نقوس المهدي
كاتب
إيروس آلهة الحب تكثّف دوره في الأدب والفن في العصور الاستهلانية (خاص بتاريخ الإغريق وثقافتهم بعد الإسكندر الكبير) عندما تطورت ونمت العاطفيّة في الجمهور اليون
وعندها أخذت شكل الأسطورة الجامعة بين الروح والحب وبين إيروس وبسيشي (اسم يوناني يعني الروح) تحت طابع جمالي وفلسفي"
معجم الحضارة اليونانية الصادر عن الناشر فرناند هازن (Fernand hazan éditeur Paris )
إيروس: غريزة الحب في رأي فرويد والإيروسية هي تحويل عمل أو حالة نفسية لا علاقة لها بالجنس إلى موضوع لذة شهويّة وإضفاء الطابع الشهواني عليها.
"المقدس" و"المدنس" أو التقابل المزعوم:
إن الناظر في القرآن الكريم باعتباره طرازا أعلى ونموذجا يقف على حقيقة بالغة الدلالة لا يقف عليها القارئ المتعجّل الذي يغلب عليه "الإلف والعادة" (بعبارة ابن خلدون) في قراءة كتاب الله عز وجل الذي يأتي يوم القيامة بكرا كأن لم يفتح ولم يلمس لفرط ثرائه وكثافة خطابه.. فلا يتجاوز البعد التعبّدي إلى النظر العقلي والغوص في المعاني وأسلوب الخطاب والدلالة المفتوحة على المطلق ... هذه الحقيقة بالغة الدلالة التي أشرت إليها تتمثل في أن القرآن الكريم لا ينشئ ذلك التقابل الحادّ والقاطع المزعوم بين "المقدس" و "المدنس" أو الشأن "الدنيوي " والشأن "الأخروي" أو "الجسد" و "الرّوح" أو "الناسوت" و"الملكوت" إلى آخر هذه الثنائيات التي من شأنها أن تنشئ حدودا وفواصل غير موضوعية ولا حقيقية...فما الخطيئة إلا ما لا يصدر عن الإيمان..وقد ورد في الحديث النبوي الشّريف: "وفي بضع أحدكم صدقة..." قد تكون هذه المسألة مدخلا جيّدا لتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من قضيّة حسّاسة شائكة ومحرجة مربكة... وإذا كان لا بدّ لكل علم من مقدّمات ضروريّة شبيهة بمقالة في الطريقة لديكارت فإن المقدّمة الضّرورية في هذا الصّدد هي مسافة الأمان اللازمة بين شخص الباحث فيها وبين القضيّة محل الدرس والبحث حتى نتجنب كل التباس وخلط وإسقاط فهي بعض مصائبنا ولذلك تجدنا نطيل الحديث ولا نخرج بطائل ولا نتقدم خطوة وتظل دار لقمان على حالها..
نقرأ في كتاب الله عز وجل قوله جل من قائل : "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم وقدّموا لأنفسكم" (البقرة 223) هذا قرآن يتلى ويتعبّد به يتلوه الصّغير والكبير الرجل والمرأة المراهق والكهل العالم والأقل علما المثقف والأقل ثقافة ولا يحرج أحدا ولا يخدش حياءا... فهو كلام ربّ العالمين...
•ثلاث يحبها النبيّ صلى الله عليه وسلّم:
ورد في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : الطيب والنساء وجعلت قرّة عيني في الصلاة" ورد الحديث بصيغة المبني للمجهول "حبّب إليّ" ومعناها ومؤدّاها "حبّب الله إليّ" بالرجوع إلى الحديث الشريف "أدّبني ربّي فأحسن تأديبي" وإلى الآية الكريمة "ولكنّ الله حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان"(الحجرات7).
