نقوس المهدي
كاتب
استطلاع
جاؤوا تيمنا بالسيد “اليابوري”، لقضاء حاجاتهم المؤجلة ومطالبهم الملحة... وقد كان الحضور متنوعا وزخما ، وإن كانت الغلبة للعنصرالنسوي، الشيء الذي أثار استغرابنا وأيضا تساؤلاتنا حول هذه العينة المكتسحة وأيضا عن سبب امتلائه بشكل أكبر، فهل يكون دائما وأبدا مملوءا بالزوار هكذا؟ !!!...وهل امتلاء هذا الفضاء اليوم، يعود إلى الجو المشمس و مجاورة هذا الولي للبحر وإقبال الناس على الشاطئ، ثم اكتشاف هذا "الولي وبركاته" أم أن هناك علاقة بشهر شعبان وعلاقة بمهرجان موازين (حجة وزيارة) وغيرها من التفسيرات التي حاولنا، بها تفسيرهذه الطوابير من الحجاج التي حجت نحو هذا الضريح....
ففي الزيارة الأولى التي قمنا بها لهذا الضريح اثر استطلاع أجريناه حوله سنة 2000 ، لم يكن عدد الزوار بهذا المقياس !!؟؟؟!!! ...
فهل زيارة الأضرحة تقل بازدياد الوعي والتقدم التكنولجي وازدياد العلم والبحث؟ أم تزداد وترتفع نسبها مع مرور الزمن والتطور الإنساني والتقدم العلمي والتكنولوجي وتوسع الفكرالديني وانتشاره؟ ... وغيرها من الأسئلة المتماطرة على الرأس في تلك اللحظة؟...
وجهة الاستقبال لسيد اليابوري "عاشق الملابس الداخلية"
على الساعة العاشرة إلا ربع، يوم الأربعاء من شهر شعبان، الشهر المبارك الذي يفضل البعض صيام عشره الأوائل لما لها من أجر كبير عند الباري تعالى، في حين يفضل البعض الآخر القيام بطقوس أخرى ، كن قد حضرن إلى الوجهة المعلومة، مدينة الرباط، مدينة العرفان والمكتبات والجامعات والثقافة والوعي والثقافة الشعبية... كن على مقربة من مقبرة الشهداء يمينا والوداية يسارا وشاطئ الوداية أسفلا، جئن من أجل تحقيق الطلبات المنشودة والمساعي المرغوبة ...
بخطى متسارعة ونظرات زائغة وقلوب مترجية لتحقيق أهداف وطلبات طالما انتظروها وطال معها الزمن ولم تتحقق... نتيجة عراقيل عديدة ومتنوعة… أجمعن على حصرها في أعمال بشرية شيطانية تؤجل المقصود وتدفع بالعجلة نحو الوراء واللاتحقق...
زيارة بعد تردد طمعا في حظ قابل للتحق واللاتحقق
بدأن يهرعن إلى مقبرة توجد أسفل الوداية وقريبة من مقبرة الشهداء، نحو حائط أبيض وجداره أسود بفعل الشموع المصطفة والمشتعلة أسفله، يحملن الشموع بيد وليمونة(حامضة سمينة) باليد الأخرى وهن يرتلن بعض الأدعية، ثم يبدأ طقس الطواف ثلاث مرات، على جدع نخلة منزوعة الرأس والأغصان، مرشوشة بالحناء وممدة على الأرض بشكل عمودي قرب السور مكان موقد الشموع ، بعد توجيه خادم المكان ، شاب ثلاثيني مفتول العضلات طويل القامة يرتدي جينزا أسود اللون وقميصا أحمرا ويضع قبعة فوق رأسه، تغزو وجهه بعض الخدوش التي تدفع المرء في بداية الدخول إلى المقبرة نحو الوجهة، أنه دو سوابق جنائية وخصوصا وهو يتفحص الزوار بشكل جد دقيق ونظرات ثاقبة محاولة اختراق مارواء الثياب، من الأعلى إلى الأسفل وعلى الخصوص منهن الشابات والنساء الجميلات.
هكذا ابتدأت "سامية" وأختها "سناء"، فتاتين جميلتين يتراوح عمريهما مابين 35 و40 سنة، يشتغلان بالقطاع الخاص براتب لابأس به، لاينقصهما شيء، تبدوان بصحة جيدة، فقط حسب تصريحهما لخادم المكان، أنهما جاءا لطلب طرد العكس وتقريب المنال، زواج سناء مرة أخرى والعثور على حض موفق بعدما صادفت زوجا قاسيا وبخيلا وله عائلة لاترتاح إلا بعد تعكير صفوهما وتنغيص اللحظات الجميلة عليهما وبالتالي تفريقهما وذهاب كل واحد نحو حال سبيله في النهاية، أمام جملة المشاكل التي اختلقتها عائلة زوجها كما اشتكت سناء. أما سامية فرغم المال والجمال والمنصب، لم يتقدم أحد لخطبتها حتى وصلت إلى سن الأربعينيات، مما جعلها بعد تردد كبير وبعد تقديم عدة مواعظ من قبل أفراد عائلتها وصديقاتها اللواتي زرن المكان وكانت النتيجة ايجابية، قررت هي الأخرى المجيء نحو هذا "الولي الصالح" لطرد العكس الذي ربما قد يكون هو السبب والحصول على زوج وبالتالي الفوز ولو بطفلة أو طفل يرث ثمرة جهدها وشقائها "المهم هاأنا درت النية وغادي نشوف ربما يأتي ماأحلم به" مصرحة لخادم المكان الذي بدأ يؤكد بركات هذا "الولي الصالح" لكل من قام بالطقوس كما ينبغي لمدة ثلاث مرات .
جذع نخلة منزوعة الرأس و حامضة سمينة ونهود نافرة.
بعد طقس إشعال الشموع وترتيل بعض الأدعية وبعد الطواف على النخلة المنزوعة الرأس والأسعاف والمرشوشة بالحناء، تقف الفتاة او المرأة او الشاب او الرجل عند رأس النخلة المنزوع تقدم "الحامضة الغليضة" للشاب المفتول العضلات وصاحب النظرات الثاقبة فيبدأ في طقسه هو الآخر، بوضع هذه الليمونة(الحامضة) على الكتفين كل على حدة للزائر وإذا كانت الزائرة فتاة أو امرأة جميلة وذات نهدين نافرين، ينزل خادم المكان الشاب الذي هو الآخر، كما قال لإحدى الزائرات من سلا، وهي شابة مليحة الوجه ومن ذوات "الحجم الكبير" والنهود النافرة، أنه لايزال "على الله " ، نحو الصدر ويضغط على النهدين محاولا مسهما بأصابعه بغية سرقة متعة اللمس والاختراق بنظرات متفرسة، ثم ينزل نحو الركبتين فالقدمين واضعا الحامضة الغليظة فوقهما، كل على حدى. ليختتم هذا الطقس بتفجير الحامضة تحت قدم الفتاة المعنية أو المرأة أو الشاب أو المرء المعني بكل ما أوتوا من قوة، وكأن حال سبيلهم يقول "ليفتت العكس ولتنفجر شظاياه إلى الأبد وبدون رجعة" ثم يحمل المرء صاحب أو صاحبة الطقس، الذي فجر هذه الليمون ويطوح بها من فوق رأسه نحو الوراء مع التركيز على شرط عدم الالتفات نحو الوراء حتى لاتتبعهم "التابعة" و"العكس" كما فسر لهم الخادم الذي لايزال هو الآخر على باب الله رغم عمله بإزالة التابعة والعكس؟ ...!! ...
