نقوس المهدي
كاتب
تتزامن تجارب إبداعية جديدة في الغرب تدعو الى التحرر من قيود البيئة الاجتماعية، وتابو المحرمات الدينية، مع فعاليات فكرية متعاكسة تمامًا في الوطن العربي والاسلامي تدعو إلى محاربة التعبيرات المكشوفة في النص ومحاربة الإباحية، حيث وصفت من قبل "أصوليين " بانها تقليد لأساليب الكتابة الغربية التي يعتنق أصحابها فلسفاتٍ ماديةً وجوديةً بحسب تعبير متطرفين. وفي هذا الصدد يدافع رجاء النقاش بقوة عن الاباحية في بعض النصوص الروائية، معتبرًا أن الجنس في الروايةِ عنصرٌ يخدم العملَ الفنيَّ. ودعا النقاش الادباء إلى أن يتناولوا الجنس بجرأةٍ وشجاعة، كما يطالب المجتمع باستيعاب المشاهد الجنسية.
واخر زوبعة في هذا المجال ما رصدته (سلوى النعيمي) في كتاباتها وروايتها الاخيرة " برهان العسل "على وجه الخصوص عن عقدة الشرق الجنسية، وكيف رسخت البيئة الاجتماعية الخجل " الجنسي " على رغم محاولات الخروج من هذا الخجل، المتمثل في محاولات ليست كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر "رجوع الشيخ إلى صباه" لمؤلفه (النفزاوي) او "نزهة الألباب" للـ"تيفاشي".
كاتبة لكنها مومس فاسقة
وعودة الى تلك العلاقة الايجابية (كما تصنفها أفرا بهن) بين الجنس والابداع الفني فإن دعوات غربية تنطلق اليوم، لتفسير فكري وفلسفي لدواعي الخوض في الاباحية، وعدم تصنيفها كرديف للجنس والدعارة بل هي ابداعات انسانية شأنها شان الفعاليات الانسانية الاخرى.
و"أفرا بهن " سيدة إنكليزية احترفت الكتابة كمهنة تعتاش منها بعد انهيار زواجها وكانت باكورة أعمالها مسرحيتها "الزواج القسري". وافاضت في الكتابة الجنسية حتى وصفت بـ "المومس الفاسقة"، واتهمها النقاد بانها " داعرة " حقيقية. لكن "فرجينيا وولف" تنظر الى "أفرا" بعين اخرى وترى ان على نساء الأرض شكرها لانها انتزعت لهن الحق في الكتابة، ولم يأت كلام فرجينيا عبثا، فقد تعرضت هي الاخرى الى ظلم المجتمع الذكوري،وهي المولودة عام 1882 في عائلة أرستقراطية وتلقَّت هي وشقيقتها فينيسا تعليمها في المنزل، واعتمدت على مكتبة أبيهما الضخمة لتحصيل الثقافة، ونشرت مجموعة مقالات بعنوان «غرفة تخصُّ المرء وحده» عام 1929 تحكي فيها كيف كانت تُحذّر من الخروج وتُمنع من دخول مكتبة الجامعة لأنها امرأة، كما اعترفت بتعرضها للاستغلال الجنسي من قبل أخوين، وفي عام 1941 ملأت جيوبها بأحجار ضخمة وألقت بنفسها منتحرة في النهر. وعلى الرغم من أن "آخماتوفا" عاصرت الشيوعية في روسيا، وكانت لها حصة كبيرة من الاستبداد الستاليني، إذ أُعـدم زوجها الشاعر نيكولاي غوميلوف عام1921 ومنعت من النشر عشرون عـامًا، الا انها تعرضت للتشهير حين وصفها أحد النقاد بـ"العاهرة "، متهمين اياها بعلاقات " جنسية " سرية، وبوهيمية لاتسمح بها المبادئ الشيوعية.
بوفوار.. زوجة مطيعة على الفراش
وغالبًا ما إهتم الفرنسيون بالحياة الشخصية للكاتبة الفرنسية الوجودية سيمون دو بوفوار،وكتبوا و" أولوا " علاقاتها الحميمة مع الفيلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر، وحبها لجمال الجسد وكمال الطبيعة. وتناول أكثر من بحث وكتاب، تلك العلاقة " السرية " في حياة ثنائي الوجودية الفرنسية، حيث أقاما حلفا، أو ماسمي ب "الحب القدري" يرسخ شرعية الحب الطارئ، أو العلاقات العابرة. وبوفوار متهمة ايضا بعلاقات مثلية لكنها تنكر الامر، عدا ماقرت به من انها كانت تتبادل وتتقاسم مع سارتر عشيقات صغيرات السن..
