نقوس المهدي
كاتب
ـ 1 ـ
شاءها الله شهيَّة!
شاءها الله.. فكانت.. كبلادي العربية!
شَعرُها.. ليلةُ صيفٍ بين كثبان تهامة
مقلتاها.. من مهاة يمنيَّة
فمها.. من رُطَب الواحة في البيد العصية
عنقها.. زوبعةٌ بين رمالي الذهبية
صدرها نجد السلامة
يحمل البشرى إلى نوحٍ
فعودي يا حمامة!
ولدى خاصرتيها، بعض شطآني القصية
شاءها الله فكانت كبلادي العربية!
نكهة الغوطة والموصل فيها.
ومن الأوراس.. عنف ووسامة
وأبوها شاءها أحلى صَبيَّة
شاءها اسماً وشكلا
فدعاها الوالد المُعجب: ليلى
وإليكم أيها الإخوان.. ليلى العدَنِيَّة!
ـ 2 ـ
كبرت ليلى على سحر الليالي البدوية
كبرت ليلى.. وصارت
تشتهيها العين، حسناً وسجية
أصبحت قِبلة غلمان القبيلة
رغم أن المَهر غالٍ.. والمحاصيل قليلة!
كبرت ليلى..
وفي يوم من الأيام، ناداها أبوها:
ـ لبن الناقة في القصعة، والتمر كثير
وأنا ماضٍ، إلى الشطآن، ماضٍ يا عَجيَّة
ثم شدَّ البندقية
ومضى يدفع عن ليلى الذئاب الأجنبية
وراح مرزوق وخلَّى في يد الرحمن بيته
راح.. فالشطآن غُصَّت بذئابٍ وعقارب
من مغيرين أجانب
أقبلوا من جزر الإسمنت والقرميد، من بحر الشمال،
من بلاد، اسمها.. بريطانيا العظمى ـ يقال!
ويقال
إنها ملأى ضباباً ودواليباً وغابات مداخن
أقبَلوا، باسم إلهٍ خائبٍ، في السنِّ طاعن
حلمهم أن يحملوا ليلى سبيَّة!
طار مرزوق على سرجِ مِكَرٍ
من جيادي العربية
في يديه البندقية
وعلى عينيه من عنف الصحارى
ألَقٌ صلب، وقيظ، وضواري
تهدر الريح على جنبيه غضبى، مستفزَّة
وتُدوي شفتاه
بالأهازيج.. فقومي يا حياه
هَللِّي للفارس القادم.. إيماناً وعزة!
طار مرزوق على ظهر مِكَرٍ
من جيادي العربية
في يديه البندقية
ومضى يوم.. ويومان.. وما عاد المحارب
كانت الشطآن ملأى بذئابٍ وعقارب!
ـ 3 ـ
أنخيل؟
أم فَراشي مُلهَمٍ يُبدع لوحاتِ الأصيل؟
وصبَا البيد الرخيَّة
أم نواحات عجيّة
لم يعد والدها، والشط غِيلانُ منيَّة؟
رائعاً كان النخيل!
كل نخلة
لبيوت الشَّعر مرساة، وللقوم مظلة
رائعاً كان النخيل
كَفراشي مُلهمٍ يُبدع لوحات الأصيل
حين دوّت في فناء الحيِّ ضوضاء سنابك
.. وصهيل
فاهرعي ليلى، إلى فتحة بابك
ـ يا إلهي! ويل يُتمي!
ـ فزِّعي الربع
وشقّي دونهم، شقي الثياب
جلَّ يا أخت المصاب
فزِّعي الربع فقد عاد الجواد
عاد.. ولكن.. وحده يا أخت عاد!!
ـ 4 ـ
رائعاً كان النخيل!
بائساً صار النخيل..
بعد أن أهوى على الشاطئ، مرزوق القتيل
برصاصات الدخيل..