صارخا في وجه امرأة تقدمت بالطقوس على ابنتها الشابة العشرينية التي مازلت تمر من طقوس الحامضة الغليظة والأنامل السارقة لمتعة اللمس فوق الجسد، عندما رجعت ووقفت بجانب ابنتها خوفا من إضافة طقس آخر لايوجد بقائمة طقوس الزيارة، قائلا لها: " لهذا السبب تعودين دائما إلى هنا لأنك تلتفتين نحو الوراء".
نادى علي سارق لذة اللمس وصاحب وصفة عدم الالتفات نحو الوراء، لما لاحظ أنني أحاول أخذ الصور والتسجيل، فأخذت أتحدت بصوت مسموع وكأنني أتكلم فعلا مع شخص ينتظرني، قائلة بأنني مازلت أنتظر دوري وسأخرج في الحال طالبة منه أن ينتظر قليلا لأن دوري قد قرب.
اقترب مني "خادم المكان" أكثر وبدأ بنظراته المعهودة يحذق بي، فظننت أنه شك بي وسيحاول انتزاع وسرقة هاتفي، فسألته هل قرب دوري؟ فأجابني "غيرأجي ويقرب دورك؟ لقد رأيتك "أنت فقط وصلت وجئت مباشرة نحو المرحلة الثالثة للزيارة" !!!... أولا، يجب عليك أن تدخلي "للسيد" وتزورينه وتضعي النقود بالصندوق وتضعي الشموع به والهدية إن حملتها معك، ثم تذهبي تحت الشجرة وتقدمي للجالسين تحتها، الزيارة و5 دراهم وبعدها توجهي نحو "العين" للاغتسال، بعد وصول دورك طبعا، وهناك ستؤدين أيضا 5 دراهم للسيدة المسوؤلة وستشرح لك كل شيء عن العين و"طقس الاغتسال" .
داخل فضاء سيدي اليابوري.
ما إن توجهنا نحو باب "السيد اليابوري" أنا وسيدة طلبت مني مرافقتها نحو الداخل، سيدة تأتي للمرة الأولى إلى هذا الفضاء، هي وأختها وابنتها بهدف رفع العكس والبحث عن حل للحظ العاثر والزوج المتأخر والصحة لـلسيدة، بممارسة شعائر الطقوس الأولى والثانية، كما اقترح علينا خادم المكان الذي لايزال "على باب الله"، الدخول إلى السيد للتبرك وممارسة الطقوس الأولى والثانية أولا ثم العودة إليه .
توجهت نحونا شابة حليقة الرأس، ترتدي سترة عريضة وهي تركض نحونا وتصيح بأعلى صوتها وتهلوس، الشيء الذي أثارت معه في نفس الآن لدى الزائرات والزوار، الخوف والشفقة والدعاء بقضاء حاجتها وإرجاع عقلها الذي أخذ عطلة من التفكير العقلاني ووزن الأفعال والتصرفات المتفق عليها، إلى جادة الصواب .
طابور عريض وطويل من النساء خاصة والرجال أيضا، يتناوبون على ممارسة طقوس وشعائر الزيارة، الكل يحرص قدر المستطاع بالقيام بها بطرق صحيحة دون نسيان أية ثغرة حتى تقبل وحتى يكون مفعولها ناجعا وحتى يتم تحقيق المقصود والمرغوب لدى كل "مضيوم" ومهموم جاء لطلب البركة والمساعدة من هذا الولي الذي توفي منذ القدم؟ !!! ...
المرحلة الأولى من شعائر حجاج سيد اليابوري.
التوجه نحو قبر الولي الصالح ( سيد اليابوري) وتقديم الهدايا سواء كان ثوبا أو شموعا أو نقودا، توضع بالغرفة التي يوجد بها قبر الولي والجلوس بجانب القبر بعد لمس جنباته ووضع الرأس على التابوت والتوسل بكلمات لاتسمع منها إلا كلمات شاردة بعد الانغماس في التوسل والتفريغ .
ذلك ماكان يقوم به الزوار من شابات ونساء ورجال وشباب جاؤوا من عدة مدن مغربية سواء المجاورة أو البعيدة لمدينة الرباط، من القنيطرة والصويرة ومراكش ...والرباط نفسها وعين عودة وتمارة وسلا ... لما سدت كل الأبواب في وجوههم وقلت حيلتهم ونفذ صبرهم أمام البطالة وأمام العنوسة وقلة الصحة وتعثر الحظ وانفلات الأعصاب... طلبا لبركته و"الكمال على الله، وبنادم يديرالنية" كما عبرت معظم العينات منهم.
حجوا بكثافة تيمنا بالسيد اليابوري، لقضاء حاجاتهم الملحة ومطالبهم المؤجلة... كانوا رجلا ونساء، شابات وشبابا وكان الجنس الأكثر غلبة هو العنصر النسوي !؟
أفادت إحدى السيدات اللواتي لها علاقة بزيارة الأضرحة والتي أخبرتنا بتحقق بعض مطالبها وانتظار باقي المطالب الأخرى في طابورالانتظار، وعلى الخصوص تأخر زواج ابنتها الوسطى وعدم حصول ابنها الأصغر على وظيفة قائلة : ("واخى سالى قرايتو كلها وتمحن بزاف مازال ماشاف والوا واحنا عند الله وبركة سيدي اليابوري"). على أن نسبة الزيارة اليوم على وجه الخصوص وعدد الزوار يكون مرتفعا، لأن اليوم هو يوم الأربعاء واليوم هو يوم زيارة الولي، مؤكدة على أهمية الزيارة بهذا اليوم. ولهذا يأتي الناس اليوم بشكل كبير حتى تقضى حوائجهم.
حيل وفقر وخداع وارتزاق.
تحت شجرة التين الظليلة تجلس أربعة نسوة قربهن الحناء والشموع، يتحدثن و ويبحثن في أكياس من الثوب والبلاستيك، يقلبن الملابس، لم نعرف أهي ملابس جئن بها من أجل التنظيف وربح الوقت أم أنها تلك الملابس التي تتركها الزائرات والزوار بغية طرد العكس ! ؟ ... يبحثن فيها عن الأجود والأليق والباقي يتم بيعه ضمن الملابس القديمة !؟... وعلى مقربة من هؤلاء النسوة "رجل " يجلس القرفصاء ، شعره أبيض ومشعث يرفعه نحو الأعلى ب"عصابة" غليظة خضراء اللون، وعينيه مكحلتان ووجهه أحمر، هل بفعل الشمس أم بفعل(العكر الفاسي) كما تنبأت إحدى الفتيات. وهو يحدق في كل من وطأت قدماه باب "السيد " مركزا بشكل أكبر على باب مكان الاستحمام، مثيرا الخوف والرهبة لدى الزائرات.
تحاول بعض الزائرات والزوار التهرب من هؤلاء النسوة حتى لا يؤدين النقود لهم مرة أخرى بعدما دخلوا إلى السيد وسيعملون على الدفع مرة أخرى مقابل الاستحمام ومقابل الطواف على النخلة المنزوعة الرأس !...
