نقوس المهدي
كاتب
سبحان الله، لقد كتب علماء المسلمين في الباه والجماع والعشق والغرام مثل داود الظاهري في الزهرة و ابن الجوزي في ذم الهوى وابن حزم في طوق الحمامة وابن القيم في روضة المحبين ونزهة المشتاقين والسيوطي في رشف الزلال من السحر الحلال ورجوع الشيخ إلى صباه للنفزاوي و نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب للتيفاشي وغيرها من المؤلفات التي قد تتسبب في الانحراف إذا لم يكن الشباب محصنا بل إن الشيخ ابن تيمية رأى أن لا يقرأ سورة يوسف من يتلذذ بذلك
يقع كل هذا ثم يقال إن الحديث عن الشهوة وتربيتها لا يجوز، فمن أين يتعلم أبناؤنا هذه الأمور هل من الأصدقاء والصديقات؟ أم من الأنترنيت الذي أصبح مرجع الشباب في كل شيء؟ أم من القنوات الفضائية الإباحية التي هاجمت كل البيوت دون استئذان؟ وهل سنظل نقول لأطفالنا الصغار عندما يسألوننا من أين أتوا؟ إننا وجدناهم تحت شجرة؟ أو جاء بهم الطبيب في حقيبة
وننسى أن أول ما نزل من القرآن و أول ما نحفظه لأبنائنا الصغار: {بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق}
إن الذي يرفض شيئا عليه أن يقدم بديلا سليما وهل يوجد في الدين ما يمنع من هذه التربية،مع الإشارة إلى أن تربيتنا هي غير التربية الغربية وأنها ليست دائما مباشرة
وإن مما يحز في النفس عدم الأخذ بالتربية الإسلامية في مناهج التعليم والتربية في أكثر بلاد المسلمين بل إن رجال التربية عندنا يعرفون جون ديوي وجان بياجيه ورونيه أوبير وغيرهم و لايعرفون على سبيل المثال: ابن سحنون والقابسي والغزالي وابن العربي وابن خلدون وابن القيم وغيرهم
أنا في انتظار بديل مقنع ولن أتردد لحظة واحدة في الإعلان عن الأخذ به وترك ما كنت أؤصل له لإيماني بأن الحق واحد لا يتعدد
القول ما قالت شذى الجنوب وكذلك أبو الفداء، لكنك لا تريد أن تقتنع وتظن أن كل الحق معك.
لا أدري ما المصلحة في التعمق في موضوع التربية الجنسية؟
إذا كنتَ الآن تعترف بأن القنوات الفضائية والإباحية دخلت كل البيوت - رغم أنها ولله الحمد لم تدخل كل البيوت كما تصورتَ -، وكذلك الانترنت؛ فكيف تريد من المراهقين الالتفات إلى مثل كتاباتك التي لن تشبع فضولهم ولن تصرفهم عن القنوات والانترنت وما فيها من البلاء؟!
أما عن كتاب طوق الحمامة فأنواع قلة الحياء فيه، وشباب اليوم والمراهقين ما يعرفونه والروايات الآن غطت عليه. وانتشاره قديما لا يقارن بانتشار الروايات الجنسية الآن والأسباب طبعا معروفة.
وأما عن استشهادك بآية (العلق) فلا تنس أيضا الآية (فأتوا حرثكم أنى شئتم)، كنا نقرأ هذه الآيات لكن لم نفكر أبدا في تفسيرها وكنا نكتفي بتفسير المعلمة لها.
ومن عاش في بيئة طاهرة؛ فلن يشغل نفسه بمثل هذه الترهات (كيف خرجتُ، ليه ماما تنام مع بابا على سرير واحد) وغيره من الأسئلة.
وحتى لو فرضا سئل الأب هذا السؤال فإنه سوف يجيبه إجابة ربما تكون غير صحيحة لكنها لن تكون ذات أثر على الطفل عندما يكبر!
حبذا لو وجهنا طاقتنا لتحذير الآباء من القنوات الفضائية ومن الانترنت على الشباب ووحضهم على احتواء أولادهم عاطفيا.
أما إننا نفتح عيون الصغار بحجة أنه يمكن يتلقى معلومات بطريقة مثيرة للغرائز فهذا ما لا يمكن منعه بـ (التربية الجنسية).
عيب والله نعلم الطفل أبجديات الجنس، ولما يرى والديه يبدأ يغمز عليهما أو يفتح موضوع الجنس معهما ليرى رد فعلهما.