خرَّ مرزوق، وعيناه، وعين البندقية
في الوحوش الأجنبية
خرَّ مرزوق الذي نادته للحرب بلاده
ومضى من حوله يصهل محزوناً جواده!
وانقضى يوم، ويومان، ومرزوق ممدَّد
تندب الشمس عليه، والسواقي تتنهد..
ـ فارس البيد مجندل
فلمن يا ابن الجياد الصيِّد تصهل؟
عد إلى المضرب، فالقيظ شديد
عُد، وإلا مت ظمآناً كمرزوق الشهيد!
واستدار العنقُ الأصيدَ، يا ليلى فقومي..
فزِّعي القوم،
وشقّي دونهم، شقّي الثياب
جلّ يا أخت المصاب!
ـ 5 ـ
منذ أن عاد بلا فارِسِهِ ذاك الجواد،
كُحلُ ليلى صار.. باروداً ورملاً وغبار
وغدا الميلُ رصاصة
وبكت ليلى.. بكت ليلى طويلاً..
دمع ليلى لم يكن ماءً وملحاً وانكسار
كان جمراً، ونداءاتٍ لثار!
ومضت ليلى إلى الحيّ.. وصاحت:
يا لثأر الفارس المذبوحِ بالأيدي الغريبة
يا لثارات العروبة
يا.. لثارات.. العروبة
وعلى ظهر الجواد،
زغردت ليلى،
فلبَّى المرد والشيب وهبوا للجهاد!!
ـ 6 ـ
ذات يومٍ.. كانت الصحراء قيظاً وخيالا
وسراباً، ونخيلا وجِمالا
كانت الصحراء، رملاً وحداةً وهوادج
همها أن تلتهم الشِّعر مغنِّين كسالى...
كانت الصحراء.. كانت.. ذات يوم
زغردت ليلى، فدوى اللغم في أعقاب لغم
صارت الصحراء مقتاة رؤوس.. ذات يوم
الضغائن
ترقب الأعداء، في صمت الكمائن!
ومضت ليلى..
ـ أبي!!
واهتزت البيد الوفيَّه!
جثة، تدفنها الريح، برملٍ وغبار
في جالٍ ورويَّة
والجراح السود تستصرخ: أقدِمْ!
أيها الآتي ورائي.. خذ بثاري!
خذ بثاري.. خذ.. بثري؟!
وانحنت ليلى الشقيّة
قبَّلت جبهة حاميها القتيل
على خدّيه مرت راحتاها
مثلما اعتادت،
متى روَّح من أخطار تجاوبٍ طويل!
ـ 7 ـ
عانقت ليلى أباها!
ثم هبّات واقفة
نزعت من راحتيه البندقية
وبصوت العاصفة!
وبأصوات الملايين الغضاب الزاحفة!
صرخت: لن تدفنوه!
قسماً.. لن تدفنوه،
قسماً، ما لم نطهّر كل شطآن العروبة
من ذئاب الغزو،
مصّاصي صحارينا الحبيبة!
وبصوت العاصفة،
وبأصوات الملايين الغضاب الزاحفة!
هتفوا من حولها: لن ندفنه،
قسماً.,. لن ندفنه
قسماً.. ما لم نطهر كل شطآن العروبة
من نفايات القرون المنتنة!
كانت الصحراء، ذلاً وخنوعاً.. ذات يوم
ويدوّي اللغم في أعقاب لغم
صارت الصحراء ميدان معارك،
فخنادق..
وبنادق..
ودماءٌ.. وحرائق!
فلتحسِّي اليوم ـ يا بريطانيا العظمى ـ بعارك
لتعودي لصغارك!!
ـ 8 ـ
«رهط مرزوق» على السفح وفي الوادي العقارب
ـ احكموا التصويب
ـ أفنوهم، وإلاّ، أحرقوا كل المضارب!
