نقوس المهدي
كاتب
عُمر يتغزل بنفسه (1-2)
قالت الصغرى وقد تيمتها - قد عرفناه وهل يخفى القمر؟!
ديوان عمر بن أبي ربيعة كله في الغزل إلاّ القليل تغزل في كل جميلة مترفة في عصره وأحياناً يتغزل بعدد من الجميلات دفعة واحدة، والغريب أنه يتغزل بنفسه كثيراً ويقدم لنا مسرحاً فخماً هو بطله الذي تتغزل به الحسناوات.. وعمر (23-92ه) عاش في بيئة الحجاز المترفة آنذاك، في صباه انتقل مركز من الحجاز إلى الشام، وأغدق بنو أمية على سراة الحجاز الأموال ليشغلوهم عن السياسة، وكان عمر من السراة فعاش مترفاً في بيئة منعمة.. فلم يعد يشبع نهمه - على ما يبدو - سوى ان يتغزل بنفسه ويروي القصص التي قيلت عنه على لسان أجمل الجميلات شاعراً بلذة بالغة في افتتاح ذلك المسرح الذي أصبح بعد رفع الستارة أقرب إلى الأحلام والأوهام.
يقول أبياته المشهورة:
بينما ينعتنني أبصرنني
دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى: أتعرفن الفتى؟
قالت الوسطى: نعم هذا عمر!
قالت الصغرى - وقد تيمتها -
قد عرفناه، وهل يخفى القمر؟!
يا قمر!!
والعجيب ان عمر كلما تذكرته الحسان وتمنين لقاءه خرج لهن فجأة.. وهو يخرج نفسه في هالة: مرة على فرس مطهم (روز) فوق تل.. ومرة وهو فارس في يده البازي:
قالت لو ان أبا الخطاب وافقنا
فنلهو اليوم أو ننشد اشعارا
فلم يرعهن إلا العيش طالعة
يحملن بالنحف ركاباً وأكوارا
وفارس معه البازي فقلت لها:
ها هم أولاء وما أكثرن اكثارا
والمقصود بضمير الجمع (هم) الفارس الذي يحمل البازي وهو عمر (أبو الخطاب)الذي تمنين لقاءه فخرج لهن في الصورة المعتبرة !
كأن معجبات عمر يملكن (مصباح علاء الدين) بمجرد ذكرهن عمر وتمنيهن رؤيته يخرج المارد ليحقق الأمنية فوراً..
ومع فخامة الاخراج تنوع الألقاب فهو عمر والمغيري وأبو الخطاب والقمر:
1- تذكرت إذ قالت غداة سويقة
ومقلتها من شدة الوجد تدمع
لأترابها: ليت المغيري إذ دنت
به داره منا أتى فيودع
فما رمتها حتى دخلت فجأةً
عليها وقلبي عند ذاك يروع
2- قالت: أبو الخطاب أعرف زيه
وركوبه لا شك غير مراء
فهي تعرف شكله القمري وأنه لا يلبس إلا أجمل الأزياء ولا يركب الا أكرم الخيل!
ومعشوقاته مثله قمة الشكل والأناقة والثراء والرفاهية:
3- قالت ثريا لأتراب لها قطف:
قمن نحيي أبا الخطاب عن كثب
فطرن جداً لما قالت وشايعها
مثل التماثيل قد موهن بالذهب
يرفلن في مطرفات السوس آونةً
وفي العتيق من الديباج والقصب
ترى عليهن حلي الدر متسقاً
مع الزبرجد والياقوت كالشهب
4- قالت سعيدة والدموع ذوارف
منها على الخدين والجلباب:
ليت المغيري الذي لم نجزه
فيما أطال تصيدى وطلابي
كانت ترد لنا المنى أيامنا
إذ لا نلام على هوى وتصاب
5- مرحباً ثم مرحباً بالتي قا
لت غداة الوداع يوم الرحيل
للثريا: قولي له: أنت همي
ومنى النفس خاليا، والجليل
6- فقالت وقد لانت وأفرخ روعها
كلاك بحفظ ربك المتكبر
فأنت - أبا الخطاب - غير منازع
عليّ أمير كيف شئت مؤمر!
ولا نعرف كيف يدري عمر عن الحوار بين البنات العاشقات له - على حد قوله - كما في أبياته (.. وهل يخفى القمر؟) وغيرها.. الذي نعرفه أنه شاعر أحب النساء كثيراً ولكنه أحب نفسه وعشقها أكثر وصورها في إطار من الجمال، ولقد أمتعنا بشعره ووجد من يخلفه ويزيد عليه كثيراً في (عشق الذات أو النرجسية) وهو نزار قباني.
