نقوس المهدي
كاتب
"ألف ليلة وليلة" أو الليالي العربية كما يعرفها الغرب وما فيها من حكايات ترويها "شهرزاد" للملك "شهريار" والمليئة بالخيال والتشويق، هي سحر الشرق القصصي الفريد من نوعه الذي جذب إليه ليس فقط القراء، إنما أثرت هذه الليالي بل وعلمت أدباء وشعراء وروائيين غربيين فنا من الكتابة انعكس في مؤلفاتهم العالمية. ومن أبرز هؤلاء ماركيز وبوشكين وبوخريس وجوته وبوكاشيو وتشوسر وشكسبير.
الكاتب الكولومبي "جابرييل جارسيا ماركيز" في مذكراته التي نشرت بعنوان "عشت لأروي" قال "تعلمت من ألف ليلة وليلة ما لن أنساه أبدا، بأنه يجب أن نقرأ فقط الكتب التي تجبرنا على أن نعيد قراءتها."
واعترف "ماركيز" - المعروف ب"عبقري الواقعية السحرية" - بأنه لولا عثوره مصادفة في مكتبة جده على كتاب مهمل أوراقه صفراء يكاد يتمزق من فرط قدمه بعنوان "ألف ليلة وليلة" ما كان أصبح أديبا. وقال إن هذا الكتاب "هو ما صنع مني أديبا، بعد أن سحرتني الحكايات داخله، وأكثر ما شغفت به هو دور الراوي".
أما الأديب الروسي "بوشكين" فقال إنه استفاد من "ألف ليلة وليلة" في كتابة "رسلان ولودميلا" عام 1920، حيث اعتمد عليها في ملحمته الشعرية الأسطورية والتي كانت سبب شهرته الواسعة وهو في مقتبل العمر، إذ أخذ الفكرة الرئيسة التي بني ملحمته عليها - وهي خطف العروس في ليلة زفافها من بين المحتفلين بالعرس - من حكايات "ألف ليلة وليلة".
وعن الليالي العربية قال الكاتب الأرجنتيني "لويس بورخيس" إنه "تتملكنا رغبة في التيه في ألف ليلة وليلة، ونعرف أنه بدخولنا في هذا الكتاب يمكننا أن ننسى قدرنا الإنساني البائس."
أما الشاعر الألماني "جوته"، فبدا تأثره ب"ألف ليلة وليلة" في روايته "آلام فرتر"، والتي جاء في نصها أنه "كانت جدتي تحدثنا عن الجبل الممغنط، وكيف تتفكك السفن التي يشتد دنوها منه ويتطاير حديدها، فيسقط ملاحوها في البحر بين الألواح المتداعية"، وهذه الحكاية الأسطورية تشبه الحكاية الثالثة من حكايات "ألف ليلة وليلة" وعنوانها "ابن الملك"، وفقا لترجمة الفرنسي "جالان".
وكتب "جوته" أعمالا أدبية عكست تأثير قصص "ألف ليلة وليلة" عليه، ومنها مسرحية "مزاج العاشق"، والتي تصور الغيرة في شخص "جوته" تجاه "أنيتا كويف" ابنة صاحب الفندق الذي كان ينزل فيه جوته أثناء الدراسة في "لايزك"، وقد اضطر والدها في النهاية إلى إعلان زواجها من أحد الأطباء في المدينة، وانتهت العلاقة بين الفتاة و"جوته"، وفي هذه المسرحية بدا تأثر "جوته" بقصة "أمينة" في "ألف ليلة وليلة" حتى أنه أطلق على بطلة مسرحيته اسم "أمينة".
وفي الجزء الثاني من رائعته الشعرية الشهيرة "فاوست" - الشخصية التي تناولها أيضا الكاتب الإنجليزي "كريستوف مارلو" - أبدع "جوته" في تصوير الحب والمثل العليا في شخصيتي "فاوست" و"كريتش"، متأثرا بحكاية "الأمير حبيب والأميرة درة الكواز" في "ألف ليلة وليلة".
كما كتب "جوته" قصيدة بعنوان "حفار الكنز"، استوحاها من حكاية "علي بابا والأربعين حرامي"، التي هي من أشهر قصص "ألف ليلة وليلة".
بينما الكاتب الإيطالي "جيوفاني بوكاشيو" فقد عرفت أروع إبداعاته الروائية "الديكاميرون" أو "الليالي العشر" ب"ألف ليلة وليلة الإيطالية"، حتى تناولتها دراسات المقارنة في عدد من الدول العالم، لتثبت أن "بوكاشيو" لابد من أن يكون قرأ الليالي العربية وتأثر بها قبل أن يبدع "الديكاميرون".
واقتبس "بوكاشيو" من "ألف ليلة وليلة" قصة وضعها بين حكايات اليوم الأول بعنوان "كل النساء سواء"، وهي الحكاية نفسها التي روتها شهر زاد في الليلة (568) ضمن حكاية تتضمن مكر النساء وكيدهن.