ضغطت ليلى حديد البندقية
قبّلت إصبعها حدّ الزناد
وبكت ليلى.. بكت ليلى الشقية،
صنعوا منها أداةً دموية
فلماذا؟
صنعوا منها أداةً دموية!؟
وبكت ليلى، وشدت يدها حد الزناد
ـ الحصاد!
ـ الحصاد!
ـ يا بني عمّي.. الحصاد!
وكما تنقضّ أسراب النسور
وكسيلٍ غاضبٍ يجرف للوادي الصخور،
هكذا انقضّ على الغازين من خلف البحور
«رهط مرزوق» الجسور!
ساعةٌ مرّت ـ ومرت ساعتان
طلقة منا ـ ومنهم طلقتان
جثة منا ـ ومنهم جثتان
«رهط مرزوق» إلى الوادي، وللسفح للعقارب!!
ـ أحكموا التصويب!
ـ أفنوهم، وإلاّ، أهلكوا من ظلّ منا..
وأبادوا الزرع والضرع
وأفنت نارهم كل المضارب!
زغردت ليلى ـ فيا بيدُ أعيدي
وبنار الثائرين السمر.. ميدي!
الأهازيج تدوّي:
«ما نطيق الذل: يا ربع الجدود
«وابن أخت النذل: من يرضى القيود
«ما نطيق الذلّ: للعادي الغريب
«نهزم المحتل: لو حتى نبيد!
ساعة مرت ـ ومرت ساعتان
طلقة منا ـ ومنهم طلقتان
جثة منا ـ ومنهم جثتان!
ـ 9 ـ
همدت ريح الغزاة!
والفتى المحظوظ منهم،
أسلم الساقين للريح.. فصانته الحياة!
هربت منهم بقايا
وعلينا.. تركوا همّ الضحايا
فتعالوا يا بني أمي.. تعالوا..
كي نخط القبر للقتلى
لقتلانا وقتلاهم،
ونتلو ما لدينا من صلاة
رحم الله الضحايا
من بنينا والغزاة!
مثل خفّ الجمل الجوّال في البيد الرحيبة
كانت الشمس الكئيبة
مثل وجه الجثة الملقاة في أرضٍ غريبة
كانت الشمس الكئيبة
ضوءها الشاحب، ينهار على السمر الرجال
ـ مزقوا قمصانهم
واجعلوا منها ضمادات الجراح
وأجمعوا القتلى.. هلموا!
لحظة.. ثم ينادينا القتال
إنه موسم نار وكفاح
ـ 10 ـ
ـ من ضحايانا
ـ علي ـ وأمين ـ وسعيد
وأبو محمود ـ والمهدي ـ وفهد ورشيد
وأبو النصر ـ ومروان ـ وعبد الله ـ والـ..
لـ ..ـيـ.. ـلـ .. ـى!!
ودوّى الاسم «ليلى».. ثم دوّى
وعلى جثتها، كالنجم أهوى!
كان مفتوناً بها عدنان.. عدنان الحزين
طالما منى بها النفس.. بعرسٍ..
وببيت.. وبنين..
كان يهواها الحزين!
وسّدوها سرج مرزوق وصلّوا:
«دم ليلى لا يُطلُّ!»
سبّلوا الجفنين.. يا صيد القبيلة
وخذوا منديل عدنان
خذوا منديله، شدوا يدي ليلى القتيلة!
لا تنوحوا.. لسوانا.. عادة الدمع ذليلة
لا تنوحوا..
زهرات الفل والبرقوق، في الصدر الوديع
هي بشرى للصحارى.. بالربيع!
ـ 11 ـ
هذه يا أيها الإخوان، ليلى العدنية
شاءها الله، فكانت كبلادي العربية..
سقطت ليلى الحبيبة
سقطت.. باسم العروبة!
سقطت ليلى.. ولكن
قسماً! لن تدفنوها
قسماً.. لن يطمس الرمل بلادي العربية!
من دم القتلى، سنسقيها.. ونحييها..
ونعطيها حياة أبدية..