فقد جعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم النساء بين الطيب والصلاة عنوانا على تصالح الإنسان مع إنسانيته و بشريّته وكون تلك المصالحة مقدّمة ضرورية للصلاة باعتبارها مناجاة وذكر وارتفاع نحو الله عزّ وجلّ كما نقرأ في "مكاشفة القلوب المقرّب إلى حضرة علام الغيوب" لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي : "وآخر ما وصّى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث كان يتكلّم بهنّ حتى تلجلج لسانه وخفي كلامه جعل يقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم لا تكلّفوهم ما لا يطيقون الله الله في النساء فإنهن عوان في أيديكم ... أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله"
الكتابة الاحتجاجيّة
الكتابة الإيروسيّة عموما وكتابة المرأة بالخصوص تدلّ على خلل في توازن المجتمع على الصّعيد النفسي و العقلي والعلائقي ممّا يعطي هذا النوع من الكتابة شكل الاحتجاج الرّمزي شديد اللّهجة على الظلم و الحيف اللاحق بالافراد والذي يعتبر أعظم وأفظع جريمة.. والجهالة هي الظلم وانكار الحقوق على مستحقيها والجاهلية تطلق على العصر الذي سبق ظهور فجر الإسلام كما هو معلوم لسيادة الظلم على العلاقات وهيمنته على المشهد العام وقد قال الشاعر مهدّدا: ألا لا يجهلنّ أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين. تتعلق بالكتابة الإيروسية مسألة على غاية من الأهميّة ليس في هذا السياق مجال لبحثها وهي مسألة الفنية والأسلوب الذي إمّا أن يرتقي بها إلى درجة الفن و الإبداع أو أن يبقيها مجرد احتجاج فجّ يطفح بالمرارة والوجع ويعلن عقدة الاضطهاد و الحرمان واستمرار الدائرة الجهنمية لواقع لا إنسانيّ متخلّف يمعن في تعذيب الواقعين بين فكّيه و خاصّة الطرف الأضعف رجلا كان أو امرأة أو طفلا ..
نقرأ هذا النص الدّال في (المقامة التبريزيّة) من مقامات الحريري التي كتبها بين 495 هـ/1101 مـ و504هـ/1110 مـ وقد ورد على لسان امرأة بعد أن عيّرها زوجها أمام القاضي ..
"وهبْك الحسن في وعظه ولفظه. والشّعْبي في علمه وحفظه. والخليل في عروضه ونحوه. وجريرا في غزله وهجْوه. وقُسّا في فصاحته وخطابته. وعبد الحميد في بلاغته وكتابته. وأبا عمرو في قراءته وإعرابه. وابن قريب في روايته عن أعرابه. أتظُنّني أرضاك إماما لمحرابي. وحساما لقرابي ؟ لا والله ولا بوّابا لبابي. ولا عصا لجرابي ! فقال لهما القاضي : أراكما شنّا وطبقة. وحدأة وبندقة. فاترك أيها الرجل اللدد. واسلك في سيرك الجدد . وأما أنْت فكفّي عن سبابه. وقرّي إذا أتى البيت من بابه. فقالت المرأة : والله ما أسْجُن عنه لساني. إلا إذا كساني. ولا أرفع له شراعي، دون إشباعي. فحلف أبو زيد بالمحرّجات الثلاثْ. أنه لا يملك سوى أطماره الرّثاث. فنظر القاضي في قصصهما نظر الألمعي. وأفْكر فكرة اللوذعى. ثم أقبل عليهما بوجه قد قطّبه. ومجنّ قد قلبه. وقال : ألم يكفيكما التّسافه في مجلس الحكم. والاقدام على هذا الجرم. حتى تراقيْتما من فحش المقاذعة. إلى خبْث المخادعة ؟... لئن لم توضحا لي جليّة خطبكما. وخبيئة خبّكما. لأ ندّدنّ بكما في الأمصار. ولأجعلنّكما عبرة لأولى الأبصار ! فأطرق أبو زيد إطراق الشجاع. ثم قال له : سماع سماع :
أنا السروجي وهذي عرســــــــي وليس كفؤ البدر غير الشمس
وما تنافى أنسها وأنســـــــــــــي ولا تناءى ديرها عن قسّي
