نقوس المهدي
كاتب
مَا أَرَدْنَا أَنْ نَفْعَلَهُ هُوَ سَكْبُ زَيْتٍ مَغْلِيٍّ عَلَى رُؤُوسِ أَعْدَائِنَا، مِثْلَمَا حَاوَلُوا أَنْ يَضْرِبُوا أَسْفَلَ بَوَّابَاتِ قَرْيَتِنَا، لكِنْ، وَكَمَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ الْآنَ، كَانَتْ لَدَيْنَا بَعْضُ المَشَاكِلِ؛ مَشَاكِلُ تَقَنِيَّةٌ فِي المَقَامِ الْأَوَّلِ، وَالَّتِي مَنَعَتْنَا مِنْ عَمَلِ مَا أَرَدْنَا بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي نُرِيدُ. مَا نَطْلُبُهُ الْيَوْمَ هُوَ فُرْصَةٌ أُخْرَى. كَانَ هُنَاكَ الْكَثِيرُ مِنَ الاهْتِمَامِ الْإِعْلَامِيِّ لِمَسْأَلَةِ الزَّيْتِ المَغْلِيِّ، حَيْثُ إِنَّهُ الْوَقْتُ لِتَنْقِيَةِ الْهَوَاءِ. ثَمَّةَ قَدْرٌ كَبِيرٌ مِنَ الضَّغْطِ لِتَفْكِيكِ النِّظَامِ لَدَيْنَا فِي مَكَانٍ، وَنُنْزِلِ الزَّيْتَ مِنَ السَّطْحِ إِلَى أَسْفَلَ، رَغْمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ الْكَثِيرُ هُنَاكَ، وَسَيَكُونُ هذَا خَطَأً. نَعَمْ، كَانَتْ هُنَاكَ مَشَاكِلُ فِي الشَّهْرِ المَاضِي خِلَالَ غَارَةِ الْقُوطِي الْغَرْبِي، لكِنْ كَمَا سَوْفَ نُلَاحِظُ، فَقَدْ عُولِجَتْ هذِهِ بِسُهُولَةٍ...
لَقَدْ كُنْتُ مُشَارِكًا فِعْلِيًّا فِي مَشْرُوعِ الزَّيْتِ المَغْلِيِّ- مَشْرُوعِ الْبَحْثِ، وَالتَّطْوِيرِ، وَنَشْرِ الْقُوَّاتِ مِنْ بِدَايَتِهِ. وَحَدَثَ أَنْ كُنْتُ قَائِدَ فَرِيقٍ عَلَى السَّطْحِ فِي الشَّهْرِ المَاضِي، عِنْدَمَا أُتِيحَتْ لَنَا الْفُرْصَةُ لِتَجْرِيبِ هذَا النِّظَامِ، خِلَالَ هُجُومِ الْقُوطِي الْغَرْبِي، وَالَّذِي كُتِبَ عَنْهُ كَثِيرًا.
(لَمْ تَكُنِ الْغَارَةُ "نَاجِحَةً تَمَامًا"، كَمَا سَأَعْرِضُ. إِنَّ حَوَالَيْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِنَ الْقُوطِيِّينَ(1) الْغَرْبِيِّينَ، اخْتَرَقُوا المَدِينَةَ وَاغْتَصَبُوا وَنَهَبُوا لِعِدَّةِ سَاعَاتٍ، لكِن لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَلْبٌ، وَلَمْ تُلَفَّقْ أَسْئِلَةٌ عَنْهَا- إِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْآنَ أَنَّ لَدَيْنَا الزَّيْتَ عَلَى السَّطْحِ، وَالْعَدِيدُ مِنْهُم سَوْفَ يُفَكِّرُ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ ضَرْبِ أَسْفَلِ بَابِنَا مَرَّةً أُخْرَى. أَنَا لَا أَقُولُ إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ، لكِنْ عِنْدَ حُدُوثِ ذلِكَ، سَيَعْرِفُونَ أَنَّنَا سَنَكُونُ مُسْتَعِدِّينَ).
أَوَّلًا، مَفْهُومُ الزَّيْتِ عَلَى السَّطْحِ يُحْبِطُ كَثِيرًا مِنْ قُرَوِيِّينَا. صَحِيحٌ، إِنَّهُ غَرِيبٌ، لكِنَّ جَمِيعَ الْأَفْكَارِ الْعَظِيمَةِ تَبْدُو غَرِيبَةً فِي الْبِدَايَةِ، وَعِنْدَمَا أَدْرَكَ بَاحِثُونَا أَمْكَنَنَا أَنْ نَضَعَ مِرْجَلًا عَلَى بُعْدِ مَائَتَيْ قَدَمٍ مُبَاشَرَةً فَوْقَ بَوَّابَاتِنَا الرَّئِيسَةِ، وَسَيَشْرَعُونَ لِرُؤْيَةِ إِمْكَانَاتِ أَكْبَرِ مَنْظُومَةِ دِفاعٍ اسْتْرَاتِيجِيٍّ فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ.
الْمِرْجَلُ كَانَ مُكْلِفًا. كُلُّنَا يَعْلَمُ أَنَّ دِفَاعًا جَيِّدًا سَيَكُونُ مُكْلِفًا. كَانَ الْمِرْجَلُ مُصَنَّعًا مَحَلِّيًا بَعْدَ شِرَاءِ النُّحَاسِ، وَالنُّحَاسُ الْأَصْفَرُ مِنْ مَنَاجِمِنَا، وَاسْتَغْرَقَ الْأَمْرُ- كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِلْعُمُومِ- سَنَتَيْنِ لِإِكْمَالِهِ. إِنَّهُ شَيْءٌ جَمِيلٌ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِ مَائَةٍ وَعَشْرَةِ جَالُونَاتٍ مِنَ الزَّيْتِ. مَا لَمْ نَسْتَطِعِ الْحَدْسَ بِهِ، كَانَ التَّكْلِفَةُ وَالتَّأْخِيرُ فِي بِنَاءِ المُحَرِّكِ. حَسَنًا، بِالطَّبْعِ، إِنَّهُ لَيْسَ كَافِيًا لِنَمْلِكَ قِدْرًا كَبِيرَةً، وَجَمِيلَةً كَمَا قَدْ تَكُونُ؛ كَيْفَ سَتَصُبُّ مُحْتَوَيَاتِهَا السَّاخِنَةَ عَلَى أَعْدَائِكَ؟ التَّشْيِيدُ لِهَيْكَلٍ عُلْوِيٍّ مُلَائِمٍ لِلْمُعِدَّاتِ تَطَلَّبَ وَقْتًا ثَمِينًا: سَنَةً أُخْرَى تَمَّ خِلَالَهَا مُهَاجَمَةُ قَرْيَتِنَا مِنْ قِبَلِ الْهُونِيِّينَ(2) وَالْـ Exogoths(3) أُسْبُوعِيًّا تَقْرِيبًا. اسْمَحُوا لِي أَنْ أَطْلُبَ مِنْكُم أَنْ نَتَذَكَّرَ ذلِكَ الْعَهْدَ- هَلْ كَانَ أَيَّمَا هَزَلٍ؟
أُرِيدُ أَنْ أُؤَكِّدُ أَنَّنَا الْتَزَمْنَا بِهذَا الْبَرْنَامَجِ- وَلَا نَزَالُ مُلْتَزِمِينَ. لكِنْ فِي كُلِّ دَوْرَةٍ قَابَلْنَا مَشَاكِلَ، إِذْ إِنَّ بَاحِثِينَا- بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ اسْتِخْبَارَاتِهِمْ وَحَدْسِهِمْ- لَمْ يَسْتَطِيعُوا التَّنَبُّؤَ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ: كَيْفَ كَانَ يُمْكِنُنَا الْحُصُولُ عَلَى تِسْعَةِ عَشَرَ مَائَةِ رَطْلٍ لِلْقِدْرِ مِنَ النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ عَلَى السَّطْحِ؟ مَتَى طُرِحَتْ مِثْلُ هذِهِ المَسْأَلَةِ قَبْلًا؟ وَعِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هذِهِ التَّحَدِّيَاتِ المُسْتَحِيلَةِ، كَانَتْ فِرَقُ الزَّيْتِ المَغْلِيِّ تَبْرُزُ بِحُلُولٍ. لَقَدْ رُفِعَ الْقِدْرُ إِلَى السَّطْحِ بِوَسَاطَةِ شَبَكَةٍ صُمِّمَتْ خِصِّيصًا مَعْ حَبْلٍ لِلرَّفْعِ بِقُطْرِ أَرْبَعِ بُوصَاتٍ، وَالَّذِي نُسِجَ عَلَى المَكَانِ عَيْنِهِ فِي ظِلِّ ظُرُوفٍ أَقَلَّ مِثَالِيَّةٍ، كَمَا سَلَبَ الْـ Retrogoths وَالْـ Niligoths قَرْيَتَنَا بِلَا انْقِطَاعٍ تَقْرِيبًا خِلَالَ الْأَرْبَعَةِ شُهُورٍ لِرَفْعِ الْقِدْرِ. وَلِاهْتِمَامِنَا الْكَبِيرِ وَإِبْدَاءِ الائْتِمَانِ، نَحْنُ لَمْ نُسْقِطِ الْقِدْرَ. إِنَّ الْبُنْيَةَ المُتَمَيِّزَةَ لِأَدَاةِ الصَّبِّ سَقَطَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلكِنْ كَانَ إِصْلَاحُهَا سَهْلًا فِي المَوْقِعِ؛ مِئَتَا قَدَمٍ فَوْقَ مُنْحَدَرَاتِ الْقَرْيَةِ.
