محمد الحرّاق - ولو فهموا دقائق حبّ ليلى

أماطت عن محاسِنها الخمارا = فغادرت العقولَ بها حيارَى
وبثّت في صميم القلبِ شوقاً = توقَد منه كلٌ الجسمِ نارا
وألقت فيه سراً ثم قالت = أرَى الإفشاءَ منك اليومَ عارا

وهل يسطيعُ كتمَ السر صبّ = إذا ذكِر الحبيبُ إليهِ طارا
به لعبَ الهوى شيئاً فشيئاً = فلم يشعر وقد خلع العِذارا
إلى أن صار غيباً في هواها = يشيرُ لغيرها ولها أشارا
يُغالطُ في هواها الناسَ طراً = ويلقي في عيونهمُ الغبارا
ويسألُ عن معارفها التذاذاً = فيحسَبُه الورى أن قد تمارا
ولو فهموا دقائق حُبَ ليلى = كفاهم في صبابته اختبارا
إذا يبدو أمروء من حيِّ ليلى = يذل له وينكسر انكسارا
ولولاها لما أضحى ذليلاً = يقبِّلُ ذا الجدارَ وذا الجدارا
وما حُبُ الديارِ شغففْنَ قلبي = ولكن حبَ من سكن الدِّيارا
ولما أن رأتْ ذلي إليها = وحبي لم يَزدْ إلا انتشارا
وأحسبُ في هواها الذُّلَ عزاً = وحقري في محبَتها أفتخارا
أباحت وصلَها لكن إذا ما = غدونا من مدامتها سُكارى
شربناها فلما أن تجلَت = نسينا من ملاحتها العقارا
وكسَرنا الكؤوسَ بها افتتاناً = وهمنا في المدير بلا مدارا
وصار السكر بعد الوصل صحوا = وأين السكر من حسن العذارا
فدعني يا عذولي في هواها = كفى شغفي بمن أهوى اعتذارا
أتعذل في هوى ليلى بجهل = لمن في حبها بلغ القُصارى
فذا شيء دقيق لست تدري = لدقته المشير ولا المُشارا
به صار التعدد ذا اتحاد = بلا مزج فذا شىء أحارا
فسلم واتركن من هام وجدا = وما أبقى لصبوته استتارا



- الشيخ محمد الحرّاق
 
أعلى