الجدير بالذكر ان كتابها "الجنس الثاني" بيع منه عند صدوره في الخمسينات مليون ومئتا ألف نسخة وترجم إلى 27لغة. حيث نشرت الصحافة الفرنسية وقتها مراسلاتها مع عشيقها الأميركي نيلسون الغرين وذكرت في احدى رسائلها انها تقدم له أقصى خضوع ممكن لامرأة اوروبية.والطريف انها كتبت له " إني مستعدة لأن أكون لك زوجة عربية مطيعة" حتى في الجنس.
ولاقى كتابها " الجنس الثاني " نقدا لاذعا من البير كامي وفرنسوا مورياك الذي قال عن الكتاب " أفادني الكتاب في أمر واحد هو أنني عرفت تفاصيل الجهاز التناسلي لسيمون بوفوار"!
و"رؤوف مسعد" الروائي المصري يبحث في روايته "إيثاكا" النشاط الجنسي لمن أسماهم "ضحايا الباخرة المصرية (كوين بوت) عام 2004". وكانت السلطات الأمنية ألقت القبض آنذاك على ركاب الباخرة العائمة في أوضاع شذوذ، وصدرت ضدهم أحكام قضائية بالسجن بعد محاكمة استمرت عدة أشهر، ثم تم الإفراج عنهم إثر ضجة كبيرة أثارتها جمعيات مثليين في العالم. وفي راي مسعد فان اهتمامه بالكتابة عن "المثليين" ناتج من إيمانه بأن من حق أي فئة في المجتمع أن تحدد هويتها الجنسية المناسبة. وحول رأيه في رواية يعقوبيان يقول ان الأسواني كاتب قمعي وان مترجم يعقوبيان للإنكليزية مزدوج الميول الجنسية "bisexual"..
على ان ارتباط الابداع بالفعالية الجنسية يفسره عالم الاجتماع البلجيكي "سول در فال" بانه ارتباط لامفر منه لانه استلهام للطبيعة، وان اللذة الجنسية هي التي تنتج الادب والشعر مثلما تنجب الاطفال، ليتكاثر البشر،
جولي ليبرينو.. الشعراء استمنائيون
ولعل هذا يقودنا الى ماصرحت به "جولي ليبرينو" للشاعر الوجودي عبد القادر الجنابي حين قالت بصوت عال ان: أغلب الشعراء استمنائيون والرجال ضحايا ذكوريتهم، وليبرينو هذه تكتب الشعر وتمتهن الدعارة دون عقدة. وبحسب الجنابي فإن هناك عشرات من النساء يمارسن كتابة الشعر والدعارة في آن.
وجولي ليبرينو امرأة في الثلاثين، لكن لها نظرة فيها حدة شبقية "تثير أحيانا من ينام معها"، كما قالت للجنابي اثناء لقائه معها في باريس. تقول ليبرينو في قصيدة لها
..
رجلٌ بلا رائحة
مثل رجل بلا قضيب
***
أسبحُ في نهر مسيّج
بسلسلة من القضبان.
***
سآكل دماغَكَ
المتدلّي من بين الفخذين
وبآخر قطرة منه
ستتحمّم بها حَلَمتي
وتستيقظ رغبة دفينة
في رحمي.
وتفسر ليبرينو ذلك الاندماج بين الجنس والابداع.. كنت في السابعة عشرة عندما قرأت "أزهار الشر" لبودلير.. فشعرت برعشة غريبة في جسدي، وتبعها بلل بين فخذي... وبدأت أشعر برغبات متوالية في الاستمناء.... وبعد أيام تعرفت إلى شاب قوي كان يأخذني إلى غرفته ويمارس الجنس معي كثيرا... إلى حد اضطررت معه إلى إعادة قراءة بودلير ليزيدني رغبة في النكاح..وتحدثت ليبرينو عن فرص مجيء وحي الشعر.. أحيانًا تجيء فكرة قصيدة في رأسي وأنا أنظر إلى الزبون وهو يروح ويجيء... اشعر احيانا بعطف عليه فتأتي القصيدة رومنسية بكائية، واحيانا أشعر بأنه مختلف وله ذكر ممتع، فتأتي القصيدة ايروسية مغرية... لكن تمر أحيانا عدة أسابيع ولا اكتب فيها قصيدة واحدة، وهذا يعني اني بعت جسدي لرجال جوف تفّه.
