نقوس المهدي
كاتب
ربّما اخترتُ اللّون الزّهريّ لون أنوثتها، تلك امرأة الورق الّتي تزاوج كلّ ليلة رجُلها الحبريّ..
يقال: إنّ الحواسّ تكتبنا، أقول إنّها تكتبنا وفي رمشة من العين تمحونا..
لا أدري ما هو المخزون العشقيّ الّذي يملؤني السّاعة هذه من منتصف اللّيل- هذا الأحد 2003-06-09 ؟
يكتبني المداد في تينك اللّحظة الّتي أحلم بها أن أكون بطلة لقصّة قصيرة جدّا، أو أزداد طمعا لرواية يكتبها ذاك الرّجل أسطورتي.. رجلي الّذي يحيا على قيد الحلم، رجلي الّذي يحيا على حافّة الواقع..
(1)
أقلّب صفحاتي لاهثة وراء ومضات من بريق شَبِق في عينيه السّوداوين.. ألهث لأصل أصابعي الّتي تسيل إلى عنقه.. أتلمّس كائني الطّويل، هو الّذي لطالما قال بصوته الخافت:
” أصابعك شموع تسيل على جسدي” ويصمت..
أبادره: ” أأزعجتك شموعي ؟”
يقبّلني همسات في أذني: إنّها طقوسي في معبدي.. دعيها تصلني.
نصمت معا ويلفّنا دانتيل منساب.
* * *
(2)
هناك في ذلك المكان القدّيس العاهر.. ذي السّحر واللّعنة..
أطفئ فيه اشتعال سيجارة،
تنام عيناه ليختلط اللّونان الأسود والعسل- لوني، على صدره..
نرتشِفُنا عسلاً يسيل، ينساب يغدو زبدًا، رغوة على تقاسيم ذلك النّهر صاحب الملايين..
يقول:” صلاتي أنتِ “.
. . .
أكتب ! ِلمَ يسرقني الحبر الآن؟
آه تذكرتُ، لربّما كان الأحد هو السّبب.. لربّما..
أنا امرأة الوقت صيفًا.. تأتيه من حيث لا يدري، ويأتيني بجاكيت بأزرار ذهبيّة لامعة.. تزيد على الغموض إبهاما.
يأتيه الصّمت عنوة.. يقلّب ما في ذاكرته، أمتصّ أنا عبراته.. وألاقيه وأعود.
* * *
(3)
تذكّرت الآن جملة البحر:
“أنتِ ما أبغيه “..
أتضاحك بتلصّص.. تراه : كم يقولها؟ وكم لغيري؟
تنحدر شفتاه.. يروّض فرسًا يهتاجُ
.. وبعدها لا ينتظر هامش الصّفحة، بل يقلّبها..
وتتناثر كلّ الحروف وتنقِلب.
* * *
أتابع أنا.. أنساق، أسطو على الأوتار، تتقاذفني أسراب الحمائم.. وتدخلني الرّنات.. تلفّني السّراديب في القصر العالي،
تأخذني الألحان عاليًا.. وأضحك،
أغيبُ..
. .
نتساكن في العود نهتاج، يهتاج.. نحتاجُ
لا أجد بدّا من أنّ الرّحيل أجمل،
ويكونُ..
أتنبّه لأصابع لُفّّت حول عنقي،
كادت تسطو على أنفاسي.
وأعود نورسًا يحلّق الفضاء، لا ليبحث عن قوته اليوميّ.. بل ليكتشف أسرار الطّيران.
* * *
(4)
أتذكّر الآن كلمات أحمد الشّهاوي: ” حسبُ الواجد إفراد الواحد له”
الواجد والواحد.. هل أنا بينهما؟ أم هل أنا واحد منهما؟ أم واحد فيهما؟..
. . .
يسيل منه الحبر ويسيل منّي..
يأخذنا للحلم وفي الحلم وبينه.
يطلّ عليّ من المنفى،
أشتاقه، ويشتهينا العشق..
نتهاوى ويغدو لا وقت لنا..
يدمننا اللّيل ويروينا الفجر.. ونروي دنيا نحن.
. . .
يقول: ” اسمك أوّل حرف في أبجديّتي ”
أعلم أنّه رجل المستحيل ويعلَمُني أسطورة لا تتحقّق،
ونغدو معا أسطورة المستحيل.
يتضاحك صديقي وهو يضع أعقاب سجائره في المنفضة:
” عزيزتي، الأسطورة لا تتحقّق”.
