الوسائل التي تحمل صرخات حارة ومدوية هو البوح فوق السطور بقلم الرغبات القوية الحامية المدوية التي تفجرها الطبيعة في الأعماق الإنسانية لتأكيد رسالة الجينات والحفاظ على النوع، وهذه النداءات هي من أقوى وأعتى ما يجيش في الأعماق البشرية لأنها صرخات بقاء وثورات رجاء وقدرات على صناعة الحياة. ويبدو أن هذه التفاعلات تتناسب ونوع البويضة المستعدة للإخصاب فكلما كانت البويضة ذات خصائص بقائية فائقة كلما اشتدت الرغبة لدى الأنثى في السعي للإخصاب. وفي حالة الحرمان والممنوع، يكون التعبير عن الطاقة بأسلوب يتناسب وما لدى الأنثى من القدرات، فالرسامة تؤكد ذلك في لوحاتها، والشاعرة في شعرها، والكاتبة في مقالاتها وقصصها. ولهذا فأننا نرى كتابات وكأنها تصف اللوعة الجنسية والفرصة اللذيذة الضائعة وتسطرها بدقة ورمزية ذات إثارة وشهوانية عالية. ولا غرابة أن نقرأ كتابات ذات فحوى جنسية بكلمات تحاول أن تخفي تلك الحقائق الرغبوية والجوع الجنسي الشديد، والحرمان العاطفي وعدم القدرة على التفاعل الجنسي مع الآخر. فلو تخلص الجسد من نداءات الطبيعة وخمدت نيرانه وانطفأ لهيبه، لما رأينا كتابات جنسية ذات شبقية عالية وشهوانية صارخة مخبوءة في قصيدة أو قصة أو مقالة. لكنها كتابات صادقة تعكس حقيقة المعاناة الجنسية في مجتمعاتنا والتي ما عرفنا أسلوبا معاصرا لحلها، وتوفير الظروف المناسبة لتحقيق التفاعل الجنسي ما بين الشباب والشابات ولازلنا لانعرف إلا الزواج الذي نعقده ونزيد من تكاليفه وشروطه حتى صار من المعجزات، وبهذا فأننا كمحتمع نساهم في تحقيق الإنحرافات وتأكيد الشذوذ ومنع تحقيق البقاء الأصلح والأفضل في الحياة.
وستبقى هذه الكتابات متواصلة لأنها تعكس حالة قائمة وتعبر عن حاجة إنسانية طبيعية وضعنا أمامها جميع المعوقات وحسبناها من المحرمات .
فهل سننظر للجنس بعين أخرى ونراه كما أراده خالقنا ووضع رغباته ولذائذه فينا، أم أننا سنبقى نراه كما أهواؤنا تقضي أن نراه؟!
مع تقديري وإعتزازي وإعجابي بالإبداع النسوي الخلاق الذي يساهم في إضاءة الواقع، وتعزيز دور المرأة في بناء الحاضر والمستقبل وتأكيد رسالتها النبيلة السامية في الحياة.
د. مراد الصودقي
متناسق الجسم مفتول العضلات ومستعدا للإخصاب وتحقيق رغبته الجنسية وبذر ذاته في كل الأرحام. وإيروس كان ملازما لأفروديت. وخلاصة ما يعبران عنه هو تحقيق أقوى الأنسال وتمكين البشر من البقاء والتعبير عن أقصى رغباته العاطفية والجنسية لكي ينتصر على الموت ويصنع الحياة الجميلة الزاهية المعطرة بالحب والتلاحم الجسدي الممتع اللذيذ.