ولا عدت سقياي أرض غرســـي لكننا منذ ليال خمس
نصبح في ثوب الطوى ونمســي لا نعرف المضغ ولا التحسّي
حتى كأنا لخفوت النفـــــــــــــس أشباح موتى نشروا من رمس
أدب الوصايا
نقرأ في أدب الوصايا ما ورد على لسان والد حكيم وهو يوّدع ولده الذي يستعّد للسفر إلى الولايات المتّحدة: لو كانت الوصايا تحّمل لحّملتك منها الحقائب لكنها لا تحمّل غير أني أوصيك بأن تذكر دائما أن الرجل لن يكون بمستوى رجولته حتى يميّز بين رأسه المفكر و رأسه الباحث عن اللّذة فيجعل الثاني في حكم الأول فكل من غلبه ناسوته إلا وكانت أمه هاوية..كما أوصى آخر ولده وكان قد تزوّج حديثا: تذكر يا ولدي أنّ امرأة في البيت مكسورة الخاطر تشبه عبوة موقوتة توشك أن تنفجر في كل لحظة...فاحذر أن تكون في بيتك عبوة... وإن كنت مقتنعا أن الرجل يتعلم من تجربته الخاصة لا من تجربة غيره...
حقل ملغوم ومرج صاعد نحو السماء
إنّ الخوض في جدلية "المقدس" و "المدنّس" شبيه بالمشي وسط أرض مزروعة بالألغام من يجتازها يدرك المرج الأخضر الصّاعد نحو السماء.. ذهب بعضهم إلى أنّ نضج المرء يقاس بقدرة عقله على قبول الحقائق الموضوعية ..وفهم هذا التكامل بين الجسد و الروح حقيقة موضوعيّة تتطلب توازنا عقليا ونفسيّا ونضجا يظل أمرا نسبيّا ونادرا.. لعلّه يدخل ضمن دلالة الحكمة التي أشارت إليها الآية الكريمة: "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" البقرة 269
.
وعندها أخذت شكل الأسطورة الجامعة بين الروح والحب وبين إيروس وبسيشي (اسم يوناني يعني الروح) تحت طابع جمالي وفلسفي"
معجم الحضارة اليونانية الصادر عن الناشر فرناند هازن (Fernand hazan éditeur Paris )
إيروس: غريزة الحب في رأي فرويد والإيروسية هي تحويل عمل أو حالة نفسية لا علاقة لها بالجنس إلى موضوع لذة شهويّة وإضفاء الطابع الشهواني عليها.
"المقدس" و"المدنس" أو التقابل المزعوم:
إن الناظر في القرآن الكريم باعتباره طرازا أعلى ونموذجا يقف على حقيقة بالغة الدلالة لا يقف عليها القارئ المتعجّل الذي يغلب عليه "الإلف والعادة" (بعبارة ابن خلدون) في قراءة كتاب الله عز وجل الذي يأتي يوم القيامة بكرا كأن لم يفتح ولم يلمس لفرط ثرائه وكثافة خطابه.. فلا يتجاوز البعد التعبّدي إلى النظر العقلي والغوص في المعاني وأسلوب الخطاب والدلالة المفتوحة على المطلق ... هذه الحقيقة بالغة الدلالة التي أشرت إليها تتمثل في أن القرآن الكريم لا ينشئ ذلك التقابل الحادّ والقاطع المزعوم بين "المقدس" و "المدنس" أو الشأن "الدنيوي " والشأن "الأخروي" أو "الجسد" و "الرّوح" أو "الناسوت" و"الملكوت" إلى آخر هذه الثنائيات التي من شأنها أن تنشئ حدودا وفواصل غير موضوعية ولا حقيقية...فما الخطيئة إلا ما لا يصدر عن الإيمان..وقد ورد في الحديث النبوي الشّريف: "وفي بضع أحدكم صدقة..." قد تكون هذه المسألة مدخلا جيّدا لتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من قضيّة حسّاسة شائكة ومحرجة مربكة... وإذا كان لا بدّ لكل علم من مقدّمات ضروريّة شبيهة بمقالة في الطريقة لديكارت فإن المقدّمة الضّرورية في هذا الصّدد هي مسافة الأمان اللازمة بين شخص الباحث فيها وبين القضيّة محل الدرس والبحث حتى نتجنب كل التباس وخلط وإسقاط فهي بعض مصائبنا ولذلك تجدنا نطيل الحديث ولا نخرج بطائل ولا نتقدم خطوة وتظل دار لقمان على حالها..