أجيبه: أنا الجنون.
يبتسم..
نتحايل ونوارب في الحروف والكلمات، تعشقنا اللّعبة ونتعاشق نحن..
أتنفّسه.. يتنفّسني، ونغدو بوصلة واحدة،
تنزلق منّا السّاعات..
وتولد بين أيدينا آلهة،
وأنام على وسادة نبراته.. ويغفو هو طفلاً كبيرًا على
إشعاعات منّي، تخترق فوضى حواسّه.
يحبّني حبّا انقرض، حبّا نَدُر.. أتوّجُه ملكا في أسطورتي..
ويعبدني مليكة الجان.. وملكة الفراشات.
نتكاشف في أسطورتنا.. تحبّنا الحروف وتكتبنا أزاهير ملوّنة وجمان..
نتقاسم الفرح الأمثل،
ويكون لاقترابنا حدّ الالتصاق..
نتكامل معزوفة شرقيّة وشوقيّة تشتمّها كلّ الاشتهاءات.
..
.. ويتذكّر، يوم السّبت 24-5-2003، حين يجدها تضع النّقاط على حروف حلمه، وتشكّل منها:
للحوارِ ثوبٌ جديد : الإقترابُ إلى حدّ الإلتصاق.
وقالَ أنّهُ يجدُ الفراشةَ،
مُزدانةً بألوانهِ
مكلّلةً بالجُمانْ.
قالت لِنفسِها: أن تسرِقَ الضّحِكاتِ
منَ الطّيّاتِ
في ريشاتِ الشّحاريرْ.
. . .
. . ويدخُلانِ منطِقَةً فيها زرعٌ جديدْ
يقولُ: ” أنتِ الأجملُ،
لذا ترينَ كلَّ ما دونَكِ جميلْ”.
يذوبُ ..
ينكَسِرُ
ينحرقانِ حتّى الرّمادْ
ويغدو الهُلاميُّ
اشتعالَ حياةْ.
تقولُ عاشقةً للحياةْ:
لِنُدْخِلَ مَنْ هُم حولَنا ينتظرونْ
ضيوفًا على القلوبِ يكونونْ
لِنُعيدَ للمَجْدِ الخُلودَ
ونتَساكنَ معًا
بِلا قيودْ
.
يقال: إنّ الحواسّ تكتبنا، أقول إنّها تكتبنا وفي رمشة من العين تمحونا..
لا أدري ما هو المخزون العشقيّ الّذي يملؤني السّاعة هذه من منتصف اللّيل- هذا الأحد 2003-06-09 ؟
يكتبني المداد في تينك اللّحظة الّتي أحلم بها أن أكون بطلة لقصّة قصيرة جدّا، أو أزداد طمعا لرواية يكتبها ذاك الرّجل أسطورتي.. رجلي الّذي يحيا على قيد الحلم، رجلي الّذي يحيا على حافّة الواقع..
(1)
أقلّب صفحاتي لاهثة وراء ومضات من بريق شَبِق في عينيه السّوداوين.. ألهث لأصل أصابعي الّتي تسيل إلى عنقه.. أتلمّس كائني الطّويل، هو الّذي لطالما قال بصوته الخافت:
” أصابعك شموع تسيل على جسدي” ويصمت..
أبادره: ” أأزعجتك شموعي ؟”
يقبّلني همسات في أذني: إنّها طقوسي في معبدي.. دعيها تصلني.
نصمت معا ويلفّنا دانتيل منساب.
* * *
(2)
هناك في ذلك المكان القدّيس العاهر.. ذي السّحر واللّعنة..
أطفئ فيه اشتعال سيجارة،
تنام عيناه ليختلط اللّونان الأسود والعسل- لوني، على صدره..
نرتشِفُنا عسلاً يسيل، ينساب يغدو زبدًا، رغوة على تقاسيم ذلك النّهر صاحب الملايين..
يقول:” صلاتي أنتِ “.
. . .
أكتب ! ِلمَ يسرقني الحبر الآن؟
آه تذكرتُ، لربّما كان الأحد هو السّبب.. لربّما..
أنا امرأة الوقت صيفًا.. تأتيه من حيث لا يدري، ويأتيني بجاكيت بأزرار ذهبيّة لامعة.. تزيد على الغموض إبهاما.
يأتيه الصّمت عنوة.. يقلّب ما في ذاكرته، أمتصّ أنا عبراته.. وألاقيه وأعود.