" آه آه... كلشي ولا فيه الكريساج، الطبيب، الكلينيك، صاحب الرقية الشرعية، الشوافة ، العشابة، حتى واحد مايعطيك شي حاجة فابور، وللا غير السليت والنتيف " هذا ماعبرت عنه إحدى الشابات اللواتي قدمن من سلا، شاكية بصوت مسموع والغضب يملأ صدرها من حال الواقع المر الذي بات فيه الكل عبدا" للمادة" وخلاء القلوب من الرحمة والتعاون... خصوصا بعدما نادى عليها رجلان يرتديان الأحمر(لباس كناوة)ويدعيان قراءة الغيب ولما أعطتهم 20 درهما شريطة أن يردوا لها الباقي، لكنهم لم يفعلوا، بحجة أن مايدخل جيب الشرفة لايخرج منه وإن أخذت الباقي "سيخرج فيها" وسيكون له أصر سيء على صحتها وسيكون له وقع أكبر على حظها وستكون النتيجة عكسية من الزيارة... !!
بعد مرور الوقت وبعدما سقطت في فخهم جلست المسكينة تردد ماوقع لها بصوت مسموع للنساء اللواتي تنتظرن دورهن للدخول "للعوينة" للاستحمام، مرددة ماوقع لها لعلها تطفئ نار هذه المصيدة التي وقعت فيها، خصوصا وأن عملها جد متعب وراتبها جد هزيل ، فهي مرة تشتغل ومرة أخرى "تبقى على باب الله" على حد تعبيرها، فهي تقف وأمها في "الموقف " وقد يأتيها العمل وقد لايأتي لمدة أسبوعين وأكثر !!! ولهذا الغرض فهي الآن هنا لكي يطلق سراحها وتتزوج من زوج يريحها من هذا العناء او الحصول على عمل قار وآمن... المهم عندها هوتغيير حالها الى ماهو أحسن وآمن...
ما إن يدخل طابور من النساء إلى العين للاغتسال حتى يشكل طابورا آخر في سرعة البرق، الشيء الذي جعل المشريفين على هذا الفضاء، الوصول إلى حل إدخال الرجال أولا لقلة عددهم ثم إدخال النساء ثانيا وبالمجموعات وليس فقط عناصر العائلة الواحدة الذين جاؤوا بالأربعة والثلاثة وأكثر، الشيء الذي جعل بعض النساء تشتكي وتتذمرن من عدم مس المياه كل أطراف جسدها وعدم إيجاد الوقت لملإ قنيناتهن، فتهتدي إحداهن إلى حيلة الدس وسط طابور النساء لتبادل أطراف الحديث معهن، حتى تتمكن من جديد الاغتسال ومس ماء العين لكل أطرافها جمعاء وملإ قنينتها ذات الخمس لترات.
ملابس داخلية ومياه بئر أسفل المقبرة
بغرفة الاستحمام بماء البئر البارد الذي ما إن يصب على الأجساد المتنوعة والمختلفة حتى تشهق من فعل البرودة، فتنطلق الزغاريد والصلاة والسلام على النبي ثم تترك الملابس الداخلية المتنوعة الألوان والأحجام والأشكال والمشط والكيس... هناك من أجل ترك كل "عكس" أو"تابعة " او "نحس" معهم بدون رجعة.
دور هذه الغرفة وهذه المرحلة الثانية، هو دخول المربوط أو المربوطة "بتقاف" أي "العكس" الذي قد يؤخر أويمنع الزواج أو العمل أو الإنجاب أو غيرها من الرغبات والمطالب التي يسعى إليها المرء... لكنها تتأخر وقد لاتتحقق كما يدعي معظم المنتظرين بالصف الطويل من زوار الضريح.
وهن تنتظرن دورهن للدخول نحو الغرفة التي يوجد بها البئر والتي تشرف عليها امرأة توجه الزائرات وتصب ماء البئرعلى أجسادهن، من الرأس حتى الأسفل بعد خلعهن لملابسهن وملأ بعض القوارير من الماء من أجل الشرب والتبرك وحمله للأهل والأحباب لمن لم يستطع المجيء.
يأتي الرجل الكحيل العينين والأحمر الوجه بفعل ماكياج تقليدي، صاحب الشعر الذاهب نحو السماء، الذي يضع "عصابة خضراء" فينصح النساء بالدخول بالخمسة آو الستة...ويسترق النظر من شق الباب المبتسم، محاولا الدخول بعينيه إلى قاعة البئر ومكان خلع الملابس، حيث تتجرد النساء اللواتي يأتين لأول مرة ولايحملن ملابس داخلية إضافية من كل شيء وتبقين كما ولدتهن أمهاتهن حتى لاتضطرن إلى ترك الملابس الداخلية وترك أشياء أخرى مكانها كالمشط والفولار ... ومن بعدها تخرج النساء إلى المرحلة الأخيرة مرحلة الطواف على النخلة المنزوعة الرأس والتيمم بالحامضة الغليظة.
تعارف وتازر وتفريغ للهموم...
وأخيرا تخرج صاحبة القنينة ذات الخمس لترات وهي في كامل النشوة، فقد ساعدت الشابة التي تعرضت لمصيدة المرتزقة أمام باب "السيد" بعدما تبادلا العناوين وتواعدا بتبادل الزيارة، كما أحست بكامل الانتصار، فقد أقامت الطقس كما ينبغي وملأت قنينتها ذات الحجم الكبير لكي ترش بها منزلها وتسقي أهلها ومعارفها وإن كانت قد تركت ملابسها الداخلية مرة أخرى وخرجت دونهم كما تفعل البعض عند الزيارة الأولى نظرا لجهلهن للطقوس فتضطررن لهذا، حتى تعود إلى "الولي الصالح" فقط مرتين بدل ثلاث مرات.
اتجهتا مبللتان الشعر، حالمتان بمستقبل أفضل نحو طقس النخلة المنزوعة الرأس والليمونة الحامضة بيدهما وأسارير المرح والانتعاش والسكينة بادية عليهما ...
فما حكم ورأي رجال الدين من الأضرحة وماتفسير وتحليل الطب النفسي لهذه الظاهرة التي كانت منذ الأزل ولاتزال وهل المنع والإغلاق الذي بات يغزو بعض الأضرحة والأماكن المتجدرة في التاريخ والثقافة الشعبية لبعض الشعوب، كبويا عمربالمغرب عمل صحي وإيجابي سيخلص البلدان من الجهل والكفر كما يتبأ البعض أم أن سيشكل ضربا للثرات والهوية والثقافة... هذا ماسنراه مع الفقيه عبد الباري الزمزمي والطبيب والمحلل النفساني والباحث في الأضرحة، الدكتور عبد الله زوزيو.
الفقيه عبد الباري الزمزمي:
ماريكم في التبرك بالأضرحة والأولياء الصالحين ألايعد ردة وعودة نحو الجاهلية؟
زيارة القبور مشروعة من أجل التذكير بالآخرة "زوروا القبور فهي تذكر بالآخرة" ومازاد على ذلك فهو ظلال وجاهلية، فالذبائح والتوسل لغير الله بالشفاء وجلب الصحة وغيرها من الأدعية والطقوس، ظلال ورياء وإشراك بالله ومن أمور الشعوذة.
والشخص الميت هو من ينتظر من الأحياء الدعاء له وطلب الله عز وجل بالرحمة والمغفرة له، وليس الأحياء من ينتظرون الدعاء لهم والتدخل لهم لتحقيق مطالبهم وأدعيتهم.
