نقوس المهدي
كاتب
لقد أكدت الدراسة أن ألف ليلة وليلة اكتملت في مصر بعد أن تشبعت بالحياة المصرية والشخصية المصرية ولغة الحياة الشعبية المصرية. حكايات ألف ليلة وليلة حيث عالم السحر والعجائب والرحلات في أعماق البحار والكهوف. ليالي هارون الرشيد. الحرملك وحكايات الحريم ومؤامرات الجواري، كان هذا كله البوابة السحرية التي حاول الغرب التسلل منها للتعرف عن كثب عن هذا الشرق الساحر حتي كتب الأطفال استقت حكاياتها من عالم الليالي كعلاء الدين ومصباحه السحري وعلي بابا والسندباد البحري حتي أصبحت تلك القصص جزءا من ثقافة الأطفال في أوروبا. واستهوي عالم الرحلات في روايات الف ليلة وليلة الكتاب الغربيين وسرحوا بخيالهم في آفاقه حتي كان من أبرز كتب الأدب الإنجليزي ذيوعا رحلات جاليفرز وروبنسون كروزو.
وقد صدر كم هائل من الدراسات الاستشراقية عن عالم الليالي. بل لقد طبعت الليالي أكثر من ثلاثين مرة في إنجلترا وفرنسا في القرن الثامن عشر وحده ونشرت نحو ثلاثمئة مرة في لغات أوروبا الغربية وكذلك في عالم الشرق. إلا أن الدراسة المبكرة والمتميزة في هذا الصدد كانت من نصيب الدكتورة سهير القلماوي.
ولا شك أن كاتبة وأديبة بحجم سهير القلماوي قد بذلت جهدا متميزا في دراسة وتحليل حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة وهو ما أكده الدكتور طه حسين في تقديمه للكتاب فقد سافرت الدكتورة سهير القلماوي إلي فرنسا وإنجلترا واستفادت من الأساتذة المستشرقين بها حتي أتمت دراستها التي نالت عنها الدكتوراة من كلية الآداب خصوصا أن دراستها من الدراسات المبكرة عن الليالي وقد فاجأتنا سهير القلماوي بتأكيدها في هذه الدراسة أن ألف ليلة وليلة اكتملت في مصر بعد أن تشبعت بالحياة المصرية والشخصية المصرية ولغة الحياة الشعبية المصرية.
ولعل من الحقائق التي تلفت النظر إليها في الكتاب أن المرأة هي البطل الرئيسي في الليالي علي اختلاف صورها عبر العصور والبيئات حيث إن كتاب ألف ليلة وليلة لا تجمعه وحدة المؤلف ولا العصر.
وكما أشارت سهير القلماوي فإن صورة المرأة في الليالي كلها ترجع إلي نوعين: نوع استقاه القاص من حياته القريبة، وهي حياة الطبقة الوسطي من تجار مصر خصوصا في العهد الإسلامي وتجار البلاد التي خضعت إلي سلطان الدولة الإسلامية عامة ونوع استمده القاص من الخيال ففي الليالي صور كثيرة عن ملكات وجنيات محاربات ونساء من سكان عالم البحار وسيدات ينتمين إلي طبقة العلماء. والليالي صورت نماذج من المرأة ولكنها لم تصور نساء بعينهن: فقد صورت الجارية والعالمة والعجوز الماكرة.
ولعل أكبر دور قامت به المرأة في الليالي هو دور المرأة العاشقة والصورة العامة لهذا الدور هي لقاء وحب من أول نظرة ثم فراق فلقاء يتخللها تعرض الحبيبين للكثير من الأهوال. يلي دور الحب مباشرة دور الكيد وكيد النساء مختلف الصور ففي قصة الوزراء السبعة تزعم جارية الملك أن ابن الملك راودها عن نفسها. وتدور مناظرات بينها وبين وزراء الملك السبعة حول كيد الرجال وكيد النسا وأيهما أكثر كيده. هوأكثر ما تكيده المرأة في الليالي يكون للوصول إلي حبيبها والتخلص من زوجها. بل إن هناك قصصا تدور كلها حول هذا الموضوع كقصة مسرور التاجر وزين المواصف وقصة قمر الزمان ومعشوقته وفي قصة مريم الزنارية نجد امرأة نصرانية تسلم لتصل إلي حبيبها حتي أن ملك الرومان لا يستطيع استخلاص ابنته حتي من الرشيد نفسه الذي اضطر إلي حماية من أسلمت ولكن هذا لا يمنع من أن المرأة قد تكيد لمجرد الكيد.
وتمدنا قصة عمر النعمان بدورين آخرين مهمين للمرأة في الليالي الأول هو المرأة المحاربة والثاني المرأة العالمة وقد استمدهما القاص من خياله فالمحاربات إن كن آدميات فهن نصاري يسلمن أو يلدن مسلما، وإن كن جنيات فهن إما من جنيات الجن المؤمنات وإما بعيدات جدا عن الحياة الدنيا علي نحو ما نجده في جزيرة الواق واق في قصة حسن البصري.
وأما المرأة العالمة فقد استمد القاص الكثير من معالمها من الأدب العربي، فهناك قصة الملك الذي تزوج امرأة لأنها أحسنت الجواب الذي يدل علي حكمتها. كما تزوج الرشيد بكثيرات ممن رددن ردا حكيما أو أكملن بيتا ناقصا أو أنشدن أبيات شعر أعجبته.
