شوقي بزيع - قميص الشهوة

حين عدتُ من البئرِ
أحسستُ أني أعودُ غريبًا
كمن مسَّه
من نسيم الألوهة
برقٌ خفيفُ
يباعدني عن يدي ملاكانِ
لا يبصرانِ سوى شبحي فيهما
وتسبح صحراءُ من خجلٍ
في عروقي
ولكنني منذ أبصرتها
ضاق صدريَ بي
فأسلمتُ خوفَ أبي للذئاب
ولحيته للرياحِ
وأحسستُ أني سوايَ
وقد راح يركضُ في خرز الظهرِ
ماءٌ كفيفُ
وإذ راودتني زليخةُ
عن جنتي شفتيها
انشطرتُ
وراح الملاكان يقتتلان
على كتفيَّ الثقيلين
فيما براكين حمراءُ كانت
تمزِّقُ أقفالَها
وتهرول تحت ثيابي
وما بين كفيَ جمرٌ يطوفُ
كأن دمي ملعبٌ للوساوسِ
بعضي يحاربُ بعضي
وتشهرني
ضد نفسي السيوفُ
ليس بيني وبين زليخةَ
إلا قميصانِ من عفةٍ وتَشَهًّ،
كأن الصراع المؤبد
ما بين إبليس والله
قد ضاق
حتى غدا بحدود القميصينِ،
أيهما الآن أختارُ؟
عدتُ من لجةِ البئر
كي لا أعود إلى البئر ثانيةْ،
غيرَ أن فحيح الأنوثةِ يشتدُّ
حول خناقي
وجسمي ضعيفُ
كان لا بد أن ينقذ الله صورته فيَّ
فلما هممتُ
وهمت
تدلت مراياهُ من خشب السقفِ
حتى حسبتُ بأني أعانق نفسي
وأن زليخةَ ليست سوى
صرخةِ الإثم في داخلي
فاستدرتُ إلى الخلف
أعدو وراء جمالي
ويعدو ورائي
نباحُ الدماء المخيفُ!
 
أعلى