سوفو. التغزل بالتلميذات
ان نظرة سريعة الى تاريخ الابداع توضح انه مرتبط بالجمال والجسد والجنس في الكثير من لحظات الكينونة الجمالية، فالشاعرة الإغريقية سافو ذات الجمال والابداع المتميزين اتهمت بالشذوذ الجنسي والسحاقية، وهي المولودة في جزيرة ميتلين حوالى عام 612 ق.م وألفت تسعة دواوين شعرية واتهمها الناقد ريديموس بأنها كانت سحاقية، فقد كانت تتغزل بتلميذاتها المنتسبات للمعهد.
وحاولت الكاتبة "سوزان كول" ان تجس نبض مجموعة من الكاتبات ممن لهن "فعاليات ليلية "،وذهبت الى دليل جنس المدينة وفنادق الخمس نجوم في بروكسيل وامستردام، وكانت المفاجأة ان اكثر من عشرة من بائعات الهوى رسامات وشاعرات، وقدمن الدليل على ذلك عبر اعمال فنية غاية في التقنية والابداع، وقصائد تنم عن قدرة لغوية وخيال خصب.
احداهن شاعرة تكتب بالفرنسية من اصل مغربي، لم يسنح لها الوقت بنشر ديوانها الذي سيكون بعيدا من الايروتيك والجنس بل سيتركز حول الادمان. تقول "س بن عوالي".. رغبتي في الجنس مثل التوق الى كتابة قصيدة.. تضيف.. كتبت قصائد ايضا من وحي الممارسة الجنسية وفي ذات مرة كتبت نصف قصيدة حينما كان احدهم يستمتع بجسدي، عندها احسست برغبة شديدة في التعبير عن قوة المتعة المتوهجة.
قصيدة أثناء المضاجعة
تضيف "سوزان كيل" وهي شاعرة هولندية، وبائعة هوى.. ذات مرة طلب مني زبون ان اقول قصيدة بينما كان يضاجعني، عندئذ احسست بقيمتي كشاعرة، وانتفضت ومنحته من اللذة اكثر مما يريد لانه أوصلني الى الكمال الابداعي. لذة وقصيدة، هو ماسعيت اليه دائمًا.
لكن ما خلفية هذه المنهجية؟.. انه شيء واحد مؤكد: إن معظم الباحثين لا يقتربون من حقيقة ال tippelaar، الا عبر فكرة التلذذ الابداعي، لكنهم يفشلون في وضع النقاط على الحروف. وهي نقاط تحرف المعنى الحقيقي، فكلمة "عاهرة" تعريف سياسي واجتماعي يبتعد في التصنيفات عن الابداع حتى وان بدت بائعة الهوى شاعرة او رسامة فالتعريف الاجتماعي يسقط ذلك كله.
وتقول "كيل" انها حين كتبت قصائد جنسية كانت اكثر وعيا بحقيقة البغاء، لكنها اليوم تشعر بالقلق لانها ترى نفسها كونها صاحبة بيت دعارة صارت اكثر واقعية ولم تعد تحلق كثيرا في فضاءات الشعر، ومن اسباب ذلك ان زبونًا لها اخبرته انها شاعرة وكان هذا الزبون شاعرًا مرموقًا، فكان ان أجابها.. لايمكن أن يحدث هذا.
ذئب البراري.. الجنس فن
في عام 1995 أوفدت مئات التقارير على الصحف مرسلة من أعضاء "ذئب البراري" في الولايات المتحدة، ممن يؤمنون بان العري والعهر هو ابداع ليس الا، ومن هذه التقارير ماكتبته "ويندي مسيلروي" هكذا تعرف نفسها.. أعمل على كتاب يدافع عن حقوق صناعة الجنس، وتصنيفه في خانة الفن كالشعر والرسم.
