نقوس المهدي
كاتب
الكتابة انجذاب وغواية، الكتابة رعشة ودهشة، الكتابة جرح واجتراح، الكتابة حمل وولادة، الكتابة حياة. نفس الكلام يقال عن الجنس. أي أن بين الكتابة والجنس كل الذي يضم ويجمع، بينهما جدلية مشتركة ،جدلية الانجذاب والجذب، الخفاء والتجلي، التقدم والانسحاب، الاثبات والمحو.
الجنس جزء من تفاصيل الحياة، لكنه الجزء الأكثر تمثيلا وبتكثيف للحياة، اقترن ببداياتها وكان انشقاقا كتب بالغواية التي أخرجت أدم وحواء من الجنة مسيرة الحياة حسب روايات الكتب الدينية المقدسة .
الجنس الجزء الحاضر في بقية الأجزاء، حاضر دينا ودنيا، مقترن بالمقدس وبالمدنس ،بالأسطوري والتاريخي، بالأنثربولوجي والنفسي...
و بناء على ذلك فمن المنطقي جدا حضوره في النص السردي ،و استحضار تفاصيله المتشعبة من طرف الناص ...و الجنسي بمتاهاته وتعقيداته يمتلك كل ما يستفز الناص، وما يضاعف الاستفزاز أن الجنسي بكل تفاصيله مقترن بتفاصيل الحياة وبتأثيرات مختلف المجالات .
ذلك الحضور نجده في المدونة التراثية، نجده عند علماء لم يروا في تناول الموضوع الجنسي ما يتعارض مع الاعتبارات الدينية والأخلاقية.
النص السردي يشتغل على الحياة بكل تناقضاتها وتفاصيلها، وينزاح بما يهندسه عن الواقعي، لكن في انزياحه يتأسس على تمثل الواقعي .و الحاجة الجنسية، معادل نموذجي للحاجات الحياتية، فهي حاجة
كما كتب بوعلي ياسين :" لا تسد أولا تسد كما يجب أو تسد بشكل منحرف، فتبقى طاقة كامنة يجب تحويلها، يجب صرفها بشكل أو بآخر "ـ ص37 " الثالوث المحرم " ـ .
كما أن في الجنس تتقاطع أهواء ورغبات وإرادات مختلفة، متصلة بتحقيق الذات نفسيا وتأكيدها اجتماعيا واثباتها دينيا واخلاقيا .و الجنس موضوع مركب وإشكالي ،مرتبط في جدلية الخفاء ـ التجلي التي تحكمه بصيرورة التاريخ البشري وصيرورة التحولات السوسيو ـ اقتصادية وديناميكية البنيات وشبكات العلاقات السلطوية ...ذلك هو باختصار الجنس، الذي لخص الاشارة إليه ميشال فوكو في عناوين سلسلته عن الجنسانية ( إرادة العرفان، استعمال المتع، الانشغال بالذات ). وهذا الذي يتصل بالجنس هو ما يغوي بالخرق من مبدع يباشر الازاحات والانزياحات .
و المبدع إذا افتقد الحرية وتعرض للتحديدات سيفتقد أفقه ،و سيفتقد أصالته كمنتج للقيمة الجمالية التي لا تحددها معيارية التحديد السالب للحرية .
لكن الاشكال الحقيقي ليس في حضورالجنس سرديا، بل في كيفيات الاستحضار ومنطق الحضور ومبرراته. والمنجز الفني مقترن أساسا بالشرط الفني، مهما كان الموضوع فكل المواضيع لها أهميتها، لكن عمل المبدع في قولبة الموضوع فنيا .و الاعتبار الجمالي هو المحدّد المحوري في التعاطي مع المنجز الابداعي.
الحرية معادل الإبداع، ولا يمكن بنفيها اثبات حالة إبداعية، وحرية المبدع في تناول موضوع الجنس متصلة بذلك الاعتبار، والصلة مشحونة بكل الدلالات
فالكبت الجنسي مقترن بالكبت المتسع تفكيرا وتعبيرا وممارسة، والكبت ينتج كل الانحرافات التي تقوض ما يعبّر عنه بالاستقرار.
حضر الجنس في نصوص مختلفة، حضورا متعددا ومن زوايا مختلفة وبدلالات متنوعة. حضر احتفالا بالجسد المطموس والمغيّب، الجسد المحموم بالرعشة والجذب، حضر تفكيكا لما استمر لغزا وجوديا، لبحث عن نشوة وصل يفصل، نشوة تطاردها الأهواء، وتكابد لثقفها حتى الأهوال.
و الإبداع مكابدة بمجاهدات متتابعة لثقف ما يؤسس جماليا، تأسيسا يتعضد بحمولة المبدع الحياتية والمعرفية وبما يسكنه من هواجس أنطولوجية .
