أبو حيان الأندلسي - أَوَجهُكَ أَم بَدرٌ مُنيرٌ تَبَلَّجا

أَوَجهُكَ أَم بَدرٌ مُنيرٌ تَبَلَّجا = وَنشرُكَ أَم مِسكٌ فَتيقٌ تَأَرَّجا
وَعِطفكَ أَم خُوطٌ مِن البانِ ناعِمٌ = وَردفُكَ أَم دِعصٌ مَهيلٌ تَرجرجا
مَحاسِنُ لَم يُجمع لِغَيركَ مِثلُها = شَباباً وَحُسناً باهِراً يسلب الحِجا
أَجلتُ لِحاظي في المِلاحِ فَما رَأَت = لِحاظِي أَبهى مِنكَ حُسناً وَأَبهَجا
حييٌّ إِذا ناطَقتُهُ كادَ خَدُّهُ = لِفَرطِ حَياءٍ فيهِ أَن يَتَضَرَّجا
شَكَوتُ إِلَيهِ ما بِقَلبي مِنَ الجَوى = وَوَجدي فَاستَخذى حَياءً وَلَجلَجا
رَأَى شَبَحي نِضواً وَنُطقي خافِتاً = وَدَمعيَ هَتّاناً وَحِسّي قَد سَجا
فَزارَ بِلا وَعدٍ دُجىً فَاخالُهُ = ترصَّدَ مِن حُراسِّهِ غَفلَةً وَجَا
فَلَم أَرَ مَولىً زارَ عَبداً كَمِثلِهِ = وَلَم أَرَ مِثلي نالَ ما كانَ قَد رَجا
خَلوتُ بِهِ وَالدَهرُ قَد غَضَّ طَرفَهُ = وَقَد سَدَّ بابَ الخَوفِ مفتتِحُ الرَجا
فَعانَقتُ مِنهُ الغُصنَ أَملَدَ ناضِراً = وَغازَلتُ مِنهُ الخِشفَ أَحورَ أَدعَجا
وَلِليلِ مِن تلكَ الذَوائبِ ظُلمَةٌ = وَلِلصُبحِ مِن خَدَّيهِ نُورٌ تَبَلَّجا
فَمن يَستحِل جَمعٌ لِضدَّينِ عِندَهُ = فَهَذا حَبيبي جامعُ النورِ وَالدُجى
 
أعلى