"سبحان الله، لقد كتب علماء المسلمين في الباه والجماع والعشق والغرام مثل داود الظاهري في الزهرة و ابن الجوزي في ذم الهوى وابن حزم في طوق الحمامة وابن القيم في روضة المحبين ونزهة المشتاقين والسيوطي في رشف الزلال من السحر الحلال ورجوع الشيخ إلى صباه للنفزاوي و نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب للتيفاشي وغيرها من المؤلفات التي قد تتسبب في الانحراف إذا لم يكن الشباب محصنا بل إن الشيخ ابن تيمية رأى أن لا يقرأ سورة يوسف من يتلذذ بذلك يقع كل هذا ثم يقال إن الحديث عن الشهوة وتربيتها لا يجوز، فمن أين يتعلم أبناؤنا هذه الأمور هل من الأصدقاء والصديقات؟ أم من الأنترنيت الذي أصبح مرجع الشباب في كل شيء؟ أم من القنوات الفضائية الإباحية التي هاجمت كل البيوت دون استئذان؟ وهل سنظل نقول لأطفالنا الصغار عندما يسألوننا من أين أتوا؟ إننا وجدناهم تحت شجرة؟ أو جاء بهم الطبيب في حقيبة"
يا شيخنا الكريم أعزك الله ووفقك .. لا يدعي عاقل أبدا أن مطلق الكلام في مسألة العلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة هو من المحرمات! وليس هذا ما نستدركه على موضوعكم هذا. ولكن يا شيخ فرق بين الكلام في "الشهوة" والباه وفنون الجماع و .... وبين تعليم الناس أحكام الشرع المطهر في تلك المسألة والآداب الشرعية فيها، كل حكم في بابه! ولا أدري كيف يفوتكم هذا الفرق!
هذه الكتب التي ضربت المثال بها، منها ما مر عرضا على مسألة الجماع في اطار الحديث عن الشهوات وميول النفس أو نحو ذلك من الاطر الشرعية التي يأتي فيها ذكر تلك الشهوة لغرض علمي مستساغ ولا حرج، ومنها كتب لا غرض منها سوى اثارة شهوات الناس، تحت ذريعة لبس الشيطان بها على أصحابها، أنهم يعلمون الناس "فنون الجماع وبلوغ الذروة في الشهوة"!!! فهل مثل هذا العلم المشؤوم هو ما تريدون التنظير والتقعيد له في موضوعكم هذا؟؟ ان كان كذلك فأنا أربأ بكم عنه، وأطالبكم بأثر عن السلف أو الصحابة فيه ما يدل على أنهم كانوا يعلمون أولادهم هذه الأمور منذ الصغر، أو حتى في الكبر! يا شيخنا الكريم ان ذكور البهائم واناثهم - أكرمكم الله وأعزكم - لا يحتاجون الى من يعلمهم كيف يتلذذ كل منهم بالآخر! هذا أمر غريزي فطري مركوز في سائر الخلق ولم نعلم أحدا قال أن الشهوة تحتاج الى من يعلم الرجال كيف يصيبونها من نسائهم، والنساء كيف يصبنها من رجالهن! ولهذا وجهت انتباهكم الى كون تلك النصوص التي قمت بسوقها الينا من آثار الصحابة والسلف لا علاقة لها البتة بما تقصدون! بل ان فيها ما يدل على أن الواحد من هؤلاء الصحابة لو جئته ببعض تلك الكتب التي مثلت بها مما كتبه المتأخرون لكرهها ولأنكر على أصحابها أشد النكير!
فان كان غاية الأمر عندكم أن نقول، لنقدم لهم بديلا "اسلاميا" تربويا بدلا من أن يجدوا ضالتهم عند غيرنا، فأنا أقول بل الصواب أن نربيهم من الأساس على عدم الانشغال الا بما ينفعهم، كل مرحلة عمرية بما يناسبها، فان هم نشأوا على ذلك، وكنا حريصين على ألا تحوطهم الا صحبة صالحة منتقاة من أمثالهم، وألا يتعرضوا لزبالة أعداء الله الأنجاس، وأن يتربوا على الصد الشديد عنها وكراهتها والنفور منها، فلن يكون عندنا ما نخشاه، وسنربيهم في جو هو أقرب ما يكون طهارة وعفة وصيانة لهم، من جو الصحابة والسلف رضي الله عنهم!