و المبدع يواجه القدر الإنساني لينتص منه نصه، والجنس في كل مراحل التاريخ وفي كل المجتمعات، كان محور الصراع، صراع بإرادت التملك والمعرفة والوجود ورغبة التخفي الحميمي والظهورالاجتماعي. كان ولازال الجنس حاضرا مؤثرا في الترتيبات الاجتماعية والانتظامات السلطوية والتحديدات الدينية والأنساق القيمية والمنظومات الثقافية .
الجنس حاضر في صلب كل حضور، حاضر في صراعات السلطة وفي منازعات العمل وفي انزلاقات من يغوون بالحور العين في جنة الخلد .
الجنس حاضر كتأشيرة اثبات في مجتمعات محكومة بنسق الفحولة، وحاضر أيضا كقوة مضادة في مواجهة ترسانات القمع والكبت والحجز.
في " الجميلات النائمات " لكاواباتا شغف يتغذى بالنظر، شغف يتلصص ليقتبس ما يشبع رغبة تشعل ضوئها في العتمة.
في " السؤال " لغالب هلسا يفصح العجز الجنسي عن العجز السياسي. في نصوص محمد شكري نزول إلى القاع وتوقيع المتن بتوقيعاته بكل قسوتها وعريها، لكن بكل تلك الفتنة التي تتقولب كلمات تهيكل المتن ببلاغة فنية تحمل بلاغة اجتماعية. في " ليليات امرأة آرق " و" التفكك " لبوجدرة صراعات تتكثف لتحضر هواجسا جنسية. في نصوص الطاهر بن جلون وأمين الزاوي وهتك الستارو خلخلة النسق لفضح يعري ما تغطيه الستائر، في نصوص نينا بوراوي وعبد الله الطايع حضور المثلية ...
كل ذلك مستوعب، لكن غياب المبرر وافتعال حضور الجنس في النص يقوّض المنجز ويفقده قيمته الجمالية. ولا قيمة لمن ينشد باستحضار الجنسي التغطية على الضعف الفني أو البحث عن رواج بالإثارة السوقية لتسويق قد يكون له الرواج، لكنه رواج الموجة العابر .
و الجنس إبداعيا ليس استنساخا نمطيا ولا حشدا لكل ما يثير ،إنه اشتغال يخترق وينفذ، اشتغال يهندس جماليا بحمولة الأنطولوجي والمعرفي، بمساءلة التاريخي وفقه الأنثربولوجي والدراية بالاجتماعي وتدبر السيكولوجي. وأساسا بالصدق الفني وبتملك الشرط الجمالي.
و في الخلاصة الأدبي قيمته في أدبيته أساسا، وسبق للجاحظ أن أشار إلى مشاعية المعاني وإلى أن المبدع اشتغاله يتحقق بالدال الذي يحمل المدلول .
.
الجنس جزء من تفاصيل الحياة، لكنه الجزء الأكثر تمثيلا وبتكثيف للحياة، اقترن ببداياتها وكان انشقاقا كتب بالغواية التي أخرجت أدم وحواء من الجنة مسيرة الحياة حسب روايات الكتب الدينية المقدسة .
الجنس الجزء الحاضر في بقية الأجزاء، حاضر دينا ودنيا، مقترن بالمقدس وبالمدنس ،بالأسطوري والتاريخي، بالأنثربولوجي والنفسي...
و بناء على ذلك فمن المنطقي جدا حضوره في النص السردي ،و استحضار تفاصيله المتشعبة من طرف الناص ...و الجنسي بمتاهاته وتعقيداته يمتلك كل ما يستفز الناص، وما يضاعف الاستفزاز أن الجنسي بكل تفاصيله مقترن بتفاصيل الحياة وبتأثيرات مختلف المجالات .
ذلك الحضور نجده في المدونة التراثية، نجده عند علماء لم يروا في تناول الموضوع الجنسي ما يتعارض مع الاعتبارات الدينية والأخلاقية.
النص السردي يشتغل على الحياة بكل تناقضاتها وتفاصيلها، وينزاح بما يهندسه عن الواقعي، لكن في انزياحه يتأسس على تمثل الواقعي .و الحاجة الجنسية، معادل نموذجي للحاجات الحياتية، فهي حاجة
كما كتب بوعلي ياسين :" لا تسد أولا تسد كما يجب أو تسد بشكل منحرف، فتبقى طاقة كامنة يجب تحويلها، يجب صرفها بشكل أو بآخر "ـ ص37 " الثالوث المحرم " ـ .
كما أن في الجنس تتقاطع أهواء ورغبات وإرادات مختلفة، متصلة بتحقيق الذات نفسيا وتأكيدها اجتماعيا واثباتها دينيا واخلاقيا .و الجنس موضوع مركب وإشكالي ،مرتبط في جدلية الخفاء ـ التجلي التي تحكمه بصيرورة التاريخ البشري وصيرورة التحولات السوسيو ـ اقتصادية وديناميكية البنيات وشبكات العلاقات السلطوية ...ذلك هو باختصار الجنس، الذي لخص الاشارة إليه ميشال فوكو في عناوين سلسلته عن الجنسانية ( إرادة العرفان، استعمال المتع، الانشغال بالذات ). وهذا الذي يتصل بالجنس هو ما يغوي بالخرق من مبدع يباشر الازاحات والانزياحات .