وقد تواصلت البشرية على مر العصور في صراعاتها البقائية وتأكيد الصفات الوراثية التي تحقق بقاءا أقوى وأكثر قدرة على تحدي المخاطر والتفاعل الخلاق مع الحياة. وكان الجنس هو السلاح الأقوى الذي يوفر أعدادا من البشر القادر على المجابهة والتحدي والتواصل، وكان لا بد أن يكون لعنصري القوة والمال الدور الكبير في هذا التدافع البقائي فوق التراب، ولابد للأنثى أن تنجذب لرجل قوي يمتلك مميزات القدرة عى منحها ابناءا قادرين على التفاعل القوي مع الحياة وتأمين أسباب الحماية والرعاية لها، ولهذا كانت النساء في إنجذاب لا واعي نحو الأقوى والأصلح، وكذلك الرجال لديهم ذات الدوافع الدفينة الطامحة إلى بذر جيناتهم في أرحام نساء قادرات على التفاعل القوي مع الحياة، وبهذا يتمكن النوع البشري من التواصل والنماء. وقد أخترعت الوسائل والمهارات العديدة للوصول إلى هذه الغايات ومنها الحب بكل أنواعه ودرجاتها وسلوكياته وما يترتب عنه من نتائج وتفاعلات، وسميه ما شئت لكنه في حقيقته عبارة عن خدعة بقائية محكومة بإرادات جينية وهرمونية تحقق غاياتها وتتبنى أهدافها وتؤسس لوجودها الكامن فيها.
ومرت البشرية بمراحل طويلة وصعبة وهي تواجه هذه النداءات وتحاول أن تهذب الغرائز فاستنبطت العديد من الأنماط الإجتماعية ومنها الزواج االذي تسيّد على معظمها ولم يكن في يوم من الأيام الوسيلة الوحيدة لتنظيم العلاقة مابين الرجل والمرأة، بل أن هناك أساليب أخرى متنوعة ومعروفة شاركت الزواج في إنتاج البشر ورعايته، ولا زلنا إلى يومنا هذا نؤكد التفاعل ما بين الجنسين بجميع الوسائل والصيغ التي عرفتها البشرية منذ أقدم الأزمان ولكن بنسب متفاوتة ومختلفة ما بين مجتمع وآخر.
فعندما ننظر في المجتمعات المتحررة جنسيا، نرى أن الجنسين قد عبرا عن طاقاتهما ورغباتها بأقصى قدراتهما ومعرفتهما وهما لا يزالان في سن المراهقة أو دون العشرين من العمر، فلايوجد ما هو خيالي او ممنوع، فكل ما يمكن فعله قد حصل، وكل ما يراد إفراغه قد تحقق وتكرر وأصبح الجنس أمرا عاديا وحاجة متوفرة لا تحتاج إلى جهد كبير وعناء، فالأنثى المستعدة متوفرة والذكر الراغب متوفر وكذلك المكان والزمان والرعاية الإقتصادية لنتائج هذا التفاعل الجنسي الحر. أما في المجتمعات المحافظة أو المخنوقة جنسيا والمكبلة بالمعايير والمحرمات والممنوعات، فأن الجنس يكون خيالا قائما في العقول والنفوس، ويتحول إلى حالة سرابية وفنتازيا مهيمنة على الوعي والإدراك ويستنزف طاقات الشباب والشابات في متاهات وخيالات وتفاعلات صعبة وعناءات متراكمة لدرجة تجعل من الجنس جريمة بشعة يحاسب عليها المجتمع أشد حساب وتقترن بالخوف والرهبة والرعب وعدم السهولة، ولهذا تكمن في أعماق الجنسين تصورات ومحرمات وصياغات نفسية وذهنية ذات تأثيرات سلبية على تفاعلهما عندما يتحقق الزواج الذي هو المنفذ الوحيد لتفريغ تلك الطاقات المكبوتة والرغبات المسجونة في زنزانة الرعب والخوف والحرام والممنوع.
وهذه الظروف القهرية تدفع إلى أن يعبر كلا الجنسين عن طاقاتهما الجنسية ورغباتهما البقائية بوسائل أخرى تتوافق وإشارات المرور والخطوط الحمراء في المجتمع، مما ينجم عن ذلك العديد من المساهمات وعلى جميع المستويات، وخصوصا الإبداعية كالشعر والرسم وفنون الكتابة الأخرى. أي أن المكبوت سيجد وسيلةً للترويح عن نفسه وتفريغ طاقاته الجنسية، فيسمو بها إلى ما يرضي المجتمع الذي هو فيه.