ماهي في رأيكم الآليات الأساسية لصد هذه الظاهرة ؟
التوعية بمختلف الأساليب، بأن هذا ضياع وظلال وباطل ولا قيمة له، سواء في اللقاءات أو المساجد أو المدارس والجامعات والإعلام بكل أنواعه المسموع والمكتوب والالكتروني والمرئي، بدل تشجيع المواسم والأضرحة وذكرها بالبرامج والاشهار لها وتخصيص الميزانيات لها كموسم عبد السلام المشيشي الذي تخصص له حملة إعلامية كبيرة بالاعلام .أو سواء بالحضور بعين المكان والعمل على التوعية والتوجيه .
هل أنتم مع إغلاق الأضرحة؟
يجب تهديمها بالمرة وهذه سنة الرسول" كلما وجدت قبرا مشرفا فهدمه" ولقد قطع عمر شجرة رضوان كان الناس يتبركون بها ويصلون فيها ركعتين وعمل على قطعها .
الطبيب والمحلل النفساني الدكتور عبد الله زوزيو
مارأيكم في ظاهرة الأضرحة والتبرك بها ؟ هل هي ظاهرة صحية أم غير صحية؟
كيف هي صحية ام غير صحية من أي ناحية؟
يعني هل زيارة الأضرحة مفيدة أم غير نافعة وما الفائدة من تواجدها...؟ وهل تعد تخلفا وجاهلية وشركا بالله؟ وماهي الآليات التي يجب اعتمادها لتنظيم هذه المجالات؟
أولا إذا تعاملنا مع الموضوع من جانب الفائدة وغير الفائدة وأدخلناه في خانة التخلف أوغيرالتخلف لن يبقى لدينا إمكانية لتحليل الموضوع والمجال الذي نبحثه.
فالإنسان منذ البدء كان لديه فضاءلت يزورها، وأوربا التي يقولون أنها تطورت وعرفت الثورة والتقدم بكل المستويات، لاتزال تحتفظ بعدة مزارات كمزار اللوغد" ومزار شمال اسبانيا "جون جاك دكوسنطال" ومزار فاتمة بالبرتغال وغير ذلك من الفضاءات التي يتوجه اليها الناس من أوربا كاملة ويلجأ إليها الإنسان الذي يصاب بمرض خطير أولديه إشكالات إلى هذه الفضاءات. في حين نحن، هنا نأخذ بعين الاعتبار "مسالة الأضرحة" كأضرحة ومايحوم حولها ويجب اقفالها... وغيرذلك... كضريح بويا عمر.
فلايجب اقفال الضريح ، بل المسالة التي تعد خطيرة هي تلك العمارات والبنايات التي توجد بجانبه والتي استغلها أصحابها والتي تتوفر على 1000 سرير في حين المغرب كله يتوفر على 1800 سرير بأكمله تلك العمارات التي يسجن فيها المغاربة منذ سنين، أبنائهم وأفراد عائلاتهم وبمبالغ يؤذونها مقابل ذلك. وهذه العمارات هي من يجب إغلاقها وليس الضريح.
فالإشكال يكمن في المشعوذين الذين يحومون حوله وحول كل الأضرحة، التي يمكن أن توجد فيها هي الأخرى هذه الظاهرة.
فالانسان الذي يتوجه هناك ، يجب عليه معرفة هل هناك "مقدمة" من عائلة "الولي الصالح" تعمل على توفير الجو الصحي أم هناك فقط مشعوذون يستغلون الفرص ويعكرون الجو.
فالتعامل مع الأضرحة يجب رؤيته بطرق شمولية ولايجب أن نرى فيهم مجرد موتى، بل أعلام ومتصوفة ومجاهدين وعلماء... والحكم بإغلاق هذه الأضرحة هو حكم ضد الصوفية ككل.
فالأضرحة والزوايا كانت بمثابة معاهد للموسيقى مثل "الطريقة الكناوية" التي أنتجت المسيقى الكناوية والدرقاوية الحراقية التي علمت الموسيقى الأندلسية، والعيساوية التي اعطتنا فن الملحون، فكل هذه الأماكن كانت تعلم الموسيقى وكانت أماكن للمعرفة. والذين يحرمون الاضرحة وينادون بإغلاق هذه الفضاءات هم من يحرمون الرقص والجذبة والموسيقى وينادون بمنعها.
فإلى جانب جامعة القرويين بفاس كانت هناك "دارإيليغ" بسوس و"الزاوية الناصرية" في الجبال. ومن ثمة فدورالأضرحة لا يكمن في الزيارة فقط بل لها دوركبير في التعلم والعلم ويلعبون الدورالكبيرفي الثقافة .
وبدل مهاجمة الأضرحة والمطالبة بإغلاقها كما وقع "للسيد علي بن حمدوش" 5 سنوات وهو مغلق، يجب القيام بدراسة عميقة ومتعددة التخصصات من أنتربولوجيين وسوسيولوجيين وعلماء الاجتماع والتاريخ وعلم النفس واللغة وغير ذلك ، هي من سيمكننا من التوصل لهذا الجانب من الثقافة الشعبية.
لانه إذا ماستمرينا في الهجوم والإقفال لهذه الأضرحة سنزكي مشروع داعش التي تمحي الاضرحة و تحرق الزوايا والمخطوطات، كما فعلوا لما دخلوا تمبوكتوا، هذا المخطط الذي لن يكتفي بهذا بل سيسعى حتى إلى إزالة قبر النبي ويعتبرونه حراما.
فالمسألة جد عميقة ، وسؤال الكرامات سؤال كبيرة والإنسان كل واحد يتعامل حسب أسئلته وتصوره، ومسألة الشرك بالله، فكم من واحد زار مولاي ادريس زرهون او أي فضاء من الفضاءات وخرج يشرك بالدين وبالله ؟؟؟ بالعكس الإيمان هناك يزداد ويتقوى لأن هناك علاقة بالتصوف والتصوف يؤدي إلى الإيمان، بطرق أخرى وننصح هنا بقراءة "ابن عربي".
وماتجب الإشارة إليه هو أن المغرب البلد الوحيد الذي توجد به بعض الأضرحة مثل الضريح الموجود بالقصر الكبير والذي يقال عليه أنه مغربي / يهودي ، حيث يوجد بهذا السيد مقدمين مغربي ويهودي معا، حيث هناك تعايش بين الثقافتين والدينين وكل على حدة يؤدي طقوسه ودون أية مشاكل أو كفر أو غير ذلك من هذا القبيل...
فهذه المسائل يجب أن يتعمق البحث فيها، لان العديد من الطقوس بالتعبير الجسدي، أصبحت الوسائل الحديثة في الأمراض العقلية والنفسية تعتمدها، وعلى سبيل المثال الصين التي قامت ببحث ودراسة في طرقها الصينية التقليدية وقد اكتشف الطب الصيني والتداوي بالإبر و"الليوكا " وغير ذلك.
وميدان البحث كبير، وهذا جزء من ثقافتنا الشعبية التي يجب إخراج ماهو مهم ومفيذ منها ، كالدور الكبير الذي تلعبه الأضرحة عند الذهاب اليها وما تحققه من دوراقتصادي وفرجوي ... واطمئنان وراحة وبالتالي التوازن الاجتماعي، فقد كانت سابقا وحتى الآن فضاء تلجأ إليهن النساء بشكل أكثر، لكون النساء لايتوفرن على فضاءات أكثر راحة و أكثر حميمية... كما يجب التركيز على عدم ترك المشعوذين الذين يتاجرون بآلام الناس وعواطفهم وإحساسهم، أولئك الذين يحومون حول الأضرحة .
حياة البدري - شعبان 2015
جاؤوا تيمنا بالسيد “اليابوري”، لقضاء حاجاتهم المؤجلة ومطالبهم الملحة... وقد كان الحضور متنوعا وزخما ، وإن كانت الغلبة للعنصرالنسوي، الشيء الذي أثار استغرابنا وأيضا تساؤلاتنا حول هذه العينة المكتسحة وأيضا عن سبب امتلائه بشكل أكبر، فهل يكون دائما وأبدا مملوءا بالزوار هكذا؟ !!!...وهل امتلاء هذا الفضاء اليوم، يعود إلى الجو المشمس و مجاورة هذا الولي للبحر وإقبال الناس على الشاطئ، ثم اكتشاف هذا "الولي وبركاته" أم أن هناك علاقة بشهر شعبان وعلاقة بمهرجان موازين (حجة وزيارة) وغيرها من التفسيرات التي حاولنا، بها تفسيرهذه الطوابير من الحجاج التي حجت نحو هذا الضريح....
ففي الزيارة الأولى التي قمنا بها لهذا الضريح اثر استطلاع أجريناه حوله سنة 2000 ، لم يكن عدد الزوار بهذا المقياس !!؟؟؟!!! ...
فهل زيارة الأضرحة تقل بازدياد الوعي والتقدم التكنولجي وازدياد العلم والبحث؟ أم تزداد وترتفع نسبها مع مرور الزمن والتطور الإنساني والتقدم العلمي والتكنولوجي وتوسع الفكرالديني وانتشاره؟ ... وغيرها من الأسئلة المتماطرة على الرأس في تلك اللحظة؟...
وجهة الاستقبال لسيد اليابوري "عاشق الملابس الداخلية"
على الساعة العاشرة إلا ربع، يوم الأربعاء من شهر شعبان، الشهر المبارك الذي يفضل البعض صيام عشره الأوائل لما لها من أجر كبير عند الباري تعالى، في حين يفضل البعض الآخر القيام بطقوس أخرى ، كن قد حضرن إلى الوجهة المعلومة، مدينة الرباط، مدينة العرفان والمكتبات والجامعات والثقافة والوعي والثقافة الشعبية... كن على مقربة من مقبرة الشهداء يمينا والوداية يسارا وشاطئ الوداية أسفلا، جئن من أجل تحقيق الطلبات المنشودة والمساعي المرغوبة ...
بخطى متسارعة ونظرات زائغة وقلوب مترجية لتحقيق أهداف وطلبات طالما انتظروها وطال معها الزمن ولم تتحقق... نتيجة عراقيل عديدة ومتنوعة… أجمعن على حصرها في أعمال بشرية شيطانية تؤجل المقصود وتدفع بالعجلة نحو الوراء واللاتحقق...
زيارة بعد تردد طمعا في حظ قابل للتحق واللاتحقق
بدأن يهرعن إلى مقبرة توجد أسفل الوداية وقريبة من مقبرة الشهداء، نحو حائط أبيض وجداره أسود بفعل الشموع المصطفة والمشتعلة أسفله، يحملن الشموع بيد وليمونة(حامضة سمينة) باليد الأخرى وهن يرتلن بعض الأدعية، ثم يبدأ طقس الطواف ثلاث مرات، على جدع نخلة منزوعة الرأس والأغصان، مرشوشة بالحناء وممدة على الأرض بشكل عمودي قرب السور مكان موقد الشموع ، بعد توجيه خادم المكان ، شاب ثلاثيني مفتول العضلات طويل القامة يرتدي جينزا أسود اللون وقميصا أحمرا ويضع قبعة فوق رأسه، تغزو وجهه بعض الخدوش التي تدفع المرء في بداية الدخول إلى المقبرة نحو الوجهة، أنه دو سوابق جنائية وخصوصا وهو يتفحص الزوار بشكل جد دقيق ونظرات ثاقبة محاولة اختراق مارواء الثياب، من الأعلى إلى الأسفل وعلى الخصوص منهن الشابات والنساء الجميلات.
هكذا ابتدأت "سامية" وأختها "سناء"، فتاتين جميلتين يتراوح عمريهما مابين 35 و40 سنة، يشتغلان بالقطاع الخاص براتب لابأس به، لاينقصهما شيء، تبدوان بصحة جيدة، فقط حسب تصريحهما لخادم المكان، أنهما جاءا لطلب طرد العكس وتقريب المنال، زواج سناء مرة أخرى والعثور على حض موفق بعدما صادفت زوجا قاسيا وبخيلا وله عائلة لاترتاح إلا بعد تعكير صفوهما وتنغيص اللحظات الجميلة عليهما وبالتالي تفريقهما وذهاب كل واحد نحو حال سبيله في النهاية، أمام جملة المشاكل التي اختلقتها عائلة زوجها كما اشتكت سناء. أما سامية فرغم المال والجمال والمنصب، لم يتقدم أحد لخطبتها حتى وصلت إلى سن الأربعينيات، مما جعلها بعد تردد كبير وبعد تقديم عدة مواعظ من قبل أفراد عائلتها وصديقاتها اللواتي زرن المكان وكانت النتيجة ايجابية، قررت هي الأخرى المجيء نحو هذا "الولي الصالح" لطرد العكس الذي ربما قد يكون هو السبب والحصول على زوج وبالتالي الفوز ولو بطفلة أو طفل يرث ثمرة جهدها وشقائها "المهم هاأنا درت النية وغادي نشوف ربما يأتي ماأحلم به" مصرحة لخادم المكان الذي بدأ يؤكد بركات هذا "الولي الصالح" لكل من قام بالطقوس كما ينبغي لمدة ثلاث مرات .
جذع نخلة منزوعة الرأس و حامضة سمينة ونهود نافرة.
بعد طقس إشعال الشموع وترتيل بعض الأدعية وبعد الطواف على النخلة المنزوعة الرأس والأسعاف والمرشوشة بالحناء، تقف الفتاة او المرأة او الشاب او الرجل عند رأس النخلة المنزوع تقدم "الحامضة الغليضة" للشاب المفتول العضلات وصاحب النظرات الثاقبة فيبدأ في طقسه هو الآخر، بوضع هذه الليمونة(الحامضة) على الكتفين كل على حدة للزائر وإذا كانت الزائرة فتاة أو امرأة جميلة وذات نهدين نافرين، ينزل خادم المكان الشاب الذي هو الآخر، كما قال لإحدى الزائرات من سلا، وهي شابة مليحة الوجه ومن ذوات "الحجم الكبير" والنهود النافرة، أنه لايزال "على الله " ، نحو الصدر ويضغط على النهدين محاولا مسهما بأصابعه بغية سرقة متعة اللمس والاختراق بنظرات متفرسة، ثم ينزل نحو الركبتين فالقدمين واضعا الحامضة الغليظة فوقهما، كل على حدى. ليختتم هذا الطقس بتفجير الحامضة تحت قدم الفتاة المعنية أو المرأة أو الشاب أو المرء المعني بكل ما أوتوا من قوة، وكأن حال سبيلهم يقول "ليفتت العكس ولتنفجر شظاياه إلى الأبد وبدون رجعة" ثم يحمل المرء صاحب أو صاحبة الطقس، الذي فجر هذه الليمون ويطوح بها من فوق رأسه نحو الوراء مع التركيز على شرط عدم الالتفات نحو الوراء حتى لاتتبعهم "التابعة" و"العكس" كما فسر لهم الخادم الذي لايزال هو الآخر على باب الله رغم عمله بإزالة التابعة والعكس؟ ...!! ...