كَانَ ذلِكَ لِلَحْظَةٍ، وَأَتَذَكَّرُهُ جَيِّدًا. كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى السَّطْحِ بِمُحَاذَاةِ رَمْزٍ لَامِعٍ لِسَلَامَتِنَا الْوَشِيكَةِ؛ مَنَارَةُ نُحَاسٍ لَامِعٍ (وَعَدَدٌ أَقَلُّ مِنَ المَعَادِنِ) إِلَى الْعَالَمِ، لَنْ نَأْخُذَهَا بَعْدَ ذلِكَ. حَمَلَتْ لَنَا الرِّيَاحُ عَالِيًا صَرَخَاتِ الْقُرَوِيِّينَ المَحْمُولَةِ بَعِيدًا، إِمَّا مِنْ جَانِبِ الْـ Maxigoths أَوِ الْـ Minigoths، وَمِنَ الصَّعْبِ أَنْ أَحْزِرَ. لكِنْ هُنَاكَ وَقَفْنَا، وَكَمَا أَحْسَسْتُ الرِّيحَ فِي شَعْرِي، وَرَاقَبْتُ المَوْكِبَ المُتَفَرِّقَ مِنْ أَثَاثِ مَنْزِلِي مَحْمُولًا إِلَى خَارِجِ بَوَّابَاتِنَا المُنْتَهِكَةِ، عَرَفْتُ أَنَّنَا جَاثِمُونَ عَلَى حَافَّةِ حُقْبَةٍ جَدِيدَةٍ.
حَسَنًا، كَانَ هُنَاكَ بَعْضُ الْحَمَاسَةِ؛ بَدَأْنَا عَلَى الْفَوْرِ. بَدَأْنَا بِإِشْعَالِ النَّارِ تَحْتِ الْقِدْرِ وَنَعْلَمُ أَنَّنَا جَمِيعًا فِي الْقَرِيبِ الْعَاجِلِ سَنَكُونُ جَمِيعُنَا بِأَمَانٍ. عِنْدَ تِلْكَ النُّقْطَةِ فَعَلْتُ خَطَأً، وَالَّذِي أَعْتَرِفُ بِهِ الْآنَ بِسُهُولَةٍ. فِي مُطْلَقِ الْحَمَاسَةِ لِلَحْظَةٍ دُعِيتُ إِلَى أَسْفَلَ- لَمْ أَكُنْ "أَصْرُخُ بِشَكْلٍ جُنُونِيٍّ" حَسَبَ مَا ذُكَرَ- دُعِيتُ إِلَى أَسْفَلَ لِفَتْرَةٍ لَنْ تَكُونَ طَوِيلَةً، وَأَنَا رُبَّمَا لَا يَنْبَغِي لِي ذلِكَ، رُبَّمَا تَكُونُ قَادَتْ بَعْضَ مُوَاطِنِينَا لِتَخْفِيضِ حِرَاسَتِهِمْ. لَقَدْ كَانَ خَطَأً. أَعْتَرِفُ بِهِ. كَانَ هُنَاكَ، كَمَا وَجَدْنَا عَلَى الْفَوْرِ تَقْرِيبًا، مَا يَزَالُ بَعْضُ الْبَقِّ يَعْمَلُ خَارِجَ الْبَرْنَامَجِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قَطُّ أَيَّةُ نَارٍ عَلَى أَعْلَى مَدْخَلِ الْبُرْجِ مِنْ قَبْلُ، وَنَعَمْ، كَمَا يُدْرِكُ الْجَمِيعُ، كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَقْضِيَ وَقْتًا أَكْثَرَ مِمَّا أَرَدْنَا حَقًّا لِاحْتِوَاءِ اللَّهَبِ الَّذِي غُذِّيَ، كَمَا كَانَ، بِالرِّيحِ الْعَالِيَةِ المُنْعِشَةِ وَأَلْوَاحِ الْبُرْجِ الْخَشَبِيَّةِ. لكِنِّي أُسَارِعُ لِأُضِيفَ، إِنَّ الضَّرَرَ كَانَ مُعْتَدِلًا، كَمَا هُوَ مُعْتَدِلٌ فِي أَرْبَعِ سَاعَاتِ نَارٍ، وَانْتِفَاخُ الدُّخَانِ الْأَسْوَدِ مِنَ المُؤَكَّدِ أَنَّهُ أَعْطَى مَزِيدًا مِنَ الدُّخَلَاءِ المُتَسَلِّلِينَ لِلْوُقُوفِ عَلَى التِّلَالِ لِأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا الْعُثُورَ عَلَى أَيٍّ مِنَ الْغَنَائِمِ فِي رَمَادِنَا!
لكِنْ طَوَالَ هذِهِ السِّلْسِلَةِ مِنَ الْقَسْوَةِ، وَالمَزَالِقِ، وَسَقْفِ الْحَرَائِقِ، كَانَتْ لَنَا هُنَاكَ نُوَاةٌ صَلْبَةٌ مُكَرَّسَةٌ تَمَامًا لِنَفْعَلَ مَا أَرَدْنَا الْقِيَامَ بِهِ، وَكَانَ هذَا لِأَجْلِ رَشِّ الزَّيْتِ المَغْلِيِّ عَلَى الدُّخَلَاءِ لِأَنَّهُم مَغْرُورُونَ، أَوْ لِأَنَّهُمْ ضَرَبُوا بَوَّابَاتِنَا الْقَدِيمَةَ التَّالِفَةَ مَرَّةً أُخْرَى. بِالنِّسْبَةِ لَنَا فَإِنَّ قَلِيلًا مِنَ النَّارِ عَلَى السَّطْحِ كَانَ دُونَ تَبِعَاتٍ، وَعَبَثًا، وَعَقَبَةً بَسِيطَةً لِنَتَخَطَّاهَا بِخُطًى سَهْلَةٍ. كُنَّا مُتْعَبِينَ؟ نَحْنُ الْتَزَمْنَا، وَذلِكَ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْهُدُوءِ لَنَا فِي هذِهِ الْقَرْيَةِ فِي شُهُورٍ، وَكَادِرُ السَّخَامِ نَفْسُهُ وَقَفَ فِي الرَّمَادِ الحَارِّ الْعَالِي فَوْقَ دَرَجَاتِ المَدْخَلِ وَجَرَّبُوا ثَانِيَةً. كُنَّا نَعْرِفُ- كَمَا نَعْرِفُ حَتَّى الْآنَ- أَنَّ أَعْدَاءَنَا مُعْتَدُونَ، وَشَرِهُونَ، وَبِدَائِيُّونَ عُمُومًا وَمُسْتَمِرُّونَ، وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَكُونَ عَلَى أُهْبَةِ الاسْتِعْدَادِ.
