محمد بن جرير الطبري - تفسير الطبري.. تفسير سورة يوسف

الجزء السادس عشر
[ القول في تأويل قوله تعالى : ( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 21 )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : وقال الذي اشترى يوسف من بائعه بمصر.

وذكر أن اسمه : " قطفير " .

18941 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : كان اسم الذي اشتراه قطفير.

وقيل : إن اسمه إطفير بن روحيب ، وهو العزيز ، وكان على خزائن مصر ، وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد ، رجل من العماليق ، كذلك:

18942 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق .

[ ص: 18 ] وقيل : إن الذي باعه بمصر كان مالك بن ذعر بن بويب بن عفقان بن مديان بن إبراهيم ، كذلك : -

18943 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس .

( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته ) ، واسمها فيما ذكر ابن إسحاق : راعيل بنت رعائيل .

18944 - حدثنا بذلك ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق .

( أكرمي مثواه ) ، يقول : أكرمي موضع مقامه ، وذلك حيث يثوي ويقيم فيه .

يقال : "ثوى فلان بمكان كذا" : إذا أقام فيه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

18945 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( أكرمي مثواه ) منزلته ، وهي امرأة العزيز .

18946 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه ) ، قال : منزلته .

[ ص: 19 ] 18947 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد اشتراه الملك ، والملك مسلم .

وقوله : ( عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) ذكر أن مشتري يوسف قال هذا القول لامرأته ، حين دفعه إليها ، لأنه لم يكن له ولد ، ولم يأت النساء ، فقال لها : أكرميه عسى أن يكفينا بعض ما نعاني من أمورنا إذا فهم الأمور التي يكلفها وعرفها ( أو نتخذه ولدا ) ، يقول : أو نتبناه .

18948 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : كان إطفير فيما ذكر لي رجلا لا يأتي النساء ، وكانت امرأته راعيل امرأة حسناء ناعمة طاعمة ، في ملك ودنيا .

18949 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أفرس الناس ثلاثة : العزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته : ( أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) وأبو بكر حين تفرس في عمر والتي قالت : ( يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ) [ سورة القصص : 26 ] .

18950 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، قال : انطلق بيوسف إلى مصر ، فاشتراه العزيز ملك مصر ، فانطلق به إلى بيته فقال لامرأته : ( أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) .

18951 - حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله ، قال : أفرس الناس ثلاثة : العزيز حين قال لامرأته : ( أكرمي مثواه ) ، والقوم فيه زاهدون وأبو بكر حين تفرس في عمر فاستخلفه ، والمرأة التي قالت : ( يا أبت استأجره ) . [ ص: 20 ]

وقوله : ( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ) يقول عز وجل : وكما أنقذنا يوسف من أيدي إخوته وقد هموا بقتله ، وأخرجناه من الجب بعد أن ألقي فيه ، فصيرناه إلى الكرامة والمنزلة الرفيعة عند عزيز مصر ، كذلك مكنا له في الأرض ، فجعلناه على خزائنها .

وقوله : ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) يقول تعالى ذكره : وكي نعلم يوسف من عبارة الرؤيا ، مكنا له في الأرض ، كما : -

18952 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( من تأويل الأحاديث ) قال : عبارة الرؤيا .

18953 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

18954 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) قال : تعبير الرؤيا .

18955 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( ولنعلمه من تأويل الأحاديث ) قال : عبارة الرؤيا .

وقوله : ( والله غالب على أمره ) يقول تعالى ذكره : والله مستول على أمر يوسف ، يسوسه ويدبره ويحوطه .

و "الهاء " في قوله : ( على أمره ) عائدة على يوسف .

وروي عن سعيد بن جبير في معنى "غالب " ، ما : -

[ ص: 21 ] 18956 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير : ( والله غالب على أمره ) قال : فعال .

وقوله ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) يقول : ولكن أكثر الناس الذين زهدوا في يوسف ، فباعوه بثمن خسيس ، والذين صار بين أظهرهم من أهل مصر حين بيع فيهم ، لا يعلمون ما الله بيوسف صانع ، وإليه يوسف من أمره صائر .


***

[ القول في تأويل قوله تعالى : ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ( 23 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : وراودت امرأة العزيز ، وهي التي كان يوسف في بيتها [ يوسف ] عن نفسه ، أن يواقعها ، كما : -

18964 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ولما بلغ أشده ، راودته التي هو في بيتها عن نفسه ، امرأة العزيز . [ ص: 25 ]

18965 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ) قال : أحبته .

18966 - . . . . قال : وحدثني أبي ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، قال : قالت : تعاله .

وقوله : ( وغلقت الأبواب ) ، يقول : وغلقت المرأة أبواب البيوت عليها وعلى يوسف ، لما أرادت منه وراودته عليه ، بابا بعد باب .

