سالم أبو شبانه - الطّريقُ من هنا إلى فَمِ الوادي والبحرِ في الصّباحِ

مشينا طويلاً
يدُكِ الصغيرةُ نشيدٌ وحشيٌّ، دمُكِ قطيع هائج في صدري
وما الأشجارُ التي نمتْ على أصابعي في أوّلِ الخريفِ، سوى خرافةٍ طازجة دحرجها الغجري الأزرق مساءً، بأوّلِ عهدِهِ بالرقصةِ بكى كعاشقٍ وهو يشرّط جسدَهُ بالخنجرِ والندمِ.
أعودُ إليكِ، نعمْ، أعودُ إليكِ
كلّما عبرتني امرأة؛ ترفعين الماضي القريبَ أنشوطةً وشهوةً لا تجفُّ
أيّها القلبُ الواسعُ كحديقةٍ عامّةٍ!
ماذا علينا أن نفعلَ يا قلبي في الدمعةِ الكبيرةِ؟! لا تذبلُ ولا تسقطُ من شرفةِ الماضي. الأغنية في الصّباحِ؛ هبَّ الحنينُ الراكدُ، في الريحِ الطويلةِ كثوبٍ طويلٍ، في الأيامِ التي اخترقَتْ السّياج؛ كبرابرةٍ بظلٍّ ثقيلٍ، وعقاربَ تتوالدُ بلا قلقٍ ولا ندمٍ.
طالتْني عيناكِ في ذلك العمرِ.
القبلةُ التي لم تزهرْ بعدُ كفٌّ مرفوعة في الريحِ والمطرِ، تلكَ التي سقطتْ منِّي حجرًا صغيرًا من عقيقٍ أحمرَ.
يا ربِّي!
أمشي كلَّ هذه السّنواتِ،
أركُلَ الحصى والدموعَ الصغيرةَ في الطريقِ الطويلِ كخيط من الندمِ، كالبردِ القاسي. أمرجحُ كفِّي في الهواءِ اليابسِ، أشهقُ ما تبقّى من هواءٍ سريٍّ بللتْهُ شفتاكِ، أبتهجُ كلّما حطّ طائرٌ أوّل النهارِ
على شباكِكِ المغلقِ منذُ سنواتٍ.
حافيةً والطريقَ.
أتينا على الرائحةِ!
الياسمينةُ في المساءِ شَفَة عاشقةٍ تتمتمُ صلاةَ الانتظارِ، يدُكِ أم صليبُ، أصابعُكِ أم تاجٌ من الشوكِ، عيناك أم العذابُ والاشتهاءُ في الشّرفةِ، أخذنا من الريحِ شغفَها، والشجرةِ قلبَها الذي لا يجفُّ ومضينا في الحكايةِ صاغرين.
 
أعلى