نقوس المهدي
كاتب
أَتذكريـن
حيـن وصَلنـا الجزيـرةَ
فـي الشتـاء؟
رَفـعَ البحـرُ إِلينـا
كأسـا مـن البَـرْد .
علـى الجـدرانِ
كانـتِ النباتـاتُ المُتسلّقـةُ تُوشـوشُ
تاركـةً أوراقـاً داكنـةً
تسقـطُ عنـد مرورنـا.
أنـتِ أيضـا كنـتِ ورقـةً صغيـرة
ارتَعشـتْ ف،ي صـدري .
هنـاك وضعتـكِ ريـحُ الحيـاة .
فـي البدايـةِ لـم أراك :
لـمْ أكـنْ أعـرفُ أنـكِ كنـتِ معـي تمشيـن ،
إلـى أن انغـرزَتْ
فـي صـدري جـذوركِ ،
التحمـتْ بخيـوطِ دمـي ،
وتكلّمـتْ بفمـي ،
وأزهـرتْ معـي ،
هكـذأ كـانَ حضـوٍرُكِ ألغافـل
ورقـةً أو غصنـا لامرئـي
وفجـأةً امتـلأَ ٌ قلبـي
بفواكـهَ وأصـواتٍ .
سكنـتِ بيتـا
كـان ينتظـرُك مظلمـا
وحينئـذٍ أضـأتِ المصابيـحَ .
أتذكريـن حبيبتـي
خطواتِنـا الأولـى فـي الجزيـرة ؟
عرفتنـا الحجـارةُ الرماديـة
زخـاتُ المطـر ،
صرخـاتُ الريـحِ فـي الظـل .
لكـن النـارَ
كانـتْ صديقتُنـا الوحيـدة،
قربهـا
ضمّنـا الحـب اللذيـذ للشتـاء
بـأذرعٍ أربعـة .
رأتِ النـارُ قبلتَنـا العاريـةَ تكبُـر
حتـى مسـتِ الأنجـمَ الخفيـة،
ورأتِ الألـم يولـدُ ويمـوتُ
مثـل سيـفٍ مكسـور
ضـد حـبٍ لا يُقهـر.
أتذكريـنَ
أيتهـا النائمـةُ فـي ظلـي
كيـف كـان الحلـمُ
ينمـو منـكِ،
مـن صـدركِ العـاري المنفتـح
علـى البحـرِ ،
علـى ريـح الجزيـرةِ
بقبتيـه التوأميـن ،
وكيـفُ كنـتُ أُبحـرُ
فـي حلمـكِ حُـراً
فـي البحـرِ
وفـي الريـح
مقيـدا
وغريقـا
فـي رحـابِ عذوبتـكِ الأزرق.
أيتهـا الحلـوةُ، ياحلوتـي ،
غيّـرَ الربيـعُ
أسـوارَ الجزيـرة.
لاحـتْ زهـرة
مثـل قطـرةِ دمٍ بُرتقاليـة ،
ثـم أفرغـتِ الألـوان
كـل حمولتهـا الخالصـة.
استـردَّ البحـرُ شفافيتـه،
وزعَ الليـل
عناقيـدهُ فـي السمـاء
وهمسـتْ جميـعُ الأشيـاء
باسـمِ حبنـا
حجـرا حجـرا
رددتْ اسمينـا
وقبلتنـا،
جزيـرة الحجـرِ والطحلـب
رنّـتْ فـي خفايـا مغاراتهـا
كمـا الأغنيـةُ فـي فمـك،
والزهـرةُ المولـودةُ
بيـن شقـوق الحجـر
قالـتتْ بحرفهـا السـري
حيـن عبـر اسمـكِ
اسمـك مـن نبتـة متأججـة
والصخـرةُ المنتصبـةُ الوعـرة
عرفـتْ أغنيتـي، أيتهـا الحبيبـة،
وتحدثـتْ، ياحبيبتـي، كـلُّ الأشيـاء
عـن حبـي وحبـك،
لأن الأرضَ والزمـنَ والبحـرَ والجزيـرة
الحيـاةَ والمـد،
البـذرة التـي تفتحـتْ شفتيهـا
داخـلَ الأرض،
الزهـرةُ المفترسـة،
حركـةُ الربيـع
كلهـا تعرفنـا.