أنتم تقولون أن تلك المؤلفات التي ذكرتموها بعضها قد يؤدي بالشباب الى الانحراف لو لم يكن محصنا! فهل يكون التحصين منها بوضع مثلها - في الموضوع - بين يديه على زعم أنه واقع على شيء منها لا محالة، فخير له أن يقع على شيء نحن الذين قمنا بكتابته؟ أم يكون التحصين بتعليمه تحقيق التقوى وألا يتطلع لما لا يستطيع اليه سبيلا؟؟ أعلمه الآن أحوال الجماع، ثم ماذا بعد؟؟ أتركه يهيم بخياله ولا يجد لشهوته متنفسا، ولا يزال لا يقدر على النكاح؟؟
ثم تقولون أن شيخ الاسلام نهى من يتلذذ بقراءة سورة يوسف عن قراءتها، ولا أدري أين قال شيخ الاسلام هذا الكلام، ولكن حتى وان قاله، فهذه حالة نفسية مرضية تحتاج الى علاج يا شيخنا الفاضل! وليس العلاج أن نزيده قراءة عن الشهوة والجماع!! وانما العلاج أن نعلمه تزكية نفسه وضبطها، حتى يعلم - على الأقل - أن لكلام الله قدسيته، فلا يحمله الشيطان عند تلاوة سورة يوسف - وليس فيها ما يحرك الشهوة أصلا - على أن يرسم في خياله صورة لامرأة تغتصب رجلا، أو لحال من أحوال الجماع!! وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم كل من بلغ الباءة أن يتزوج، فان لم يجد فعليه بالصيام، فانه له وجاء، والوجاء لغة الخصاء، فهو يطفئ الشهوة ويصرف ذهنه عن الانشغال بهذا الأمر جملة وتفصيلا! فلا نجد خيرا من ذلك لنوصي به مثل هذا المسكين الذي يثيره السماع لسورة يوسف!! فالآيات الكريمات ليس فيها أي وصف لأي شيء مثير .. وغاية ما تجده فيها أن امرأة العزيز راودت يوسف عن نفسه وقالت هيت لك، وحاولت أن تمسكه فتفلت منها فمزقت قميصه من دبر .. وانتهى ما تذكره الآية من ذلك عند هذا الحد! فالذي يجنح بذهنه الى صورة من صور الجماع بلدا من التدبر في مغزى الآيات الكريمات هذا مسكين مريض يحتاج الى علاج قلبي ونفسي، وصد عن شهوانيته الزائدة ان لم يجد لها صرفا في النكاح .. وليس علاجه فيما يقعد له بعض الفضلاء تحت عنوان "التربية الجنسية"!! فان كنتم تجدون في كلام ابن تيمية رحمه الله أن التربية الجنسية هي العلاج الذي يوصي به لمثل هذا المريض، فأرجو أن تتحفونا بهذا النقل.
وقلتم "يقع كل هذا ثم يقال إن الحديث عن الشهوة وتربيتها لا يجوز، فمن أين يتعلم أبناؤنا هذه الأمور هل من الأصدقاء والصديقات؟ أم من الأنترنيت الذي أصبح مرجع الشباب في كل شيء؟ أم من القنوات الفضائية الإباحية التي هاجمت كل البيوت دون استئذان؟ "
فبالله أي أمور يا شيخنا الكريم هي تلك التي ترون أنه لابد له من أن يتعلمها، فان لم يكن من أفلام البورنو والانترنت و"الصديقات" فمن كتاب مخصوص للتربية الجنسية "الاسلامية"؟؟؟ تقصد أوضاع الجماع مثلا؟؟ ألا يكفيه اذا ما شرع في طلب النكاح أن يعلم أن الله قد رفع الحرج على الرجل والمرأة في ذلك الأمر فأباح الوطء للمرأة في أي وضع عدا اتيانها في موضع القذر؟؟ قال الملك: ((فاتوا حرثكم انى شئتم)) وثبت في السنة قوله عليه السلام لما قال له عمر "حولت رحلي البارحة" بعد أن سكت للمرة الأولى - وتامل كيف كان مجرد التلفظ بالألفاظ الصريحة في هذا الأمر مما يكرهه الصحابة فاستعملوا التعريض والكناية، رضي الله عنهم - فقال له أنه لا حرج أن يواقعها مستقبلة أو مستدبرة ما دام في موضع الولد، أو كما قال عليه السلام! فهل وراء ذلك من علم في السنة بشان وضع جنسي مستحب مثلا ومفضل على غيره ونحتاج الى أن يوصف لنا؟؟؟ هذا يا شيخ هو غاية ما يشرع تعليمه للشاب والفتاة المسلمة في مسألة أوضاع الجماع! فالشاب ذكر وامرأته أنثى ولا يحتاج ذكر وأنثى الى من يعلمهما كيف يتلذذ كل منهما بالآخر! بل غاية ذلك ما أجمله الله في مثل قوله ((َالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ)) أما أن نقول لهم هذا الوضع أشهى للرجل من ذاك، وذاك الوضع أرجى للذة المرأة من ذاك، وما الى ذلك، فهذا كلام مذموم ولا يحتاج انسان صحيح الفطرة سوي الجسد الى تعلمه، ومفسدته على الشباب عظيمة لا تخفى، ولن تجد - مهما بحثت - دليلا واحدا على أن أحدا من الصحابة قد علم شيئا منه لأولاده!!