لكِنْ أَخْبِرْنِي هذَا: أَيْنَ يَكْتَشِفُ وَاحِدٌ مِنْ قَبْلُ كَيْفَ أَنَّهُ قَرِيبٌ هُجُومُ الْعَدُوِّ مِنْ أَجْلِ وَضْعِ الزَّيْتِ فِي الْقِدْرِ؟ هَلْ يَعْرِفُ أَيُّ شَخْصٍ؟ اسْمَحُوا لِي أَنْ أُؤَكِّدُ لَكُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي أَيِّ كِتَابٍ! كُنَّا نَكْتُبُ الْكِتَابَ!
كُنَّا يَقِظِينَ. انْحَرَفْنَا نَحْوَ الْأُفُقِ طَوَالَ الْيَوْمِ، وَعِنْدَمَا رَأَيْنَا، بِدَايَةً، الْغُبَارَ فِي التِّلَالِ، أَعَدْنَا إِشْعَالَ الْقِدْرِ، بِاسْتِخْدَامِ الْخَشَبِ الَّذِي كَانَ قَدِ رُفِعَ خِلَالَ اللَّيْلِ بِالسِّلَالِ المَنْسُوجَةِ. حَتَّى التَّحَدُّثَ عَنْهَا لِلْيَوْمِِ، فَإنَّهُ يُمْكِنُنِي أَنْ أَشْعُرَ بِإِثَارَةِ الْحَمَاسَةِ فِي قَلْبِي. لَقَدْ لَعِقَ اللَّهَبُ الْبُرْتُقَالِيُّ جَوَانِبَ النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ لِلْحَاوِيَةِ بِجُوعٍ، كَمَا لَوْ فِي حَفْلَةٍ مَعْ رَغْبَتِنَا الْيَائِسَةِ لِلْأَمْنِ وَالانْتِقَامِ. إِنَّنِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرَى الْكَتَائِبَ مِنَ الْقُوطِيِّينَ الْغَرْبِيِّينَ فِي المَسَافَةِ تَزْحَفُ نَحْوَنَا مِثْلَ سَفِينَةٍ حَرْبِيَّةٍ عَبْرَ بَحْرٍ مِنَ الْغُبَارِ، وَأَشْفَقْتُ عَلَيْهِمْ فِي رُوحِي، وَفِي النِّهَايَةِ وَقَفُوا صَامِدِينَ بِسُرْعَةٍ. لَقَدْ ظَهَرُوا كَأَنَّهُمْ تَجْسِيدٌ لِلْخَطَأِ كَثِيرًا، وَأَحْلَامُهُمْ بِيَوْمِ اسْتِغْلَالِ أَصْدِقَائِنَا وَعَائِلَاتِنَا وَإِحْرَاقِ المَبَانِي الْبَسِيطَةِ، وَإِفْسَادِ السُّلُوكِ الْعَامِّ، عَلَى وَشَكِ أَنْ يُطْفَأَ فِي غَسِيلٍ رَائِعٍ مِنَ الزَّيْتِ المَحْرُوقِ! لَقَدْ كُنْتُ بِجَانِبِ نَفْسِي.
مِنَ المُهِمِّ أَنْ نَعْرِفَ الْآنَ أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ عَلَى السَّطْحِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ ظَهَرَ مُنَظَّمًا وَبِسُلُوكٍ مَنْهَجِيٍّ. كَانَ هُنَاكَ تَصَرُّفٌ مِهَنِيٌّ مِنَ الْحَجْمِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صُرَاخُ بَرِّيَّةٍ، أَوْ لَعْنَةٌ، أَوْ حَتَّى نَوْعٌ مِنَ الضَّحِكِ السَّاخِرِ الَّذِي قَدْ تَتَوَقَّعُهُ فِي ذلِكَ، لِتَتَمَتَّعَ بِجَدَارَةٍ وَنَصْرٍ طَوِيلٍ مُؤَجَّلٍ. لَقَدْ كَانَتْ مَشَاكِلُ الْيَوْمِ لَا تُعْزَى إِلَى التَّصَرُّفِ غَيْرِ المُلَائِمِ، وَكَانَ طَاقَمِي جَيِّدًا. كَانَ هذَا عِنْدَمَا كَانَ الْقُوطِيُّونَ الْغَرْبِيُّونَ قَدِ اقْتَرَبُوا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ، إِلَى حَدٍّ أَمْكَنَنَا أَنْ نَرَى عُيُونَهُمُ الْإِجْرَامِيَّةَ، وَأَمْكَنَنَا أَنْ نَرَى الْوَحْشِيَّةَ وَالْأَوْشَامَ المُخَطَّطَةَ حَيْثُ أَدْرَكْتُ خَطَأَنَا. فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى الْجَانِبِ السَّلِسِ مِنْ قِدْرِنَا الْجَمِيلِ، وَوَجَدْتُهَا غَامِضَةَ الدِّفْءِ، فَاتِرَةً، فَاتِرَةً.
لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ بَعْدَ ذلِكَ مَا نَعْرِفُهُ الْآنَ. نُرِيدُ وَضْعَ الزِّيْتِ عَاجِلًا.
لَقَدْ كَانَ قَرَارِي، وَقَرَارِي وَحْدِي لِـمَا فَعَلْنَاهُ، وَكَانَ ذلِكَ مِنْ أَجْلِ صَبِّ الزِّيْتِ الْحَارِّ عَلَى أَعْدَائِنَا، بَيْنَما هُمْ مَطْحُونُونَ حَوْلَ جَبْهَةِ الْبَوَّابَاتِ، يَطْرُقُونَ عَلَيْهَا بِهَرَاوَاتِهِمْ.
هذَا هُوَ تَقْرِيرِي الْآنَ يَحِيدُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْحِسَابَاتِ الشَّعْبِيَّةِ. لَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الزَّيْتَ الْحَارَّ خَدَمَ، وَبِشَكْلٍ مُحَفِّزٍ لِـمُهَاجَمَةِ مَا عَقْبَ ذلِكَ. لَقَدْ لَمَحْتُ الْهُجُومَ مُبَكِّرًا مِنَ النَّشَاطِ الْإِجْرَامِيِّ الَّذِي بَدَا حَتَّى أَكْثَرَ نَشَاطًا مِنَ المُعْتَادِ فِي أَذْهَانِ الْبَعْضِ مِنْ سُكَّانِ بَلْدَتِنَا. اسْمَحُوا لِي أَنْ أَقُولَ أَوَّلًا: كُنْتُ شَاهِدَ عَيَانٍ. أَعْطَيْتُ الْأَمْرَ لِصَبِّ الزَّيْتِ، وَشَهِدْتُ سَكْبَهُ. أَنَا سَعِيدٌ وَفَخُورٌ بِالتَّقْرِيرِ، حَيْثُ إِنَّ الزِّيْتَ وَصَلَ هَدَفَهُ بِدِقَّةٍ وَاكْتِمَالٍ، وَقَدْ كَانَ مَا حَلُمْتُ بِهِ. لَقَدْ نِلْنَا مِنْهُمْ جَمِيعًا، وَكَانَ الزَّيْتُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لَقَدْ نَقَعْنَاهُمْ، وَطَلَيْنَاهُمْ، وَغَطَّيْنَاهُمْ بِطَبَقَةٍ لَامِعَةٍ مِنَ الزَّيْتِ. لِسُوءِ الْحَظِّ، وَكَمَا يَعْلَمُ كُلُّ شَخْصٍ، فَقَدْ كَانَ دَافِئًا، وَكَانَ رَدُّهُمُ الْفَوْرِيُّ، أَيْضًا، مَا كُنْتُ آمَلُهُ: المُفَاجَأَةُ وَالذُّعْرُ. هذَا، وَمَعْ ذلِكَ، اسْتَمَرَّ قُرَابَةَ ثَانِيَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ عَدَدٌ مِنْهُمْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِي، وَبَدَؤُوا التَّلْوِيحَ بِقَبْضَاتِهِمْ، فِيمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ بِمَثَابَةِ تَقْدِيرٍ. وَبَعْدَ ذلِكَ، نَعَمْ، أَصْبَحُوا يَهُزُّونَهَا بِهُدُوءٍ مِنْ جَدِيدٍ، وَيَبْدَؤُونَ هُجُومَهُمْ عَلَى الْأَلْوَاحِ الْخَشَبِيَّةِ الضَّجِرَةِ مِنْ بَوَّابَاتِنَا المُرَقَّعَةِ. لَقَدْ قَالَ الْبَعْضُ إِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى وَشَكِ التَّخَلِّي عَنْ هُجُومِهِمْ قَبْلَ إِلْقَاءِ الزَّيْتِ عَلَيْهِمْ، وَالَّتِي أُؤَكِّدُ لَكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ صَحِيحًا.