ولـدَ حبّنـا
خـارجَ الجـدران،
فـي الريـح،
فـي الليـل،
فـي الأرض،
ومـن أجـل هـذا الصلصـالِ والتويـجِ
الطيـنِ والجـذور
تعـرفُ اسمـك
وتعـرفُ أن فمـي
اتحـد بفمـك،
لأننـا معـا زُرعنـا داخـل الأرض
ومعـا كبرنـا
ومعـا أزهرنـا
ومـن أجـل هـذا
حيـن نمـر
اسمـك مكتـوبٌ
فـي تويجـاتِ وردة
تنمـو علـى الحجـر،
واسمـي مكتـوبٌ فـي المغـارات.
أنهـم يعرفـون كـلَّ شـيء،
ليـس لنـا أسـرار.
البحـرُ يعـرف حبَّنـا،
حجـارةُ المرتفـعِ الصخـري
تعـرفُ أن قبلاتِنـا
أزهـرتْ بطهـارةٍ لامتناهيـة،
كيـف لاح فـي فتحاتهـا فـمٌ قرمـزيٌّ :
هكـذا عرفـوا حبنـا
والقبلـة التـي جمعـتْ فمـي بفمـك
فـي زهـرةٍ خالـدة.
حبيبتـي،
أيهـا الربيـع الحلـو
يطوقنـا بحـر وزهـرة.
ربيعنـا
لـن نستبدلَـه بشتائنـا،
حيـن بـدأتِ الريـحُ
تفـك رمـوزَ اسمـك
الـذي تـردده اليـوم فـي كـل الساعـات،
فـي حيـن لـمْ تعـرفِ الأوراقُ
أنـكِ ورقـة،
والجـذور
لـمْ تعـرف أنـك فـي صـدري
كنـتِ تبحثيـن .
حبيبتـي،
أيتهـا الحبيبـة/
الربيـعُ يهدينـا السمـاء .
لكـن الأرضُ القاتمـة
هـي اسمنـا.
حينـا ينتمـي لكـل زمـانٍ وأرض،
لنحـبَّ بعضَنـا
ذراعـي يحيـط جيـدك الرملـي،
سننتظـر
كيـف يتغيـرُ الأرضُ والزمـنُ
فـي الجزيـرة،
كيـف تتساقـطُ
أوراقُ اللبـلابِ الصموتـة،
كيـف يمضـي الخريـفُ
عبـر النافـذةِ المكسـورة .
لكـن
سننتظـرُ صديقتَنـا،
صديقتَنـا ذات العينيـن الحمراويـن ،
صديقتَنـا النـار،
حيـن تعـودُ الريـحُ
لتهـزَّ حـدودَ الجزيـرة
وتجهـلَ اسـم الجميـع .
حبيبتـي ،
سيبحـث عنـا الشتـاء،
دومـا سيبحـث عنـا،
لأننـا نعرفـه،
لأننـا لا نخافـه،
لأن النـارَ
دومـا معنـا،
والأرضَ
دومـا معنـا
والربيـعَ
دومـا معنـا،
وحيـن تسقـطُ مـن اللبـلابِ
ورقـة،
أنـتِ تعرفيـن
أي اسـم مكتـوبٍ
علـى تـلك الورقـة،
اسمـي واسمـك،
اسـم حبنـا،
كائـن واحـد،
السهـم الـذي اختـرق الشتـاء،
الحـب الـذي لا يقهـر،
نـار الأيـام،
ورقـةٌ
سقطـت علـى صـدري،
ورقـةٌ
مـن شجـرة الحيـاة
بنـتْ عشـا وغنـتْ،
غرسـتْ جـذوراً،
أعطـتْ أزهـاراً
وثمـاراً.
وهكـذا تريـن حبيبتـي
كيـف أمشـي
فـي الجزيـرة،
فـي عالمـي،
آمنـا فـي قلـب الربيـع،
فـي البـردِ
مجنونـا بالنـور،
أمشـي فـي النـارِ هادئـاً
حامـلا فـوق ذراعـي
ثقـلكِ التويجـي،
كأنـي لـم أمـش أبـدا،
ياروحـي،
إلا معـك،
وكأنـي لا أستطيـع المشـي
إلا معـك،
وكأنـي لـم أعـرف الغنـاء
إلا حيـن تغنيـن
حيـن وصَلنـا الجزيـرةَ
فـي الشتـاء؟
رَفـعَ البحـرُ إِلينـا
كأسـا مـن البَـرْد .