نقرأ في كتاب الله عز وجل قوله جل من قائل : "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم وقدّموا لأنفسكم" (البقرة 223) هذا قرآن يتلى ويتعبّد به يتلوه الصّغير والكبير الرجل والمرأة المراهق والكهل العالم والأقل علما المثقف والأقل ثقافة ولا يحرج أحدا ولا يخدش حياءا... فهو كلام ربّ العالمين...
•ثلاث يحبها النبيّ صلى الله عليه وسلّم:
ورد في الحديث النبوي الشريف قوله صلى الله عليه وسلم: "حبّب إليّ من دنياكم ثلاث : الطيب والنساء وجعلت قرّة عيني في الصلاة" ورد الحديث بصيغة المبني للمجهول "حبّب إليّ" ومعناها ومؤدّاها "حبّب الله إليّ" بالرجوع إلى الحديث الشريف "أدّبني ربّي فأحسن تأديبي" وإلى الآية الكريمة "ولكنّ الله حبّب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان"(الحجرات7).
فقد جعل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم النساء بين الطيب والصلاة عنوانا على تصالح الإنسان مع إنسانيته و بشريّته وكون تلك المصالحة مقدّمة ضرورية للصلاة باعتبارها مناجاة وذكر وارتفاع نحو الله عزّ وجلّ كما نقرأ في "مكاشفة القلوب المقرّب إلى حضرة علام الغيوب" لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي : "وآخر ما وصّى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث كان يتكلّم بهنّ حتى تلجلج لسانه وخفي كلامه جعل يقول : الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم لا تكلّفوهم ما لا يطيقون الله الله في النساء فإنهن عوان في أيديكم ... أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله"
الكتابة الاحتجاجيّة
الكتابة الإيروسيّة عموما وكتابة المرأة بالخصوص تدلّ على خلل في توازن المجتمع على الصّعيد النفسي و العقلي والعلائقي ممّا يعطي هذا النوع من الكتابة شكل الاحتجاج الرّمزي شديد اللّهجة على الظلم و الحيف اللاحق بالافراد والذي يعتبر أعظم وأفظع جريمة.. والجهالة هي الظلم وانكار الحقوق على مستحقيها والجاهلية تطلق على العصر الذي سبق ظهور فجر الإسلام كما هو معلوم لسيادة الظلم على العلاقات وهيمنته على المشهد العام وقد قال الشاعر مهدّدا: ألا لا يجهلنّ أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلين. تتعلق بالكتابة الإيروسية مسألة على غاية من الأهميّة ليس في هذا السياق مجال لبحثها وهي مسألة الفنية والأسلوب الذي إمّا أن يرتقي بها إلى درجة الفن و الإبداع أو أن يبقيها مجرد احتجاج فجّ يطفح بالمرارة والوجع ويعلن عقدة الاضطهاد و الحرمان واستمرار الدائرة الجهنمية لواقع لا إنسانيّ متخلّف يمعن في تعذيب الواقعين بين فكّيه و خاصّة الطرف الأضعف رجلا كان أو امرأة أو طفلا ..
نقرأ هذا النص الدّال في (المقامة التبريزيّة) من مقامات الحريري التي كتبها بين 495 هـ/1101 مـ و504هـ/1110 مـ وقد ورد على لسان امرأة بعد أن عيّرها زوجها أمام القاضي ..