وقوله : ( وقالت هيت لك ) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامة قرأة الكوفة والبصرة : ( هيت لك ) بفتح ، الهاء والتاء ، بمعنى : هلم لك ، وادن وتقرب ، كما قال الشاعر لعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه :

أبلغ أمير المؤمنين أخا العراق إذا أتينا = أن العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا

يعني : تعال واقرب .

وبنحو الذي قلنا في ذلك تأوله من قرأه كذلك :

18967 - حدثني محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا أبو الجواب ، قال : حدثنا عمار بن رزيق ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( هيت لك ) قال : هلم لك .

[ ص: 26 ] 18968 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : ( هيت لك ) قال : هلم لك .

18969 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : ( هيت لك ) تقول : هلم لك .

18970 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم ابن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، أنه كان يقرأ هذا الحرف : ( هيت لك ) نصبا ، أي : هلم لك .

18971 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال ابن عباس ، قوله : ( هيت لك ) قال : تقول : هلم لك .

18972 - حدثني أحمد بن سهيل الواسطي ، قال : حدثنا قرة بن عيسى ، قال : حدثنا النضر بن عربي الجزري ، عن عكرمة ، مولى ابن عباس ، في قوله : ( هيت لك ) قال : هلم لك قال : هي بالحورانية .

18973 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وقالت هيت لك ) قال الحسن : يقول : هلم لك .

18974 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن : ( هيت لك ) يقول بعضهم : هلم لك .

[ ص: 27 ] 18975 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وقالت هيت لك ) قال : هلم لك وهي بالقبطية .

18976 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن عمرو ، عن الحسن : ( هيت لك ) قال : كلمة بالسريانية ، أي : عليك .

18977 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : ( هيت لك ) قال : هلم لك .

18978 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا محبوب ، عن قتادة ، عن الحسن : ( هيت لك ) قال : هلم لك .

18979 - . . . قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر : ( هيت لك ) ، أي : هلم .

18980 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا الثوري ، قال : بلغني في قوله : ( هيت لك ) قال : هلم لك .

18981 - حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا علي بن عاصم ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قرأ : ( هيت لك ) وقال : تدعوه إلى نفسها .

18982 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى : ( هيت لك ) قال : لغة عربية ، تدعوه بها .

18983 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله إلا أنه قال : لغة بالعربية ، تدعوه بها إلى نفسها .

18984 - حدثنا الحسن ، قال : حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثل حديث محمد بن عمرو سواء .

[ ص: 28 ] 18985 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

18986 - حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : ( هيت لك ) بفتح الهاء والتاء ، وقال : تقول : هلم لك .

18987 - حدثني الحارث قال : قال أبو عبيد : كان الكسائي يحكيها يعني : ( هيت لك ) قال : وقال : وهي لغة لأهل حوران وقعت إلى الحجاز ، معناها : " تعال " . قال : وقال أبو عبيدة : سألت شيخا عالما من أهل حوران ، فذكر أنها لغتهم ، يعرفها .

18988 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( هيت لك ) قال : تعال .

18989 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وقالت هيت لك ) قال : هلم لك ، إلي .

وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين : " وقالت هئت لك " بكسر الهاء ، وضم التاء ، والهمزة ، بمعنى : تهيأت لك ، من قول القائل : " هئت للأمر أهيء هيئة " .

وممن روي ذلك عنه ابن عباس ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وجماعة غيرهما .

18990 - حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحجاج ، عن هارون ، عن أبان العطار ، عن قتادة : أن ابن عباس قرأها كذلك ، مكسور الهاء ، مضمومة التاء . قال أحمد : قال أبو عبيدة : لا أعلمها إلا مهموزة .

18991 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن أبان العطار ، عن عاصم ، عن أبي عبد الرحمن السلمي : " هئت لك " أي : تهيأت لك .

[ ص: 29 ] 18992 - . . . . قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، مثله .

18993 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان عكرمة يقول : تهيأت لك .

18994 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : " هئت لك " قال عكرمة : تهيأت لك .

18995 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم ابن بهدلة ، قال : كان أبو وائل يقول : " هئت لك : " أي تهيأت لك . وكان أبو عمرو بن العلاء والكسائي ينكران هذه القراءة .

18996 - حدثت عن علي بن المغيرة ، قال : قال أبو عبيدة معمر بن المثنى : شهدت أبا عمرو وسأله أبو أحمد أو أحمد وكان عالما بالقرآن [ وكان لألاء ، ثم كبر ، فقعد في بيته ، فكان يؤخذ عنه القرآن ، ويكون مع القضاة ، فسأله ] عن قول من قال : " هئت لك " بكسر الهاء ، وهمز الياء . فقال : أبو عمرو : [ سى ] إي : باطل ، جعلها ، " فعلت " من " تهيأت " ، فهذا الخندق ، فاستعرض العرب حتى تنتهي إلى اليمن ، هل تعرف أحدا يقول : " هئت لك " ؟

18997 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا القاسم ، قال : لم يكن الكسائي يحكي [ ص: 30 ] " هئت لك " عن العرب .

وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة : " هيت لك " بكسر الهاء ، وتسكين الياء ، وفتح التاء .

وقرأه بعض المكيين : " هيت لك " بفتح الهاء ، وتسكين الياء ، وضم التاء .

وقرأه بعض البصريين ، وهو عبد الله بن إسحاق : " هيت لك " بفتح الهاء ، وكسر التاء .

وقد أنشد بعض الرواة بيتا لطرفة بن العبد في " هيت " بفتح الهاء ، وضم التاء ، وذلك :

ليس قومي بالأبعدين إذا ما = قال داع من العشيرة هيت

قال أبو جعفر : وأولى القراءة في ذلك ، قراءة من قرأه : ( هيت لك ) بفتح الهاء والتاء ، وتسكين الياء ، لأنها اللغة المعروفة في العرب دون غيرها ، وأنها فيما ذكر قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

18998 - حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال ابن مسعود : قد سمعت القرأة ، فسمعتهم متقاربين ، فاقرءوا كما علمتم ، وإياكم والتنطع والاختلاف ، فإنما هو كقول أحدكم : " هلم " و " تعال " . ثم قرأ عبد الله : ( هيت لك ) فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، إن ناسا يقرءونها : " هيت لك " فقال عبد الله : إني أقرؤها كما علمت ، أحب إلي .

[ ص: 31 ] 18999 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقرأ هذه الآية : ( وقالت هيت لك ) قال : فقالوا له : ما كنا نقرؤها إلا " هيت لك " ، فقال عبد الله : إني أقرؤها كما علمت ، أحب إلي .

19000 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : قال عبد الله : ( هيت لك ) فقال له مسروق : إن ناسا يقرءونها : " هيت لك " فقال : دعوني ، فإني أقرأ كما أقرئت أحب إلي .

19001 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم العسقلاني ، قال : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن ابن مسعود قال : ( هيت لك ) بنصب الهاء ، والتاء ، وبلا همز .

وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى : أن العرب لا تثني " هيت " ولا تجمع ولا تؤنث ، وأنها تصوره في كل حال ، وإنما يتبين العدد بما بعد ، وكذلك التأنيث والتذكير . وقال : تقول للواحد : " هيت لك " ، وللاثنين : " هيت لكما " ، وللجمع : " هيت لكم " ، وللنساء : " هيت لكن " .

وقوله : ( قال معاذ الله ) يقول جل ثناؤه : قال يوسف إذ دعته المرأة [ ص: 32 ] إلى نفسها ، وقالت له : " هلم إلي : " أعتصم بالله من الذي تدعوني إليه ، وأستجير به منه .

وقوله : ( إنه ربي أحسن مثواي ) يقول : إن صاحبك وزوجك سيدي ، كما : -

19002 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( معاذ الله إنه ربي ) قال : سيدي .

19003 - . . . . قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح : ( إنه ربي ) قال : سيدي .

19004 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19005 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19006 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19007 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي ) قال : سيدي يعني : زوج المرأة .

19008 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( قال معاذ الله إنه ربي ) يعني : إطفير . يقول : إنه سيدي .

وقوله : ( أحسن مثواي ) يقول : أحسن منزلتي ، وأكرمني وائتمنني ، فلا أخونه ، كما : -

[ ص: 33 ] 19009 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ( أحسن مثواي ) أمنني على بيته وأهله .

19010 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( أحسن مثواي ) فلا أخونه في أهله .

19011 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : ( أحسن مثواي ) قال : يريد يوسف سيده زوج المرأة .

وقوله : ( إنه لا يفلح الظالمون ) يقول : إنه لا يدرك البقاء ، ولا ينجح من ظلم ، ففعل ما ليس له فعله . وهذا الذي تدعوني إليه من الفجور ، ظلم وخيانة لسيدي الذي ائتمنني على منزله ، كما : -

19012 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( إنه لا يفلح الظالمون ) قال: هذا الذي تدعوني إليه ظلم ، ولا يفلح من عمل به .


***


[ القول في تأويل قوله تعالى : ( واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم ( 25 )

قال أبو جعفر : يقول جل ثناؤه : واستبق يوسف وامرأة العزيز باب البيت ، أما يوسف ففرارا من ركوب الفاحشة لما رأى برهان ربه فزجره عنها ، وأما المرأة فطلبها ليوسف لتقضي حاجتها منه التي راودته عليها ، فأدركته فتعلقت بقميصه ، فجذبته إليها مانعة له من الخروج من الباب ، ، فقدته من دبر يعني : شقته من خلف لا من قدام ، لأن يوسف كان هو الهارب ، وكانت هي الطالبة ، كما : -

19091 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن [ ص: 51 ] معمر ، عن قتادة : ( واستبقا الباب ) ، قال : استبق هو والمرأة الباب ، ( وقدت قميصه من دبر ) .