قالت الصغرى وقد تيمتها - قد عرفناه وهل يخفى القمر؟!
ديوان عمر بن أبي ربيعة كله في الغزل إلاّ القليل تغزل في كل جميلة مترفة في عصره وأحياناً يتغزل بعدد من الجميلات دفعة واحدة، والغريب أنه يتغزل بنفسه كثيراً ويقدم لنا مسرحاً فخماً هو بطله الذي تتغزل به الحسناوات.. وعمر (23-92ه) عاش في بيئة الحجاز المترفة آنذاك، في صباه انتقل مركز من الحجاز إلى الشام، وأغدق بنو أمية على سراة الحجاز الأموال ليشغلوهم عن السياسة، وكان عمر من السراة فعاش مترفاً في بيئة منعمة.. فلم يعد يشبع نهمه - على ما يبدو - سوى ان يتغزل بنفسه ويروي القصص التي قيلت عنه على لسان أجمل الجميلات شاعراً بلذة بالغة في افتتاح ذلك المسرح الذي أصبح بعد رفع الستارة أقرب إلى الأحلام والأوهام.
يقول أبياته المشهورة:
بينما ينعتنني أبصرنني
دون قيد الميل يعدو بي الأغر
قالت الكبرى: أتعرفن الفتى؟
قالت الوسطى: نعم هذا عمر!
قالت الصغرى - وقد تيمتها -
قد عرفناه، وهل يخفى القمر؟!
يا قمر!!
والعجيب ان عمر كلما تذكرته الحسان وتمنين لقاءه خرج لهن فجأة.. وهو يخرج نفسه في هالة: مرة على فرس مطهم (روز) فوق تل.. ومرة وهو فارس في يده البازي:
قالت لو ان أبا الخطاب وافقنا
فنلهو اليوم أو ننشد اشعارا
فلم يرعهن إلا العيش طالعة
يحملن بالنحف ركاباً وأكوارا
وفارس معه البازي فقلت لها:
ها هم أولاء وما أكثرن اكثارا
والمقصود بضمير الجمع (هم) الفارس الذي يحمل البازي وهو عمر (أبو الخطاب)الذي تمنين لقاءه فخرج لهن في الصورة المعتبرة !
كأن معجبات عمر يملكن (مصباح علاء الدين) بمجرد ذكرهن عمر وتمنيهن رؤيته يخرج المارد ليحقق الأمنية فوراً..
ومع فخامة الاخراج تنوع الألقاب فهو عمر والمغيري وأبو الخطاب والقمر:
1- تذكرت إذ قالت غداة سويقة
ومقلتها من شدة الوجد تدمع
لأترابها: ليت المغيري إذ دنت
به داره منا أتى فيودع
فما رمتها حتى دخلت فجأةً
عليها وقلبي عند ذاك يروع
2- قالت: أبو الخطاب أعرف زيه
وركوبه لا شك غير مراء
فهي تعرف شكله القمري وأنه لا يلبس إلا أجمل الأزياء ولا يركب الا أكرم الخيل!
ومعشوقاته مثله قمة الشكل والأناقة والثراء والرفاهية:
3- قالت ثريا لأتراب لها قطف:
قمن نحيي أبا الخطاب عن كثب
فطرن جداً لما قالت وشايعها
مثل التماثيل قد موهن بالذهب
يرفلن في مطرفات السوس آونةً
وفي العتيق من الديباج والقصب
ترى عليهن حلي الدر متسقاً
مع الزبرجد والياقوت كالشهب
4- قالت سعيدة والدموع ذوارف
منها على الخدين والجلباب:
ليت المغيري الذي لم نجزه
فيما أطال تصيدى وطلابي
كانت ترد لنا المنى أيامنا
إذ لا نلام على هوى وتصاب
5- مرحباً ثم مرحباً بالتي قا
لت غداة الوداع يوم الرحيل
للثريا: قولي له: أنت همي
ومنى النفس خاليا، والجليل
6- فقالت وقد لانت وأفرخ روعها
كلاك بحفظ ربك المتكبر
فأنت - أبا الخطاب - غير منازع
عليّ أمير كيف شئت مؤمر!
ولا نعرف كيف يدري عمر عن الحوار بين البنات العاشقات له - على حد قوله - كما في أبياته (.. وهل يخفى القمر؟) وغيرها.. الذي نعرفه أنه شاعر أحب النساء كثيراً ولكنه أحب نفسه وعشقها أكثر وصورها في إطار من الجمال، ولقد أمتعنا بشعره ووجد من يخلفه ويزيد عليه كثيراً في (عشق الذات أو النرجسية) وهو نزار قباني.