وعلى نهج "بوكاشيو" سار الشاعر الإنجليزي "جيفري تشوسر"، مستوحيا من "ألف ليلة وليلة" عمله الشهير "حكايات كانتربري" – الذي توفي قبل أن ينهيه – ومن أعماله أيضا "قصة سكوايرتيل" وهي إحدى حكايات "ألف ليلة وليلة".
أما الشاعر والكاتب الإنجليزي العالمي "شكسبير"، ورغم رفض البعض لفكرة أن يكون تأثر بأي من الكتاب أو الكتابات، إلا أن بعض دارسي تراث "شكسبير" – ومنهم المستشرق البريطاني "آربري" - قالوا إن مسرحية "أوتيللو" - التي ترجمها الشاعر الراحل "خليل مطران" ب"عطيل" أو كما ترجمها الدكتور صفاء خلوصي ب"عطاء الله" - والتي تدور حول مغربي نبيل يخنق زوجته "ديزدمونة" لظنه الخاطئ بأنها تخونه، وحين يتحقق له خطأ شكوكه يقتل نفسه تكفيراً عن خطيئته، تشبه حكاية "قمر الزمان ومعشوقته"، وأن اسم "أوتيللو" هو تحريف ل"عبيد الله الجوهري" بطل حكاية "ألف ليلة وليلة".
وكذلك شبهت رواية "العاصفة" ل"شكسبير" بحكاية "جزيرة الكنوز" في "ألف ليلة وليلة"، فكلتاهما مليئة بالسحر والشعوذة، وتدوران حول سلطان أو حاكم في جزيرة تأتمر بأمره الشياطين والجن.
وحسب رأي بعض النقاد والدارسين، فإن مسرحية "تاجر البندقية" تشبه حكاية "مسرور التاجر وزين المواصف"، لكن خاتمة اليهودي في "ألف ليلة وليلة" أشد هولا من مصير اليهودي في رواية شكسبير.
وقال "آربري" إن مقدمة "ترويض النمرة" تعود إلى أصول عربية تستمد مادتها من حكاية "سيدان من فيرونا" في "ألف ليلة وليلة".
كما شبهت "الملك لير" بحكاية "يونان والحكيم رويان" في "ألف ليلة وليلة"، حيث تدور القصتان حول فكرة الحقوق وعدم الوفاء والجحود وإنكار الجميل.
"شكسبير" اقتبس أيضا – حسب نقاد ودارسين – من "ألف ليلة وليلة" مسرحيته الشهيرة "العبرة بالنهاية".
وهناك الكثير من أدباء العالم الأولين والمعاصرين ممن تأثروا بسحر حكايات الخيال والإثارة والحب وصراع الخير والشر في "ألف ليلة وليلة"، وانعكس ذلك في كتاباتهم ومؤلفاتهم.
والغريب أن هذا الثراث الأدبي الذي علم روائيي العالم فن الحكاية والسرد يواجه في مصر الآن بهجمة من البعض يعارضون إعادة طبع "ألف ليلة وليلة" ويطالبون بحذف عبارات منها بزعم أنها خادشة للحياء، حتى وصل الأمر إلى ساحة القضاء.
* masresscom
ألف ليلة وليلة.. سحر الشرق الملهم للغرب
الكاتب الكولومبي "جابرييل جارسيا ماركيز" في مذكراته التي نشرت بعنوان "عشت لأروي" قال "تعلمت من ألف ليلة وليلة ما لن أنساه أبدا، بأنه يجب أن نقرأ فقط الكتب التي تجبرنا على أن نعيد قراءتها."
واعترف "ماركيز" - المعروف ب"عبقري الواقعية السحرية" - بأنه لولا عثوره مصادفة في مكتبة جده على كتاب مهمل أوراقه صفراء يكاد يتمزق من فرط قدمه بعنوان "ألف ليلة وليلة" ما كان أصبح أديبا. وقال إن هذا الكتاب "هو ما صنع مني أديبا، بعد أن سحرتني الحكايات داخله، وأكثر ما شغفت به هو دور الراوي".
أما الأديب الروسي "بوشكين" فقال إنه استفاد من "ألف ليلة وليلة" في كتابة "رسلان ولودميلا" عام 1920، حيث اعتمد عليها في ملحمته الشعرية الأسطورية والتي كانت سبب شهرته الواسعة وهو في مقتبل العمر، إذ أخذ الفكرة الرئيسة التي بني ملحمته عليها - وهي خطف العروس في ليلة زفافها من بين المحتفلين بالعرس - من حكايات "ألف ليلة وليلة".
