خوان خوسيه مياس - إنذارات.. ت: جعفر العلوني

في ذلك اليوم صوتٌ متلهف لأحدٍ ما ترك على المجيب الآلي لهاتف المنزل الرسالة التالية: "أمي، أنا كرستينا، كنت أتساءل إن كان باستطاعتي تناول العشاء معك هذا المساء في بيتك، اتصلت بكِ لأقول لك هذا فقط، لأعرف إن كان باستطاعتي تناول العشاء معك. أخبريني، من فضلك، ولا تنسي ذلك، فسأبقى هنا طيلة المساء، أنا كرستينا".

مما لا شك فيه أنني لست أم كرستينا، لذلك لم تتمكن المسكينة من تناول العشاء ذلك المساء، وكذلك أنا، لم أكن قادراً على قلي بيضتين بعد أن سمعت دراما تلك الفتاة المسكينة. إن بعض الأصوات المجهولة هي بمثابة مكروبات تؤثر على يومك، ولا يوجد دواء يصدها.

في اليوم التالي لرسالة كرستينا الصوتية، عدت إلى المنزل ضغطت على المجيب الآلي للهاتف، وإذ بأحد يقول: "بيدرو، في نهاية الأمر أظهرت النتائج أنَّ الورم خبيثٌ، وعلاوة على ذلك ماريسول كسر ذراعه. حتى الآن لم نقل شيئاً لأمي لأنها لن تقدر على تحمّل الأمر بسبب مشاكل التنفس التي تعانيها. أما ناتشو فقد رسب في الثانوية وسيعيدها". مما لا شك فيه أنني لست بيدرو ولا أعرف لويس ولا حتى ماريسول وآخر همي إن كان ناتشو سيعيد الثانوية، غير أن ذلك الكم الهائل من الأخبار السيئة والبعيدة عني سوّد عليّ عيشتي. فعندما تسمع على مدى يومين متتاليين رسائل من هذا العيار، يبدو لك هذا الجهاز الهاتفي الذي يحتوي على شريط التسجيل بيئة مثالية لتكاثر المكروبات المؤذية للحالة الوجدانية، لذلك قررت تطهير الشريط بمسح الرسائل جميعها. ولكن بعد العودة من العمل في اليوم التالي سمعت الرسالة التالية: "ميغيل، هذه هي المرة الأخيرة التي تواعدني فيها ولا تأتي لأنني سأنتحر هذا المساء". لست ميغيل، ولكنني بقيت ثلاثة أيام أشعر بعذابٍ داخلي وأنا أبحث في صفحة الحوادث عن موتٍ مريع. لا يمكنني العيش بهذا الشكل.

هكذا قررت هذا اليوم أن أدافع عن نفسي، فرحت أجرب حظي بالأرقام حتى أصبت ورد عليّ المجيب الآلي فقمت بتسجيل الرسالة التالية:" مارتا، تعالي فوراً لأن مانوليتو سقط في فسحة الدرج وريكاردو بلع شفرة الحلاقة، ولكنني لا أستطيع أن أغادر المنزل وأترك الصغير. هيا تعالي بسرعة". في الحقيقة شعرت بالراحة، حتى أنني لم أشعر بتأنيب الضمير. قررت أن أرفع من حدة الحرب إذا ما طالت، وقد أُعذر من أنذر.
 
أعلى