19092 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما رأى برهان ربه ، انكشف عنها هاربا ، واتبعته ، فأخذت قميصه من دبر ، فشقته عليه .

وقوله : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) ، يقول جل ثناؤه : وصادفا سيدها وهو زوج المرأة " لدى الباب " ، يعني : عند الباب . كالذي : -

19093 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا الثوري ، عن رجل ، عن مجاهد : ( وألفيا سيدها ) ، قال : سيدها : زوجها ، ( لدى الباب ) ، قال : عند الباب .

19094 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن أشعث ، عن الحسن ، عن زيد بن ثابت ، قال : " السيد " ، الزوج .

19095 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) ، أي : عند الباب .

19096 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) ، قال : جالسا عند الباب وابن عمها معه ، فلما رأته قالت : ما جزاء من أراد بأهلك سوءا؟ إنه راودني عن نفسي ، فدفعته عن نفسي ، فشققت قميصه . قال يوسف : بل هي راودتني عن نفسي ، وفررت منها فأدركتني ، فشقت قميصي . فقال ابن عمها : تبيان هذا في القميص ، [ ص: 52 ] فإن كان القميص ، قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ، وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين . فأتي بالقميص ، فوجده قد من دبر قال : ( إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) .

19097 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) ، إطفير ، قائما على باب البيت ، فقالت وهابته : ( ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم ) ولطخته مكانها بالسيئة ، فرقا من أن يتهمها صاحبها على القبيح . فقال هو ، وصدقه الحديث : ( هي راودتني عن نفسي ) .

وقوله : ( قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ) يقول تعالى ذكره : قالت امرأة العزيز لزوجها لما ألفياه عند الباب ، فخافت أن يتهمها بالفجور : ما ثواب رجل أراد بامرأتك الزنا إلا أن يسجن في السجن ، أو إلا عذاب أليم يقول : موجع .

وإنما قال : ( إلا أن يسجن أو عذاب أليم ) ، لأن قوله : ( إلا أن يسجن ) ، بمعنى إلا السجن ، فعطف " العذاب " عليه ; وذلك أن " أن " وما عملت فيه بمنزلة الاسم .


***

[ القول في تأويل قوله تعالى : ( يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ( 29 )

قال أبو جعفر : وهذا فيما ذكر عن ابن عباس ، خبر من الله تعالى ذكره عن قيل الشاهد أنه قال للمرأة وليوسف .

يعني بقوله : ( يوسف ) يا يوسف ( أعرض عن هذا ) ، يقول : أعرض عن ذكر ما كان منها إليك فيما راودتك عليه ، فلا تذكره لأحد ، كما : - [ ص: 61 ]

19136 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( يوسف أعرض عن هذا ) ، قال : لا تذكره ، ( واستغفري ) أنت زوجك ، يقول : سليه أن لا يعاقبك على ذنبك الذي أذنبت ، وأن يصفح عنه فيستره عليك .

( إنك كنت من الخاطئين ) ، يقول : إنك كنت من المذنبين في مراودة يوسف عن نفسه .

يقال منه : " خطئ " في الخطيئة " يخطأ خطأ وخطأ " كما قال جل ثناؤه : ( إن قتلهم كان خطئا كبيرا ) [ سورة الإسراء : 31 ] ، و " الخطأ " في الأمر .

وحكي في " الصواب " أيضا " الصواب " ، و " الصوب " ، كما قال : الشاعر :

لعمرك إنما خطئي وصوبي = علي وإن ما أهلكت مال

وينشد بيت أمية :

عبادك يخطئون وأنت رب = بكفيك المنايا والحتوم
[ ص: 62 ]

من " خطئ الرجل " .

وقيل : ( إنك كنت من الخاطئين ) ، لم يقل : من الخاطئات ، لأنه لم يقصد بذلك قصد الخبر عن النساء ، وإنما قصد به الخبر عمن يفعل ذلك فيخطأ .


***


[ القول في تأويل قوله تعالى : ( فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم ( 31 )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره : فلما سمعت امرأة العزيز بمكر النسوة اللاتي قلن في المدينة ما ذكره الله عز وجل عنهن

وكان مكرهن ما : - [ ص: 69 ]

19164 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( فلما سمعت بمكرهن ) ، يقول : بقولهن .

19165 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما أظهر النساء ذلك ، من قولهن : " تراود عبدها! " مكرا بها لتريهن يوسف ، وكان يوصف لهن بحسنه وجماله ; ( فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ ) .

19166 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( فلما سمعت بمكرهن ) : ، أي بحديثهن ، ( أرسلت إليهن ) ، يقول : أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف .

( وأعتدت ) ، " أفعلت " من العتاد ، وهو العدة ، ومعناه : أعدت لهن " متكأ " ، يعني : مجلسا للطعام ، وما يتكئن عليه من النمارق والوسائد :

وهو " مفتعل " من قول القائل : " اتكأت " ، يقال : " ألق له متكأ " ، يعني : ما يتكئ عليه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19167 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد : ( وأعتدت لهن متكأ ) قال : طعاما وشرابا ومتكأ .

