نقوس المهدي
كاتب
الشيخ أمين بن محمد الجندي الحمصي الشافعي ابن خالد بن عبد الرزاق
...
أرى قلبي بليلى زاد ميلاً ... وما جرت بربعي قط ذيلا
فقلت لبعلها إذ زار ليلاً ... بحقك هل ضممت إليك ليلى
قبيل الصبح أو قبلت فاها
فعني أن تسل فأنا فتاها ... تملك حبها قلبي فتاها
فقل لي هل دنت لك وجنتاها ... وهل رفت عليك ذؤابتاها
رفيف الأقحوانة في نداها
وقال أيضاً مخمسا
أفدي التي لو رآها الغصن مال لها ... شوقاً وإن قتلت صبا لحل لها
حورية لو رآها عابد للها ... مرت بحارس بستان فقال لها
سرقت رمانتي نهديك من شجري
قالت وقد بهتت من قوله خجلاً ... فتش قميصي لكي أن تذهب الوجلا
فهم أن يقبض النهدين ما مهلا ... فصاح من وجنتيها الجلنار على
قضيب قامتها لا بل هما ثمري
وقال أيضاً مخمسا
أهيم إذا أثنى الأنام بشكركم ... وأكتم أمري لا أبوح بسركم
أحبتنا من طيب نشأة خمركم ... إذا جن ليلي هام قلبي بذكركم
أنوح كما ناح الحمام المطوق
عسى ولعل الدهر يأتي بهم عسى ... أشاهدهم عند الصباح وفي المسا
وقلبي من فقد الأحبة قد قسا ... وفوقي سحاب يمطر الهم والأسى
وتحتي بحار بالجوى تتدفق
إذا ترب غيد فاح منها عبيرها ... وفيهن خود ليس يلفى نظيرها
بأحشاء صب زاد فيها سعيرها ... سلوا أم عمرو كيف بات أسيرها
تفك الأسارى دونه وهو موثق
أسير سبته أعين وملاحة ... لمدمعه فوق الخدود سباحة
جريح له في كل عضو جراحة ... فلا هو مقتول ففي القتل راحة
ولا هو ممنون عليه فيطلق
وقال مشطراً
مازال يرشف من كأس الطلا قمر ... يبدو لنا من سحاب الشعر في غسق
أمنه في الثغر شمس الراح قد غربت ... حتى بدت شفتاه اللعس كالشفق
وقام يخطر والأرداف تقعده ... نشوان لم يبق فيه السكر من رمق
فقلت ذا ملك للشهب يحمل أم ... غزال أنس يحاكي البدر في الأفق
ضممته لعناق فانثنى خجلاً ... وفاح من خاله مسك لمنتشق
وعندما بالحيا صينت محاسنه ... وكللت وجنتاه الحمر بالعرق
أشار لي برموز من لواحظه ... منها عن القدح استغنيت بالحدق
وقال إنسانها لي وهو مبتسم ... إن العناق حرام قل في عنقي
وقال أيضاً مشطراً
يا ناقل المصباح لا تمرر على ... ربع به صبح المحاسن أسفرا
واحذر بأن تغشى أشعة نوره ... وجه الحبيب وقد تكحل بالكرى
أخشى خيال الهدب بجرح خده ... فيبث مسك الخال منه العنبرا
أو أن يدب لفيه نمل عذاره ... فيقوم من سنة الكرى متذعرا
وقال
يا در ثغر حبيبي ... دم بالعذيب مقيما
ويا جمال الثنايا ... كن بالعقيق رحيما
ولا تشق عليه ... فتتركنه هشيما
وكن له خير جار ... ألم يجدك يتيما
وقال مشطراً
سألت أحبتي ما كان ذنبي ... وهل لي عندهم حدثت عيوب
وكررت السؤال لهم إلى أن ... أجابوني وأحشائي تذوب
إذا كان المحب قليل حظ ... ونجم السعد يعلوه الغروب
ومن يرمي الزمان لقوم سوء ... فما حسناته إلا ذنوب
وقال
يقول لي العذول وقد رآني ... كئيت الجسم منتحباً عليلا
أتسلو يا معنى قلت أسلو ... عن الدنيا ولكن عن علي لا
وقال
وحمام رأيت به غزالاً ... كبدر التم في غصن قويم
فقلت تعجبوا من صنع ربي ... رأيت الحور في وسط الجحيم
وقال في قصاب
يا واضع السكين بعد ذبيحه ... في فيه يسقيها رحيق لهاته
عدها على المذبوح ثاني مرة ... وأنا الضمين له برد حياته
وقال
مهفهف لو أماط السجف لاختلجت ... شمس الضحى وبضوء السحب تحتجب
كأنما أوجد الرحمن صورته ... من مغنطيس لها الأبصار تنجذب
وقال مخمساً
جبينك كالهلال أضا لدينا ... وجيدك كالصباح كسي لجينا