كَمَا أَنَّ الْهُجُومَ الَّذِي أَعْقَبَ ذلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فَرْقٌ فِي الْحَجْمِ أَوِ الْكَثَافَةِ مِنْ أَيٍّ مِنْ عَشَرَاتِ مُعَانَاتِنَا كُلَّ سَنَةٍ. قَدْ يَبْدُو أَكْثَرَ غَرَابَةً أَوْ أَكْثَرَ تَطَرُّفًا بِسَبَبِ أَنَّ الْجُنَاةَ دُهْنِيُّونَ، وَبِالتَّالِي أَكْثَرَ هُجُومِيَّةً، وَقَدْ أَخَذُوا كُلَّ عِصِيِّ الْأَثَاثِ الَّتِي تُرِكَتْ فِي الْقَرْيَةِ، بِمَا فِيهَا المَقَاعِدُ مِنَ الْكَنِيسَةِ، وَكُلَّ كُرْسِيٍّ فِي الْقَاعَةِ الْكُبْرَى، وَأَرْبَعَةَ مَقَاعِدٍ لِحَلْبِ الْبَقَرِ، الأَرْبعَةَ الْأَخِيرَةَ، مِنْ مَعْمَلِ الْأَلْبَانِ.
لكِنَّنِي بِبَسَاطَةٍ، أَحَدُ الَّذِينَ تَعِبُوا مِنَ الاسْتِمَاعِ عَنِ انْزِلَاقِ وَصْمَةِ عَارٍ عَلَى مُنْحَدَرَاتِ قَرْيَتِنَا. نَعَمْ، إِنَّ هُنَاكَ شَيْئًا مِنَ الْفَوْضَى، وَنَعَمْ، بَعْضُهَا يَبْدُو مُسْتَمِرًّا، وَفَرِيقِي أَزَالَ مَا اسْتَطَاعَ بِالْمِلْحِ وَالطَّلْقِ(4) طَوَالَ هذَا الْأُسْبُوعِ. كُلُّ مَا سَوْفَ أَقُولُهُ الْآنَ هُوَ رَاقِبْ خُطْوَتِكَ بَيْنَمَا تَأْتِي وَتَذْهَبُ؛ فِي عَقْلِي عَدَمُ ارْتِيَاحٍ صَغِيرٍ عَنِ الدَّفْعِ لِنِظَامِ أَسْلِحَةٍ مِثَالِيٍّ.
بِذلِكَ، لَدَيْنَا اخْتِبَارُنَا الَّذِي جَرَى. لَقَدْ جَمَعْنَا الْكَثِيرَ مِنَ الْبَيَانَاتِ، وَتَعْلَمُونَ جَمِيعُكُم أَنَّنَا سَنَكُونُ مُسْتَعِدِّينَ فِي المَرَّةِ الْقَادِمَةِ. نَحْنُ سَنُحَقِّقُ مَا أَرَدْنَا أَنْ نَفْعَلَ. سَنَقُومُ بِإِغَاظَةِ وَصَدِّ أَعْدَائِنَا بِالزَّيْتِ المَغْلِيِّ. وَفِي هذِهِ الْأَثْنَاءِ، مَنْ يَحْتَاجُ الْأَثَاثَ؟ لَدَيْنَا مَشْرُوعٌ! نَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى التَّصْمِيمِ لَا لِنَفْقِدَ الْحُلُمَ، وَنَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى الْكَثِيرِ مِنَ الْحَطَبِ. سَوْفَ يَأْتُونَ مَرَّةً أُخْرَى. أَنْتُم تَعْرِفُونَ وَأَنَا أَعْرِفُ، وَبِبَسَاطَةٍ دَعُونَا نُلْزِمُ أَنْفُسَنَا بِالتَّأَكُّدِ مِنْ أَنَّ الزَّيْتَ، عِنْدَمَا يَسْقُطُ، حَارٌّ جِدًّا.
* رُونْ كَارْلْسُونْ: كَاتِبُ قِصَصٍ خَيَالِيَّةٍ مِنَ الْوِلاَيَاتِ المُتَّحِدَةِ. مُدِيرُ بَرْنَامَجِ الْكِتَابَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ فِي الْخَيَالِ فِي جامعة كاليفورنيا فِي أَرْفِين. مُؤَلِّفُ أَرْبَعِ رِوَايَاتٍ وَأَرْبَعِ مَجْمُوعَاتٍ مِنَ الْقِصَصِ الْقَصِيرَةِ، بِمَا فِيهَا "المَخْدُوعُ؛ خُطَّةُ (ب) مِنْ أَجْلِ الطَّبَقَةِ الْوُسْطَى" لِلْكَاتِبِ ف. سُكُوت فِيتْزجِيرَالْد،Betrayed by F. Scott Fitzgerald; Plan B for the Middle Class وَالَّذِي اخْتِيرَ بِاعْتِبَارِهِ وَاحِدًا مِنْ كُتُبِ السَّنَةِ الْبَارِزَةِ مِنْ قِبَلِ صَحِيفَةِ نْيُويُورْك تَايْمْز؛ وَ"فُنْدُقُ عَدَنٍ" The Hotel Eden الَّذِي اخْتِيرَ كَكِتَابٍ بَارِزٍ فِي السَّنَةِ. وَقَدْ ظَهَرَ عَمَلُهُ فِي:Esquire, Harper’s, The New Yorker, Gentlemen’s Quarterly, Epoch, The North American Review, The Best American Short Stories, The O’Henry Prize Series, The Pushcart Prize Anthology, The Norton Anthology of Short Fiction. وَعَشَرَاتٌ غَيْرُهَا مِنَ المَجَلَّاتِ وَالمُخْتَارَاتِ. نَالَ مِنْ بَيْنِ أَقْرَانِهِ الْمِنْحَةَ الْوَطَنِيَّةَ لِزَمَالَةِ الْفُنُونِ فِي الْكِتَابَةِ الْخَيَالِيَّةِ، وَجَائِزَةَ كُوهِين فِي بْلاَوْشِيرْز، وَجَائِزَةَ المَجْمَعِ الْوَطَنِيِّ لِلْفُنُونِ وَالْخُطُوطِ الْأَدَبِيَّةِ.
هوامش:
(1) وَاحِدُ الْقُوطِ الْغَرْبِيينَ، وَهُمْ مَجْمُوعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الشُّعُوبِ الْأَلمَانِيَّةِ (الْآخَرُونَ قٌوطٌ شَرْقِيُّونَ)، وَيَرْتَبِطُ الاسْمُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ مَعْ سُقُوطِ الْإِمْبرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ، وَهُوَ اسْمٌ يَعْنِي بِدَايَةَ الْعُنْفِ وَالْوَحْشِيَّةِ بَعْدَ سَطْوَةِ النِّظَامِ. [المُتَرْجِمُ].
(2) شَعْبٌ مَغُولِيٌّ مُتَرَحِّلٌ سَيْطَرَ عَلَى جُزْءٍ كَبِيرٍ مِنْ أُورُوبَّا الْوُسْطَى وَالشَّرْقِيَّةِ بِقِيَادَةِ أَتِيلَّا حَوَالِي سَنَةِ 450 بَ.مِ. [م].