صارخا في وجه امرأة تقدمت بالطقوس على ابنتها الشابة العشرينية التي مازلت تمر من طقوس الحامضة الغليظة والأنامل السارقة لمتعة اللمس فوق الجسد، عندما رجعت ووقفت بجانب ابنتها خوفا من إضافة طقس آخر لايوجد بقائمة طقوس الزيارة، قائلا لها: " لهذا السبب تعودين دائما إلى هنا لأنك تلتفتين نحو الوراء".
نادى علي سارق لذة اللمس وصاحب وصفة عدم الالتفات نحو الوراء، لما لاحظ أنني أحاول أخذ الصور والتسجيل، فأخذت أتحدت بصوت مسموع وكأنني أتكلم فعلا مع شخص ينتظرني، قائلة بأنني مازلت أنتظر دوري وسأخرج في الحال طالبة منه أن ينتظر قليلا لأن دوري قد قرب.
اقترب مني "خادم المكان" أكثر وبدأ بنظراته المعهودة يحذق بي، فظننت أنه شك بي وسيحاول انتزاع وسرقة هاتفي، فسألته هل قرب دوري؟ فأجابني "غيرأجي ويقرب دورك؟ لقد رأيتك "أنت فقط وصلت وجئت مباشرة نحو المرحلة الثالثة للزيارة" !!!... أولا، يجب عليك أن تدخلي "للسيد" وتزورينه وتضعي النقود بالصندوق وتضعي الشموع به والهدية إن حملتها معك، ثم تذهبي تحت الشجرة وتقدمي للجالسين تحتها، الزيارة و5 دراهم وبعدها توجهي نحو "العين" للاغتسال، بعد وصول دورك طبعا، وهناك ستؤدين أيضا 5 دراهم للسيدة المسوؤلة وستشرح لك كل شيء عن العين و"طقس الاغتسال" .
داخل فضاء سيدي اليابوري.
ما إن توجهنا نحو باب "السيد اليابوري" أنا وسيدة طلبت مني مرافقتها نحو الداخل، سيدة تأتي للمرة الأولى إلى هذا الفضاء، هي وأختها وابنتها بهدف رفع العكس والبحث عن حل للحظ العاثر والزوج المتأخر والصحة لـلسيدة، بممارسة شعائر الطقوس الأولى والثانية، كما اقترح علينا خادم المكان الذي لايزال "على باب الله"، الدخول إلى السيد للتبرك وممارسة الطقوس الأولى والثانية أولا ثم العودة إليه .
توجهت نحونا شابة حليقة الرأس، ترتدي سترة عريضة وهي تركض نحونا وتصيح بأعلى صوتها وتهلوس، الشيء الذي أثارت معه في نفس الآن لدى الزائرات والزوار، الخوف والشفقة والدعاء بقضاء حاجتها وإرجاع عقلها الذي أخذ عطلة من التفكير العقلاني ووزن الأفعال والتصرفات المتفق عليها، إلى جادة الصواب .
طابور عريض وطويل من النساء خاصة والرجال أيضا، يتناوبون على ممارسة طقوس وشعائر الزيارة، الكل يحرص قدر المستطاع بالقيام بها بطرق صحيحة دون نسيان أية ثغرة حتى تقبل وحتى يكون مفعولها ناجعا وحتى يتم تحقيق المقصود والمرغوب لدى كل "مضيوم" ومهموم جاء لطلب البركة والمساعدة من هذا الولي الذي توفي منذ القدم؟ !!! ...
المرحلة الأولى من شعائر حجاج سيد اليابوري.
التوجه نحو قبر الولي الصالح ( سيد اليابوري) وتقديم الهدايا سواء كان ثوبا أو شموعا أو نقودا، توضع بالغرفة التي يوجد بها قبر الولي والجلوس بجانب القبر بعد لمس جنباته ووضع الرأس على التابوت والتوسل بكلمات لاتسمع منها إلا كلمات شاردة بعد الانغماس في التوسل والتفريغ .
ذلك ماكان يقوم به الزوار من شابات ونساء ورجال وشباب جاؤوا من عدة مدن مغربية سواء المجاورة أو البعيدة لمدينة الرباط، من القنيطرة والصويرة ومراكش ...والرباط نفسها وعين عودة وتمارة وسلا ... لما سدت كل الأبواب في وجوههم وقلت حيلتهم ونفذ صبرهم أمام البطالة وأمام العنوسة وقلة الصحة وتعثر الحظ وانفلات الأعصاب... طلبا لبركته و"الكمال على الله، وبنادم يديرالنية" كما عبرت معظم العينات منهم.
حجوا بكثافة تيمنا بالسيد اليابوري، لقضاء حاجاتهم الملحة ومطالبهم المؤجلة... كانوا رجلا ونساء، شابات وشبابا وكان الجنس الأكثر غلبة هو العنصر النسوي !؟
أفادت إحدى السيدات اللواتي لها علاقة بزيارة الأضرحة والتي أخبرتنا بتحقق بعض مطالبها وانتظار باقي المطالب الأخرى في طابورالانتظار، وعلى الخصوص تأخر زواج ابنتها الوسطى وعدم حصول ابنها الأصغر على وظيفة قائلة : ("واخى سالى قرايتو كلها وتمحن بزاف مازال ماشاف والوا واحنا عند الله وبركة سيدي اليابوري"). على أن نسبة الزيارة اليوم على وجه الخصوص وعدد الزوار يكون مرتفعا، لأن اليوم هو يوم الأربعاء واليوم هو يوم زيارة الولي، مؤكدة على أهمية الزيارة بهذا اليوم. ولهذا يأتي الناس اليوم بشكل كبير حتى تقضى حوائجهم.
حيل وفقر وخداع وارتزاق.
تحت شجرة التين الظليلة تجلس أربعة نسوة قربهن الحناء والشموع، يتحدثن و ويبحثن في أكياس من الثوب والبلاستيك، يقلبن الملابس، لم نعرف أهي ملابس جئن بها من أجل التنظيف وربح الوقت أم أنها تلك الملابس التي تتركها الزائرات والزوار بغية طرد العكس ! ؟ ... يبحثن فيها عن الأجود والأليق والباقي يتم بيعه ضمن الملابس القديمة !؟... وعلى مقربة من هؤلاء النسوة "رجل " يجلس القرفصاء ، شعره أبيض ومشعث يرفعه نحو الأعلى ب"عصابة" غليظة خضراء اللون، وعينيه مكحلتان ووجهه أحمر، هل بفعل الشمس أم بفعل(العكر الفاسي) كما تنبأت إحدى الفتيات. وهو يحدق في كل من وطأت قدماه باب "السيد " مركزا بشكل أكبر على باب مكان الاستحمام، مثيرا الخوف والرهبة لدى الزائرات.
تحاول بعض الزائرات والزوار التهرب من هؤلاء النسوة حتى لا يؤدين النقود لهم مرة أخرى بعدما دخلوا إلى السيد وسيعملون على الدفع مرة أخرى مقابل الاستحمام ومقابل الطواف على النخلة المنزوعة الرأس !...