19168 - . . . . قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : يتكئن عليه . [ ص: 70 ]

19169 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية عن علي ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : مجلسا .

19170 - . . . . قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن أبي الأشهب ، عن الحسن أنه كان يقرأ : ( متكآء ) ، ويقول : هو المجلس والطعام .

19171 - . . . . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله بن يزيد : من قرأ : " متكأ " ، خفيفة ، يعني طعاما . ومن قرأ ( متكأ ) ، يعني المتكأ .

فهذا الذي ذكرنا عمن ذكرنا عنه تأويل هذه الكلمة ، هو معنى الكلمة ، وتأويل " المتكأ " ، وأنها أعدت للنسوة مجلسا فيه متكأ وطعام وشراب وأترج . ثم فسر بعضهم " المتكأ " بأنه الطعام على وجه الخبر عن الذي أعد من أجله المتكأ وبعضهم عن الخبر عن الأترج . إذ كان في الكلام : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، لأن السكين إنما تعد للأترج وما أشبهه مما يقطع به وبعضهم على البزماورد .

19172 - حدثني هارون بن حاتم المقرئ ، قال : حدثنا هشيم بن الزبرقان ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : البزماورد .

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى : " المتكأ : " هو النمرق يتكأ عليه . وقال : زعم قوم أنه الأترج . قال : وهذا أبطل باطل في الأرض ، ولكن عسى أن يكون مع " المتكأ " أترج يأكلونه . [ ص: 71 ]

وحكى أبو عبيد القاسم بن سلام قول أبي عبيدة ، ثم قال : والفقهاء أعلم بالتأويل منه . ثم قال : ولعله بعض ما ذهب من كلام العرب ، فإن الكسائي كان يقول : قد ذهب من كلام العرب شيء كثير انقرض أهله .

قال أبو جعفر : والقول في أن الفقهاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة ، كما قال أبو عبيد لا شك فيه ، غير أن أبا عبيدة لم يبعد من الصواب في هذا القول ، بل القول كما قال ، من أن من قال للمتكأ : هو الأترج ، إنما بين المعد في المجلس الذي فيه المتكأ ، والذي من أجله أعطين السكاكين ، لأن السكاكين معلوم أنها لا تعد للمتكأ إلا لتخريقه! ولم يعطين السكاكين لذلك .

ومما يبين صحة ذلك القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ، من أن " المتكأ " هو المجلس ، ثم روي عن مجاهد عنه ، ما : -

19173 - حدثني به سليمان بن عبد الجبار ، قال ، حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، قال : أعطتهن أترجا ، وأعطت كل واحدة منهن سكينا .

فبين ابن عباس في رواية مجاهد هذه ، ما أعطت النسوة ، وأعرض عن ذكر بيان معنى " المتكأ " ، إذ كان معلوما معناه .

ذكر من قال في تأويل " المتكأ " ما ذكرنا :

19174 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : الترنج .

19175 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : حدثنا هشيم ، [ ص: 72 ] عن عوف ، قال : حدثت عن ابن عباس أنه كان يقرؤها : " متكا " مخففة ، ويقول : هو الأترج .

19176 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية : " وأعتدت لهن متكأ " ، قال الطعام .

19177 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد ، قالا حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .

19178 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، مثله .

19179 - حدثنا ابن بشار وابن وكيع ، قالا حدثنا غندر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .

19180 - حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، نحوه .

19181 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : من قرأ ( متكأ ) فهو الطعام ، ومن قرأها " متكأ " فخففها ، فهو الأترج .

19182 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( متكأ ) ، قال : طعاما

19183 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19184 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

[ ص: 73 ] 19185 - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

19186 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو خالد القرشي ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : من قرأ : " متكأ " ، خفيفة ، فهو الأترج .

19187 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، بنحوه .

19188 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، قال سمعت بعضهم يقول : الأترج .

19189 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وأعتدت لهن متكأ ) : ، أي طعاما .

19190 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

19191 - . . . . قال : حدثنا يزيد ، عن أبي رجاء ، عن عكرمة ، في قوله : ( متكأ ) ، قال : طعاما .

19192 - حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، يعني الأترج .

19193 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، والمتكأ ، الطعام .

19194 - . . . . قال : حدثنا جرير عن ليث ، عن مجاهد : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : الطعام .

[ ص: 74 ] 19195 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، قال : طعاما .

19196 - حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ ، قال : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( متكأ ) ، فهو كل شيء يجز بالسكين .

قال أبو جعفر : قال الله تعالى ذكره ، مخبرا عن امرأة العزيز والنسوة اللاتي تحدثن بشأنها في المدينة : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، يعني بذلك جل ثناؤه : وأعطت كل واحدة من النسوة اللاتي حضرنها ، سكينا لتقطع به من الطعام ما تقطع به . وذلك ما ذكرت أنها آتتهن إما من الأترج ، وإما من البزماورد ، أو غير ذلك مما يقطع بالسكين ، كما : -

19197 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، وأترجا يأكلنه .