ولا عبرة بما ذكرتم يا مولانا من مؤلفات فليست من تراث السلف الأول والقرون الفاضلة، وبعضها أشد نكارة من أن يؤذن بطباعته وبيعه في الأسواق أصلا، فضلا عن أن يدرس مثله للأولاد، فتأمل!!
وتقولون: "وهل سنظل نقول لأطفالنا الصغار عندما يسألوننا من أين أتوا؟ إننا وجدناهم تحت شجرة؟ أو جاء بهم الطبيب في حقيبة"
وأقول كلا! لن نعلمهم الكذب ولن نكذب عليهم، وفي نفس الوقت فلن نقول لهم: لقد جئتم من الجماع الجنسي الذي صفته كذا وكذا وهيئته كذا وكذا!!! ويكفي جدا أن تقول الوالدة الفطنة للطفل الصغير: "أنا ووالدك تزوجنا، فرزقني الله بك في بطني، ومن بطني خرجت! " وانتهى الأمر! ولا الحاجة الى الكذب ولا الشنطة ولا تحت الشجرة ولا شيء من هذا! فان أصر على معرفة كيف حملت أمه وسأل سؤالا ثانيا بعد هذا الأول - وقليل ما يقع ذلك - فليقال له أن سبب ذلك عشرتها لأبيه. يجعل الله شيئا ينتقل بين جسد الأب والأم فيحدث الحمل بسببه .. المهم أن الأب الحصيف والأم الذكية، يقدران على استيعاب أسئلة الطفل دون الوقوع في الكذب ودون وضع صورة في ذهنه لا يلزم أبدا، بل لا يصح أن توضع عنده في تلك السن! ولتقم تربيته على ألا ينشغل أصلا بهذا الأمر، وعلى ألا يجد ما يحمله على هذا الفضول ويفتح الأبواب أمامه في نفسه ابتداءا! هذا هو الأصل يا شيخنا الكريم! أما أن يقال أن وصول هذه الامور اليه واقع واقع لا محالة، فلنصنع له البديل الذي يغنيه، فلا وربي لن يغنيه ولن يكفيه، بل سيزيده تطلعا واثارة ولهفة لتلقي المزيد من حيث تكرهون له أن يتطلع ويتلقى!!
ثم يا شيخنا الفاضل قولكم "إن الذي يرفض شيئا عليه أن يقدم بديلا سليما" ليس مسلما ولا يقال باطلاق أبدا! فنحن نرفض المعازف، فهل يلزمنا أن نقدم للشباب بديلا لها؟؟ ونرفض القمار والخمر، فهل يلزمنا أن نجد بديلا له عندنا؟؟ ونرفض الكثير والكثير مما قذفته علينا امواج التغريب العاتية وأغرقت فيه شعوب الأرض كلها، فمن الذي قال أنه يلزمنا أن نقدم البديل لكل شيء من تلك الأشياء؟؟
لن نمنع الطفل اذا سأل عن تفسير قوله تعالى "علقة" من أن يعلم ان االأمر يبدأ من مني يمنى، أي من سائل مخصوص يخرج من الرجل - كيف وأين لا يعنيه ذلك ولا نتطرق اليه - وهذا السائل يقع في رحم المرأة في جوفها - كيف ومن أين لا يعنيه الآن أيضا - فيحدث خلق الانسان على الاطوار التي وصفها القرءان!! فمن الذي قال أن تعليمكم لتفسير تلك الآيات الكريمات للأطفال يلزم منه تعليمهم العملية الجنسية وصورتها وأوضاعها و ... "التربية الجنسية"؟؟
وتقولون: "وإن مما يحز في النفس عدم الأخذ بالتربية الإسلامية في مناهج التعليم والتربية في أكثر بلاد المسلمين بل إن رجال التربية عندنا يعرفون جون ديوي وجان بياجيه ورونيه أوبير وغيرهم و لايعرفون على سبيل المثال: ابن سحنون والقابسي والغزالي وابن العربي وابن خلدون وابن القيم وغيرهم"
ووالله ما من غير هذا المنطلق انطلقت فيما أكتب وفيما أستدركه على مدخلكم وتناولكم هذا لتلك المسألة يا شيخنا الكريم .. فأرجو أن يتسع صدركم لكلامي وأن يكون قد اتضح لكم مقصدي ومأخذي على ما تكتبون .. بارك الله فيكم ونفع بكم.
