حسان الناصر - ليلة التكوين

لمْ تزَل ليلةُ التَكوِين
فِي اسّافيْر الهَوى
مسّكُوبةً دَاخلَ
كُؤوس حُب
نخب الصّبايّا العبِارّات
نخّبُ السّكاكيْن
عَلي ظُهورِ الاصّدِقَاء
ونَخبُ ابْياتِ النّشِيد
لمْ اكُن الاّ انَا
وشَمعةُ التَأبِين تَرّقُصُ
عَلي ظِلالِي
ووقَفتُ انّادِي فِي سّرابُكِ
مِن بَاب غُرفتِك
حَولَ تَمائِم الزّنجَبِيل
لم ترّدِي علَي الصّدَي
بل ترَكتهِ عَائِداً
خَائِبا
منْكسّراً مِثل
فَجر ايّار الزّهيد
ومَضيتُ فِيكِ
عَابرّاً
مِثل غِربَان المَدِينة
انهَشُ جثةَ الميلاد
وظَمأ الامَاني الوَارِفات
رُدي قَلّبي
ارُد لكِ الآهَات
كَبارُودِ المَدافِع
طَلقة فِي دَاخلِي
عَبرت سَحاب قَلّبي
مَزقتِها ...مَزقتِها
يَا انْتي
يا اوَل الغَيثِ
واخر ُالقَطراتِ انْتِي
رُدِ قَلبِي
اردُ لَك النّزِيف
وبعْضُ اياتِ الانَاجِيل
في لسّان الرَاهِبات
متَبتلا فِيك
و كلمَا نازعَني الزّهرُ
عَلي رّحيقك ِ
منَحتهُ اسّمك
زينْتهُ للحَقلِ
أحقاًحُقولُ عينَيكِ
كَانت فِي شَزَاهَا عِند المَطر ؟
ام ان السّنابلَ مُغريةٌ للحَمام
اكثّر مِن هَديلك ؟
وتَحت وسّادة اللّيل
دسّيني مِن نزّيف الاحَاجِي
او اذهبِ بالقمَر ناحِية الصّحَاري
فالمَدائِنُ هي القَوافِي
والمَقاهِي تنتظرُ
عودة الجُند
ليقُصُو للحَبيباتِ عَن بلاَدٍ
نامت فَوق تل البيّت
وربمَا نسوا ذَخائرهم رّهن رسَاله بريدِية كانَت سَترسل
ُ لعَنواين مَنسّية
لا الطُرق تنّسينا الذّهاب
ولا مغْزلُ الام يَكفيها
لان تصّنع اربعة
َ اقمصةٍ للشّمس
لذالك فضلَ الابنَاء
مغَادرة القصِيده
في مطَارات لا تجيد
نظم اللُغة
سَيلتقون بامِهم
ربمَا كانت مضيفة
في شّركة المِلاحة
لتخّبر الرُكاب قِصه
قبل الهبوط
او ستَكون شُرطية تَفتِيش
لتدس الاسّوار
في خواصِر الفتَيات
لانها كانَت تَظنُ
ان احداهُن حبِيبةَ
ابنها الاوسّط
كانَت تُغريه الاسّاورَ
و السّتائرَ
ورائحةُ البَخور
صبِيحةَ الاعياد
كانتْ تحبُهُ
مثّل قِطٍ ما زَال يُحاولُ
التْثائُب فِي الظّهيرة
كّانَت تفضله
فَهو شَهيد ذَاكرةِ المنَاجِم
عنْدمَا كَان الذّهبُ
ايقُونه القَصّرِ الكَبيرِ
تفَضلَهُ عَلي اخْوتِهِ
بوجبَاتٍ خَفيفَة
لا شّئ سَوي مُعانَاتِه فِي نَقصِ الانسُولِين
وتقَرحاتٍ في جِدار امعَاءهِ
و تمزق في عَصبه الحِسّي
لذلِك كَانَت تَخافُ عليهِ
من السّلاَلِم
و الصُعودِ الي سقْفِ البيّت
او ان يتَسلق شّجرَة فيسّقطُ
هكَذا
كانَت تَحميهِ مِن الاذّي
ولكن نسِيت بابَ
قلبِه مَفتوحَاً
فتسَللت احدَاهُن
فِي وضَح الظَهِيرَة
أكنتِ انتَي
مِن رّائحة الغنْاءِ العذّب فِيكِ
او ليّلاً تسّاقط
ُ مِن سّياره الاسّعافِ
اكنْتِ انتِي
مِن صُوره الاعْلَانِ امَامَ باب الجْامِعة
يَحثُ عَاشّقينِ
علي تَبادلِ قبلة
ويخَرجو الي مَنازلِهم
ينْشّدُون احَادِيثَهُم
للمَارةِ
اكُنتِ انْتِي
هاكِ قَلبِي
وخلّايا دَمِي
هَاكِ هَذا الوَرّيد


حسان الناصر
 
أعلى