(3) Exogoths (خَارِجُ الْجِرْمَانِيِّينَ)، Retrogoths (الْعَائِدُونَ الْجِرْمَانِيُّونَ)، Niligoths(؟)، Maxigoths (الْجِرْمَانِيُّونَ الْكِبَارُ)، Minigoths (الْجِرْمَانِيُّونَ الصِّغَارُ)؛ هذِهِ الْأَسْمَاءُ تَتَكَوَّنُ مِنْ أَجْلِ أَثَرٍ فُكَاهِيٍّ، حَيْثُ يُرِيدُ كَارْلْسُونْ أَنْ يُعْطِيَ إِحْسَاسًا عَنِ غَزَوَاتِ الْقَبَائِلِ الْجَدِيدَةِ الُمتَّصِلَةِ بِغَزَوَاتِ الْقَبَائِلِ الْقَدِيمَةِ. هُوَ لَعِبٌ عَلَى الجَذْرِ اللَّاتِينشي Goths. [م].
(4) مَعْدَنٌ طَرِيٌّ يُسْتَخْدَمُ فِي صُنْعِ ذُرُورِ الْوَجْهِ. [م].
لَقَدْ كُنْتُ مُشَارِكًا فِعْلِيًّا فِي مَشْرُوعِ الزَّيْتِ المَغْلِيِّ- مَشْرُوعِ الْبَحْثِ، وَالتَّطْوِيرِ، وَنَشْرِ الْقُوَّاتِ مِنْ بِدَايَتِهِ. وَحَدَثَ أَنْ كُنْتُ قَائِدَ فَرِيقٍ عَلَى السَّطْحِ فِي الشَّهْرِ المَاضِي، عِنْدَمَا أُتِيحَتْ لَنَا الْفُرْصَةُ لِتَجْرِيبِ هذَا النِّظَامِ، خِلَالَ هُجُومِ الْقُوطِي الْغَرْبِي، وَالَّذِي كُتِبَ عَنْهُ كَثِيرًا.
(لَمْ تَكُنِ الْغَارَةُ "نَاجِحَةً تَمَامًا"، كَمَا سَأَعْرِضُ. إِنَّ حَوَالَيْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ مِنَ الْقُوطِيِّينَ(1) الْغَرْبِيِّينَ، اخْتَرَقُوا المَدِينَةَ وَاغْتَصَبُوا وَنَهَبُوا لِعِدَّةِ سَاعَاتٍ، لكِن لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَلْبٌ، وَلَمْ تُلَفَّقْ أَسْئِلَةٌ عَنْهَا- إِنَّهُمْ يَعْرِفُونَ الْآنَ أَنَّ لَدَيْنَا الزَّيْتَ عَلَى السَّطْحِ، وَالْعَدِيدُ مِنْهُم سَوْفَ يُفَكِّرُ مَرَّتَيْنِ قَبْلَ ضَرْبِ أَسْفَلِ بَابِنَا مَرَّةً أُخْرَى. أَنَا لَا أَقُولُ إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْدُثَ، لكِنْ عِنْدَ حُدُوثِ ذلِكَ، سَيَعْرِفُونَ أَنَّنَا سَنَكُونُ مُسْتَعِدِّينَ).
أَوَّلًا، مَفْهُومُ الزَّيْتِ عَلَى السَّطْحِ يُحْبِطُ كَثِيرًا مِنْ قُرَوِيِّينَا. صَحِيحٌ، إِنَّهُ غَرِيبٌ، لكِنَّ جَمِيعَ الْأَفْكَارِ الْعَظِيمَةِ تَبْدُو غَرِيبَةً فِي الْبِدَايَةِ، وَعِنْدَمَا أَدْرَكَ بَاحِثُونَا أَمْكَنَنَا أَنْ نَضَعَ مِرْجَلًا عَلَى بُعْدِ مَائَتَيْ قَدَمٍ مُبَاشَرَةً فَوْقَ بَوَّابَاتِنَا الرَّئِيسَةِ، وَسَيَشْرَعُونَ لِرُؤْيَةِ إِمْكَانَاتِ أَكْبَرِ مَنْظُومَةِ دِفاعٍ اسْتْرَاتِيجِيٍّ فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ.
الْمِرْجَلُ كَانَ مُكْلِفًا. كُلُّنَا يَعْلَمُ أَنَّ دِفَاعًا جَيِّدًا سَيَكُونُ مُكْلِفًا. كَانَ الْمِرْجَلُ مُصَنَّعًا مَحَلِّيًا بَعْدَ شِرَاءِ النُّحَاسِ، وَالنُّحَاسُ الْأَصْفَرُ مِنْ مَنَاجِمِنَا، وَاسْتَغْرَقَ الْأَمْرُ- كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لِلْعُمُومِ- سَنَتَيْنِ لِإِكْمَالِهِ. إِنَّهُ شَيْءٌ جَمِيلٌ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِ مَائَةٍ وَعَشْرَةِ جَالُونَاتٍ مِنَ الزَّيْتِ. مَا لَمْ نَسْتَطِعِ الْحَدْسَ بِهِ، كَانَ التَّكْلِفَةُ وَالتَّأْخِيرُ فِي بِنَاءِ المُحَرِّكِ. حَسَنًا، بِالطَّبْعِ، إِنَّهُ لَيْسَ كَافِيًا لِنَمْلِكَ قِدْرًا كَبِيرَةً، وَجَمِيلَةً كَمَا قَدْ تَكُونُ؛ كَيْفَ سَتَصُبُّ مُحْتَوَيَاتِهَا السَّاخِنَةَ عَلَى أَعْدَائِكَ؟ التَّشْيِيدُ لِهَيْكَلٍ عُلْوِيٍّ مُلَائِمٍ لِلْمُعِدَّاتِ تَطَلَّبَ وَقْتًا ثَمِينًا: سَنَةً أُخْرَى تَمَّ خِلَالَهَا مُهَاجَمَةُ قَرْيَتِنَا مِنْ قِبَلِ الْهُونِيِّينَ(2) وَالْـ Exogoths(3) أُسْبُوعِيًّا تَقْرِيبًا. اسْمَحُوا لِي أَنْ أَطْلُبَ مِنْكُم أَنْ نَتَذَكَّرَ ذلِكَ الْعَهْدَ- هَلْ كَانَ أَيَّمَا هَزَلٍ؟
أُرِيدُ أَنْ أُؤَكِّدُ أَنَّنَا الْتَزَمْنَا بِهذَا الْبَرْنَامَجِ- وَلَا نَزَالُ مُلْتَزِمِينَ. لكِنْ فِي كُلِّ دَوْرَةٍ قَابَلْنَا مَشَاكِلَ، إِذْ إِنَّ بَاحِثِينَا- بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ اسْتِخْبَارَاتِهِمْ وَحَدْسِهِمْ- لَمْ يَسْتَطِيعُوا التَّنَبُّؤَ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ: كَيْفَ كَانَ يُمْكِنُنَا الْحُصُولُ عَلَى تِسْعَةِ عَشَرَ مَائَةِ رَطْلٍ لِلْقِدْرِ مِنَ النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ عَلَى السَّطْحِ؟ مَتَى طُرِحَتْ مِثْلُ هذِهِ المَسْأَلَةِ قَبْلًا؟ وَعِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هذِهِ التَّحَدِّيَاتِ المُسْتَحِيلَةِ، كَانَتْ فِرَقُ الزَّيْتِ المَغْلِيِّ تَبْرُزُ بِحُلُولٍ. لَقَدْ رُفِعَ الْقِدْرُ إِلَى السَّطْحِ بِوَسَاطَةِ شَبَكَةٍ صُمِّمَتْ خِصِّيصًا مَعْ حَبْلٍ لِلرَّفْعِ بِقُطْرِ أَرْبَعِ بُوصَاتٍ، وَالَّذِي نُسِجَ عَلَى المَكَانِ عَيْنِهِ فِي ظِلِّ ظُرُوفٍ أَقَلَّ مِثَالِيَّةٍ، كَمَا سَلَبَ الْـ Retrogoths وَالْـ Niligoths قَرْيَتَنَا بِلَا انْقِطَاعٍ تَقْرِيبًا خِلَالَ الْأَرْبَعَةِ شُهُورٍ لِرَفْعِ الْقِدْرِ. وَلِاهْتِمَامِنَا الْكَبِيرِ وَإِبْدَاءِ الائْتِمَانِ، نَحْنُ لَمْ نُسْقِطِ الْقِدْرَ. إِنَّ الْبُنْيَةَ المُتَمَيِّزَةَ لِأَدَاةِ الصَّبِّ سَقَطَتْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَلكِنْ كَانَ إِصْلَاحُهَا سَهْلًا فِي المَوْقِعِ؛ مِئَتَا قَدَمٍ فَوْقَ مُنْحَدَرَاتِ الْقَرْيَةِ.