خذ على سبيل المثال شابة في مجتمع متحرر جنسيا توفرت عندها الرغبة لممارسة الجنس في عطلة نهاية الأسبوع، فأنها تتزين وتعد نفسها لهذه الغاية وتستخدم جميع الوسائل المتاحة في المجتمع للظفر بذكر قادرٍ على أن يرضيها ويحقق رغباتها الجنسية في ليلة حمراء في شقتها أو شقته ثم يذهب كل منهما إلى غايته. وهذه الشابة لا يمكنها أن تعبر بالكتابة عن رغبتها لأنها تمتلك الوسائل الكثيرة للتعبير عنها والتمتع الكامل والمطلق بها لكنها يمكنها أن تصف ما فعلته بدقة متناهية.
أما إذا توفرت هذه الرغبة لدى فتاة في مجتمع مكبوت وممنوع من أي وسيلة لتحقيق التفاعل الجنسي، فأنها ستبتكر وسيلتها للتعبير عن رغبتها وتفريغ طاقتها الجنسية تتناسب وواقعها الذي هي فيه . ويبدو أن من أنسب الوسائل التي تحمل صرخات حارة ومدوية هو البوح فوق السطور بقلم الرغبات القوية الحامية المدوية التي تفجرها الطبيعة في الأعماق الإنسانية لتأكيد رسالة الجينات والحفاظ على النوع، وهذه النداءات هي من أقوى وأعتى ما يجيش في الأعماق البشرية لأنها صرخات بقاء وثورات رجاء وقدرات على صناعة الحياة. ويبدو أن هذه التفاعلات تتناسب ونوع البويضة المستعدة للإخصاب فكلما كانت البويضة ذات خصائص بقائية فائقة كلما اشتدت الرغبة لدى الأنثى في السعي للإخصاب. وفي حالة الحرمان والممنوع، يكون التعبير عن الطاقة بأسلوب يتناسب وما لدى الأنثى من القدرات، فالرسامة تؤكد ذلك في لوحاتها، والشاعرة في شعرها، والكاتبة في مقالاتها وقصصها. ولهذا فأننا نرى كتابات وكأنها تصف اللوعة الجنسية والفرصة اللذيذة الضائعة وتسطرها بدقة ورمزية ذات إثارة وشهوانية عالية. ولا غرابة أن نقرأ كتابات ذات فحوى جنسية بكلمات تحاول أن تخفي تلك الحقائق الرغبوية والجوع الجنسي الشديد، والحرمان العاطفي وعدم القدرة على التفاعل الجنسي مع الآخر. فلو تخلص الجسد من نداءات الطبيعة وخمدت نيرانه وانطفأ لهيبه، لما رأينا كتابات جنسية ذات شبقية عالية وشهوانية صارخة مخبوءة في قصيدة أو قصة أو مقالة. لكنها كتابات صادقة تعكس حقيقة المعاناة الجنسية في مجتمعاتنا والتي ما عرفنا أسلوبا معاصرا لحلها، وتوفير الظروف المناسبة لتحقيق التفاعل الجنسي ما بين الشباب والشابات ولازلنا لانعرف إلا الزواج الذي نعقده ونزيد من تكاليفه وشروطه حتى صار من المعجزات، وبهذا فأننا كمحتمع نساهم في تحقيق الإنحرافات وتأكيد الشذوذ ومنع تحقيق البقاء الأصلح والأفضل في الحياة.
وستبقى هذه الكتابات متواصلة لأنها تعكس حالة قائمة وتعبر عن حاجة إنسانية طبيعية وضعنا أمامها جميع المعوقات وحسبناها من المحرمات .
فهل سننظر للجنس بعين أخرى ونراه كما أراده خالقنا ووضع رغباته ولذائذه فينا، أم أننا سنبقى نراه كما أهواؤنا تقضي أن نراه؟!
مع تقديري وإعتزازي وإعجابي بالإبداع النسوي الخلاق الذي يساهم في إضاءة الواقع، وتعزيز دور المرأة في بناء الحاضر والمستقبل وتأكيد رسالتها النبيلة السامية في الحياة.
د. مراد الصودقي
صورة مفقودة