ابن مليك الحموي - سفحت عقيق الدمع من سفح مقلتي

سفحت عقيق الدمع من سفح مقلتي = وبت لدى الجرعاء أجرع عبرتي
وروحي ذابت بالاسى وتفطرت = وسالت دموعا من تصعد زفرتي
ومذ بصفا قلبي سعى طائف الهوى = رمى بفؤادي جمرة بعد جمرة
وبين جفوني والرقاد خنافر = كما بين جسمي في السقام وصحبتي
فمفترق وجدي وصبري عنكم = ومتفق سقمي لديكم ولوعتي
فاول شوقي كان آخر ادمعي = وآخر دمعي كان آخر صبوتي
الا يا اهيل المنحنى من اضالعي = بقلبي رفقا فهو منكم بقيتي
وفي الحب ان عذبتموني فليكن = بتوصول سقمي لا بمر القطيعة
فمني قد ابلى جميعي هواكم = ولم يبق مني غير حفظ المودة
عدمت فؤادي ان تناسى ودادكم = ولا كان قلبي ان نحا غير نحلتي
على غاربي ألقيتم حبل هجركم = وخيل اصطباري في الاعنة عنت
ومني قد رققتم الجسم بالجفا = واني ليرضيني جفاكم ورقتي
وعيش هواكم لو سلا مهجتي القلا = لما فيت عنكم في الغرام بسلوة
حرام على عيني كراها وطيبه = لما قد جرى يوما وحل بطيبة
فلا تنكروا بالحزن أن صرت حائرا = اشق جيوب الصبر من عظم حسرتي
جدير لعيني بالدموع اذا بكت = على حرم قد ضم اشرف بقعة
بصاعقة ليلا اصيب كأنما = لشدة ذاك الهول نودي بصعقة
وقد فوقت منها سهاما مصيبة = ولم ار يوما مثلها من مصيبة
وما برحت تزداد وفد وكلما = اقول عساها قد تولت تولت
وعاج اليها الناس من كل جانب = وكل ينادي بالحريق بحرقة
ولم يستطيعوا بعض اطفاء وقدها = ومن ذا الذي يسطيع رد البلية
ومات بها حرقا من الناس معشر = يزيدون عشرا بابن زين العشيرة
وجاءت طيور ردت الناس بعدما = احاطت بتلك الحجرة النبوية
وشاهد ذاك الطير من كان حاضراً = من الناس مرأى العين من غير ريبة
ولله في هذا الحريق ارادة = وما ذاك الا عن علوم خفية
فياليتني لو كنت يوما لها الفدا = وكنت بروحي افتديها ومهجتي
احاشيك يا هذا الجدار بان أرى = تمسك ايدي الحادثات بنكبة
الا مبلغ عني لساكن تربة = اجل سلامي ثم ازكى تحيتي
حبيبي يا مختار يا كنز مقصدي = ومنهاج آمالي وبهجة روضتي
ذنوبي وزلاتي لحظي تعاظمت = وانت الذي ترجى لكل عظيمة
بك اليوم لي ارجو النجاة وفي غد = يكون ليوم الفصل أعظم وصلة
فأنت الذي لولاه ما كان آدم = ولا كان نوح قد نجا في السفينة
ولا كان ابراهيم في الحال ناره = عليه غدت بردا بارض اريضة
ولا كان اسماعيل للذبح مذ أتى = مطيعا نجا في الحال من حد مدبة
ولا كان لما تله لجبينه = وقد سلما افدي باعظم فدية
ولولاه موسى ماء مدين لم يرد = ولا كان ليلا يهتدي نحو جذوة
ولا كان عيسى وهو طفل بمهده = ينبىء عنه قومه بالنبوة
ولا مريمٌ كانت به حملت ولا = لها قيل هزّي في الندا جذع نخلة
وادريس لولاه لما كان قد علا = مكانا رفيعاً دونه كل رتبة
ولا كان عن ايوب قد زال ضره = ولا كان اعطى الصبر عند البلية
نعم فهو خير الانبياء جميعهم = وامته معدودة خير امة
له المعجزات الباهرات وكم لنا = بها ظهرت من آية بعد آية
فبدر السما قد شق طوعا لاحبته = وردت اليه الشمس عند عشية
وجاء له يشكو البعير ومنه قد = وهي الظهر وهنا من هجير الظهيرة
وفي الافق هاتيك الغزالة سلمت = عليه وللصياد عادت ووفت
وكم رد من عين وجاد بها وكم = اصابعه فاضت وللجيش روّت
وفي ليلة الاسرا من الله قد دنا = وخاطبه في الحضرة القدسيّة
وداس بنعليه البساط تكرما = ومن نال هذا غيره في البسيطة
فأن قلت بدر فهو من بعض نوره = وان قلت شمس فهي منه استمدت
ولو أن عثب الارض اقلام كاتب = لها البحر حبر عنه في الوصف كلت
فلا تحسبوا ما قلته حق قدره = وما ذاك إلّ حسب قدري وقدرتي
اليك رسول الله اشكو كبائرا = على كبر وارحمتاه لكبرتي
وها قد وهي ظهري وقد جئت تائبا = عسى بك ان تمحي وتقبل توبتي
ايا ابن كريم وابن خير كريمة = بك اليوم ارجو كشف ضر كريمتي
وارجوك في الحشر الصراط تجيزني = جواز جزاء عن اجازة مدحتي
فان تم لي هذا فقد تم لي الهنا = وحزت نعيما وانقلبت بنعمة
فدونك ياذا البر مني مدائحا = لعل يكون البرء فيها لعلتي
عسى ابن مليك منك يشفى بنظرة = تقيه العنا من كل عين ونظرة
عليك صلاة الله ثم سلامه = مدى الدهر يبقى مدة بعد مدة
وآلك والاصحاب ما هبت الصبا = وما نشقت عرف الشذا حين هبت
 
أعلى