باسم ليلى!.. باسم ليل
.
شاءها الله شهيَّة!
شاءها الله.. فكانت.. كبلادي العربية!
شَعرُها.. ليلةُ صيفٍ بين كثبان تهامة
مقلتاها.. من مهاة يمنيَّة
فمها.. من رُطَب الواحة في البيد العصية
عنقها.. زوبعةٌ بين رمالي الذهبية
صدرها نجد السلامة
يحمل البشرى إلى نوحٍ
فعودي يا حمامة!
ولدى خاصرتيها، بعض شطآني القصية
شاءها الله فكانت كبلادي العربية!
نكهة الغوطة والموصل فيها.
ومن الأوراس.. عنف ووسامة
وأبوها شاءها أحلى صَبيَّة
شاءها اسماً وشكلا
فدعاها الوالد المُعجب: ليلى
وإليكم أيها الإخوان.. ليلى العدَنِيَّة!
ـ 2 ـ
كبرت ليلى على سحر الليالي البدوية
كبرت ليلى.. وصارت
تشتهيها العين، حسناً وسجية
أصبحت قِبلة غلمان القبيلة
رغم أن المَهر غالٍ.. والمحاصيل قليلة!
كبرت ليلى..
وفي يوم من الأيام، ناداها أبوها:
ـ لبن الناقة في القصعة، والتمر كثير
وأنا ماضٍ، إلى الشطآن، ماضٍ يا عَجيَّة
ثم شدَّ البندقية
ومضى يدفع عن ليلى الذئاب الأجنبية
وراح مرزوق وخلَّى في يد الرحمن بيته
راح.. فالشطآن غُصَّت بذئابٍ وعقارب
من مغيرين أجانب
أقبلوا من جزر الإسمنت والقرميد، من بحر الشمال،
من بلاد، اسمها.. بريطانيا العظمى ـ يقال!
ويقال
إنها ملأى ضباباً ودواليباً وغابات مداخن
أقبَلوا، باسم إلهٍ خائبٍ، في السنِّ طاعن
حلمهم أن يحملوا ليلى سبيَّة!
طار مرزوق على سرجِ مِكَرٍ
من جيادي العربية
في يديه البندقية
وعلى عينيه من عنف الصحارى
ألَقٌ صلب، وقيظ، وضواري
تهدر الريح على جنبيه غضبى، مستفزَّة
وتُدوي شفتاه
بالأهازيج.. فقومي يا حياه
هَللِّي للفارس القادم.. إيماناً وعزة!
طار مرزوق على ظهر مِكَرٍ
من جيادي العربية
في يديه البندقية
ومضى يوم.. ويومان.. وما عاد المحارب
كانت الشطآن ملأى بذئابٍ وعقارب!
ـ 3 ـ
أنخيل؟
أم فَراشي مُلهَمٍ يُبدع لوحاتِ الأصيل؟
وصبَا البيد الرخيَّة
أم نواحات عجيّة
لم يعد والدها، والشط غِيلانُ منيَّة؟
رائعاً كان النخيل!
كل نخلة
لبيوت الشَّعر مرساة، وللقوم مظلة
رائعاً كان النخيل
كَفراشي مُلهمٍ يُبدع لوحات الأصيل
حين دوّت في فناء الحيِّ ضوضاء سنابك
.. وصهيل
فاهرعي ليلى، إلى فتحة بابك
ـ يا إلهي! ويل يُتمي!
ـ فزِّعي الربع
وشقّي دونهم، شقي الثياب
جلَّ يا أخت المصاب
فزِّعي الربع فقد عاد الجواد
عاد.. ولكن.. وحده يا أخت عاد!!
ـ 4 ـ
رائعاً كان النخيل!
بائساً صار النخيل..
بعد أن أهوى على الشاطئ، مرزوق القتيل
برصاصات الدخيل..