علـى الجـدرانِ
كانـتِ النباتـاتُ المُتسلّقـةُ تُوشـوشُ
تاركـةً أوراقـاً داكنـةً
تسقـطُ عنـد مرورنـا.
أنـتِ أيضـا كنـتِ ورقـةً صغيـرة
ارتَعشـتْ ف،ي صـدري .
هنـاك وضعتـكِ ريـحُ الحيـاة .
فـي البدايـةِ لـم أراك :
لـمْ أكـنْ أعـرفُ أنـكِ كنـتِ معـي تمشيـن ،
إلـى أن انغـرزَتْ
فـي صـدري جـذوركِ ،
التحمـتْ بخيـوطِ دمـي ،
وتكلّمـتْ بفمـي ،
وأزهـرتْ معـي ،
هكـذأ كـانَ حضـوٍرُكِ ألغافـل
ورقـةً أو غصنـا لامرئـي
وفجـأةً امتـلأَ ٌ قلبـي
بفواكـهَ وأصـواتٍ .
سكنـتِ بيتـا
كـان ينتظـرُك مظلمـا
وحينئـذٍ أضـأتِ المصابيـحَ .
أتذكريـن حبيبتـي
خطواتِنـا الأولـى فـي الجزيـرة ؟
عرفتنـا الحجـارةُ الرماديـة
زخـاتُ المطـر ،
صرخـاتُ الريـحِ فـي الظـل .
لكـن النـارَ
كانـتْ صديقتُنـا الوحيـدة،
قربهـا
ضمّنـا الحـب اللذيـذ للشتـاء
بـأذرعٍ أربعـة .
رأتِ النـارُ قبلتَنـا العاريـةَ تكبُـر
حتـى مسـتِ الأنجـمَ الخفيـة،
ورأتِ الألـم يولـدُ ويمـوتُ
مثـل سيـفٍ مكسـور
ضـد حـبٍ لا يُقهـر.
أتذكريـنَ
أيتهـا النائمـةُ فـي ظلـي
كيـف كـان الحلـمُ
ينمـو منـكِ،
مـن صـدركِ العـاري المنفتـح
علـى البحـرِ ،
علـى ريـح الجزيـرةِ
بقبتيـه التوأميـن ،
وكيـفُ كنـتُ أُبحـرُ
فـي حلمـكِ حُـراً
فـي البحـرِ
وفـي الريـح
مقيـدا
وغريقـا
فـي رحـابِ عذوبتـكِ الأزرق.
أيتهـا الحلـوةُ، ياحلوتـي ،
غيّـرَ الربيـعُ
أسـوارَ الجزيـرة.
لاحـتْ زهـرة
مثـل قطـرةِ دمٍ بُرتقاليـة ،
ثـم أفرغـتِ الألـوان
كـل حمولتهـا الخالصـة.
استـردَّ البحـرُ شفافيتـه،
وزعَ الليـل
عناقيـدهُ فـي السمـاء
وهمسـتْ جميـعُ الأشيـاء
باسـمِ حبنـا
حجـرا حجـرا
رددتْ اسمينـا
وقبلتنـا،
جزيـرة الحجـرِ والطحلـب
رنّـتْ فـي خفايـا مغاراتهـا
كمـا الأغنيـةُ فـي فمـك،
والزهـرةُ المولـودةُ
بيـن شقـوق الحجـر
قالـتتْ بحرفهـا السـري
حيـن عبـر اسمـكِ
اسمـك مـن نبتـة متأججـة
والصخـرةُ المنتصبـةُ الوعـرة
عرفـتْ أغنيتـي، أيتهـا الحبيبـة،
وتحدثـتْ، ياحبيبتـي، كـلُّ الأشيـاء
عـن حبـي وحبـك،
لأن الأرضَ والزمـنَ والبحـرَ والجزيـرة
الحيـاةَ والمـد،
البـذرة التـي تفتحـتْ شفتيهـا
داخـلَ الأرض،
الزهـرةُ المفترسـة،
حركـةُ الربيـع
كلهـا تعرفنـا.