19198 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، قال : أعطتهن أترجا ، وأعطت كل واحدة منهن سكينا .

19199 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، ليحتززن به من طعامهن .

19200 - حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ، وأعطتهن ترنجا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين ، ويأكلن بالعسل .

قال أبو جعفر : وفي هذه الكلمة بيان صحة ما قلنا واخترنا في قوله [ ص: 75 ] ( وأعتدت لهن متكأ ) . وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن إيتاء امرأة العزيز النسوة السكاكين ، وترك ما له آتتهن السكاكين ، إذ كان معلوما أن السكاكين لا تدفع إلى من دعي إلى مجلس إلا لقطع ما يؤكل إذا قطع بها . فاستغني بفهم السامع بذكر إيتائها صواحباتها السكاكين ، عن ذكر ما له آتتهن ذلك . فكذلك استغني بذكر اعتدادها لهن المتكأ ، عن ذكر ما يعتد له المتكأ مما يحضر المجالس من الأطعمة والأشربة والفواكه وصنوف الالتهاء ; لفهم السامعين بالمراد من ذلك ، ودلالة قوله : ( وأعتدت لهن متكأ ) ، عليه . فأما نفس " المتكأ " فهو ما وصفنا خاصة دون غيره .

وقوله : ( وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول تعالى ذكره : وقالت امرأة العزيز ليوسف : ( اخرج عليهن ) ، فخرج عليهن يوسف ( فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول جل ثناؤه : فلما رأين يوسف أعظمنه وأجللنه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19201 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال ، حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( أكبرنه ) ، أعظمنه .

19202 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

19203 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح . قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله . [ ص: 76 ]

19204 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( فلما رأينه أكبرنه ) : ، أي : أعظمنه .

19205 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي : ( وقالت اخرج عليهن ) ، ليوسف ( فلما رأينه أكبرنه ) : عظمنه .

19206 - حدثنا إسماعيل بن سيف العجلي ، قال : حدثنا علي بن عابس ، قال : سمعت السدي يقول في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، قال : أعظمنه .

19207 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( اخرج عليهن ) ، فخرج ، فلما رأينه أعظمنه وبهتن .

19208 - حدثنا إسماعيل بن سيف . قال : حدثنا عبد الصمد بن علي الهاشمي ، عن أبيه ، عن جده ، في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، قال : حضن .

19209 - حدثنا علي بن داود ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، في قوله : ( فلما رأينه أكبرنه ) ، يقول : أعظمنه .

19210 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

قال أبو جعفر : وهذا القول أعني القول الذي روي عن عبد الصمد ، عن أبيه ، عن جده ، في معنى ( أكبرنه ) ، أنه حضن إن لم يكن عنى به أنهن حضن من إجلالهن يوسف وإعظامهن لما كان الله قسم له من البهاء والجمال ، ولما يجد من مثل ذلك النساء عند معاينتهن إياه فقول لا معنى له . لأن [ ص: 77 ] تأويل ذلك : فلما رأين يوسف أكبرنه ، فالهاء التي في " أكبرنه " ، من ذكر يوسف ، ولا شك أن من المحال أن يحضن يوسف . ولكن الخبر ، إن كان صحيحا عن ابن عباس على ما روي ، فخليق أن يكون كان معناه في ذلك أنهن حضن لما أكبرن من حسن يوسف وجماله في أنفسهن ، ووجدن ما يجد النساء من مثل ذلك .

وقد زعم بعض الرواة أن بعض الناس أنشده في " أكبرن " بمعنى حضن ، بيتا لا أحسب أن له أصلا لأنه ليس بالمعروف عند الرواة ، وذلك :

نأتي النساء على أطهارهن = ولا نأتي النساء إذا أكبرن إكبارا

وزعم أن معناه : إذا حضن .

وقوله : ( وقطعن أيديهن ) ، اختلف أهل التأويل في معنى ذلك .

فقال بعضهم : معناه : أنهن حززن بالسكين في أيديهن ، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج .

ذكر من قال ذلك :

19211 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( وقطعن أيديهن ) ، حزا حزا بالسكين .

19212 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : حزا حزا بالسكاكين .

[ ص: 78 ] 19213 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد

19214 - . . . . قال : وحدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : حزا حزا بالسكين .

19215 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( وقطعن أيديهن ) قال : جعل النسوة يحززن أيديهن ، يحسبن أنهن يقطعن الأترج .

19216 - حدثنا إسماعيل بن سيف ، قال : حدثنا علي بن عابس ، قال : سمعت السدي يقول : كانت في أيديهن سكاكين مع الأترج ، فقطعن أيديهن ، وسالت الدماء ، فقلن : نحن نلومك على حب هذا الرجل ، ونحن قد قطعنا أيدينا وسالت الدماء !