خرَّ مرزوق، وعيناه، وعين البندقية
في الوحوش الأجنبية
خرَّ مرزوق الذي نادته للحرب بلاده
ومضى من حوله يصهل محزوناً جواده!
وانقضى يوم، ويومان، ومرزوق ممدَّد
تندب الشمس عليه، والسواقي تتنهد..
ـ فارس البيد مجندل
فلمن يا ابن الجياد الصيِّد تصهل؟
عد إلى المضرب، فالقيظ شديد
عُد، وإلا مت ظمآناً كمرزوق الشهيد!
واستدار العنقُ الأصيدَ، يا ليلى فقومي..
فزِّعي القوم،
وشقّي دونهم، شقّي الثياب
جلّ يا أخت المصاب!
ـ 5 ـ
منذ أن عاد بلا فارِسِهِ ذاك الجواد،
كُحلُ ليلى صار.. باروداً ورملاً وغبار
وغدا الميلُ رصاصة
وبكت ليلى.. بكت ليلى طويلاً..
دمع ليلى لم يكن ماءً وملحاً وانكسار
كان جمراً، ونداءاتٍ لثار!
ومضت ليلى إلى الحيّ.. وصاحت:
يا لثأر الفارس المذبوحِ بالأيدي الغريبة
يا لثارات العروبة
يا.. لثارات.. العروبة
وعلى ظهر الجواد،
زغردت ليلى،
فلبَّى المرد والشيب وهبوا للجهاد!!
ـ 6 ـ
ذات يومٍ.. كانت الصحراء قيظاً وخيالا
وسراباً، ونخيلا وجِمالا
كانت الصحراء، رملاً وحداةً وهوادج
همها أن تلتهم الشِّعر مغنِّين كسالى...
كانت الصحراء.. كانت.. ذات يوم
زغردت ليلى، فدوى اللغم في أعقاب لغم
صارت الصحراء مقتاة رؤوس.. ذات يوم
الضغائن
ترقب الأعداء، في صمت الكمائن!
ومضت ليلى..
ـ أبي!!
واهتزت البيد الوفيَّه!
جثة، تدفنها الريح، برملٍ وغبار
في جالٍ ورويَّة
والجراح السود تستصرخ: أقدِمْ!
أيها الآتي ورائي.. خذ بثاري!
خذ بثاري.. خذ.. بثري؟!
وانحنت ليلى الشقيّة
قبَّلت جبهة حاميها القتيل
على خدّيه مرت راحتاها
مثلما اعتادت،
متى روَّح من أخطار تجاوبٍ طويل!
ـ 7 ـ
عانقت ليلى أباها!
ثم هبّات واقفة
نزعت من راحتيه البندقية
وبصوت العاصفة!
وبأصوات الملايين الغضاب الزاحفة!
صرخت: لن تدفنوه!
قسماً.. لن تدفنوه،
قسماً، ما لم نطهّر كل شطآن العروبة
من ذئاب الغزو،
مصّاصي صحارينا الحبيبة!
وبصوت العاصفة،
وبأصوات الملايين الغضاب الزاحفة!
هتفوا من حولها: لن ندفنه،
قسماً.,. لن ندفنه
قسماً.. ما لم نطهر كل شطآن العروبة
من نفايات القرون المنتنة!
كانت الصحراء، ذلاً وخنوعاً.. ذات يوم
ويدوّي اللغم في أعقاب لغم
صارت الصحراء ميدان معارك،
فخنادق..
وبنادق..
ودماءٌ.. وحرائق!
فلتحسِّي اليوم ـ يا بريطانيا العظمى ـ بعارك
لتعودي لصغارك!!
ـ 8 ـ
«رهط مرزوق» على السفح وفي الوادي العقارب
ـ احكموا التصويب
ـ أفنوهم، وإلاّ، أحرقوا كل المضارب!