و "بريسيلا الكسندر" مديرة سابقة في "ذئب البراري"، فاضافة الى كونها ميالة الى الدفاع عن "العهر"، الا انها ميالة الى التاليف والشعر والكتابة، وشنت حملة قوية داخل منظمة الصحة العالمية، ضد استخدام مصطلح "صناعة الجنس التجاري "، الذي اقترحته المنظمة الدولية. وقالت كلمة "صناعة" تلغي صفة الابداع عن فنون الجنس، وبالتالي فالكلام يجب ألا يكون عن مصرف تجاري او دكان جنس بل عن ابداع جنسي مماثل لفنون الانسان الاخرى. تضيف... نعم هؤلاء الناس يتقاضون أجرًا لقاء عملهم. لكن ماذا عن الاخرين ممن يرون في المتعة تحليقًا بالفكرة الى السمو، انهم بحق مبدعون حقيقيون، لكننا نجهل مصيرهم الان..
ثمة قصيدة لها تاريخ خاص، جديرة بالذكر على هامش المؤتمر الدولي للبغاء في عام 1997، فـ "نورما جان" منسقة المؤتمر عاهرة وصاحبة ميول ادبية. كتبت قصيدة تعبر فيها عن المعاناة النفسية للمرأة التي تصنف بانها "عاهرة "...
"العاهرة" كلمة
وأنا امرأة...
وإذا ماخرجت على المعنى،
لكم الكلمة باني عاهرة
وإذا كان لدي الوقت المناسب،
تستغلون وقتي وتضاجعوني لاني عاهرة
واذا تكلمت في رأيي
تستمعون لي كعاهرة.
انا أقف لوحدي
على رغم انكم حولي..
"أنت مجرد عاهرة!" تكرار كتعويذة،
وتبريد لرصاصة في بخار الماء.
"أنت مجرد عاهرة "
تبصقون مثل السم
لاظهار.. كم انا فظيعة.
لكني فظيعة وشاعرة ومستقلة...
الجدير بالذكر ان جمعية " ذئب البراري "حاولت تقديم تعريف عصري للبغاء بعيدًا من فكرة "تقديم خدمات جنسية مقابل المال أو غيرها من فوائد ملموسة".
لالفجر.. العاهرة الكاتبة
و "لالفجر" عاهرة سابقة وكاتبة، شاركت في عام 1995 في المؤتمر الدولي الرابع للمرأة في الأمم المتحدة بوصفها ممثلة " للبغايا ". وفي تقريرها، قالت انها تعلمت الكثير من المؤتمر.
تقول.. "أولاً وقبل كل شيء، أدركت كيف علينا ان نفصل بين المومسات، وفنون الجنس، والمبدعات في هذا المجال..
وتضيف.. في العالم الثالث وفي الشرق، المراة تعبر عن رغبتها الجنسية بالكتابة فحسب، وحتى الكتابة الجنسية في دول الشرق الاوسط محرمة على المراة، فالمراة التي تكتب قصيدة جنسية هناك لتصف متعتها الجنسية تقتل حالاً.
وتقارن "لالفجر" بين تعريف مرتبك لـ "العاهرة" ورد في كراسة وزعت سرًا وتقارنها بقصيدة "ألمودوفار":
لماذا أصبحت عاهرة...
هل لأن هذا عمل؟
حرفة
أم قصيدة؟
هل هو لمساعدة الجائعين جنسيا من الرجال
أم للطيران في فضاء اللذة
هل أنت متعب من الوظائف المنخفضة الأجر؟
...
الكتابة ايضا
عمل منخفض الاجر
لا حاجة لدبلوم المدارس الثانوية
لا شرط للحد الأدنى للسن
فرص خاصة للنساء الفقيرات
للكاتبات المتمردات
للامهات غير المتزوجات
اختراق،
بالأصابع، والقبضات..
كالرسم وكالشعر
بالاقلام والفرشاة
زجاجات، فرش، البنادق أو حيوانات، تقييد وتكميم للافواه، مع ربط الحبال و / أو سلاسل، حرق بالسجائر على الاجساد والنفاضات والاجساد والاعضاء الحسية...