كَانَ ذلِكَ لِلَحْظَةٍ، وَأَتَذَكَّرُهُ جَيِّدًا. كُنْتُ وَاقِفًا عَلَى السَّطْحِ بِمُحَاذَاةِ رَمْزٍ لَامِعٍ لِسَلَامَتِنَا الْوَشِيكَةِ؛ مَنَارَةُ نُحَاسٍ لَامِعٍ (وَعَدَدٌ أَقَلُّ مِنَ المَعَادِنِ) إِلَى الْعَالَمِ، لَنْ نَأْخُذَهَا بَعْدَ ذلِكَ. حَمَلَتْ لَنَا الرِّيَاحُ عَالِيًا صَرَخَاتِ الْقُرَوِيِّينَ المَحْمُولَةِ بَعِيدًا، إِمَّا مِنْ جَانِبِ الْـ Maxigoths أَوِ الْـ Minigoths، وَمِنَ الصَّعْبِ أَنْ أَحْزِرَ. لكِنْ هُنَاكَ وَقَفْنَا، وَكَمَا أَحْسَسْتُ الرِّيحَ فِي شَعْرِي، وَرَاقَبْتُ المَوْكِبَ المُتَفَرِّقَ مِنْ أَثَاثِ مَنْزِلِي مَحْمُولًا إِلَى خَارِجِ بَوَّابَاتِنَا المُنْتَهِكَةِ، عَرَفْتُ أَنَّنَا جَاثِمُونَ عَلَى حَافَّةِ حُقْبَةٍ جَدِيدَةٍ.
حَسَنًا، كَانَ هُنَاكَ بَعْضُ الْحَمَاسَةِ؛ بَدَأْنَا عَلَى الْفَوْرِ. بَدَأْنَا بِإِشْعَالِ النَّارِ تَحْتِ الْقِدْرِ وَنَعْلَمُ أَنَّنَا جَمِيعًا فِي الْقَرِيبِ الْعَاجِلِ سَنَكُونُ جَمِيعُنَا بِأَمَانٍ. عِنْدَ تِلْكَ النُّقْطَةِ فَعَلْتُ خَطَأً، وَالَّذِي أَعْتَرِفُ بِهِ الْآنَ بِسُهُولَةٍ. فِي مُطْلَقِ الْحَمَاسَةِ لِلَحْظَةٍ دُعِيتُ إِلَى أَسْفَلَ- لَمْ أَكُنْ "أَصْرُخُ بِشَكْلٍ جُنُونِيٍّ" حَسَبَ مَا ذُكَرَ- دُعِيتُ إِلَى أَسْفَلَ لِفَتْرَةٍ لَنْ تَكُونَ طَوِيلَةً، وَأَنَا رُبَّمَا لَا يَنْبَغِي لِي ذلِكَ، رُبَّمَا تَكُونُ قَادَتْ بَعْضَ مُوَاطِنِينَا لِتَخْفِيضِ حِرَاسَتِهِمْ. لَقَدْ كَانَ خَطَأً. أَعْتَرِفُ بِهِ. كَانَ هُنَاكَ، كَمَا وَجَدْنَا عَلَى الْفَوْرِ تَقْرِيبًا، مَا يَزَالُ بَعْضُ الْبَقِّ يَعْمَلُ خَارِجَ الْبَرْنَامَجِ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ قَطُّ أَيَّةُ نَارٍ عَلَى أَعْلَى مَدْخَلِ الْبُرْجِ مِنْ قَبْلُ، وَنَعَمْ، كَمَا يُدْرِكُ الْجَمِيعُ، كَانَ عَلَيْنَا أَنْ نَقْضِيَ وَقْتًا أَكْثَرَ مِمَّا أَرَدْنَا حَقًّا لِاحْتِوَاءِ اللَّهَبِ الَّذِي غُذِّيَ، كَمَا كَانَ، بِالرِّيحِ الْعَالِيَةِ المُنْعِشَةِ وَأَلْوَاحِ الْبُرْجِ الْخَشَبِيَّةِ. لكِنِّي أُسَارِعُ لِأُضِيفَ، إِنَّ الضَّرَرَ كَانَ مُعْتَدِلًا، كَمَا هُوَ مُعْتَدِلٌ فِي أَرْبَعِ سَاعَاتِ نَارٍ، وَانْتِفَاخُ الدُّخَانِ الْأَسْوَدِ مِنَ المُؤَكَّدِ أَنَّهُ أَعْطَى مَزِيدًا مِنَ الدُّخَلَاءِ المُتَسَلِّلِينَ لِلْوُقُوفِ عَلَى التِّلَالِ لِأَنَّهُمُ اعْتَقَدُوا الْعُثُورَ عَلَى أَيٍّ مِنَ الْغَنَائِمِ فِي رَمَادِنَا!
لكِنْ طَوَالَ هذِهِ السِّلْسِلَةِ مِنَ الْقَسْوَةِ، وَالمَزَالِقِ، وَسَقْفِ الْحَرَائِقِ، كَانَتْ لَنَا هُنَاكَ نُوَاةٌ صَلْبَةٌ مُكَرَّسَةٌ تَمَامًا لِنَفْعَلَ مَا أَرَدْنَا الْقِيَامَ بِهِ، وَكَانَ هذَا لِأَجْلِ رَشِّ الزَّيْتِ المَغْلِيِّ عَلَى الدُّخَلَاءِ لِأَنَّهُم مَغْرُورُونَ، أَوْ لِأَنَّهُمْ ضَرَبُوا بَوَّابَاتِنَا الْقَدِيمَةَ التَّالِفَةَ مَرَّةً أُخْرَى. بِالنِّسْبَةِ لَنَا فَإِنَّ قَلِيلًا مِنَ النَّارِ عَلَى السَّطْحِ كَانَ دُونَ تَبِعَاتٍ، وَعَبَثًا، وَعَقَبَةً بَسِيطَةً لِنَتَخَطَّاهَا بِخُطًى سَهْلَةٍ. كُنَّا مُتْعَبِينَ؟ نَحْنُ الْتَزَمْنَا، وَذلِكَ فِي الْيَوْمِ التَّالِي، أَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الْهُدُوءِ لَنَا فِي هذِهِ الْقَرْيَةِ فِي شُهُورٍ، وَكَادِرُ السَّخَامِ نَفْسُهُ وَقَفَ فِي الرَّمَادِ الحَارِّ الْعَالِي فَوْقَ دَرَجَاتِ المَدْخَلِ وَجَرَّبُوا ثَانِيَةً. كُنَّا نَعْرِفُ- كَمَا نَعْرِفُ حَتَّى الْآنَ- أَنَّ أَعْدَاءَنَا مُعْتَدُونَ، وَشَرِهُونَ، وَبِدَائِيُّونَ عُمُومًا وَمُسْتَمِرُّونَ، وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَكُونَ عَلَى أُهْبَةِ الاسْتِعْدَادِ.
لكِنْ أَخْبِرْنِي هذَا: أَيْنَ يَكْتَشِفُ وَاحِدٌ مِنْ قَبْلُ كَيْفَ أَنَّهُ قَرِيبٌ هُجُومُ الْعَدُوِّ مِنْ أَجْلِ وَضْعِ الزَّيْتِ فِي الْقِدْرِ؟ هَلْ يَعْرِفُ أَيُّ شَخْصٍ؟ اسْمَحُوا لِي أَنْ أُؤَكِّدُ لَكُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي أَيِّ كِتَابٍ! كُنَّا نَكْتُبُ الْكِتَابَ!