ضغطت ليلى حديد البندقية
قبّلت إصبعها حدّ الزناد
وبكت ليلى.. بكت ليلى الشقية،
صنعوا منها أداةً دموية
فلماذا؟
صنعوا منها أداةً دموية!؟
وبكت ليلى، وشدت يدها حد الزناد
ـ الحصاد!
ـ الحصاد!
ـ يا بني عمّي.. الحصاد!
وكما تنقضّ أسراب النسور
وكسيلٍ غاضبٍ يجرف للوادي الصخور،
هكذا انقضّ على الغازين من خلف البحور
«رهط مرزوق» الجسور!
ساعةٌ مرّت ـ ومرت ساعتان
طلقة منا ـ ومنهم طلقتان
جثة منا ـ ومنهم جثتان
«رهط مرزوق» إلى الوادي، وللسفح للعقارب!!
ـ أحكموا التصويب!
ـ أفنوهم، وإلاّ، أهلكوا من ظلّ منا..
وأبادوا الزرع والضرع
وأفنت نارهم كل المضارب!
زغردت ليلى ـ فيا بيدُ أعيدي
وبنار الثائرين السمر.. ميدي!
الأهازيج تدوّي:
«ما نطيق الذل: يا ربع الجدود
«وابن أخت النذل: من يرضى القيود
«ما نطيق الذلّ: للعادي الغريب
«نهزم المحتل: لو حتى نبيد!
ساعة مرت ـ ومرت ساعتان
طلقة منا ـ ومنهم طلقتان
جثة منا ـ ومنهم جثتان!
ـ 9 ـ
همدت ريح الغزاة!
والفتى المحظوظ منهم،
أسلم الساقين للريح.. فصانته الحياة!
هربت منهم بقايا
وعلينا.. تركوا همّ الضحايا
فتعالوا يا بني أمي.. تعالوا..
كي نخط القبر للقتلى
لقتلانا وقتلاهم،
ونتلو ما لدينا من صلاة
رحم الله الضحايا
من بنينا والغزاة!
مثل خفّ الجمل الجوّال في البيد الرحيبة
كانت الشمس الكئيبة
مثل وجه الجثة الملقاة في أرضٍ غريبة
كانت الشمس الكئيبة
ضوءها الشاحب، ينهار على السمر الرجال
ـ مزقوا قمصانهم
واجعلوا منها ضمادات الجراح
وأجمعوا القتلى.. هلموا!
لحظة.. ثم ينادينا القتال
إنه موسم نار وكفاح
ـ 10 ـ
ـ من ضحايانا
ـ علي ـ وأمين ـ وسعيد
وأبو محمود ـ والمهدي ـ وفهد ورشيد
وأبو النصر ـ ومروان ـ وعبد الله ـ والـ..
لـ ..ـيـ.. ـلـ .. ـى!!
ودوّى الاسم «ليلى».. ثم دوّى
وعلى جثتها، كالنجم أهوى!
كان مفتوناً بها عدنان.. عدنان الحزين
طالما منى بها النفس.. بعرسٍ..
وببيت.. وبنين..
كان يهواها الحزين!
وسّدوها سرج مرزوق وصلّوا:
«دم ليلى لا يُطلُّ!»
سبّلوا الجفنين.. يا صيد القبيلة
وخذوا منديل عدنان
خذوا منديله، شدوا يدي ليلى القتيلة!
لا تنوحوا.. لسوانا.. عادة الدمع ذليلة
لا تنوحوا..
زهرات الفل والبرقوق، في الصدر الوديع
هي بشرى للصحارى.. بالربيع!
ـ 11 ـ
هذه يا أيها الإخوان، ليلى العدنية
شاءها الله، فكانت كبلادي العربية..
سقطت ليلى الحبيبة
سقطت.. باسم العروبة!
سقطت ليلى.. ولكن
قسماً! لن تدفنوها
قسماً.. لن يطمس الرمل بلادي العربية!
من دم القتلى، سنسقيها.. ونحييها..
ونعطيها حياة أبدية..
باسم ليلى!.. باسم ليل
.