في دواء العشق - يا أيها العالم ماذا ترى / في عاشق ذاب من الوجد

في الطبقات الكبرى لابن السبكي وحكاه في الأصل متردداً قال كتب جلال الدولة إلى أبي الطيب الطبري سؤالاً صورته:

يا أيها العالم ماذا ترى * في عاشق ذاب من الوجد
من حب ظبي أغيد أهيف * سهل المحيا حسن القد
فهل ترى تقبيله جائزا * في الفم والعينين والخد
من غير ما فحش ولا ريبة * بل بعناق جائز الحد
إن كنت ما تفتي فإني إذا * أصيح من وجدي وأستعدي

فكتب رحمه الله تعالى الجواب :

يا ذا الذي ذاب من الوجد * وظل في ضر وفي جهد
إسمع فدتك النفس من ناصح * بنصحه يهدي إلى الرشد
لو صح منك العشق ما جئتني * تسألني عنه وتستعدي
فالعاشق الصادق في حبه * ما باله يسأل ما عندي
غيبه العشق فما إن يرى * يعيد في العشق ولا يبدي
وكل ما تذكر مستفتيا * حرمه الله على العبد
إلا لما حلله ربنا * في الشرع بالإبرام والعقد
فعد من طرق الهوى معرضا * وقف بباب الواحد الفرد
وسله يشفيك ولا يبتلي * قلبك بالتعذيب والصد
وعف في العشق ولا تبده * واصبر وكاتم غاية الجهد
فإن تمت محتسبا صابرا * تفز غدا في جنة الخلد.

***


فأجابه:
يا أيها السائل إني أرى = تقبيلك العين مع الخد
يفضي إلى ما بعده فاجتنب = قبلته بالجد والجهد
فإن من يرتع في روضة = لا بد أن يجني من الورد
وإن من تحسبه ناسكاً = لا بد أن يغلب بالوجد
فاستشعر العفة وأعصى الهوى = يسلم لك الدين مع الود
تغنيك عنه كاعب ناهد = تضمها بالملك والعقد
تملك منها كلمة تشتهي = من غير ما فحش ولا رد
هذا جوابي لقتيل الهوى = فلا تكن بالحق تستعدي
 
أعلى