منقول - السادية في قصة شهريار هل كانت مسببة

تزخر قصة الف ليلة وليلة بأسرارها العلمية والفلسفية والاجتماعية وغيرها. والتي كان بطلها الاساسي شهريار الملك الذي اصيب بعواطفه ومشاعره عندما عاد لقصره. وشاهد زوجته تخونه على فراش الزوجية مع خادم في القصر. وقتها كنت اظن ان الرجل بالغ في مسالة الانتقام .. كعادة اهل القصص الذين يبالغون في تهويل الحدث ..

فقد كان يكفي قتل الخائنة لتنتهي القضية .. لكن شهريار في قصة الف ليلة وليلة بالغ عندما اخذ يقتل كل نساء مدينته.. وبالغ اكثر عندما كان لا يقتلهن الا بعد ان يقضي ليلته معهن .. هذا قبل سنوات مضت عندما كنت اقرأ لمجرد القراءة .. لكن بعد عودتي لقراءتها ثانية ... وجدت ان المسألة اكبر بكثير من قضية الانتقام .. وان المسألة تتجاوز حدود مشاعره وعواطفه ..

وحتى نفهمها ... علينا ان نخضع تصرفات بطل القصة تحت منظار البحث النفسي العلمي .. فنجد ان القضية اللحظية التي عاشها شهريار عندما شاهد خيانة زوجته المباشرة .. انتقلت من مركز الجمال .. الذي يحدد بطبعه الفعل القبيح من الجيد .. ومن المنظر العادي الى الرائع .. انتقلت القضية الى جزئية خطيرة جدا .. وذلك عندما حول هذا المركز الملف بكامله الى العقل الباطن .. بدلا من العقل الواعي ... الذي عادة يتخذ القرار في مثل هذه المواقف اما فوريا او بعد تأني .. وهذا مايحدث مع الانسان العادي الذي قد يمر بهذه التجربة .. ثم تنتهي الاشكالية بالقرار المناسب ..

لكن الذي حدث .. ان هذا المركز ولسبب متداخل .. حول القضية برمتها الى العقل الباطن .. بدلا من العقل الواعي .. وهو امر غريب .. لان كيف يتفق هذا مع قتل الزوجة .. حيث اكدت القصة بان شهريار قتلها فور مشاهدته لها بهذا المشهد .. ربما تم التحويل بعد اتخاذ العقل الواعي قرار قتلها .. المهم هنا هو .. ان مركز الجمال حول الملف الى العقل الباطن .. الذي بدوره حول هذا الملف الى جهاز الذاكرة العملاق .. الذي حول الملف بدوره الى جميع العقوبات التي يمكن ان تتفعل من اجل الانتقام والعقاب .. لتشمل الكل وبكل الابعاد .. واقصد بانه حول الملف للذاكرة العملاقة اي انه ادمجه بملفاته اي انه ادخله في كل جزئية

ويبدو من سرد القصة .. ان هذا مافهمته شهرزاد بذكائها وفطنتها .. اي انها ادركت ان شهريار ليس رجلا منتقما فقط .. ولكنه يفّعل اقصى مايمكن لعقاب نفسه اولا .. وهو مايطلق عليه بالماسوشيه عندما يقضي ليلته مع زوجة جديدة .. ثم ينتقل للسادية عندما يقتلها صباحا .. وهذا التنقل الغريب دليل على ان الملف الاصلي او الاساسي يتنقل كما شرحت لكم اعلاه

دليلنا في هذا الامر .. ان شهريار وافق بان تقص شهرزاد عليه قصة .. وهذا يدل انه في هذه الليلة التي يعيش بها معها هو في طور اخر من المرض ... وهو طور الاذلال الذي اطلقنا عليه اسم الماسوشيه ... حيث يكون مستكينا وضعيفا وملبيا لكل ماتطلبه المرأة .. وهو الامر التي استغلته شهرزاد تماما .. لذا كانت تتوقف عن تكملة القصة عندما يصبح الصباح .. لانها تعلم جيدا .. ان شهريار سيتحول صباحا الى رجلا اخر غير الرجل الذي عاش ليلته معها ...

وانه سيكون رجلا ساديا منتقما .. والاغرب في هذه القصة اني بحثت كثيرا عن سر كلمة مباح التي تقولها شهرزاد لشهريار كل ليلة بعد ان يقبل الصباح ... حيث نلاحظ عند قرائتنا لقصة الف ليلة وليلة .. انه بعد ان يصيح الديك تقول القصة ( وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح .. ) فهل هي صدفة ام انه كان علم قديم ..

لان كما قلنا ان شهريار يتحول الى رجل سادي صباحا ... وبالتالي لا يباح الكلام .. لا يهم بان نروي كل هذه الامور .. .. فهذه القضية يهتم بها اصحاب الفلاسفة واطباء وعلماء النفس تحديدا ولا اظن ان لكم بها حاجة لمعرفتها فهي مملة ومدقعة بالحيثيات العلمية .. لكن للعلم فقط .. ان جلسات النفس التي يمارسها الاطباء اليوم ... هي تطبيقا لجلسات النفس التي كانت تمارسها شهرزاد مع شهريار كل ليلة ...

اي ان شهرزاد عالجت شهريار بالف جلسة وحلسة .. لكن الاهم هنا في هذه المقالة هل كانت المرأة تستحق هذا القتل ... وهل كانت شهرزاد امرأة مختلفة .. هو سؤال .. لكن هل يمكن الاجابة عليه
 
أعلى