19217 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : جعلن يحززن أيديهن بالسكين ، ولا يحسبن إلا أنهن يحززن الترنج ، قد ذهبت عقولهن مما رأين!

19218 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( وقطعن أيديهن ) ، وحززن أيديهن .

19219 - حدثني سليمان بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد بن الصلت ، قال : حدثنا أبو كدينة ، عن حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : جعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج .

19220 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : جعلن يحززن أيديهن ، ولا يشعرن بذلك .

[ ص: 79 ] 19221 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قالت ليوسف : ( اخرج عليهن ) ، فخرج عليهن ( فلما رأينه أكبرنه ) ، وغلبت عقولهن عجبا حين رأينه ، فجعلن يقطعن أيديهن بالسكاكين التي معهن ، ما يعقلن شيئا مما يصنعن ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنهن قطعن أيديهن حتى أبنها ، وهن لا يشعرن .

ذكر من قال ذلك :

19222 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قطعن أيديهن حتى ألقينها .

19223 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( وقطعن أيديهن ) ، قال : قطعن أيديهن حتى ألقينها .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله أخبر عنهن أنهن قطعن أيديهن وهن لا يشعرن لإعظام يوسف ، وجائز أن يكون ذلك قطعا بإبانة وجائز أن يكون كان قطع حز وخدش ولا قول في ذلك أصوب من التسليم لظاهر التنزيل .

19224 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن .

[ ص: 80 ] 19225 - حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، مثله .

19226 - . . . . وبه عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : قسم ليوسف وأمه ثلث الحسن .

19227 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الخلق .

19228 - حدثني أحمد بن ثابت ، وعبد الله بن محمد الرازيان ، قالا حدثنا عفان ، قال : أخبرنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا ثابت ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أعطي يوسف وأمه شطر الحسن .

19229 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن أبي معاذ ، عن يونس ، عن الحسن ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أعطي يوسف وأمه ثلث [ ص: 81 ] حسن أهل الدنيا ، وأعطي الناس الثلثين أو قال : أعطي يوسف وأمه الثلثين ، وأعطي الناس الثلث .

19230 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين ، فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن ، والنصف الآخر بين سائر الخلق .

19231 - حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين : فقسم ليوسف وأمه النصف ، والنصف لسائر الناس .

19232 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد ، قالا حدثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن ربيعة الجرشي ، قال : قسم الحسن نصفين ، فجعل ليوسف وسارة النصف ، وجعل لسائر الخلق نصف .

19233 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عيسى بن يزيد ، عن الحسن : أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الدنيا ، وأعطي الناس الثلثين .

وقوله : ( وقلن حاش لله ) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك .

فقرأته عامة قرأة الكوفيين : ( حاش لله ) بفتح الشين وحذف الياء .

وقرأه بعض البصريين بإثبات الياء " حاشى لله " . [ ص: 82 ]

وفيه لغات لم يقرأ بها : " حاشى الله " ، كما قال الشاعر :

حاشى أبي ثوبان إن به = ضنا عن الملحاة والشتم

وذكر عن ابن مسعود أنه كان يقرأ بهذه اللغة : " حشى الله " ، و " حاش الله " ، بتسكين الشين والألف ، يجمع بين الساكنين .

وأما القراءة فإنما هي بإحدى اللغتين الأوليين ، فمن قرأ : ( حاش لله ) بفتح الشين وإسقاط الياء ، فإنه أراد لغة من قال : " حاشى لله " ، بإثبات الياء ، ولكنه حذف الياء لكثرتها على ألسن العرب ، كما حذفت العرب الألف من قولهم : " لا أب لغيرك " ، و " لا أب لشانيك " ، وهم يعنون : " لا أبا لغيرك " . و " لا أبا لشانيك " . [ ص: 83 ]

وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يزعم أن لقولهم : " حاشى لله " ، موضعين في الكلام :

أحدهما : التنزيه .

والآخر : الاستثناء . وهو في هذا الموضع عندنا بمعنى التنزيه لله ، كأنه قيل : معاذ الله .

قال أبو جعفر : وأما القول في قراءة ذلك . فإنه يقال : للقارئ الخيار في قراءته بأي القراءتين شاء ، إن شاء بقراءة الكوفيين ، وإن شاء بقراءة البصريين ، وهو : ( حاش لله ) و " حاشى لله " ، لأنهما قراءتان مشهورتان ، ولغتان معروفتان بمعنى واحد ، وما عدا ذلك فلغات لا تجوز القراءة بها ، لأنا لا نعلم قارئا قرأ بها .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19234 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقلن حاش لله ) ، قال : معاذ الله .

19235 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : ( حاش لله ) ، معاذ الله .

19236 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( وقلن حاش لله ) : معاذ الله .

19237 - حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( حاش لله ) : معاذ الله .