يقع كل هذا ثم يقال إن الحديث عن الشهوة وتربيتها لا يجوز، فمن أين يتعلم أبناؤنا هذه الأمور هل من الأصدقاء والصديقات؟ أم من الأنترنيت الذي أصبح مرجع الشباب في كل شيء؟ أم من القنوات الفضائية الإباحية التي هاجمت كل البيوت دون استئذان؟ وهل سنظل نقول لأطفالنا الصغار عندما يسألوننا من أين أتوا؟ إننا وجدناهم تحت شجرة؟ أو جاء بهم الطبيب في حقيبة
وننسى أن أول ما نزل من القرآن و أول ما نحفظه لأبنائنا الصغار: {بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك الذي خلق الإنسان من علق}
إن الذي يرفض شيئا عليه أن يقدم بديلا سليما وهل يوجد في الدين ما يمنع من هذه التربية،مع الإشارة إلى أن تربيتنا هي غير التربية الغربية وأنها ليست دائما مباشرة
وإن مما يحز في النفس عدم الأخذ بالتربية الإسلامية في مناهج التعليم والتربية في أكثر بلاد المسلمين بل إن رجال التربية عندنا يعرفون جون ديوي وجان بياجيه ورونيه أوبير وغيرهم و لايعرفون على سبيل المثال: ابن سحنون والقابسي والغزالي وابن العربي وابن خلدون وابن القيم وغيرهم
أنا في انتظار بديل مقنع ولن أتردد لحظة واحدة في الإعلان عن الأخذ به وترك ما كنت أؤصل له لإيماني بأن الحق واحد لا يتعدد
القول ما قالت شذى الجنوب وكذلك أبو الفداء، لكنك لا تريد أن تقتنع وتظن أن كل الحق معك.
لا أدري ما المصلحة في التعمق في موضوع التربية الجنسية؟
إذا كنتَ الآن تعترف بأن القنوات الفضائية والإباحية دخلت كل البيوت - رغم أنها ولله الحمد لم تدخل كل البيوت كما تصورتَ -، وكذلك الانترنت؛ فكيف تريد من المراهقين الالتفات إلى مثل كتاباتك التي لن تشبع فضولهم ولن تصرفهم عن القنوات والانترنت وما فيها من البلاء؟!
أما عن كتاب طوق الحمامة فأنواع قلة الحياء فيه، وشباب اليوم والمراهقين ما يعرفونه والروايات الآن غطت عليه. وانتشاره قديما لا يقارن بانتشار الروايات الجنسية الآن والأسباب طبعا معروفة.
وأما عن استشهادك بآية (العلق) فلا تنس أيضا الآية (فأتوا حرثكم أنى شئتم)، كنا نقرأ هذه الآيات لكن لم نفكر أبدا في تفسيرها وكنا نكتفي بتفسير المعلمة لها.
ومن عاش في بيئة طاهرة؛ فلن يشغل نفسه بمثل هذه الترهات (كيف خرجتُ، ليه ماما تنام مع بابا على سرير واحد) وغيره من الأسئلة.
وحتى لو فرضا سئل الأب هذا السؤال فإنه سوف يجيبه إجابة ربما تكون غير صحيحة لكنها لن تكون ذات أثر على الطفل عندما يكبر!
حبذا لو وجهنا طاقتنا لتحذير الآباء من القنوات الفضائية ومن الانترنت على الشباب ووحضهم على احتواء أولادهم عاطفيا.
أما إننا نفتح عيون الصغار بحجة أنه يمكن يتلقى معلومات بطريقة مثيرة للغرائز فهذا ما لا يمكن منعه بـ (التربية الجنسية).
عيب والله نعلم الطفل أبجديات الجنس، ولما يرى والديه يبدأ يغمز عليهما أو يفتح موضوع الجنس معهما ليرى رد فعلهما.