و المبدع إذا افتقد الحرية وتعرض للتحديدات سيفتقد أفقه ،و سيفتقد أصالته كمنتج للقيمة الجمالية التي لا تحددها معيارية التحديد السالب للحرية .
لكن الاشكال الحقيقي ليس في حضورالجنس سرديا، بل في كيفيات الاستحضار ومنطق الحضور ومبرراته. والمنجز الفني مقترن أساسا بالشرط الفني، مهما كان الموضوع فكل المواضيع لها أهميتها، لكن عمل المبدع في قولبة الموضوع فنيا .و الاعتبار الجمالي هو المحدّد المحوري في التعاطي مع المنجز الابداعي.
الحرية معادل الإبداع، ولا يمكن بنفيها اثبات حالة إبداعية، وحرية المبدع في تناول موضوع الجنس متصلة بذلك الاعتبار، والصلة مشحونة بكل الدلالات
فالكبت الجنسي مقترن بالكبت المتسع تفكيرا وتعبيرا وممارسة، والكبت ينتج كل الانحرافات التي تقوض ما يعبّر عنه بالاستقرار.
حضر الجنس في نصوص مختلفة، حضورا متعددا ومن زوايا مختلفة وبدلالات متنوعة. حضر احتفالا بالجسد المطموس والمغيّب، الجسد المحموم بالرعشة والجذب، حضر تفكيكا لما استمر لغزا وجوديا، لبحث عن نشوة وصل يفصل، نشوة تطاردها الأهواء، وتكابد لثقفها حتى الأهوال.
و الإبداع مكابدة بمجاهدات متتابعة لثقف ما يؤسس جماليا، تأسيسا يتعضد بحمولة المبدع الحياتية والمعرفية وبما يسكنه من هواجس أنطولوجية .
و المبدع يواجه القدر الإنساني لينتص منه نصه، والجنس في كل مراحل التاريخ وفي كل المجتمعات، كان محور الصراع، صراع بإرادت التملك والمعرفة والوجود ورغبة التخفي الحميمي والظهورالاجتماعي. كان ولازال الجنس حاضرا مؤثرا في الترتيبات الاجتماعية والانتظامات السلطوية والتحديدات الدينية والأنساق القيمية والمنظومات الثقافية .
الجنس حاضر في صلب كل حضور، حاضر في صراعات السلطة وفي منازعات العمل وفي انزلاقات من يغوون بالحور العين في جنة الخلد .
الجنس حاضر كتأشيرة اثبات في مجتمعات محكومة بنسق الفحولة، وحاضر أيضا كقوة مضادة في مواجهة ترسانات القمع والكبت والحجز.
في " الجميلات النائمات " لكاواباتا شغف يتغذى بالنظر، شغف يتلصص ليقتبس ما يشبع رغبة تشعل ضوئها في العتمة.
في " السؤال " لغالب هلسا يفصح العجز الجنسي عن العجز السياسي. في نصوص محمد شكري نزول إلى القاع وتوقيع المتن بتوقيعاته بكل قسوتها وعريها، لكن بكل تلك الفتنة التي تتقولب كلمات تهيكل المتن ببلاغة فنية تحمل بلاغة اجتماعية. في " ليليات امرأة آرق " و" التفكك " لبوجدرة صراعات تتكثف لتحضر هواجسا جنسية. في نصوص الطاهر بن جلون وأمين الزاوي وهتك الستارو خلخلة النسق لفضح يعري ما تغطيه الستائر، في نصوص نينا بوراوي وعبد الله الطايع حضور المثلية ...
كل ذلك مستوعب، لكن غياب المبرر وافتعال حضور الجنس في النص يقوّض المنجز ويفقده قيمته الجمالية. ولا قيمة لمن ينشد باستحضار الجنسي التغطية على الضعف الفني أو البحث عن رواج بالإثارة السوقية لتسويق قد يكون له الرواج، لكنه رواج الموجة العابر .
و الجنس إبداعيا ليس استنساخا نمطيا ولا حشدا لكل ما يثير ،إنه اشتغال يخترق وينفذ، اشتغال يهندس جماليا بحمولة الأنطولوجي والمعرفي، بمساءلة التاريخي وفقه الأنثربولوجي والدراية بالاجتماعي وتدبر السيكولوجي. وأساسا بالصدق الفني وبتملك الشرط الجمالي.
و في الخلاصة الأدبي قيمته في أدبيته أساسا، وسبق للجاحظ أن أشار إلى مشاعية المعاني وإلى أن المبدع اشتغاله يتحقق بالدال الذي يحمل المدلول .
.