وفي كل الأحوال ظهرت المرأة في كل قصة من قصص الليالي وهي تلعب دورها وتكون عنصرا مهما إن لم يكن الأهم في تسيير دفة الحوادث.
*
- اسم الكتاب: ألف ليلة وليلة
- اسم المؤلف: سهير القلماوي
- تقديم: د. طه حسين
- الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة
وقد صدر كم هائل من الدراسات الاستشراقية عن عالم الليالي. بل لقد طبعت الليالي أكثر من ثلاثين مرة في إنجلترا وفرنسا في القرن الثامن عشر وحده ونشرت نحو ثلاثمئة مرة في لغات أوروبا الغربية وكذلك في عالم الشرق. إلا أن الدراسة المبكرة والمتميزة في هذا الصدد كانت من نصيب الدكتورة سهير القلماوي.
ولا شك أن كاتبة وأديبة بحجم سهير القلماوي قد بذلت جهدا متميزا في دراسة وتحليل حكايات ألف ليلة وليلة الشهيرة وهو ما أكده الدكتور طه حسين في تقديمه للكتاب فقد سافرت الدكتورة سهير القلماوي إلي فرنسا وإنجلترا واستفادت من الأساتذة المستشرقين بها حتي أتمت دراستها التي نالت عنها الدكتوراة من كلية الآداب خصوصا أن دراستها من الدراسات المبكرة عن الليالي وقد فاجأتنا سهير القلماوي بتأكيدها في هذه الدراسة أن ألف ليلة وليلة اكتملت في مصر بعد أن تشبعت بالحياة المصرية والشخصية المصرية ولغة الحياة الشعبية المصرية.
ولعل من الحقائق التي تلفت النظر إليها في الكتاب أن المرأة هي البطل الرئيسي في الليالي علي اختلاف صورها عبر العصور والبيئات حيث إن كتاب ألف ليلة وليلة لا تجمعه وحدة المؤلف ولا العصر.
وكما أشارت سهير القلماوي فإن صورة المرأة في الليالي كلها ترجع إلي نوعين: نوع استقاه القاص من حياته القريبة، وهي حياة الطبقة الوسطي من تجار مصر خصوصا في العهد الإسلامي وتجار البلاد التي خضعت إلي سلطان الدولة الإسلامية عامة ونوع استمده القاص من الخيال ففي الليالي صور كثيرة عن ملكات وجنيات محاربات ونساء من سكان عالم البحار وسيدات ينتمين إلي طبقة العلماء. والليالي صورت نماذج من المرأة ولكنها لم تصور نساء بعينهن: فقد صورت الجارية والعالمة والعجوز الماكرة.
ولعل أكبر دور قامت به المرأة في الليالي هو دور المرأة العاشقة والصورة العامة لهذا الدور هي لقاء وحب من أول نظرة ثم فراق فلقاء يتخللها تعرض الحبيبين للكثير من الأهوال. يلي دور الحب مباشرة دور الكيد وكيد النساء مختلف الصور ففي قصة الوزراء السبعة تزعم جارية الملك أن ابن الملك راودها عن نفسها. وتدور مناظرات بينها وبين وزراء الملك السبعة حول كيد الرجال وكيد النسا وأيهما أكثر كيده. هوأكثر ما تكيده المرأة في الليالي يكون للوصول إلي حبيبها والتخلص من زوجها. بل إن هناك قصصا تدور كلها حول هذا الموضوع كقصة مسرور التاجر وزين المواصف وقصة قمر الزمان ومعشوقته وفي قصة مريم الزنارية نجد امرأة نصرانية تسلم لتصل إلي حبيبها حتي أن ملك الرومان لا يستطيع استخلاص ابنته حتي من الرشيد نفسه الذي اضطر إلي حماية من أسلمت ولكن هذا لا يمنع من أن المرأة قد تكيد لمجرد الكيد.
وتمدنا قصة عمر النعمان بدورين آخرين مهمين للمرأة في الليالي الأول هو المرأة المحاربة والثاني المرأة العالمة وقد استمدهما القاص من خياله فالمحاربات إن كن آدميات فهن نصاري يسلمن أو يلدن مسلما، وإن كن جنيات فهن إما من جنيات الجن المؤمنات وإما بعيدات جدا عن الحياة الدنيا علي نحو ما نجده في جزيرة الواق واق في قصة حسن البصري.
وأما المرأة العالمة فقد استمد القاص الكثير من معالمها من الأدب العربي، فهناك قصة الملك الذي تزوج امرأة لأنها أحسنت الجواب الذي يدل علي حكمتها. كما تزوج الرشيد بكثيرات ممن رددن ردا حكيما أو أكملن بيتا ناقصا أو أنشدن أبيات شعر أعجبته.
وفي كل الأحوال ظهرت المرأة في كل قصة من قصص الليالي وهي تلعب دورها وتكون عنصرا مهما إن لم يكن الأهم في تسيير دفة الحوادث.
*
- اسم الكتاب: ألف ليلة وليلة
- اسم المؤلف: سهير القلماوي
- تقديم: د. طه حسين
- الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة