ركاد حسن خليل - أبحرتُ في لونِ عينيها

سمعتُ صوتًا بألحانٍ مُغرّدةٍ = أصابني سهمُها عانقتُه طَربا
مخلوقةٌ طينُها نورٌ.. مُطَهّمَةٌ = أنسامُها في شغافي أشعلتْ حَصَبا
لا أحسبُ الحُسنَ إلاّ من منازلها = إن أشرقَتْ.. غابَ نورُ البدرِ وانسَحَبا
ومن ضياها تَوارتْ أنجمٌ شُهُبٌ = تذوبُ.. تطوي بِذيْلٍ خلفَهُ سُحُبا
أرنو إليها فألقى عندها فرحي = أدنو إليها بشوقٍ فاضَ وانْتَجَبا
أيقنْتُ أنّي على شطِّ الهوى ثمِلٌ = فيها الغرامُ.. إليها القلبُ قد وثَبا
الوردُ والعطرُ والرّيحانُ جنّتها = فاضتْ بطيبٍ وكانت ريحُها سَببا
والزّهرُ والطّيرُ والأنسامُ من عَدَنٍ = فيها أقامت.. وفيها ظِلُّها انْسَكَبا
أبْحَرْتُ في لون عينيها وليلِهما = النّورُ في مُقلتيها يرتدي لَهَبا
أسلمْتُ أمري لها أرجو موَدّتها = ما خابَ من أشْعَلتْ في قلبهِ الشُّهُبا
سبحانَ من أيقظَ الأحلامَ في كبدي = سُبحانَ ربّي فَكم أعطى وكم وهبا
متيَّمٌ.. صارَ ما بين الضُّلوعِ لها = وأصبح النّبْضُ يجري صوتُه خَبَبا
وصِرْتُ أنسُجُ ألحاني وقافيتي = لا أكتبُ الشّعرَ بل حرفي بهِ غَلَبا
فالشّعرُ تنثالُ للعينينِ أحرُفُهُ = يغدو قصيدًا يُداوي العِشْقَ والوَصَبا
فأورَقَتْ في رياضِ الحُبِّ باسقةً = قصائدي تَرْتَوي من بَحرِهِ عَبَبا
كريمةٌ من طباعِ الجودِ مَنبعُها = أمطارها عَصَفَتْ بالقلبِ فانقَلَبا
وأصْبَحَتْ جَنّتي بالحُبِّ أسكنُها = قصْرًا يُنيرُ حياتي.. زَيْتُه اخْتَضَبا
بيتي.. ملاذي وسَعْدي حين أسمَعُها =* ما مَلَّ جارٌ لها.. يُغنيهِ ما اكتسَبا
رفيقتي في هجوعي.. طيفُها مَلَكٌ = يدورُ مع كوكبي.. في جُرمِهِ ذهبا
لا يطلعُ الصبحُ إلاّ بعدَ بَسْمَتِها = فجرًا لِعُمري.. وتاريخي بها كُتِبا
محبوبَتي.. روحُها تَسري بِأوْرِدَتي = مَجْرى دَمي.. تُذْهِبُ الأحْزانَ والغَضَبا
 
أعلى