وخدك روضة منها رأينا ... نجوم الورد قد وردت علينا
ونحن من المدام على ورود
أرى الندمان تسفر عن بدور ... وتبرز كالعرائس من خدور
ونجم الكاس يطلع في سرور ... وشمس الراح تغرب في ثغور
وتشرق بعد ذلك بالخدود
وساقينا رشا باهي المحيا ... إذا ما عاد ميتاً عاد حيا
فما أحلاه إذ بالكأس حيا ... فقد عقد الحباب على الحميا
فهل لك أن تكون من الشهود
وقال أيضاً مخمساً
ما للهموم أخا الصفاء وحزنها ... إلا ثلاث ويح من لم يجنها
صهباء تجلى كالعروس بدنها ... وبديعة تسبي العقول بحسنها
ومهفهف يزري الغصون بقده
خودخبت شمس النهار ببردها ... واستطلعت نجم السهى من نهدها
ومذ استفز الحب كامل وجدها ... غنت فأطربت الغلام بنشدها
ولنشدها لعب الغلام ببنده
أفدي التي لما استهام حبيبها ... في قبلة كالمسك يعبق طيبها
قالت له ادنو عساك تصيبها ... فدنا يقبلها فمر رقيبها
خافت عليه فأسرعت في رده
وغدت تقول له بحسن كناية ... لا صادفت عيناك عين عناية
من خوفها سوء اتهام زناية ... لطمت عوارضه بغير جناية
منها فأثر نقشها في خده
حتى إذا عطفت عليه بعطفها ... وأضاء وجه من مهند طرفها
مسحت مدامعه براحة لطفها ... فاخضر آس عذاره من كفها
واحمر باطن كفها من خده
وله قصائد كثيرة، وموشحات وقدود شهيرة، قد رقمت في عدة دفاتر، واشتهرت اشتهار البدر السافر وقد توفي في حمص سنة ست وخمسين ومائتين وألف ودفن في خارج المدينة قريباً من جامع سيف الله سيدنا خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه وقد أرخ وفاته الأديب الفاضل السيد عمر المعري بأبيات وبيت التاريخ:
دعيت لساحة الإحسان أرخ ... أمين الحب في عدن تقرر
.
- حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر
المؤلف : عبد الرزاق البيطار ( 1837 - 1916 م)
.
.
...
أرى قلبي بليلى زاد ميلاً ... وما جرت بربعي قط ذيلا
فقلت لبعلها إذ زار ليلاً ... بحقك هل ضممت إليك ليلى
قبيل الصبح أو قبلت فاها
فعني أن تسل فأنا فتاها ... تملك حبها قلبي فتاها
فقل لي هل دنت لك وجنتاها ... وهل رفت عليك ذؤابتاها
رفيف الأقحوانة في نداها
وقال أيضاً مخمسا
أفدي التي لو رآها الغصن مال لها ... شوقاً وإن قتلت صبا لحل لها
حورية لو رآها عابد للها ... مرت بحارس بستان فقال لها
سرقت رمانتي نهديك من شجري
قالت وقد بهتت من قوله خجلاً ... فتش قميصي لكي أن تذهب الوجلا
فهم أن يقبض النهدين ما مهلا ... فصاح من وجنتيها الجلنار على
قضيب قامتها لا بل هما ثمري
وقال أيضاً مخمسا
أهيم إذا أثنى الأنام بشكركم ... وأكتم أمري لا أبوح بسركم
أحبتنا من طيب نشأة خمركم ... إذا جن ليلي هام قلبي بذكركم
أنوح كما ناح الحمام المطوق
عسى ولعل الدهر يأتي بهم عسى ... أشاهدهم عند الصباح وفي المسا
وقلبي من فقد الأحبة قد قسا ... وفوقي سحاب يمطر الهم والأسى
وتحتي بحار بالجوى تتدفق
إذا ترب غيد فاح منها عبيرها ... وفيهن خود ليس يلفى نظيرها
بأحشاء صب زاد فيها سعيرها ... سلوا أم عمرو كيف بات أسيرها
تفك الأسارى دونه وهو موثق
أسير سبته أعين وملاحة ... لمدمعه فوق الخدود سباحة
جريح له في كل عضو جراحة ... فلا هو مقتول ففي القتل راحة
ولا هو ممنون عليه فيطلق
وقال مشطراً
مازال يرشف من كأس الطلا قمر ... يبدو لنا من سحاب الشعر في غسق
أمنه في الثغر شمس الراح قد غربت ... حتى بدت شفتاه اللعس كالشفق
وقام يخطر والأرداف تقعده ... نشوان لم يبق فيه السكر من رمق
فقلت ذا ملك للشهب يحمل أم ... غزال أنس يحاكي البدر في الأفق