" آه آه... كلشي ولا فيه الكريساج، الطبيب، الكلينيك، صاحب الرقية الشرعية، الشوافة ، العشابة، حتى واحد مايعطيك شي حاجة فابور، وللا غير السليت والنتيف " هذا ماعبرت عنه إحدى الشابات اللواتي قدمن من سلا، شاكية بصوت مسموع والغضب يملأ صدرها من حال الواقع المر الذي بات فيه الكل عبدا" للمادة" وخلاء القلوب من الرحمة والتعاون... خصوصا بعدما نادى عليها رجلان يرتديان الأحمر(لباس كناوة)ويدعيان قراءة الغيب ولما أعطتهم 20 درهما شريطة أن يردوا لها الباقي، لكنهم لم يفعلوا، بحجة أن مايدخل جيب الشرفة لايخرج منه وإن أخذت الباقي "سيخرج فيها" وسيكون له أصر سيء على صحتها وسيكون له وقع أكبر على حظها وستكون النتيجة عكسية من الزيارة... !!
بعد مرور الوقت وبعدما سقطت في فخهم جلست المسكينة تردد ماوقع لها بصوت مسموع للنساء اللواتي تنتظرن دورهن للدخول "للعوينة" للاستحمام، مرددة ماوقع لها لعلها تطفئ نار هذه المصيدة التي وقعت فيها، خصوصا وأن عملها جد متعب وراتبها جد هزيل ، فهي مرة تشتغل ومرة أخرى "تبقى على باب الله" على حد تعبيرها، فهي تقف وأمها في "الموقف " وقد يأتيها العمل وقد لايأتي لمدة أسبوعين وأكثر !!! ولهذا الغرض فهي الآن هنا لكي يطلق سراحها وتتزوج من زوج يريحها من هذا العناء او الحصول على عمل قار وآمن... المهم عندها هوتغيير حالها الى ماهو أحسن وآمن...
ما إن يدخل طابور من النساء إلى العين للاغتسال حتى يشكل طابورا آخر في سرعة البرق، الشيء الذي جعل المشريفين على هذا الفضاء، الوصول إلى حل إدخال الرجال أولا لقلة عددهم ثم إدخال النساء ثانيا وبالمجموعات وليس فقط عناصر العائلة الواحدة الذين جاؤوا بالأربعة والثلاثة وأكثر، الشيء الذي جعل بعض النساء تشتكي وتتذمرن من عدم مس المياه كل أطراف جسدها وعدم إيجاد الوقت لملإ قنيناتهن، فتهتدي إحداهن إلى حيلة الدس وسط طابور النساء لتبادل أطراف الحديث معهن، حتى تتمكن من جديد الاغتسال ومس ماء العين لكل أطرافها جمعاء وملإ قنينتها ذات الخمس لترات.
ملابس داخلية ومياه بئر أسفل المقبرة
بغرفة الاستحمام بماء البئر البارد الذي ما إن يصب على الأجساد المتنوعة والمختلفة حتى تشهق من فعل البرودة، فتنطلق الزغاريد والصلاة والسلام على النبي ثم تترك الملابس الداخلية المتنوعة الألوان والأحجام والأشكال والمشط والكيس... هناك من أجل ترك كل "عكس" أو"تابعة " او "نحس" معهم بدون رجعة.
دور هذه الغرفة وهذه المرحلة الثانية، هو دخول المربوط أو المربوطة "بتقاف" أي "العكس" الذي قد يؤخر أويمنع الزواج أو العمل أو الإنجاب أو غيرها من الرغبات والمطالب التي يسعى إليها المرء... لكنها تتأخر وقد لاتتحقق كما يدعي معظم المنتظرين بالصف الطويل من زوار الضريح.
وهن تنتظرن دورهن للدخول نحو الغرفة التي يوجد بها البئر والتي تشرف عليها امرأة توجه الزائرات وتصب ماء البئرعلى أجسادهن، من الرأس حتى الأسفل بعد خلعهن لملابسهن وملأ بعض القوارير من الماء من أجل الشرب والتبرك وحمله للأهل والأحباب لمن لم يستطع المجيء.
يأتي الرجل الكحيل العينين والأحمر الوجه بفعل ماكياج تقليدي، صاحب الشعر الذاهب نحو السماء، الذي يضع "عصابة خضراء" فينصح النساء بالدخول بالخمسة آو الستة...ويسترق النظر من شق الباب المبتسم، محاولا الدخول بعينيه إلى قاعة البئر ومكان خلع الملابس، حيث تتجرد النساء اللواتي يأتين لأول مرة ولايحملن ملابس داخلية إضافية من كل شيء وتبقين كما ولدتهن أمهاتهن حتى لاتضطرن إلى ترك الملابس الداخلية وترك أشياء أخرى مكانها كالمشط والفولار ... ومن بعدها تخرج النساء إلى المرحلة الأخيرة مرحلة الطواف على النخلة المنزوعة الرأس والتيمم بالحامضة الغليظة.
تعارف وتازر وتفريغ للهموم...
وأخيرا تخرج صاحبة القنينة ذات الخمس لترات وهي في كامل النشوة، فقد ساعدت الشابة التي تعرضت لمصيدة المرتزقة أمام باب "السيد" بعدما تبادلا العناوين وتواعدا بتبادل الزيارة، كما أحست بكامل الانتصار، فقد أقامت الطقس كما ينبغي وملأت قنينتها ذات الحجم الكبير لكي ترش بها منزلها وتسقي أهلها ومعارفها وإن كانت قد تركت ملابسها الداخلية مرة أخرى وخرجت دونهم كما تفعل البعض عند الزيارة الأولى نظرا لجهلهن للطقوس فتضطررن لهذا، حتى تعود إلى "الولي الصالح" فقط مرتين بدل ثلاث مرات.
اتجهتا مبللتان الشعر، حالمتان بمستقبل أفضل نحو طقس النخلة المنزوعة الرأس والليمونة الحامضة بيدهما وأسارير المرح والانتعاش والسكينة بادية عليهما ...
فما حكم ورأي رجال الدين من الأضرحة وماتفسير وتحليل الطب النفسي لهذه الظاهرة التي كانت منذ الأزل ولاتزال وهل المنع والإغلاق الذي بات يغزو بعض الأضرحة والأماكن المتجدرة في التاريخ والثقافة الشعبية لبعض الشعوب، كبويا عمربالمغرب عمل صحي وإيجابي سيخلص البلدان من الجهل والكفر كما يتبأ البعض أم أن سيشكل ضربا للثرات والهوية والثقافة... هذا ماسنراه مع الفقيه عبد الباري الزمزمي والطبيب والمحلل النفساني والباحث في الأضرحة، الدكتور عبد الله زوزيو.
الفقيه عبد الباري الزمزمي:
ماريكم في التبرك بالأضرحة والأولياء الصالحين ألايعد ردة وعودة نحو الجاهلية؟
زيارة القبور مشروعة من أجل التذكير بالآخرة "زوروا القبور فهي تذكر بالآخرة" ومازاد على ذلك فهو ظلال وجاهلية، فالذبائح والتوسل لغير الله بالشفاء وجلب الصحة وغيرها من الأدعية والطقوس، ظلال ورياء وإشراك بالله ومن أمور الشعوذة.
والشخص الميت هو من ينتظر من الأحياء الدعاء له وطلب الله عز وجل بالرحمة والمغفرة له، وليس الأحياء من ينتظرون الدعاء لهم والتدخل لهم لتحقيق مطالبهم وأدعيتهم.