كُنَّا يَقِظِينَ. انْحَرَفْنَا نَحْوَ الْأُفُقِ طَوَالَ الْيَوْمِ، وَعِنْدَمَا رَأَيْنَا، بِدَايَةً، الْغُبَارَ فِي التِّلَالِ، أَعَدْنَا إِشْعَالَ الْقِدْرِ، بِاسْتِخْدَامِ الْخَشَبِ الَّذِي كَانَ قَدِ رُفِعَ خِلَالَ اللَّيْلِ بِالسِّلَالِ المَنْسُوجَةِ. حَتَّى التَّحَدُّثَ عَنْهَا لِلْيَوْمِِ، فَإنَّهُ يُمْكِنُنِي أَنْ أَشْعُرَ بِإِثَارَةِ الْحَمَاسَةِ فِي قَلْبِي. لَقَدْ لَعِقَ اللَّهَبُ الْبُرْتُقَالِيُّ جَوَانِبَ النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ لِلْحَاوِيَةِ بِجُوعٍ، كَمَا لَوْ فِي حَفْلَةٍ مَعْ رَغْبَتِنَا الْيَائِسَةِ لِلْأَمْنِ وَالانْتِقَامِ. إِنَّنِي أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرَى الْكَتَائِبَ مِنَ الْقُوطِيِّينَ الْغَرْبِيِّينَ فِي المَسَافَةِ تَزْحَفُ نَحْوَنَا مِثْلَ سَفِينَةٍ حَرْبِيَّةٍ عَبْرَ بَحْرٍ مِنَ الْغُبَارِ، وَأَشْفَقْتُ عَلَيْهِمْ فِي رُوحِي، وَفِي النِّهَايَةِ وَقَفُوا صَامِدِينَ بِسُرْعَةٍ. لَقَدْ ظَهَرُوا كَأَنَّهُمْ تَجْسِيدٌ لِلْخَطَأِ كَثِيرًا، وَأَحْلَامُهُمْ بِيَوْمِ اسْتِغْلَالِ أَصْدِقَائِنَا وَعَائِلَاتِنَا وَإِحْرَاقِ المَبَانِي الْبَسِيطَةِ، وَإِفْسَادِ السُّلُوكِ الْعَامِّ، عَلَى وَشَكِ أَنْ يُطْفَأَ فِي غَسِيلٍ رَائِعٍ مِنَ الزَّيْتِ المَحْرُوقِ! لَقَدْ كُنْتُ بِجَانِبِ نَفْسِي.
مِنَ المُهِمِّ أَنْ نَعْرِفَ الْآنَ أَنَّ كُلَّ شَخْصٍ عَلَى السَّطْحِ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ ظَهَرَ مُنَظَّمًا وَبِسُلُوكٍ مَنْهَجِيٍّ. كَانَ هُنَاكَ تَصَرُّفٌ مِهَنِيٌّ مِنَ الْحَجْمِ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ صُرَاخُ بَرِّيَّةٍ، أَوْ لَعْنَةٌ، أَوْ حَتَّى نَوْعٌ مِنَ الضَّحِكِ السَّاخِرِ الَّذِي قَدْ تَتَوَقَّعُهُ فِي ذلِكَ، لِتَتَمَتَّعَ بِجَدَارَةٍ وَنَصْرٍ طَوِيلٍ مُؤَجَّلٍ. لَقَدْ كَانَتْ مَشَاكِلُ الْيَوْمِ لَا تُعْزَى إِلَى التَّصَرُّفِ غَيْرِ المُلَائِمِ، وَكَانَ طَاقَمِي جَيِّدًا. كَانَ هذَا عِنْدَمَا كَانَ الْقُوطِيُّونَ الْغَرْبِيُّونَ قَدِ اقْتَرَبُوا بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ، إِلَى حَدٍّ أَمْكَنَنَا أَنْ نَرَى عُيُونَهُمُ الْإِجْرَامِيَّةَ، وَأَمْكَنَنَا أَنْ نَرَى الْوَحْشِيَّةَ وَالْأَوْشَامَ المُخَطَّطَةَ حَيْثُ أَدْرَكْتُ خَطَأَنَا. فِي ذلِكَ الْوَقْتِ وَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى الْجَانِبِ السَّلِسِ مِنْ قِدْرِنَا الْجَمِيلِ، وَوَجَدْتُهَا غَامِضَةَ الدِّفْءِ، فَاتِرَةً، فَاتِرَةً.
لَمْ نَكُنْ نَعْرِفُ بَعْدَ ذلِكَ مَا نَعْرِفُهُ الْآنَ. نُرِيدُ وَضْعَ الزِّيْتِ عَاجِلًا.
لَقَدْ كَانَ قَرَارِي، وَقَرَارِي وَحْدِي لِـمَا فَعَلْنَاهُ، وَكَانَ ذلِكَ مِنْ أَجْلِ صَبِّ الزِّيْتِ الْحَارِّ عَلَى أَعْدَائِنَا، بَيْنَما هُمْ مَطْحُونُونَ حَوْلَ جَبْهَةِ الْبَوَّابَاتِ، يَطْرُقُونَ عَلَيْهَا بِهَرَاوَاتِهِمْ.
هذَا هُوَ تَقْرِيرِي الْآنَ يَحِيدُ عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الْحِسَابَاتِ الشَّعْبِيَّةِ. لَقَدْ سَمِعْنَا مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الزَّيْتَ الْحَارَّ خَدَمَ، وَبِشَكْلٍ مُحَفِّزٍ لِـمُهَاجَمَةِ مَا عَقْبَ ذلِكَ. لَقَدْ لَمَحْتُ الْهُجُومَ مُبَكِّرًا مِنَ النَّشَاطِ الْإِجْرَامِيِّ الَّذِي بَدَا حَتَّى أَكْثَرَ نَشَاطًا مِنَ المُعْتَادِ فِي أَذْهَانِ الْبَعْضِ مِنْ سُكَّانِ بَلْدَتِنَا. اسْمَحُوا لِي أَنْ أَقُولَ أَوَّلًا: كُنْتُ شَاهِدَ عَيَانٍ. أَعْطَيْتُ الْأَمْرَ لِصَبِّ الزَّيْتِ، وَشَهِدْتُ سَكْبَهُ. أَنَا سَعِيدٌ وَفَخُورٌ بِالتَّقْرِيرِ، حَيْثُ إِنَّ الزِّيْتَ وَصَلَ هَدَفَهُ بِدِقَّةٍ وَاكْتِمَالٍ، وَقَدْ كَانَ مَا حَلُمْتُ بِهِ. لَقَدْ نِلْنَا مِنْهُمْ جَمِيعًا، وَكَانَ الزَّيْتُ فِي كُلِّ مَكَانٍ. لَقَدْ نَقَعْنَاهُمْ، وَطَلَيْنَاهُمْ، وَغَطَّيْنَاهُمْ بِطَبَقَةٍ لَامِعَةٍ مِنَ الزَّيْتِ. لِسُوءِ الْحَظِّ، وَكَمَا يَعْلَمُ كُلُّ شَخْصٍ، فَقَدْ كَانَ دَافِئًا، وَكَانَ رَدُّهُمُ الْفَوْرِيُّ، أَيْضًا، مَا كُنْتُ آمَلُهُ: المُفَاجَأَةُ وَالذُّعْرُ. هذَا، وَمَعْ ذلِكَ، اسْتَمَرَّ قُرَابَةَ ثَانِيَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ عَدَدٌ مِنْهُمْ نَظَرَ إِلَى وَجْهِي، وَبَدَؤُوا التَّلْوِيحَ بِقَبْضَاتِهِمْ، فِيمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ بِمَثَابَةِ تَقْدِيرٍ. وَبَعْدَ ذلِكَ، نَعَمْ، أَصْبَحُوا يَهُزُّونَهَا بِهُدُوءٍ مِنْ جَدِيدٍ، وَيَبْدَؤُونَ هُجُومَهُمْ عَلَى الْأَلْوَاحِ الْخَشَبِيَّةِ الضَّجِرَةِ مِنْ بَوَّابَاتِنَا المُرَقَّعَةِ. لَقَدْ قَالَ الْبَعْضُ إِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى وَشَكِ التَّخَلِّي عَنْ هُجُومِهِمْ قَبْلَ إِلْقَاءِ الزَّيْتِ عَلَيْهِمْ، وَالَّتِي أُؤَكِّدُ لَكُمْ أَنَّهُ لَيْسَ صَحِيحًا.
