نقوس المهدي
كاتب
نحنُ من جنس الكائناتِ التي تموتُ
بهدوءٍ نتّكئُ, بهدوءٍ نقطفُ زهرةً نمضغها في لحظة عبورنا إلى العظمِ اليابس
بهدوءٍ ننتف الريشَ عن جناحِ طيرٍ لننتقمَ من كلّ شيءٍ
بهدوءٍ نبتلعُ أطنان الكلام الذي قلناه حرفاً بعد حرف… لهذا, يعطشُ الموتى/
الماءُ المنحني يُسكتني,
الماء المستقيمُ غرقى متّجهون إلى نهايتي حيثُ أبالغُ في الموت.
أنا سمكٌ في حوض الأنثى حيثُ يسبح الأطفال والنعمانُ جنباً إلى جنبٍ في أخويّةِ الدم, لذلك ولدتُ بعينين سوداوين وقبيلةٍ من الزهر الطفيليّ في طيّات ذاكرتي.
انظر مائي مباحاً للكؤوسِ
انظر دمي مقطوفاً ومرميّاً
انظر إلي !
رميتُ في الريح, مُزِقتُ سبعَ قطعٍ, غُربِلتُ عن نعاسي, طُويتُ في قماشٍ كالحريرِ وخُبّئتُ. كبرتُ, ولم يزل قمحي متشابهاً في الحقول الشاهدةِ يحترقُ ثمّ ينمو, رُسِمتُ في الدخانِ وشهقتُ. قايضتُ هوائي بخيالاتِ مآتةٍ تسهرُ على ليلي. نُقِرتُ, بأيديهم, بألسنتهم, بالعصافيرِ ومازلتُ, مشوّهةً بالجوعِ والأفاعي المتسلّلة من بين السنابلِ وبغدرِ الحرائق…
عبثاً, شرحتُ لكَ تفاصيلَ النار.
عبثاً, أشعلتُ عود ثقابٍ وحاولتُ أن أقلّدَ حريقاً في القلب.
عبثاً, اقتلعتُ شقائق النعمانِ من أجفاني كي لا تفزعك العينانِ الطافحتانِ بزيزان الحصاد.
أعرفُ
في نومكَ كانت المصقولةُ كالرخامِ تقفُ في النوافير وينسكب الماء من بين ساقيها
في نومي كان الغبار وخمسون شهراً من الفيضان بلا هدف
لم أعرفْ
كيف أترجم لك طفوَ الزوارق على بياضي. قلّدتُ لك البحيرة والبحر, قلّدتُ تمزّقَ الشراعِ ووجهة العاصفة لكن أشفقتُ عليكَ أن تعرف أنّني مالحةٌ فأقنعتكَ أنّني سأسبح فقط. آلمتني أصابعك تحكّ جسدي لتقشّر أوشامي, مُحيتُ. لماذا كذبتُ وقلتُ إنّني صغرتُ مرّتين عن جلدي؟!
غجريّةٌ باعتني اسمي علّمتني كيف أخلطُ الحزن بالرمادِ بقطرةٍ من دم الذكر لأصنعَ حبراً شخصيّاً له رائحةٌ كرائحتي, وعلَّمَتني, حين أقتله كيف أغرز الإبرةَ في قلبي دون أن أموتَ و كيف أرسم فوق اسمه أنثى من النعمان…
وشماً فوق وشمٍ, جلدي تاريخي…
للغجر حكمة الحبِّ, الحبِّ الذي ينتمي لجنس كائناتٍ تموت بهدوء. أمّا اسمكَ فبقي محفوراً بالنارِ على الجلد, على اللحم, على العظم. وبقيت رائحتكَ أنت.
لماذا لم أقايض حكمة الغجر بسنةٍ من عمري؟!
لكنتُ فهمتُ أنّنا نعيش في هذا العالم الذي يتشقّق القلب فيه كالأصابع, ولا يوجد فيه عشّاقٌ تاريخيّون ولا عاشقاتٌ بطلات, وكنا سنخلصُ لحصاد الحرير من أجسادنا وكنتُ سأسمّيك نهراً وتسمّيني غزالاً…
لشقائق النعمان, للقلب, للملح الغريق, لي, ولك….
