أحمد شوقي - مجنون ليلى

المهدي: (مناديا): ليلى، انتظر قيس، ليلى
ليلى: (من أقصى الخباء) : ما وراء أبي؟
المهدي: هذا ابن عمك ما في بيتهم نار

(تظهر ليلى على باب الخباء):

ليلى:

قيس ابن عمي عندنا = يا مرحبا يا مرحبا


قيس:

مُتِّعت ليلى بالحيا = ة وبَلَغتِ الأربا


ليلى: (تنادي جاريتها بينما يختفي أبوها في الخباء):
عفراء
عفراء: (ملبية نداء مولاتها): مولاتي
ليلى:

تعالي = نقضِ حقا وجبا
خذي وعاءً واملئيـ = ـه لابن عمي حطبا


(تخرج عفراء وتتبعها ليلى)

قيس:

بالروح ليلى قضت لي حاجةً عرضت = ما ضرها لو قضت للقلب حاجات
مضت لأبياتها ترتاد لي قبسا = والنار يا روحَ قيسٍ ملءُ أبياتي
كم جئت ليلى بأسباب ملفقة = ما كان أكثر أسبابي وعلاتي


(تدخل ليلى)
ليلى: قيس
قيس:

ليلى بجانبي = كلُّ شي إذن حضر


ليلى:

جمعتنا فأحسنت ساعةٌ تَفْضُلُ العُمُر


قيس: أتجدِّين؟
ليلى:

ما فؤادي = حديدٌ ولا حجرْ
لك قلبٌ فسله يا = قيس ينْبِئْكَ بالخبر
قد تحملت في الهوى = فوق ما يحمل البشر


قيس:

لستُ ليلاي داريا = كيف أشكو وأنفجِر ؟
أشرح الشوقَ كله = أم من الشوق أختصر؟


ليلى:

نبِّّني قيس ما الذي /// لك في البيد ومن وطر ؟
لك فيها قصائدٌ = جاوزَتْها إلى الحضر
كلُّ ظبي لقيته = صغت في جيده الدرر
أتُرى قد سلوتنا = وعشقت المها الأُخر ؟


قيس:

غرتِ ليلى من المها = والمها منك لم تَغَر
حبَّب البيد أنها = بك مصبوغةُ الصور
لستِ كالغِيدِ لا ولا = قمر البيد كالقمر


ليلى: (وقد رأت النار تكاد تصل إلى كم قيس):
ويح عيني ما أرى
قيس؟
قيس: ليلى
ليلى: (مشفقة): خذ الحذر !
قيس: (غير آبه إلا لما كان من نجوى):


رُبَّ فجر سألته = هل تنفستِ في السحر
ورياحٍ حسبتها = جرَّرَت ذيلكِ العَطِر
وغزالٍ جفُونُه = سرقت عينَكِ الحَوَر


ليلى:

اطرح النارَ يا فتى = أنت غادٍ على خطر
لهبُ النار قيسُ في = كمِّك الأيمنِ انتشر


قيس: (مستمرا بعد أن رمى النار من يده):


وذاب أرقُّ يا = ليلَ من أهلكِ الغُيُر
أنِستْ بي ومرَّغت = في يدي النابَ والظُفر


ليلى:

ويحَ قيسٍ تحرقت = راحتاه وما شَعَر


قيس:

أنت أججتِ في الحشى = لاعجَ الشوقِ فاستَعَر
ثم تخشينَ جمرةً = تأكل الجلد والشَعَر


(يترنح قيس في موقفه وتظهر عليه بوادر الأغماء):

ليلى:

فداك أبي قيس، ماذا دهاك؟ = تكلم ، أَبِنْ قيسُ ، ماذا تجد ؟


قيس:

أُحسُّ بعينيّ قد غامتا = وساقيّ لا تحملان الجسدْ


(يخرّ صريعا إلى الأرض فتتلقاه على صدرها صارخة):

ليلى:

يا لأبي للجارِ، قيسٌ ضريعُ النارِ، مُلقى بصحنِ الدارِ

(يخرج أبوها من الخباء على صوت استغاثتها):

أبي ها أنت ذا جئت = أغِثنا أبتِ أدركْ
لقد حُرِّق بالنار = فما يصحو إذا حُرِّكْ
 
أعلى