وعملت " دوف نيل " منذ 1873 في بروكسل واصدرت من الكتب نياجرا (1919). وقالت إنها تمكنت من الفرار من بيئة البغاء بعد زواجها من أحد الناشرين حيث اصدرت في وقت لاحق، المجاعة. وفي عام 1975 نشرت عدة ترجمات. وفازت سيندي Hoetmer بنص مكتوب لاسوأ مشهد جنس. وهو جزء من روايتها "الركلة الثانية لي". تقول.. انا لم افعل شيئًا فقط وصفت عضوي التناسلي.
.
kirchner ludwig ernst - weiblicher akt im tub
واخر زوبعة في هذا المجال ما رصدته (سلوى النعيمي) في كتاباتها وروايتها الاخيرة " برهان العسل "على وجه الخصوص عن عقدة الشرق الجنسية، وكيف رسخت البيئة الاجتماعية الخجل " الجنسي " على رغم محاولات الخروج من هذا الخجل، المتمثل في محاولات ليست كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر "رجوع الشيخ إلى صباه" لمؤلفه (النفزاوي) او "نزهة الألباب" للـ"تيفاشي".
كاتبة لكنها مومس فاسقة
وعودة الى تلك العلاقة الايجابية (كما تصنفها أفرا بهن) بين الجنس والابداع الفني فإن دعوات غربية تنطلق اليوم، لتفسير فكري وفلسفي لدواعي الخوض في الاباحية، وعدم تصنيفها كرديف للجنس والدعارة بل هي ابداعات انسانية شأنها شان الفعاليات الانسانية الاخرى.
و"أفرا بهن " سيدة إنكليزية احترفت الكتابة كمهنة تعتاش منها بعد انهيار زواجها وكانت باكورة أعمالها مسرحيتها "الزواج القسري". وافاضت في الكتابة الجنسية حتى وصفت بـ "المومس الفاسقة"، واتهمها النقاد بانها " داعرة " حقيقية. لكن "فرجينيا وولف" تنظر الى "أفرا" بعين اخرى وترى ان على نساء الأرض شكرها لانها انتزعت لهن الحق في الكتابة، ولم يأت كلام فرجينيا عبثا، فقد تعرضت هي الاخرى الى ظلم المجتمع الذكوري،وهي المولودة عام 1882 في عائلة أرستقراطية وتلقَّت هي وشقيقتها فينيسا تعليمها في المنزل، واعتمدت على مكتبة أبيهما الضخمة لتحصيل الثقافة، ونشرت مجموعة مقالات بعنوان «غرفة تخصُّ المرء وحده» عام 1929 تحكي فيها كيف كانت تُحذّر من الخروج وتُمنع من دخول مكتبة الجامعة لأنها امرأة، كما اعترفت بتعرضها للاستغلال الجنسي من قبل أخوين، وفي عام 1941 ملأت جيوبها بأحجار ضخمة وألقت بنفسها منتحرة في النهر. وعلى الرغم من أن "آخماتوفا" عاصرت الشيوعية في روسيا، وكانت لها حصة كبيرة من الاستبداد الستاليني، إذ أُعـدم زوجها الشاعر نيكولاي غوميلوف عام1921 ومنعت من النشر عشرون عـامًا، الا انها تعرضت للتشهير حين وصفها أحد النقاد بـ"العاهرة "، متهمين اياها بعلاقات " جنسية " سرية، وبوهيمية لاتسمح بها المبادئ الشيوعية.
بوفوار.. زوجة مطيعة على الفراش
وغالبًا ما إهتم الفرنسيون بالحياة الشخصية للكاتبة الفرنسية الوجودية سيمون دو بوفوار،وكتبوا و" أولوا " علاقاتها الحميمة مع الفيلسوف الفرنسي الوجودي جان بول سارتر، وحبها لجمال الجسد وكمال الطبيعة. وتناول أكثر من بحث وكتاب، تلك العلاقة " السرية " في حياة ثنائي الوجودية الفرنسية، حيث أقاما حلفا، أو ماسمي ب "الحب القدري" يرسخ شرعية الحب الطارئ، أو العلاقات العابرة. وبوفوار متهمة ايضا بعلاقات مثلية لكنها تنكر الامر، عدا ماقرت به من انها كانت تتبادل وتتقاسم مع سارتر عشيقات صغيرات السن..