ماهي في رأيكم الآليات الأساسية لصد هذه الظاهرة ؟
التوعية بمختلف الأساليب، بأن هذا ضياع وظلال وباطل ولا قيمة له، سواء في اللقاءات أو المساجد أو المدارس والجامعات والإعلام بكل أنواعه المسموع والمكتوب والالكتروني والمرئي، بدل تشجيع المواسم والأضرحة وذكرها بالبرامج والاشهار لها وتخصيص الميزانيات لها كموسم عبد السلام المشيشي الذي تخصص له حملة إعلامية كبيرة بالاعلام .أو سواء بالحضور بعين المكان والعمل على التوعية والتوجيه .
هل أنتم مع إغلاق الأضرحة؟
يجب تهديمها بالمرة وهذه سنة الرسول" كلما وجدت قبرا مشرفا فهدمه" ولقد قطع عمر شجرة رضوان كان الناس يتبركون بها ويصلون فيها ركعتين وعمل على قطعها .
الطبيب والمحلل النفساني الدكتور عبد الله زوزيو
مارأيكم في ظاهرة الأضرحة والتبرك بها ؟ هل هي ظاهرة صحية أم غير صحية؟
كيف هي صحية ام غير صحية من أي ناحية؟
يعني هل زيارة الأضرحة مفيدة أم غير نافعة وما الفائدة من تواجدها...؟ وهل تعد تخلفا وجاهلية وشركا بالله؟ وماهي الآليات التي يجب اعتمادها لتنظيم هذه المجالات؟
أولا إذا تعاملنا مع الموضوع من جانب الفائدة وغير الفائدة وأدخلناه في خانة التخلف أوغيرالتخلف لن يبقى لدينا إمكانية لتحليل الموضوع والمجال الذي نبحثه.
فالإنسان منذ البدء كان لديه فضاءلت يزورها، وأوربا التي يقولون أنها تطورت وعرفت الثورة والتقدم بكل المستويات، لاتزال تحتفظ بعدة مزارات كمزار اللوغد" ومزار شمال اسبانيا "جون جاك دكوسنطال" ومزار فاتمة بالبرتغال وغير ذلك من الفضاءات التي يتوجه اليها الناس من أوربا كاملة ويلجأ إليها الإنسان الذي يصاب بمرض خطير أولديه إشكالات إلى هذه الفضاءات. في حين نحن، هنا نأخذ بعين الاعتبار "مسالة الأضرحة" كأضرحة ومايحوم حولها ويجب اقفالها... وغيرذلك... كضريح بويا عمر.
فلايجب اقفال الضريح ، بل المسالة التي تعد خطيرة هي تلك العمارات والبنايات التي توجد بجانبه والتي استغلها أصحابها والتي تتوفر على 1000 سرير في حين المغرب كله يتوفر على 1800 سرير بأكمله تلك العمارات التي يسجن فيها المغاربة منذ سنين، أبنائهم وأفراد عائلاتهم وبمبالغ يؤذونها مقابل ذلك. وهذه العمارات هي من يجب إغلاقها وليس الضريح.
فالإشكال يكمن في المشعوذين الذين يحومون حوله وحول كل الأضرحة، التي يمكن أن توجد فيها هي الأخرى هذه الظاهرة.
فالانسان الذي يتوجه هناك ، يجب عليه معرفة هل هناك "مقدمة" من عائلة "الولي الصالح" تعمل على توفير الجو الصحي أم هناك فقط مشعوذون يستغلون الفرص ويعكرون الجو.
فالتعامل مع الأضرحة يجب رؤيته بطرق شمولية ولايجب أن نرى فيهم مجرد موتى، بل أعلام ومتصوفة ومجاهدين وعلماء... والحكم بإغلاق هذه الأضرحة هو حكم ضد الصوفية ككل.
فالأضرحة والزوايا كانت بمثابة معاهد للموسيقى مثل "الطريقة الكناوية" التي أنتجت المسيقى الكناوية والدرقاوية الحراقية التي علمت الموسيقى الأندلسية، والعيساوية التي اعطتنا فن الملحون، فكل هذه الأماكن كانت تعلم الموسيقى وكانت أماكن للمعرفة. والذين يحرمون الاضرحة وينادون بإغلاق هذه الفضاءات هم من يحرمون الرقص والجذبة والموسيقى وينادون بمنعها.
فإلى جانب جامعة القرويين بفاس كانت هناك "دارإيليغ" بسوس و"الزاوية الناصرية" في الجبال. ومن ثمة فدورالأضرحة لا يكمن في الزيارة فقط بل لها دوركبير في التعلم والعلم ويلعبون الدورالكبيرفي الثقافة .
وبدل مهاجمة الأضرحة والمطالبة بإغلاقها كما وقع "للسيد علي بن حمدوش" 5 سنوات وهو مغلق، يجب القيام بدراسة عميقة ومتعددة التخصصات من أنتربولوجيين وسوسيولوجيين وعلماء الاجتماع والتاريخ وعلم النفس واللغة وغير ذلك ، هي من سيمكننا من التوصل لهذا الجانب من الثقافة الشعبية.
لانه إذا ماستمرينا في الهجوم والإقفال لهذه الأضرحة سنزكي مشروع داعش التي تمحي الاضرحة و تحرق الزوايا والمخطوطات، كما فعلوا لما دخلوا تمبوكتوا، هذا المخطط الذي لن يكتفي بهذا بل سيسعى حتى إلى إزالة قبر النبي ويعتبرونه حراما.
فالمسألة جد عميقة ، وسؤال الكرامات سؤال كبيرة والإنسان كل واحد يتعامل حسب أسئلته وتصوره، ومسألة الشرك بالله، فكم من واحد زار مولاي ادريس زرهون او أي فضاء من الفضاءات وخرج يشرك بالدين وبالله ؟؟؟ بالعكس الإيمان هناك يزداد ويتقوى لأن هناك علاقة بالتصوف والتصوف يؤدي إلى الإيمان، بطرق أخرى وننصح هنا بقراءة "ابن عربي".
وماتجب الإشارة إليه هو أن المغرب البلد الوحيد الذي توجد به بعض الأضرحة مثل الضريح الموجود بالقصر الكبير والذي يقال عليه أنه مغربي / يهودي ، حيث يوجد بهذا السيد مقدمين مغربي ويهودي معا، حيث هناك تعايش بين الثقافتين والدينين وكل على حدة يؤدي طقوسه ودون أية مشاكل أو كفر أو غير ذلك من هذا القبيل...
فهذه المسائل يجب أن يتعمق البحث فيها، لان العديد من الطقوس بالتعبير الجسدي، أصبحت الوسائل الحديثة في الأمراض العقلية والنفسية تعتمدها، وعلى سبيل المثال الصين التي قامت ببحث ودراسة في طرقها الصينية التقليدية وقد اكتشف الطب الصيني والتداوي بالإبر و"الليوكا " وغير ذلك.
وميدان البحث كبير، وهذا جزء من ثقافتنا الشعبية التي يجب إخراج ماهو مهم ومفيذ منها ، كالدور الكبير الذي تلعبه الأضرحة عند الذهاب اليها وما تحققه من دوراقتصادي وفرجوي ... واطمئنان وراحة وبالتالي التوازن الاجتماعي، فقد كانت سابقا وحتى الآن فضاء تلجأ إليهن النساء بشكل أكثر، لكون النساء لايتوفرن على فضاءات أكثر راحة و أكثر حميمية... كما يجب التركيز على عدم ترك المشعوذين الذين يتاجرون بآلام الناس وعواطفهم وإحساسهم، أولئك الذين يحومون حول الأضرحة .
حياة البدري - شعبان 2015