"سبحان الله، لقد كتب علماء المسلمين في الباه والجماع والعشق والغرام مثل داود الظاهري في الزهرة و ابن الجوزي في ذم الهوى وابن حزم في طوق الحمامة وابن القيم في روضة المحبين ونزهة المشتاقين والسيوطي في رشف الزلال من السحر الحلال ورجوع الشيخ إلى صباه للنفزاوي و نزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب للتيفاشي وغيرها من المؤلفات التي قد تتسبب في الانحراف إذا لم يكن الشباب محصنا بل إن الشيخ ابن تيمية رأى أن لا يقرأ سورة يوسف من يتلذذ بذلك يقع كل هذا ثم يقال إن الحديث عن الشهوة وتربيتها لا يجوز، فمن أين يتعلم أبناؤنا هذه الأمور هل من الأصدقاء والصديقات؟ أم من الأنترنيت الذي أصبح مرجع الشباب في كل شيء؟ أم من القنوات الفضائية الإباحية التي هاجمت كل البيوت دون استئذان؟ وهل سنظل نقول لأطفالنا الصغار عندما يسألوننا من أين أتوا؟ إننا وجدناهم تحت شجرة؟ أو جاء بهم الطبيب في حقيبة"
يا شيخنا الكريم أعزك الله ووفقك .. لا يدعي عاقل أبدا أن مطلق الكلام في مسألة العلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة هو من المحرمات! وليس هذا ما نستدركه على موضوعكم هذا. ولكن يا شيخ فرق بين الكلام في "الشهوة" والباه وفنون الجماع و .... وبين تعليم الناس أحكام الشرع المطهر في تلك المسألة والآداب الشرعية فيها، كل حكم في بابه! ولا أدري كيف يفوتكم هذا الفرق!
هذه الكتب التي ضربت المثال بها، منها ما مر عرضا على مسألة الجماع في اطار الحديث عن الشهوات وميول النفس أو نحو ذلك من الاطر الشرعية التي يأتي فيها ذكر تلك الشهوة لغرض علمي مستساغ ولا حرج، ومنها كتب لا غرض منها سوى اثارة شهوات الناس، تحت ذريعة لبس الشيطان بها على أصحابها، أنهم يعلمون الناس "فنون الجماع وبلوغ الذروة في الشهوة"!!! فهل مثل هذا العلم المشؤوم هو ما تريدون التنظير والتقعيد له في موضوعكم هذا؟؟ ان كان كذلك فأنا أربأ بكم عنه، وأطالبكم بأثر عن السلف أو الصحابة فيه ما يدل على أنهم كانوا يعلمون أولادهم هذه الأمور منذ الصغر، أو حتى في الكبر! يا شيخنا الكريم ان ذكور البهائم واناثهم - أكرمكم الله وأعزكم - لا يحتاجون الى من يعلمهم كيف يتلذذ كل منهم بالآخر! هذا أمر غريزي فطري مركوز في سائر الخلق ولم نعلم أحدا قال أن الشهوة تحتاج الى من يعلم الرجال كيف يصيبونها من نسائهم، والنساء كيف يصبنها من رجالهن! ولهذا وجهت انتباهكم الى كون تلك النصوص التي قمت بسوقها الينا من آثار الصحابة والسلف لا علاقة لها البتة بما تقصدون! بل ان فيها ما يدل على أن الواحد من هؤلاء الصحابة لو جئته ببعض تلك الكتب التي مثلت بها مما كتبه المتأخرون لكرهها ولأنكر على أصحابها أشد النكير!
فان كان غاية الأمر عندكم أن نقول، لنقدم لهم بديلا "اسلاميا" تربويا بدلا من أن يجدوا ضالتهم عند غيرنا، فأنا أقول بل الصواب أن نربيهم من الأساس على عدم الانشغال الا بما ينفعهم، كل مرحلة عمرية بما يناسبها، فان هم نشأوا على ذلك، وكنا حريصين على ألا تحوطهم الا صحبة صالحة منتقاة من أمثالهم، وألا يتعرضوا لزبالة أعداء الله الأنجاس، وأن يتربوا على الصد الشديد عنها وكراهتها والنفور منها، فلن يكون عندنا ما نخشاه، وسنربيهم في جو هو أقرب ما يكون طهارة وعفة وصيانة لهم، من جو الصحابة والسلف رضي الله عنهم!
