مى هشام - 7 علامات لجمال المرأة العربية مستوحاة من التراث

غنى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب من كلمات الشاعر حسن السيّد جملة غنائية فاصلة في قيمة الجمال قال فيها «كُل الستات جمالات، وجمالهم ساحر فتّان»، وبالرغم من ذلك، إلا أن مقاييس جمال المرأة العربية، بما لها من جذور في الشعر والأدب العربي بوجه عام، لازالت تظهر انعكاساتها لليوم في شعر الشعراء وأغاني المُغنين وغزل المُتغزلين.

وبشكل متوازي تمامًا مع مقاييس الجمال الأوروبية، التي تحتفي بصغر القياسات، ودقة الملامح، والعيون المُلوّنة، والبشرة البيضاء المُشرَبة بحُمرة تنُم عن عدم احتمال لدرجات الحرارة العالية، مع وضع فكرة «نسبية قيمة الجمال» في الاعتبار، ، فإن مقاييس الجمال العربي، من ليلى البدويّة، وصديقاتها سلمى ولُبنى وهند وميّ، لجميلات اليوم، ماتزال تحمِل خصوصية ما لصيقة بالثقافة العربية، والبيئة العربية، ترصدها «المصري لايت» في التقرير التالي.

7. عيون المُها

5711a0880cb1f3746ec1e06017128ab3

دائمًا العيون هي مكمن السحر، وهي شرارة اشتعال أي قصة عشق أبدية، فيُقال هو «حُب من أول نظرة»، سواء في الثقافة العربية، أو في الثقافة الأوروبية، وبالرغم من ذلك، فإن الاحتفاء بالعيون في الثقافة العربية رُبما يرجع لعادة عربية قديمة في تغطية الوجوه بنقاب ساتِر لا تظهر منه سوى العيون الكحيلة، كعنوان لجمال آخر مخفيّ تحت النقاب، ومن بين أشكال العيون التي يولع بها العرب، هي العيون التي تشبه غزال «المها»، والتي تُعد صاحبتها من الجميلات اللواتي يُكتب فيهن الشِعر، ويصح في حقهن الغزل، ومن أشهر ما كُتِب في ذلك ما كتب الشاعر العباسي «علي بن الجهم»: «عيون المها بين الرصافة والجسر.. جلبن الهوى من حيثُ أدري ولا أدري، أعدن لي الشوق القديم ولم أكن.. سلوْت ولكن زدن جمرًا على جمرِ».

لكِن تبقى كذلِك صفة «العيون التي في طرفها حورٌ، أو «حور العين»، وهي المُستديرة عند طرفها، محطّ إعجاب الرجُل العربي وولعه، وفيها كُتبت أشهر أبيات شعر الغزل، والتي قالها الشاعر «جرير» في عصر صدر الإسلام «إن العيون التي في طرفها حورٌ.. قتلننا ثُم لم يُحيين قتلانا».

6. بعيدة مهوى القرط

11798161_10204458450852621_2126010314_n

طويلات الأعناق والرِقاب مُفضلاتٌ على غيرهن، فهُن شامخاتٌ رؤوسهُن معلقات في السموات، يفاخر الأبوان أنما تُنسبن لهُم، ويتنازع الوالدان أيُهما ورثت طول العُنق وشموخ الرقبة منه دون الآخر، فقد أورثها علامة من العلامات الجمال التي لا تذبُل.

ومن أطرف الكنايات التي تُقال في جمال العُنق وطوله وشموخه كناية «بعيدة مهوى القرط»، والقرط هو «الحلق»، أو زينة الأُذن، فإذا سقط القرطُ عن أذنها، ونظرًا لطول المسافة بين رأسها وبين كتفها حيث سيسقُط قرطها، فإنها سيستغرق مُدة طويلة، ويرتحل مسافة بعيدة، إن دلت تدُل على طول عُنقها وجماله، ومن ذلك ما قال الشاعر الذي الأندلسي «ابن الحاج النُميري»: «بعيدةُ مهوى القرط أقسمتُ أنه… لأبعد من نجم السماء إذا هوى».

