عبد الغفار الأخرس - رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر

رمى ولم يرم عن قوسٍ ولا وتر = بما بعينيه من غنج ومن حور
مؤنث الطرف ما زالت لواحظه = تسطو وتفتك فتك الصارم الذكر
مهفهفُ القد معسول اللمى غنج = أقضي ولم أقض منه في الهوى وطري
ما لي بمقلة أحوى الطرف من قبل = مؤيّد بجنود الحسن منتصر
يعطو إليّ بجيد الظبي ملتفتاً = تلَفُّتَ الظبي من خوف ومن حذر
وكلَّما ماسَ قلت الغصن حركة = ريح الصبا وهو في أوراقه الخضر
عجبت ممن قسا والعهد كان به = ارَقَّ من نسمات الروض في السحر
أشكو إليه صباباتٍ أكابدها = كأنَّما رحت أشكوها إلى حجر
نيران خدّيك ها قد أحرقت كبدي = يا جنّة أنا منها اليوم في سقر
إنْ لم تكن بوصالٍ منك تسعفني = فلا أقلّ من الإسعاف بالنظر
جد لي بطيفك واسمح إن بخلت به = إني لأقنع بعد العين بالأثر
واذكر ليالينا الأولى ظفرت بها = والدهر يعجب والأيام من ظفري
تلذّ لي أنت في سمعي وفي بصري
حيث المسرّة أفلاكٌ تدور بنا = والشمس تشرق ليلاً في يد القمر
في روضة فَوَّفَتْ أيدي الربيع لها = ما أبدع القطر من شيءٍ ومن حبر
والطلّ في وجنات الزهر يومئذٍ = ما بين منتظم منه ومنتثر
ومن أحبُّ كما أهواه معتنقي = ومرشفي السكّر المصريَّ في السكر
إذا تبسَّمَ أبصرنا بمبسَّمَه = ما أودع الله في الياقوت من درر
خاف العيون صباح الغرق تنظره = حتى تعوَّذَ بالأصداغ والطرر
أطل حديثك في قدٍّ فتنت به = وإنْ ذكرتَ حديث الخصرْ فاختصر
يقول لي في تثنّيه مفاخرة ً = ألبانُ من شجري والورد من ثمري
يا قاتل الله غزلان الصّريم فما = أبْقَتْ ـ وقد نفرت ـ صبراً لمصطبر
وما لأعينهن النّجلَ حين رنت = أصَبْنَ قلبي وما الجاني سوى نظري
وقفت منهن والأشجان تلعب بي = في موقف الربع بين الخوف والخطر
وبي من النافر النائي بجانبه = صبابة تعلق الأجفان بالسهر
عهدي بها ورداء الوصل يجمعنا = والوصل يذهب طول الليل بالقصر
لم يرقب الواشي يخشى من تطلعه = ما أوْلَعَ الدهرَ بالتبديل والغير
تركتني ولكم مثلي تركت لقى ً = فريسة بين ناب الخطب والظفر
هيجت أشجان قلبي فانتدبت لها = بكّل منتدب للشجو مبتدر
إنَّ السلامة في سلمان من كدر = يجني عليَّ ومن همّي ومن فكري
يسرُّ نفسي ويقضي لي مآربها = بنائلٍ من ندى كفَّيه منهمر
تالله ما أبصرت عيناي طلعته = إلاّ وأيقَنْتُ أنّي بالنوال حري
توقّع الرَّوض ما تسديه غادية = أناخ كلكلها ليلاً بذي بقر
إذا استقلت تراءى من مخايلها = مبشّرُ الوارد الظمآن بالغدر
أصبحت من يده البيضاء في دعة ٍ = وحسن أنظاره في منظر نضر
كأنَّما أنا من لألاء غرّته = في روضة باكرتها المزن بالمطر
تهُبُّ منه رياح اللطف عاطرة = من طيّبٍ عطرٍ عن طيّب عطر
أمْعِنْ بدقّة معنى ذاته نظراً = =وانظر بعينيك واستعن عن الخبر
وسلْ إذا شئت عن أجداده فلقد = ضاقت بذاك صدور الكتب والسير
أغَظْتُ في مدحه قوماً بقافية ٍ = عن المقيم تجوب الأرض في سفر
وحاسداً قصرت أيدي المنال به = كمفلس الحيِّ رام اللعب بالبدر
تسرُّ قوماً وأقواماً تغيظهم = والشهب ترمي ظلام الليل بالشرر
كالراح تسري إلى الأرواح نشوتها = فالروح في خفة والجسم في خدر
هم الذين أراشوني بنائلهم = لولاهم الآن لم أنهض ولم أطر
المطلقون لساني على = تلك الشمائل بعد العيّ والحصر
بيض تضيء بنور الله أوجهُهُم = في حندس من ظلام الخطب معتكر
النافعون إذا عاد الزمان على = بنيه في الساعة الخشناء بالضرر
تقوى على أزمات الكون أنفسهم = وليس تقوى عليها أنفسُ البشر
فيا لك الله سادات إذا افتخرت = كانت هي المفخر الأسنى لمفتخر
لا تذكر الناس في شيء إذا ذكروا = كاليمّ يقذف بالألواح والدسر
يا أيها الدهر يأتينا بهم نسقاً = هل جئت منهم بمعنى غير مبتكر
ويا معاني المعالي من شمائلهم = لقد برزت لنا في أحسن الصور
دع ما تقول البرايا في مناقبهم = فكيف قولك بالآيات والسور
سرٌّ منالله إلاّ أنَّ نورهم = ف الخافقين وما صبحٌ بمستتر
عَلَوا على الناس إعلاناً فقلت لهم = بالله أقسم لا بالركن والحجر
أنتم لنا وَزَرٌ من كل نائبة = بوركنم نفر السادات من نفر
ونِعْمَ مدَّخرٌ أنتم لمدّخر
مولاي أصبحت واليام مقبلة = وأنت في عنفوان العز والعمر
أنّي لأرقب وعداً منك منتظراً = ووعد غيرك عندي غير منتظر
فاسلم ودم في سرور لا فناء له = باقٍ على أبدِ الأزمان والعصر
 
أعلى