.
بهدوءٍ نتّكئُ, بهدوءٍ نقطفُ زهرةً نمضغها في لحظة عبورنا إلى العظمِ اليابس
بهدوءٍ ننتف الريشَ عن جناحِ طيرٍ لننتقمَ من كلّ شيءٍ
بهدوءٍ نبتلعُ أطنان الكلام الذي قلناه حرفاً بعد حرف… لهذا, يعطشُ الموتى/
الماءُ المنحني يُسكتني,
الماء المستقيمُ غرقى متّجهون إلى نهايتي حيثُ أبالغُ في الموت.
أنا سمكٌ في حوض الأنثى حيثُ يسبح الأطفال والنعمانُ جنباً إلى جنبٍ في أخويّةِ الدم, لذلك ولدتُ بعينين سوداوين وقبيلةٍ من الزهر الطفيليّ في طيّات ذاكرتي.
انظر مائي مباحاً للكؤوسِ
انظر دمي مقطوفاً ومرميّاً
انظر إلي !
رميتُ في الريح, مُزِقتُ سبعَ قطعٍ, غُربِلتُ عن نعاسي, طُويتُ في قماشٍ كالحريرِ وخُبّئتُ. كبرتُ, ولم يزل قمحي متشابهاً في الحقول الشاهدةِ يحترقُ ثمّ ينمو, رُسِمتُ في الدخانِ وشهقتُ. قايضتُ هوائي بخيالاتِ مآتةٍ تسهرُ على ليلي. نُقِرتُ, بأيديهم, بألسنتهم, بالعصافيرِ ومازلتُ, مشوّهةً بالجوعِ والأفاعي المتسلّلة من بين السنابلِ وبغدرِ الحرائق…
عبثاً, شرحتُ لكَ تفاصيلَ النار.
عبثاً, أشعلتُ عود ثقابٍ وحاولتُ أن أقلّدَ حريقاً في القلب.
عبثاً, اقتلعتُ شقائق النعمانِ من أجفاني كي لا تفزعك العينانِ الطافحتانِ بزيزان الحصاد.
أعرفُ
في نومكَ كانت المصقولةُ كالرخامِ تقفُ في النوافير وينسكب الماء من بين ساقيها
في نومي كان الغبار وخمسون شهراً من الفيضان بلا هدف
لم أعرفْ
كيف أترجم لك طفوَ الزوارق على بياضي. قلّدتُ لك البحيرة والبحر, قلّدتُ تمزّقَ الشراعِ ووجهة العاصفة لكن أشفقتُ عليكَ أن تعرف أنّني مالحةٌ فأقنعتكَ أنّني سأسبح فقط. آلمتني أصابعك تحكّ جسدي لتقشّر أوشامي, مُحيتُ. لماذا كذبتُ وقلتُ إنّني صغرتُ مرّتين عن جلدي؟!
غجريّةٌ باعتني اسمي علّمتني كيف أخلطُ الحزن بالرمادِ بقطرةٍ من دم الذكر لأصنعَ حبراً شخصيّاً له رائحةٌ كرائحتي, وعلَّمَتني, حين أقتله كيف أغرز الإبرةَ في قلبي دون أن أموتَ و كيف أرسم فوق اسمه أنثى من النعمان…
وشماً فوق وشمٍ, جلدي تاريخي…
للغجر حكمة الحبِّ, الحبِّ الذي ينتمي لجنس كائناتٍ تموت بهدوء. أمّا اسمكَ فبقي محفوراً بالنارِ على الجلد, على اللحم, على العظم. وبقيت رائحتكَ أنت.
لماذا لم أقايض حكمة الغجر بسنةٍ من عمري؟!
لكنتُ فهمتُ أنّنا نعيش في هذا العالم الذي يتشقّق القلب فيه كالأصابع, ولا يوجد فيه عشّاقٌ تاريخيّون ولا عاشقاتٌ بطلات, وكنا سنخلصُ لحصاد الحرير من أجسادنا وكنتُ سأسمّيك نهراً وتسمّيني غزالاً…
لشقائق النعمان, للقلب, للملح الغريق, لي, ولك….
.