"وهبْك الحسن في وعظه ولفظه. والشّعْبي في علمه وحفظه. والخليل في عروضه ونحوه. وجريرا في غزله وهجْوه. وقُسّا في فصاحته وخطابته. وعبد الحميد في بلاغته وكتابته. وأبا عمرو في قراءته وإعرابه. وابن قريب في روايته عن أعرابه. أتظُنّني أرضاك إماما لمحرابي. وحساما لقرابي ؟ لا والله ولا بوّابا لبابي. ولا عصا لجرابي ! فقال لهما القاضي : أراكما شنّا وطبقة. وحدأة وبندقة. فاترك أيها الرجل اللدد. واسلك في سيرك الجدد . وأما أنْت فكفّي عن سبابه. وقرّي إذا أتى البيت من بابه. فقالت المرأة : والله ما أسْجُن عنه لساني. إلا إذا كساني. ولا أرفع له شراعي، دون إشباعي. فحلف أبو زيد بالمحرّجات الثلاثْ. أنه لا يملك سوى أطماره الرّثاث. فنظر القاضي في قصصهما نظر الألمعي. وأفْكر فكرة اللوذعى. ثم أقبل عليهما بوجه قد قطّبه. ومجنّ قد قلبه. وقال : ألم يكفيكما التّسافه في مجلس الحكم. والاقدام على هذا الجرم. حتى تراقيْتما من فحش المقاذعة. إلى خبْث المخادعة ؟... لئن لم توضحا لي جليّة خطبكما. وخبيئة خبّكما. لأ ندّدنّ بكما في الأمصار. ولأجعلنّكما عبرة لأولى الأبصار ! فأطرق أبو زيد إطراق الشجاع. ثم قال له : سماع سماع :
أنا السروجي وهذي عرســــــــي وليس كفؤ البدر غير الشمس
وما تنافى أنسها وأنســـــــــــــي ولا تناءى ديرها عن قسّي
ولا عدت سقياي أرض غرســـي لكننا منذ ليال خمس
نصبح في ثوب الطوى ونمســي لا نعرف المضغ ولا التحسّي
حتى كأنا لخفوت النفـــــــــــــس أشباح موتى نشروا من رمس
أدب الوصايا
نقرأ في أدب الوصايا ما ورد على لسان والد حكيم وهو يوّدع ولده الذي يستعّد للسفر إلى الولايات المتّحدة: لو كانت الوصايا تحّمل لحّملتك منها الحقائب لكنها لا تحمّل غير أني أوصيك بأن تذكر دائما أن الرجل لن يكون بمستوى رجولته حتى يميّز بين رأسه المفكر و رأسه الباحث عن اللّذة فيجعل الثاني في حكم الأول فكل من غلبه ناسوته إلا وكانت أمه هاوية..كما أوصى آخر ولده وكان قد تزوّج حديثا: تذكر يا ولدي أنّ امرأة في البيت مكسورة الخاطر تشبه عبوة موقوتة توشك أن تنفجر في كل لحظة...فاحذر أن تكون في بيتك عبوة... وإن كنت مقتنعا أن الرجل يتعلم من تجربته الخاصة لا من تجربة غيره...
حقل ملغوم ومرج صاعد نحو السماء
إنّ الخوض في جدلية "المقدس" و "المدنّس" شبيه بالمشي وسط أرض مزروعة بالألغام من يجتازها يدرك المرج الأخضر الصّاعد نحو السماء.. ذهب بعضهم إلى أنّ نضج المرء يقاس بقدرة عقله على قبول الحقائق الموضوعية ..وفهم هذا التكامل بين الجسد و الروح حقيقة موضوعيّة تتطلب توازنا عقليا ونفسيّا ونضجا يظل أمرا نسبيّا ونادرا.. لعلّه يدخل ضمن دلالة الحكمة التي أشارت إليها الآية الكريمة: "يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" البقرة 269
.
صورة مفقودة