الجدير بالذكر ان كتابها "الجنس الثاني" بيع منه عند صدوره في الخمسينات مليون ومئتا ألف نسخة وترجم إلى 27لغة. حيث نشرت الصحافة الفرنسية وقتها مراسلاتها مع عشيقها الأميركي نيلسون الغرين وذكرت في احدى رسائلها انها تقدم له أقصى خضوع ممكن لامرأة اوروبية.والطريف انها كتبت له " إني مستعدة لأن أكون لك زوجة عربية مطيعة" حتى في الجنس.
ولاقى كتابها " الجنس الثاني " نقدا لاذعا من البير كامي وفرنسوا مورياك الذي قال عن الكتاب " أفادني الكتاب في أمر واحد هو أنني عرفت تفاصيل الجهاز التناسلي لسيمون بوفوار"!
و"رؤوف مسعد" الروائي المصري يبحث في روايته "إيثاكا" النشاط الجنسي لمن أسماهم "ضحايا الباخرة المصرية (كوين بوت) عام 2004". وكانت السلطات الأمنية ألقت القبض آنذاك على ركاب الباخرة العائمة في أوضاع شذوذ، وصدرت ضدهم أحكام قضائية بالسجن بعد محاكمة استمرت عدة أشهر، ثم تم الإفراج عنهم إثر ضجة كبيرة أثارتها جمعيات مثليين في العالم. وفي راي مسعد فان اهتمامه بالكتابة عن "المثليين" ناتج من إيمانه بأن من حق أي فئة في المجتمع أن تحدد هويتها الجنسية المناسبة. وحول رأيه في رواية يعقوبيان يقول ان الأسواني كاتب قمعي وان مترجم يعقوبيان للإنكليزية مزدوج الميول الجنسية "bisexual"..
على ان ارتباط الابداع بالفعالية الجنسية يفسره عالم الاجتماع البلجيكي "سول در فال" بانه ارتباط لامفر منه لانه استلهام للطبيعة، وان اللذة الجنسية هي التي تنتج الادب والشعر مثلما تنجب الاطفال، ليتكاثر البشر،
جولي ليبرينو.. الشعراء استمنائيون
ولعل هذا يقودنا الى ماصرحت به "جولي ليبرينو" للشاعر الوجودي عبد القادر الجنابي حين قالت بصوت عال ان: أغلب الشعراء استمنائيون والرجال ضحايا ذكوريتهم، وليبرينو هذه تكتب الشعر وتمتهن الدعارة دون عقدة. وبحسب الجنابي فإن هناك عشرات من النساء يمارسن كتابة الشعر والدعارة في آن.
وجولي ليبرينو امرأة في الثلاثين، لكن لها نظرة فيها حدة شبقية "تثير أحيانا من ينام معها"، كما قالت للجنابي اثناء لقائه معها في باريس. تقول ليبرينو في قصيدة لها
..
رجلٌ بلا رائحة
مثل رجل بلا قضيب
***
أسبحُ في نهر مسيّج
بسلسلة من القضبان.
***
سآكل دماغَكَ
المتدلّي من بين الفخذين
وبآخر قطرة منه
ستتحمّم بها حَلَمتي
وتستيقظ رغبة دفينة
في رحمي.
وتفسر ليبرينو ذلك الاندماج بين الجنس والابداع.. كنت في السابعة عشرة عندما قرأت "أزهار الشر" لبودلير.. فشعرت برعشة غريبة في جسدي، وتبعها بلل بين فخذي... وبدأت أشعر برغبات متوالية في الاستمناء.... وبعد أيام تعرفت إلى شاب قوي كان يأخذني إلى غرفته ويمارس الجنس معي كثيرا... إلى حد اضطررت معه إلى إعادة قراءة بودلير ليزيدني رغبة في النكاح..وتحدثت ليبرينو عن فرص مجيء وحي الشعر.. أحيانًا تجيء فكرة قصيدة في رأسي وأنا أنظر إلى الزبون وهو يروح ويجيء... اشعر احيانا بعطف عليه فتأتي القصيدة رومنسية بكائية، واحيانا أشعر بأنه مختلف وله ذكر ممتع، فتأتي القصيدة ايروسية مغرية... لكن تمر أحيانا عدة أسابيع ولا اكتب فيها قصيدة واحدة، وهذا يعني اني بعت جسدي لرجال جوف تفّه.