أنتم تقولون أن تلك المؤلفات التي ذكرتموها بعضها قد يؤدي بالشباب الى الانحراف لو لم يكن محصنا! فهل يكون التحصين منها بوضع مثلها - في الموضوع - بين يديه على زعم أنه واقع على شيء منها لا محالة، فخير له أن يقع على شيء نحن الذين قمنا بكتابته؟ أم يكون التحصين بتعليمه تحقيق التقوى وألا يتطلع لما لا يستطيع اليه سبيلا؟؟ أعلمه الآن أحوال الجماع، ثم ماذا بعد؟؟ أتركه يهيم بخياله ولا يجد لشهوته متنفسا، ولا يزال لا يقدر على النكاح؟؟
ثم تقولون أن شيخ الاسلام نهى من يتلذذ بقراءة سورة يوسف عن قراءتها، ولا أدري أين قال شيخ الاسلام هذا الكلام، ولكن حتى وان قاله، فهذه حالة نفسية مرضية تحتاج الى علاج يا شيخنا الفاضل! وليس العلاج أن نزيده قراءة عن الشهوة والجماع!! وانما العلاج أن نعلمه تزكية نفسه وضبطها، حتى يعلم - على الأقل - أن لكلام الله قدسيته، فلا يحمله الشيطان عند تلاوة سورة يوسف - وليس فيها ما يحرك الشهوة أصلا - على أن يرسم في خياله صورة لامرأة تغتصب رجلا، أو لحال من أحوال الجماع!! وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم كل من بلغ الباءة أن يتزوج، فان لم يجد فعليه بالصيام، فانه له وجاء، والوجاء لغة الخصاء، فهو يطفئ الشهوة ويصرف ذهنه عن الانشغال بهذا الأمر جملة وتفصيلا! فلا نجد خيرا من ذلك لنوصي به مثل هذا المسكين الذي يثيره السماع لسورة يوسف!! فالآيات الكريمات ليس فيها أي وصف لأي شيء مثير .. وغاية ما تجده فيها أن امرأة العزيز راودت يوسف عن نفسه وقالت هيت لك، وحاولت أن تمسكه فتفلت منها فمزقت قميصه من دبر .. وانتهى ما تذكره الآية من ذلك عند هذا الحد! فالذي يجنح بذهنه الى صورة من صور الجماع بلدا من التدبر في مغزى الآيات الكريمات هذا مسكين مريض يحتاج الى علاج قلبي ونفسي، وصد عن شهوانيته الزائدة ان لم يجد لها صرفا في النكاح .. وليس علاجه فيما يقعد له بعض الفضلاء تحت عنوان "التربية الجنسية"!! فان كنتم تجدون في كلام ابن تيمية رحمه الله أن التربية الجنسية هي العلاج الذي يوصي به لمثل هذا المريض، فأرجو أن تتحفونا بهذا النقل.
وقلتم "يقع كل هذا ثم يقال إن الحديث عن الشهوة وتربيتها لا يجوز، فمن أين يتعلم أبناؤنا هذه الأمور هل من الأصدقاء والصديقات؟ أم من الأنترنيت الذي أصبح مرجع الشباب في كل شيء؟ أم من القنوات الفضائية الإباحية التي هاجمت كل البيوت دون استئذان؟ "
فبالله أي أمور يا شيخنا الكريم هي تلك التي ترون أنه لابد له من أن يتعلمها، فان لم يكن من أفلام البورنو والانترنت و"الصديقات" فمن كتاب مخصوص للتربية الجنسية "الاسلامية"؟؟؟ تقصد أوضاع الجماع مثلا؟؟ ألا يكفيه اذا ما شرع في طلب النكاح أن يعلم أن الله قد رفع الحرج على الرجل والمرأة في ذلك الأمر فأباح الوطء للمرأة في أي وضع عدا اتيانها في موضع القذر؟؟ قال الملك: ((فاتوا حرثكم انى شئتم)) وثبت في السنة قوله عليه السلام لما قال له عمر "حولت رحلي البارحة" بعد أن سكت للمرة الأولى - وتامل كيف كان مجرد التلفظ بالألفاظ الصريحة في هذا الأمر مما يكرهه الصحابة فاستعملوا التعريض والكناية، رضي الله عنهم - فقال له أنه لا حرج أن يواقعها مستقبلة أو مستدبرة ما دام في موضع الولد، أو كما قال عليه السلام! فهل وراء ذلك من علم في السنة بشان وضع جنسي مستحب مثلا ومفضل على غيره ونحتاج الى أن يوصف لنا؟؟؟ هذا يا شيخ هو غاية ما يشرع تعليمه للشاب والفتاة المسلمة في مسألة أوضاع الجماع! فالشاب ذكر وامرأته أنثى ولا يحتاج ذكر وأنثى الى من يعلمهما كيف يتلذذ كل منهما بالآخر! بل غاية ذلك ما أجمله الله في مثل قوله ((َالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ)) أما أن نقول لهم هذا الوضع أشهى للرجل من ذاك، وذاك الوضع أرجى للذة المرأة من ذاك، وما الى ذلك، فهذا كلام مذموم ولا يحتاج انسان صحيح الفطرة سوي الجسد الى تعلمه، ومفسدته على الشباب عظيمة لا تخفى، ولن تجد - مهما بحثت - دليلا واحدا على أن أحدا من الصحابة قد علم شيئا منه لأولاده!!