كَمَا أَنَّ الْهُجُومَ الَّذِي أَعْقَبَ ذلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فَرْقٌ فِي الْحَجْمِ أَوِ الْكَثَافَةِ مِنْ أَيٍّ مِنْ عَشَرَاتِ مُعَانَاتِنَا كُلَّ سَنَةٍ. قَدْ يَبْدُو أَكْثَرَ غَرَابَةً أَوْ أَكْثَرَ تَطَرُّفًا بِسَبَبِ أَنَّ الْجُنَاةَ دُهْنِيُّونَ، وَبِالتَّالِي أَكْثَرَ هُجُومِيَّةً، وَقَدْ أَخَذُوا كُلَّ عِصِيِّ الْأَثَاثِ الَّتِي تُرِكَتْ فِي الْقَرْيَةِ، بِمَا فِيهَا المَقَاعِدُ مِنَ الْكَنِيسَةِ، وَكُلَّ كُرْسِيٍّ فِي الْقَاعَةِ الْكُبْرَى، وَأَرْبَعَةَ مَقَاعِدٍ لِحَلْبِ الْبَقَرِ، الأَرْبعَةَ الْأَخِيرَةَ، مِنْ مَعْمَلِ الْأَلْبَانِ.
لكِنَّنِي بِبَسَاطَةٍ، أَحَدُ الَّذِينَ تَعِبُوا مِنَ الاسْتِمَاعِ عَنِ انْزِلَاقِ وَصْمَةِ عَارٍ عَلَى مُنْحَدَرَاتِ قَرْيَتِنَا. نَعَمْ، إِنَّ هُنَاكَ شَيْئًا مِنَ الْفَوْضَى، وَنَعَمْ، بَعْضُهَا يَبْدُو مُسْتَمِرًّا، وَفَرِيقِي أَزَالَ مَا اسْتَطَاعَ بِالْمِلْحِ وَالطَّلْقِ(4) طَوَالَ هذَا الْأُسْبُوعِ. كُلُّ مَا سَوْفَ أَقُولُهُ الْآنَ هُوَ رَاقِبْ خُطْوَتِكَ بَيْنَمَا تَأْتِي وَتَذْهَبُ؛ فِي عَقْلِي عَدَمُ ارْتِيَاحٍ صَغِيرٍ عَنِ الدَّفْعِ لِنِظَامِ أَسْلِحَةٍ مِثَالِيٍّ.
بِذلِكَ، لَدَيْنَا اخْتِبَارُنَا الَّذِي جَرَى. لَقَدْ جَمَعْنَا الْكَثِيرَ مِنَ الْبَيَانَاتِ، وَتَعْلَمُونَ جَمِيعُكُم أَنَّنَا سَنَكُونُ مُسْتَعِدِّينَ فِي المَرَّةِ الْقَادِمَةِ. نَحْنُ سَنُحَقِّقُ مَا أَرَدْنَا أَنْ نَفْعَلَ. سَنَقُومُ بِإِغَاظَةِ وَصَدِّ أَعْدَائِنَا بِالزَّيْتِ المَغْلِيِّ. وَفِي هذِهِ الْأَثْنَاءِ، مَنْ يَحْتَاجُ الْأَثَاثَ؟ لَدَيْنَا مَشْرُوعٌ! نَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى التَّصْمِيمِ لَا لِنَفْقِدَ الْحُلُمَ، وَنَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى الْكَثِيرِ مِنَ الْحَطَبِ. سَوْفَ يَأْتُونَ مَرَّةً أُخْرَى. أَنْتُم تَعْرِفُونَ وَأَنَا أَعْرِفُ، وَبِبَسَاطَةٍ دَعُونَا نُلْزِمُ أَنْفُسَنَا بِالتَّأَكُّدِ مِنْ أَنَّ الزَّيْتَ، عِنْدَمَا يَسْقُطُ، حَارٌّ جِدًّا.
* رُونْ كَارْلْسُونْ: كَاتِبُ قِصَصٍ خَيَالِيَّةٍ مِنَ الْوِلاَيَاتِ المُتَّحِدَةِ. مُدِيرُ بَرْنَامَجِ الْكِتَابَةِ الإِبْدَاعِيَّةِ فِي الْخَيَالِ فِي جامعة كاليفورنيا فِي أَرْفِين. مُؤَلِّفُ أَرْبَعِ رِوَايَاتٍ وَأَرْبَعِ مَجْمُوعَاتٍ مِنَ الْقِصَصِ الْقَصِيرَةِ، بِمَا فِيهَا "المَخْدُوعُ؛ خُطَّةُ (ب) مِنْ أَجْلِ الطَّبَقَةِ الْوُسْطَى" لِلْكَاتِبِ ف. سُكُوت فِيتْزجِيرَالْد،Betrayed by F. Scott Fitzgerald; Plan B for the Middle Class وَالَّذِي اخْتِيرَ بِاعْتِبَارِهِ وَاحِدًا مِنْ كُتُبِ السَّنَةِ الْبَارِزَةِ مِنْ قِبَلِ صَحِيفَةِ نْيُويُورْك تَايْمْز؛ وَ"فُنْدُقُ عَدَنٍ" The Hotel Eden الَّذِي اخْتِيرَ كَكِتَابٍ بَارِزٍ فِي السَّنَةِ. وَقَدْ ظَهَرَ عَمَلُهُ فِي:Esquire, Harper’s, The New Yorker, Gentlemen’s Quarterly, Epoch, The North American Review, The Best American Short Stories, The O’Henry Prize Series, The Pushcart Prize Anthology, The Norton Anthology of Short Fiction. وَعَشَرَاتٌ غَيْرُهَا مِنَ المَجَلَّاتِ وَالمُخْتَارَاتِ. نَالَ مِنْ بَيْنِ أَقْرَانِهِ الْمِنْحَةَ الْوَطَنِيَّةَ لِزَمَالَةِ الْفُنُونِ فِي الْكِتَابَةِ الْخَيَالِيَّةِ، وَجَائِزَةَ كُوهِين فِي بْلاَوْشِيرْز، وَجَائِزَةَ المَجْمَعِ الْوَطَنِيِّ لِلْفُنُونِ وَالْخُطُوطِ الْأَدَبِيَّةِ.
هوامش:
(1) وَاحِدُ الْقُوطِ الْغَرْبِيينَ، وَهُمْ مَجْمُوعَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ الشُّعُوبِ الْأَلمَانِيَّةِ (الْآخَرُونَ قٌوطٌ شَرْقِيُّونَ)، وَيَرْتَبِطُ الاسْمُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ مَعْ سُقُوطِ الْإِمْبرَاطُورِيَّةِ الرُّومَانِيَّةِ، وَهُوَ اسْمٌ يَعْنِي بِدَايَةَ الْعُنْفِ وَالْوَحْشِيَّةِ بَعْدَ سَطْوَةِ النِّظَامِ. [المُتَرْجِمُ].
(2) شَعْبٌ مَغُولِيٌّ مُتَرَحِّلٌ سَيْطَرَ عَلَى جُزْءٍ كَبِيرٍ مِنْ أُورُوبَّا الْوُسْطَى وَالشَّرْقِيَّةِ بِقِيَادَةِ أَتِيلَّا حَوَالِي سَنَةِ 450 بَ.مِ. [م].
(3) Exogoths (خَارِجُ الْجِرْمَانِيِّينَ)، Retrogoths (الْعَائِدُونَ الْجِرْمَانِيُّونَ)، Niligoths(؟)، Maxigoths (الْجِرْمَانِيُّونَ الْكِبَارُ)، Minigoths (الْجِرْمَانِيُّونَ الصِّغَارُ)؛ هذِهِ الْأَسْمَاءُ تَتَكَوَّنُ مِنْ أَجْلِ أَثَرٍ فُكَاهِيٍّ، حَيْثُ يُرِيدُ كَارْلْسُونْ أَنْ يُعْطِيَ إِحْسَاسًا عَنِ غَزَوَاتِ الْقَبَائِلِ الْجَدِيدَةِ الُمتَّصِلَةِ بِغَزَوَاتِ الْقَبَائِلِ الْقَدِيمَةِ. هُوَ لَعِبٌ عَلَى الجَذْرِ اللَّاتِينشي Goths. [م].
(4) مَعْدَنٌ طَرِيٌّ يُسْتَخْدَمُ فِي صُنْعِ ذُرُورِ الْوَجْهِ. [م].