سوفو. التغزل بالتلميذات
ان نظرة سريعة الى تاريخ الابداع توضح انه مرتبط بالجمال والجسد والجنس في الكثير من لحظات الكينونة الجمالية، فالشاعرة الإغريقية سافو ذات الجمال والابداع المتميزين اتهمت بالشذوذ الجنسي والسحاقية، وهي المولودة في جزيرة ميتلين حوالى عام 612 ق.م وألفت تسعة دواوين شعرية واتهمها الناقد ريديموس بأنها كانت سحاقية، فقد كانت تتغزل بتلميذاتها المنتسبات للمعهد.
وحاولت الكاتبة "سوزان كول" ان تجس نبض مجموعة من الكاتبات ممن لهن "فعاليات ليلية "،وذهبت الى دليل جنس المدينة وفنادق الخمس نجوم في بروكسيل وامستردام، وكانت المفاجأة ان اكثر من عشرة من بائعات الهوى رسامات وشاعرات، وقدمن الدليل على ذلك عبر اعمال فنية غاية في التقنية والابداع، وقصائد تنم عن قدرة لغوية وخيال خصب.
احداهن شاعرة تكتب بالفرنسية من اصل مغربي، لم يسنح لها الوقت بنشر ديوانها الذي سيكون بعيدا من الايروتيك والجنس بل سيتركز حول الادمان. تقول "س بن عوالي".. رغبتي في الجنس مثل التوق الى كتابة قصيدة.. تضيف.. كتبت قصائد ايضا من وحي الممارسة الجنسية وفي ذات مرة كتبت نصف قصيدة حينما كان احدهم يستمتع بجسدي، عندها احسست برغبة شديدة في التعبير عن قوة المتعة المتوهجة.
قصيدة أثناء المضاجعة
تضيف "سوزان كيل" وهي شاعرة هولندية، وبائعة هوى.. ذات مرة طلب مني زبون ان اقول قصيدة بينما كان يضاجعني، عندئذ احسست بقيمتي كشاعرة، وانتفضت ومنحته من اللذة اكثر مما يريد لانه أوصلني الى الكمال الابداعي. لذة وقصيدة، هو ماسعيت اليه دائمًا.
لكن ما خلفية هذه المنهجية؟.. انه شيء واحد مؤكد: إن معظم الباحثين لا يقتربون من حقيقة ال tippelaar، الا عبر فكرة التلذذ الابداعي، لكنهم يفشلون في وضع النقاط على الحروف. وهي نقاط تحرف المعنى الحقيقي، فكلمة "عاهرة" تعريف سياسي واجتماعي يبتعد في التصنيفات عن الابداع حتى وان بدت بائعة الهوى شاعرة او رسامة فالتعريف الاجتماعي يسقط ذلك كله.
وتقول "كيل" انها حين كتبت قصائد جنسية كانت اكثر وعيا بحقيقة البغاء، لكنها اليوم تشعر بالقلق لانها ترى نفسها كونها صاحبة بيت دعارة صارت اكثر واقعية ولم تعد تحلق كثيرا في فضاءات الشعر، ومن اسباب ذلك ان زبونًا لها اخبرته انها شاعرة وكان هذا الزبون شاعرًا مرموقًا، فكان ان أجابها.. لايمكن أن يحدث هذا.
ذئب البراري.. الجنس فن
في عام 1995 أوفدت مئات التقارير على الصحف مرسلة من أعضاء "ذئب البراري" في الولايات المتحدة، ممن يؤمنون بان العري والعهر هو ابداع ليس الا، ومن هذه التقارير ماكتبته "ويندي مسيلروي" هكذا تعرف نفسها.. أعمل على كتاب يدافع عن حقوق صناعة الجنس، وتصنيفه في خانة الفن كالشعر والرسم.
و "بريسيلا الكسندر" مديرة سابقة في "ذئب البراري"، فاضافة الى كونها ميالة الى الدفاع عن "العهر"، الا انها ميالة الى التاليف والشعر والكتابة، وشنت حملة قوية داخل منظمة الصحة العالمية، ضد استخدام مصطلح "صناعة الجنس التجاري "، الذي اقترحته المنظمة الدولية. وقالت كلمة "صناعة" تلغي صفة الابداع عن فنون الجنس، وبالتالي فالكلام يجب ألا يكون عن مصرف تجاري او دكان جنس بل عن ابداع جنسي مماثل لفنون الانسان الاخرى. تضيف... نعم هؤلاء الناس يتقاضون أجرًا لقاء عملهم. لكن ماذا عن الاخرين ممن يرون في المتعة تحليقًا بالفكرة الى السمو، انهم بحق مبدعون حقيقيون، لكننا نجهل مصيرهم الان..