بيد أن طول العنق، وعلاقته بالقرط لطالما كانت علامة من علامات الجمال التي انعكست حتى في أشعار المُحدثين وأغنياتهم، فبيرم التونسي عندما كتب قبل ستين عامًا فحسب لشفيق جلال أغنية «ست الحارة»، ظهرت فيها انعكاس الاحتفاء بذات القرط الطويل، الذي ينُم على امتلاك صاحبته لرقبة طويلة يُزينها «ست الحارة، ست الحارة، حبيتك يا أم حلق طارة»، وغيرها من الأشعار الكثيرة التي تحتفي بالرقاب المُزينة بالأقراط المبهرجة.

5. خرساء الأساور

091a581303831359a6e65d6ccee5d6e0

البدانة ليست عيبًا يستحق اتباع حميات قاسية، والحرمان من الأطعمة المُحببة، بينما يُعَد في عُرف العرب علامة على العزّ والغنى، والحسب والنسب، والتمرُغ في نعيم الوالد، الذي أورثها شحمًا وبدانةً، يجعل أساورها سجينة معصمها، وكذلك خلخالها سجين قدمها، لا يتحركان ولا يصدران الأصوات المُعتادة التي تصدر عن خلخال أو سوار النحيفة التي تتأرجح الأساور في يديها، فهي خرساء الأساور، وخرساء الخلاخل، وشبعى الخلاخل.

ومن الطريف في الأمر، وبصرف النظر عن النواحي الصحية، فإن العرب اعتادوا أن يكرهوا المرأة النحيفة ويتأففوا منها، الأمر الذي جعلهم في بعض الأحيان يستعيذون بالله منها، ومن صُحبتها، ومن ذلك قولهُم «أعوذ بالله من زلاّء ضاوية، كأن ثوبيها عُلقا على عود»، ومن ذلك ما جاء مديحًا في العروس في أغنية الزفاف الشهيرة التي لحنها الموسيقار المصري «إسماعيل شبانة»، أغنية «يا عشاق النبي صلّوا على جماله»، والتي جاء فيها في وصف العروس الجميلة « دي عروسة البيت تعالوا بنا نسنّدهاله»، لأنها من فرط بدانتها تريد أن تتكئ على أحدهم فتستطيع الحركة.

ومن ناحية أُخرى، وبالرغم من الاحتفاء بالبدانة، إلا أن المرأة البدينة بالمقابل مطالبة بأن تُحافظ على تناسق جسمها، فلا تُصاب ببطن مُترهلة تصل لمرحلة كونها «كرش» ملحوظ، كتلك التي حاول «بيرم التونسي» أن يُحذر خاطبته «أم هلال» منها، ليقول « لو جبتي واحدة بكِرش، من الحمير ماتغيرش، مانيش واخدها بقرش، واحُط فوقها شوال».

4. فرعاءُ

11830944_10204458446012500_219867108_n

تظل كذلك صفة طول القامة من أهم علامات الجمال لذي المرأة، فمما يُنسب لعنترة العبسيّ أنه قال في محبوبته عبلة التي تكبّد من أجلها جلب ألفًا من النوق العصافير أنه قال واصفًا إياها «وعُبيلُ فارعة القوام كأنها فُلكٌ مشرّعة على الأمواجِ».ب

ومن الاحتفاء بطول قامة المرأة ما جاء في وصف «الأعشي» لمحبوبته في معلقته الخالدة مُبكرًا في العصر الجاهلي أنها «غرّاء فرعاءُ مصقولٌ عوارضها … تمشى الهوينى كما يمشي الوجي الوجل»، أي أنها ناصعة بياض الجبهة كالفرس الأغر، فرعاء أي طويلة القامة، تتمهل في المشي في دلال وتؤدة.

أو ما جاء من الشاعر السوري «نزار قباني» في وصف زوجته «بلقيس» في قصيدته في رثائها «بلقيسُ كانت أطول النخلات في أرض العراق».

وبالرغم من تفضيل الطول، إلا أن المُبالغة فيه لا يجعل المرأة جميلة في عين العربي، فهو الشاعر «كعب بن زهير» مداح النبي الذي قال واصفًا سُعاده«لا يُشتكى قصرٌ منها ولا طولُ».