ضممته لعناق فانثنى خجلاً ... وفاح من خاله مسك لمنتشق
وعندما بالحيا صينت محاسنه ... وكللت وجنتاه الحمر بالعرق
أشار لي برموز من لواحظه ... منها عن القدح استغنيت بالحدق
وقال إنسانها لي وهو مبتسم ... إن العناق حرام قل في عنقي
وقال أيضاً مشطراً
يا ناقل المصباح لا تمرر على ... ربع به صبح المحاسن أسفرا
واحذر بأن تغشى أشعة نوره ... وجه الحبيب وقد تكحل بالكرى
أخشى خيال الهدب بجرح خده ... فيبث مسك الخال منه العنبرا
أو أن يدب لفيه نمل عذاره ... فيقوم من سنة الكرى متذعرا
وقال
يا در ثغر حبيبي ... دم بالعذيب مقيما
ويا جمال الثنايا ... كن بالعقيق رحيما
ولا تشق عليه ... فتتركنه هشيما
وكن له خير جار ... ألم يجدك يتيما
وقال مشطراً
سألت أحبتي ما كان ذنبي ... وهل لي عندهم حدثت عيوب
وكررت السؤال لهم إلى أن ... أجابوني وأحشائي تذوب
إذا كان المحب قليل حظ ... ونجم السعد يعلوه الغروب
ومن يرمي الزمان لقوم سوء ... فما حسناته إلا ذنوب
وقال
يقول لي العذول وقد رآني ... كئيت الجسم منتحباً عليلا
أتسلو يا معنى قلت أسلو ... عن الدنيا ولكن عن علي لا
وقال
وحمام رأيت به غزالاً ... كبدر التم في غصن قويم
فقلت تعجبوا من صنع ربي ... رأيت الحور في وسط الجحيم
وقال في قصاب
يا واضع السكين بعد ذبيحه ... في فيه يسقيها رحيق لهاته
عدها على المذبوح ثاني مرة ... وأنا الضمين له برد حياته
وقال
مهفهف لو أماط السجف لاختلجت ... شمس الضحى وبضوء السحب تحتجب
كأنما أوجد الرحمن صورته ... من مغنطيس لها الأبصار تنجذب
وقال مخمساً
جبينك كالهلال أضا لدينا ... وجيدك كالصباح كسي لجينا
وخدك روضة منها رأينا ... نجوم الورد قد وردت علينا
ونحن من المدام على ورود
أرى الندمان تسفر عن بدور ... وتبرز كالعرائس من خدور
ونجم الكاس يطلع في سرور ... وشمس الراح تغرب في ثغور
وتشرق بعد ذلك بالخدود
وساقينا رشا باهي المحيا ... إذا ما عاد ميتاً عاد حيا
فما أحلاه إذ بالكأس حيا ... فقد عقد الحباب على الحميا
فهل لك أن تكون من الشهود
وقال أيضاً مخمساً
ما للهموم أخا الصفاء وحزنها ... إلا ثلاث ويح من لم يجنها
صهباء تجلى كالعروس بدنها ... وبديعة تسبي العقول بحسنها
ومهفهف يزري الغصون بقده
خودخبت شمس النهار ببردها ... واستطلعت نجم السهى من نهدها
ومذ استفز الحب كامل وجدها ... غنت فأطربت الغلام بنشدها
ولنشدها لعب الغلام ببنده
أفدي التي لما استهام حبيبها ... في قبلة كالمسك يعبق طيبها
قالت له ادنو عساك تصيبها ... فدنا يقبلها فمر رقيبها
خافت عليه فأسرعت في رده
وغدت تقول له بحسن كناية ... لا صادفت عيناك عين عناية
من خوفها سوء اتهام زناية ... لطمت عوارضه بغير جناية
منها فأثر نقشها في خده
حتى إذا عطفت عليه بعطفها ... وأضاء وجه من مهند طرفها
مسحت مدامعه براحة لطفها ... فاخضر آس عذاره من كفها
واحمر باطن كفها من خده
وله قصائد كثيرة، وموشحات وقدود شهيرة، قد رقمت في عدة دفاتر، واشتهرت اشتهار البدر السافر وقد توفي في حمص سنة ست وخمسين ومائتين وألف ودفن في خارج المدينة قريباً من جامع سيف الله سيدنا خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه وقد أرخ وفاته الأديب الفاضل السيد عمر المعري بأبيات وبيت التاريخ:
دعيت لساحة الإحسان أرخ ... أمين الحب في عدن تقرر
.
- حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر
المؤلف : عبد الرزاق البيطار ( 1837 - 1916 م)
.
صورة مفقودة
.