* * *
(3)
تذكّرت الآن جملة البحر:
“أنتِ ما أبغيه “..
أتضاحك بتلصّص.. تراه : كم يقولها؟ وكم لغيري؟
تنحدر شفتاه.. يروّض فرسًا يهتاجُ
.. وبعدها لا ينتظر هامش الصّفحة، بل يقلّبها..
وتتناثر كلّ الحروف وتنقِلب.
* * *
أتابع أنا.. أنساق، أسطو على الأوتار، تتقاذفني أسراب الحمائم.. وتدخلني الرّنات.. تلفّني السّراديب في القصر العالي،
تأخذني الألحان عاليًا.. وأضحك،
أغيبُ..
. .
نتساكن في العود نهتاج، يهتاج.. نحتاجُ
لا أجد بدّا من أنّ الرّحيل أجمل،
ويكونُ..
أتنبّه لأصابع لُفّّت حول عنقي،
كادت تسطو على أنفاسي.
وأعود نورسًا يحلّق الفضاء، لا ليبحث عن قوته اليوميّ.. بل ليكتشف أسرار الطّيران.
* * *
(4)
أتذكّر الآن كلمات أحمد الشّهاوي: ” حسبُ الواجد إفراد الواحد له”
الواجد والواحد.. هل أنا بينهما؟ أم هل أنا واحد منهما؟ أم واحد فيهما؟..
. . .
يسيل منه الحبر ويسيل منّي..
يأخذنا للحلم وفي الحلم وبينه.
يطلّ عليّ من المنفى،
أشتاقه، ويشتهينا العشق..
نتهاوى ويغدو لا وقت لنا..
يدمننا اللّيل ويروينا الفجر.. ونروي دنيا نحن.
. . .
يقول: ” اسمك أوّل حرف في أبجديّتي ”
أعلم أنّه رجل المستحيل ويعلَمُني أسطورة لا تتحقّق،
ونغدو معا أسطورة المستحيل.
يتضاحك صديقي وهو يضع أعقاب سجائره في المنفضة:
” عزيزتي، الأسطورة لا تتحقّق”.
أجيبه: أنا الجنون.
يبتسم..
نتحايل ونوارب في الحروف والكلمات، تعشقنا اللّعبة ونتعاشق نحن..
أتنفّسه.. يتنفّسني، ونغدو بوصلة واحدة،
تنزلق منّا السّاعات..
وتولد بين أيدينا آلهة،
وأنام على وسادة نبراته.. ويغفو هو طفلاً كبيرًا على
إشعاعات منّي، تخترق فوضى حواسّه.
يحبّني حبّا انقرض، حبّا نَدُر.. أتوّجُه ملكا في أسطورتي..
ويعبدني مليكة الجان.. وملكة الفراشات.
نتكاشف في أسطورتنا.. تحبّنا الحروف وتكتبنا أزاهير ملوّنة وجمان..
نتقاسم الفرح الأمثل،
ويكون لاقترابنا حدّ الالتصاق..
نتكامل معزوفة شرقيّة وشوقيّة تشتمّها كلّ الاشتهاءات.
..
.. ويتذكّر، يوم السّبت 24-5-2003، حين يجدها تضع النّقاط على حروف حلمه، وتشكّل منها:
للحوارِ ثوبٌ جديد : الإقترابُ إلى حدّ الإلتصاق.
وقالَ أنّهُ يجدُ الفراشةَ،
مُزدانةً بألوانهِ
مكلّلةً بالجُمانْ.
قالت لِنفسِها: أن تسرِقَ الضّحِكاتِ
منَ الطّيّاتِ
في ريشاتِ الشّحاريرْ.
. . .
. . ويدخُلانِ منطِقَةً فيها زرعٌ جديدْ
يقولُ: ” أنتِ الأجملُ،
لذا ترينَ كلَّ ما دونَكِ جميلْ”.
يذوبُ ..
ينكَسِرُ
ينحرقانِ حتّى الرّمادْ
ويغدو الهُلاميُّ
اشتعالَ حياةْ.
تقولُ عاشقةً للحياةْ:
لِنُدْخِلَ مَنْ هُم حولَنا ينتظرونْ
ضيوفًا على القلوبِ يكونونْ
لِنُعيدَ للمَجْدِ الخُلودَ
ونتَساكنَ معًا
بِلا قيودْ
.
صورة مفقودة