3. الشعر الليل

e01b115975dd50fb6de51801ecac6312

تُعد من أشهر الأوصاف التي تلحق بالمرأة الجميلة، أنها ذات شعر أسود مُنسدل، وكثيف وناعم، وذلك منذ فجر التسجيل للثقافة العربية لليوم، ومنذ بدأ أن يصلنا شعر الغزل والنسيب من المتغزلين العرب، الذين شبههم الشعر الطويل المنسدل لحبيباتهم بالليل الأسود حالك الظلمة، ومن أشهر ما قيل في الشعر الطويل ما قال امرؤ القيس في قلب العصر الجاهلي واصفًا، بل ومتغزلاً في شعر محبوبته، ليقول في ضفائرها «جدائلها مستشذرات إلى العُلا…. تضل العقاص في مثني وفي مُرسل»، أي أن ضفائرها مفتولات إلى العُلا والارتفاع، في أي من الأحوال كانت مربوطة أو مرسلة على ظهر محبوبته».

أما عن السواد الحالك، فقال أيضًا في وصف دقيق لا تخرُج عنه تفضيلاته، عاكسًا خلفها تفضيلات جماعة من البشر يتقدمها الشاعر، ويعبّر عن قيمة الجمال في ذوقها وعقلها الجمعيّ، «وفرعٌ يزين المتن أسود فاحمًا»، أي من أمارات جمال محبوبته أنما تمتلك شعرًا يزين ظهرها وينسدل عليه فاحم السواد، ليتلوه أمير الشعراء أحمد شوقي بعد عدّاد من القرون لينظم شعرًا يقول فيه «ودخلت في ليلين فرعِك والدُجى»، أي أن الليلين الذين شهدههما في حياته، كان شعر محبوبته «جارة الوادي» واحدًا منهما.

2. الثغر المُنوّر

bfa654da8bf4c10ccac258ed1ab9db57

ومن قبل زمان أطباء تبييض الأسنان بمئات السنين، احتفى العرب بالمرأة ذات الأسنان البيضاء ناصعة البياض، وكأنما من فمها الصغير تُشرِق الشمس، وجاء ذلك في شعر امرؤ القيس، الجاهلي أمير الشُعراء، حيث نظم « بثغر كمثل الأقحوان منوّر.. نقيّ الثنايا أشنب غيرأثعل»، والأقحوان هو زهر شاهق البياض، والأثعل هو المتراكب بعضه فوق بعض، أي أنه يفضل الأسنان المنتظمة التي لا تحتاج لتقويمات تصلبها وتجعلها متناسقة.

ليتابعه زميله في إمارة الشعراء، أحمد شوقي، في نفس المضمار، من تفضيل الثغر المنوّر، لينظم شعرًا يقول فيه «ولثمت كالصُبح المُنوّر فاكِ».

ومن ألف ليلة وليلة، والتي تعد مزيجًا بين التراث العربي والهندي والأندلسي، نستطيع أن نستشف صفات أخرى لتفضيلات العرب في الثغور، من هذا الوصف المشهور في إحدي الليالي «صبية رشيقة القد، بارزة النهد، ذات حسن وجمال، وعيون كعيون الغزلان، وحواجب كهلال رمضان، وخدود مثل شقائق النعمان، وفم كخاتم سليمان، ووجه كالبدر في الإشراق».

1. السمار

b780feaedfc22566ccb4d1c520074ce1

أتى في الأثر أنما خلق آدم من «أديم» الأرض، أي من ظاهر الأرض، فجاء أسمر اللون، وتعتبر هذه الأسطورة ضمن أساطير الخلق إحدى تفضيلات العرب غير صافي البشرة تمامًا، وإنما السُمر خمريي اللون الذي سنّوا قانونًا في الجمال، أنما السمار نصف الجمال.

وكذلك، فإن الرجل العربي، كان يفضل المرأة الأدماء، أي التي خالط بياضها حُمرة تجعلها سمراء، ومن ذل ما نظم الشاعر الجاهليّ قبل قرون «زهير بن سُلمى» فقال « فأما ما فوق العُقد منها… فمن أدماء مرتعها الكلاء»، أي أن وجهها أسمر، ليتلوه بعد ذلك مئات الشعراء الذين احتفوا بالفتاة السمراء، التي يقتُل هواها.
 
أعلى