ولـدَ حبّنـا
خـارجَ الجـدران،
فـي الريـح،
فـي الليـل،
فـي الأرض،
ومـن أجـل هـذا الصلصـالِ والتويـجِ
الطيـنِ والجـذور
تعـرفُ اسمـك
وتعـرفُ أن فمـي
اتحـد بفمـك،
لأننـا معـا زُرعنـا داخـل الأرض
ومعـا كبرنـا
ومعـا أزهرنـا
ومـن أجـل هـذا
حيـن نمـر
اسمـك مكتـوبٌ
فـي تويجـاتِ وردة
تنمـو علـى الحجـر،
واسمـي مكتـوبٌ فـي المغـارات.
أنهـم يعرفـون كـلَّ شـيء،
ليـس لنـا أسـرار.
البحـرُ يعـرف حبَّنـا،
حجـارةُ المرتفـعِ الصخـري
تعـرفُ أن قبلاتِنـا
أزهـرتْ بطهـارةٍ لامتناهيـة،
كيـف لاح فـي فتحاتهـا فـمٌ قرمـزيٌّ :
هكـذا عرفـوا حبنـا
والقبلـة التـي جمعـتْ فمـي بفمـك
فـي زهـرةٍ خالـدة.
حبيبتـي،
أيهـا الربيـع الحلـو
يطوقنـا بحـر وزهـرة.
ربيعنـا
لـن نستبدلَـه بشتائنـا،
حيـن بـدأتِ الريـحُ
تفـك رمـوزَ اسمـك
الـذي تـردده اليـوم فـي كـل الساعـات،
فـي حيـن لـمْ تعـرفِ الأوراقُ
أنـكِ ورقـة،
والجـذور
لـمْ تعـرف أنـك فـي صـدري
كنـتِ تبحثيـن .
حبيبتـي،
أيتهـا الحبيبـة/
الربيـعُ يهدينـا السمـاء .
لكـن الأرضُ القاتمـة
هـي اسمنـا.
حينـا ينتمـي لكـل زمـانٍ وأرض،
لنحـبَّ بعضَنـا
ذراعـي يحيـط جيـدك الرملـي،
سننتظـر
كيـف يتغيـرُ الأرضُ والزمـنُ
فـي الجزيـرة،
كيـف تتساقـطُ
أوراقُ اللبـلابِ الصموتـة،
كيـف يمضـي الخريـفُ
عبـر النافـذةِ المكسـورة .
لكـن
سننتظـرُ صديقتَنـا،
صديقتَنـا ذات العينيـن الحمراويـن ،
صديقتَنـا النـار،
حيـن تعـودُ الريـحُ
لتهـزَّ حـدودَ الجزيـرة
وتجهـلَ اسـم الجميـع .
حبيبتـي ،
سيبحـث عنـا الشتـاء،
دومـا سيبحـث عنـا،
لأننـا نعرفـه،
لأننـا لا نخافـه،
لأن النـارَ
دومـا معنـا،
والأرضَ
دومـا معنـا
والربيـعَ
دومـا معنـا،
وحيـن تسقـطُ مـن اللبـلابِ
ورقـة،
أنـتِ تعرفيـن
أي اسـم مكتـوبٍ
علـى تـلك الورقـة،
اسمـي واسمـك،
اسـم حبنـا،
كائـن واحـد،
السهـم الـذي اختـرق الشتـاء،
الحـب الـذي لا يقهـر،
نـار الأيـام،
ورقـةٌ
سقطـت علـى صـدري،
ورقـةٌ
مـن شجـرة الحيـاة
بنـتْ عشـا وغنـتْ،
غرسـتْ جـذوراً،
أعطـتْ أزهـاراً
وثمـاراً.
وهكـذا تريـن حبيبتـي
كيـف أمشـي
فـي الجزيـرة،
فـي عالمـي،
آمنـا فـي قلـب الربيـع،
فـي البـردِ
مجنونـا بالنـور،
أمشـي فـي النـارِ هادئـاً
حامـلا فـوق ذراعـي
ثقـلكِ التويجـي،
كأنـي لـم أمـش أبـدا،
ياروحـي،
إلا معـك،
وكأنـي لا أستطيـع المشـي
إلا معـك،
وكأنـي لـم أعـرف الغنـاء
إلا حيـن تغنيـن