ثمة قصيدة لها تاريخ خاص، جديرة بالذكر على هامش المؤتمر الدولي للبغاء في عام 1997، فـ "نورما جان" منسقة المؤتمر عاهرة وصاحبة ميول ادبية. كتبت قصيدة تعبر فيها عن المعاناة النفسية للمرأة التي تصنف بانها "عاهرة "...
"العاهرة" كلمة
وأنا امرأة...
وإذا ماخرجت على المعنى،
لكم الكلمة باني عاهرة
وإذا كان لدي الوقت المناسب،
تستغلون وقتي وتضاجعوني لاني عاهرة
واذا تكلمت في رأيي
تستمعون لي كعاهرة.
انا أقف لوحدي
على رغم انكم حولي..
"أنت مجرد عاهرة!" تكرار كتعويذة،
وتبريد لرصاصة في بخار الماء.
"أنت مجرد عاهرة "
تبصقون مثل السم
لاظهار.. كم انا فظيعة.
لكني فظيعة وشاعرة ومستقلة...
الجدير بالذكر ان جمعية " ذئب البراري "حاولت تقديم تعريف عصري للبغاء بعيدًا من فكرة "تقديم خدمات جنسية مقابل المال أو غيرها من فوائد ملموسة".
لالفجر.. العاهرة الكاتبة
و "لالفجر" عاهرة سابقة وكاتبة، شاركت في عام 1995 في المؤتمر الدولي الرابع للمرأة في الأمم المتحدة بوصفها ممثلة " للبغايا ". وفي تقريرها، قالت انها تعلمت الكثير من المؤتمر.
تقول.. "أولاً وقبل كل شيء، أدركت كيف علينا ان نفصل بين المومسات، وفنون الجنس، والمبدعات في هذا المجال..
وتضيف.. في العالم الثالث وفي الشرق، المراة تعبر عن رغبتها الجنسية بالكتابة فحسب، وحتى الكتابة الجنسية في دول الشرق الاوسط محرمة على المراة، فالمراة التي تكتب قصيدة جنسية هناك لتصف متعتها الجنسية تقتل حالاً.
وتقارن "لالفجر" بين تعريف مرتبك لـ "العاهرة" ورد في كراسة وزعت سرًا وتقارنها بقصيدة "ألمودوفار":
لماذا أصبحت عاهرة...
هل لأن هذا عمل؟
حرفة
أم قصيدة؟
هل هو لمساعدة الجائعين جنسيا من الرجال
أم للطيران في فضاء اللذة
هل أنت متعب من الوظائف المنخفضة الأجر؟
...
الكتابة ايضا
عمل منخفض الاجر
لا حاجة لدبلوم المدارس الثانوية
لا شرط للحد الأدنى للسن
فرص خاصة للنساء الفقيرات
للكاتبات المتمردات
للامهات غير المتزوجات
اختراق،
بالأصابع، والقبضات..
كالرسم وكالشعر
بالاقلام والفرشاة
زجاجات، فرش، البنادق أو حيوانات، تقييد وتكميم للافواه، مع ربط الحبال و / أو سلاسل، حرق بالسجائر على الاجساد والنفاضات والاجساد والاعضاء الحسية...
وعملت " دوف نيل " منذ 1873 في بروكسل واصدرت من الكتب نياجرا (1919). وقالت إنها تمكنت من الفرار من بيئة البغاء بعد زواجها من أحد الناشرين حيث اصدرت في وقت لاحق، المجاعة. وفي عام 1975 نشرت عدة ترجمات. وفازت سيندي Hoetmer بنص مكتوب لاسوأ مشهد جنس. وهو جزء من روايتها "الركلة الثانية لي". تقول.. انا لم افعل شيئًا فقط وصفت عضوي التناسلي.
.
صورة مفقودة
kirchner ludwig ernst - weiblicher akt im tub