19238 - . . . . قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن عمرو ، عن الحسن : ( حاش لله ) : معاذ الله.

[ ص: 84 ] 19239 - حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا يحيى ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

وقوله : ( ما هذا بشرا ) ، يقول : قلن ما هذا بشرا ، لأنهن لم يرين في حسن صورته من البشر أحدا ، فقلن : لو كان من البشر ، لكان كبعض ما رأينا من صورة البشر ، ولكنه من الملائكة لا من البشر ، كما : -

19240 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وقلن حاش لله ما هذا بشرا ) : ما هكذا تكون البشر!

وبهذه القراءة قرأ عامة قرأة الأمصار . وقد : -

19241 - حدثت عن يحيى بن زياد الفراء ، قال : حدثني دعامة بن رجاء التيمي وكان غزاء عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأ : " ما هذا بشرى " ، أي ما هذا بمشترى .

يريد بذلك أنهن أنكرن أن يكون مثله مستعبدا يشترى ويباع .

قال أبو جعفر : وهذه القراءة لا أستجيز القراءة بها ، لإجماع قرأة الأمصار على خلافها . وقد بينا أن ما أجمعت عليه ، فغير جائز خلافها فيه .

وأما " نصب " البشر ، فمن لغة أهل الحجاز إذا أسقطوا " الباء " من الخبر نصبوه ، فقالوا : " ما عمرو قائما " . وأما أهل نجد ، فإن من لغتهم رفعه ، يقولون : " ما عمرو قائم " ; ومنه قول بعضهم حيث يقول : [ ص: 85 ]

لشتان ما أنوي وينوي بنو أبي = جميعا ، فما هذان مستويان
تمنوا لي الموت الذي يشعب الفتى = وكل فتى والموت يلتقيان

وأما القرآن ، فجاء بالنصب في كل ذلك ، لأنه نزل بلغة أهل الحجاز .

وقوله : ( إن هذا إلا ملك كريم ) ، يقول : قلن ما هذا إلا ملك من الملائكة ، كما : -

19242 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( إن هذا إلا ملك كريم ) ، قال : قلن : ملك من الملائكة .


***


[ القول في تأويل قوله تعالى : ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ( 33 )

قال أبو جعفر : وهذا الخبر من الله يدل على أن امرأة العزيز قد عاودت يوسف في المراودة عن نفسه ، وتوعدته بالسجن والحبس إن لم يفعل ما دعته إليه ، فاختار السجن على ما دعته إليه من ذلك ; لأنها لو لم تكن عاودته وتوعدته بذلك ، كان محالا أن يقول : ( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) ، وهو لا يدعى إلى شيء ، ولا يخوف بحبس .

و " السجن " هو الحبس نفسه ، وهو بيت الحبس .

وبكسر السين قرأه قرأة الأمصار كلها . والعرب تضع الأماكن المشتقة من الأفعال مواضع الأفعال . فتقول : " طلعت الشمس مطلعا ، وغربت مغربا " ، [ ص: 88 ] فيجعلونها ، وهي أسماء ، خلفا من المصادر ، فكذلك " السجن " ، فإذا فتحت السين من " السجن " كان مصدرا صحيحا .

وقد ذكر عن بعض المتقدمين أنه يقرأه : " السجن أحب إلي " ، بفتح السين . ولا أستجيز القراءة بذلك ، لإجماع الحجة من القرأة على خلافها .

قال أبو جعفر : وتأويل الكلام : قال يوسف : يا رب ، الحبس في السجن أحب إلي مما يدعونني إليه من معصيتك ، ويراودنني عليه من الفاحشة ، كما : -

19246 - حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) : من الزنا .

19247 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : قال يوسف ، وأضاف إلى ربه ، واستغاثه على ما نزل به ( رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه ) ، أي : السجن أحب إلي من أن آتي ما تكره .

وقوله : ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن ) ، يقول : وإن لم تدفع عني ، يا رب ، فعلهن الذي يفعلن بي ، في مراودتهن إياي على أنفسهن " أصب إليهن " ، يقول : أمل إليهن ، وأتابعهن على ما يردن مني ويهوين .

من قول القائل : " صبا فلان إلى كذا " ، ومنه قول الشاعر : [ ص: 89 ]

إلى هند صبا قلبي = وهند مثلها يصبي =

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

19248 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ( أصب إليهن ) ، يقول : أتابعهن .

19249 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وإلا تصرف عني كيدهن ) ، أي : ما أتخوف منهن ( أصب إليهن ) .

19250 - حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ) ، قال : إلا يكن منك أنت العون والمنعة ، لا يكن مني ولا عندي .

وقوله : ( وأكن من الجاهلين ) ، يقول : وأكن بصبوتي إليهن ، من الذين جهلوا حقك ، وخالفوا أمرك ونهيك ، كما : -

19251 - حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( وأكن من الجاهلين ) ، أي : جاهلا إذا ركبت معصيتك .



.
 
أعلى