ولا عبرة بما ذكرتم يا مولانا من مؤلفات فليست من تراث السلف الأول والقرون الفاضلة، وبعضها أشد نكارة من أن يؤذن بطباعته وبيعه في الأسواق أصلا، فضلا عن أن يدرس مثله للأولاد، فتأمل!!
وتقولون: "وهل سنظل نقول لأطفالنا الصغار عندما يسألوننا من أين أتوا؟ إننا وجدناهم تحت شجرة؟ أو جاء بهم الطبيب في حقيبة"
وأقول كلا! لن نعلمهم الكذب ولن نكذب عليهم، وفي نفس الوقت فلن نقول لهم: لقد جئتم من الجماع الجنسي الذي صفته كذا وكذا وهيئته كذا وكذا!!! ويكفي جدا أن تقول الوالدة الفطنة للطفل الصغير: "أنا ووالدك تزوجنا، فرزقني الله بك في بطني، ومن بطني خرجت! " وانتهى الأمر! ولا الحاجة الى الكذب ولا الشنطة ولا تحت الشجرة ولا شيء من هذا! فان أصر على معرفة كيف حملت أمه وسأل سؤالا ثانيا بعد هذا الأول - وقليل ما يقع ذلك - فليقال له أن سبب ذلك عشرتها لأبيه. يجعل الله شيئا ينتقل بين جسد الأب والأم فيحدث الحمل بسببه .. المهم أن الأب الحصيف والأم الذكية، يقدران على استيعاب أسئلة الطفل دون الوقوع في الكذب ودون وضع صورة في ذهنه لا يلزم أبدا، بل لا يصح أن توضع عنده في تلك السن! ولتقم تربيته على ألا ينشغل أصلا بهذا الأمر، وعلى ألا يجد ما يحمله على هذا الفضول ويفتح الأبواب أمامه في نفسه ابتداءا! هذا هو الأصل يا شيخنا الكريم! أما أن يقال أن وصول هذه الامور اليه واقع واقع لا محالة، فلنصنع له البديل الذي يغنيه، فلا وربي لن يغنيه ولن يكفيه، بل سيزيده تطلعا واثارة ولهفة لتلقي المزيد من حيث تكرهون له أن يتطلع ويتلقى!!
ثم يا شيخنا الفاضل قولكم "إن الذي يرفض شيئا عليه أن يقدم بديلا سليما" ليس مسلما ولا يقال باطلاق أبدا! فنحن نرفض المعازف، فهل يلزمنا أن نقدم للشباب بديلا لها؟؟ ونرفض القمار والخمر، فهل يلزمنا أن نجد بديلا له عندنا؟؟ ونرفض الكثير والكثير مما قذفته علينا امواج التغريب العاتية وأغرقت فيه شعوب الأرض كلها، فمن الذي قال أنه يلزمنا أن نقدم البديل لكل شيء من تلك الأشياء؟؟
لن نمنع الطفل اذا سأل عن تفسير قوله تعالى "علقة" من أن يعلم ان االأمر يبدأ من مني يمنى، أي من سائل مخصوص يخرج من الرجل - كيف وأين لا يعنيه ذلك ولا نتطرق اليه - وهذا السائل يقع في رحم المرأة في جوفها - كيف ومن أين لا يعنيه الآن أيضا - فيحدث خلق الانسان على الاطوار التي وصفها القرءان!! فمن الذي قال أن تعليمكم لتفسير تلك الآيات الكريمات للأطفال يلزم منه تعليمهم العملية الجنسية وصورتها وأوضاعها و ... "التربية الجنسية"؟؟
وتقولون: "وإن مما يحز في النفس عدم الأخذ بالتربية الإسلامية في مناهج التعليم والتربية في أكثر بلاد المسلمين بل إن رجال التربية عندنا يعرفون جون ديوي وجان بياجيه ورونيه أوبير وغيرهم و لايعرفون على سبيل المثال: ابن سحنون والقابسي والغزالي وابن العربي وابن خلدون وابن القيم وغيرهم"
ووالله ما من غير هذا المنطلق انطلقت فيما أكتب وفيما أستدركه على مدخلكم وتناولكم هذا لتلك المسألة يا شيخنا الكريم .. فأرجو أن يتسع صدركم لكلامي وأن يكون قد اتضح لكم مقصدي ومأخذي على ما تكتبون .. بارك الله فيكم ونفع بكم.