وعن الليالي العربية قال الكاتب الأرجنتيني "لويس بورخيس" إنه "تتملكنا رغبة في التيه في ألف ليلة وليلة، ونعرف أنه بدخولنا في هذا الكتاب يمكننا أن ننسى قدرنا الإنساني البائس."
أما الشاعر الألماني "جوته"، فبدا تأثره ب"ألف ليلة وليلة" في روايته "آلام فرتر"، والتي جاء في نصها أنه "كانت جدتي تحدثنا عن الجبل الممغنط، وكيف تتفكك السفن التي يشتد دنوها منه ويتطاير حديدها، فيسقط ملاحوها في البحر بين الألواح المتداعية"، وهذه الحكاية الأسطورية تشبه الحكاية الثالثة من حكايات "ألف ليلة وليلة" وعنوانها "ابن الملك"، وفقا لترجمة الفرنسي "جالان".
وكتب "جوته" أعمالا أدبية عكست تأثير قصص "ألف ليلة وليلة" عليه، ومنها مسرحية "مزاج العاشق"، والتي تصور الغيرة في شخص "جوته" تجاه "أنيتا كويف" ابنة صاحب الفندق الذي كان ينزل فيه جوته أثناء الدراسة في "لايزك"، وقد اضطر والدها في النهاية إلى إعلان زواجها من أحد الأطباء في المدينة، وانتهت العلاقة بين الفتاة و"جوته"، وفي هذه المسرحية بدا تأثر "جوته" بقصة "أمينة" في "ألف ليلة وليلة" حتى أنه أطلق على بطلة مسرحيته اسم "أمينة".
وفي الجزء الثاني من رائعته الشعرية الشهيرة "فاوست" - الشخصية التي تناولها أيضا الكاتب الإنجليزي "كريستوف مارلو" - أبدع "جوته" في تصوير الحب والمثل العليا في شخصيتي "فاوست" و"كريتش"، متأثرا بحكاية "الأمير حبيب والأميرة درة الكواز" في "ألف ليلة وليلة".
كما كتب "جوته" قصيدة بعنوان "حفار الكنز"، استوحاها من حكاية "علي بابا والأربعين حرامي"، التي هي من أشهر قصص "ألف ليلة وليلة".
بينما الكاتب الإيطالي "جيوفاني بوكاشيو" فقد عرفت أروع إبداعاته الروائية "الديكاميرون" أو "الليالي العشر" ب"ألف ليلة وليلة الإيطالية"، حتى تناولتها دراسات المقارنة في عدد من الدول العالم، لتثبت أن "بوكاشيو" لابد من أن يكون قرأ الليالي العربية وتأثر بها قبل أن يبدع "الديكاميرون".
واقتبس "بوكاشيو" من "ألف ليلة وليلة" قصة وضعها بين حكايات اليوم الأول بعنوان "كل النساء سواء"، وهي الحكاية نفسها التي روتها شهر زاد في الليلة (568) ضمن حكاية تتضمن مكر النساء وكيدهن.
وعلى نهج "بوكاشيو" سار الشاعر الإنجليزي "جيفري تشوسر"، مستوحيا من "ألف ليلة وليلة" عمله الشهير "حكايات كانتربري" – الذي توفي قبل أن ينهيه – ومن أعماله أيضا "قصة سكوايرتيل" وهي إحدى حكايات "ألف ليلة وليلة".
أما الشاعر والكاتب الإنجليزي العالمي "شكسبير"، ورغم رفض البعض لفكرة أن يكون تأثر بأي من الكتاب أو الكتابات، إلا أن بعض دارسي تراث "شكسبير" – ومنهم المستشرق البريطاني "آربري" - قالوا إن مسرحية "أوتيللو" - التي ترجمها الشاعر الراحل "خليل مطران" ب"عطيل" أو كما ترجمها الدكتور صفاء خلوصي ب"عطاء الله" - والتي تدور حول مغربي نبيل يخنق زوجته "ديزدمونة" لظنه الخاطئ بأنها تخونه، وحين يتحقق له خطأ شكوكه يقتل نفسه تكفيراً عن خطيئته، تشبه حكاية "قمر الزمان ومعشوقته"، وأن اسم "أوتيللو" هو تحريف ل"عبيد الله الجوهري" بطل حكاية "ألف ليلة وليلة".
وكذلك شبهت رواية "العاصفة" ل"شكسبير" بحكاية "جزيرة الكنوز" في "ألف ليلة وليلة"، فكلتاهما مليئة بالسحر والشعوذة، وتدوران حول سلطان أو حاكم في جزيرة تأتمر بأمره الشياطين والجن.
وحسب رأي بعض النقاد والدارسين، فإن مسرحية "تاجر البندقية" تشبه حكاية "مسرور التاجر وزين المواصف"، لكن خاتمة اليهودي في "ألف ليلة وليلة" أشد هولا من مصير اليهودي في رواية شكسبير.
وقال "آربري" إن مقدمة "ترويض النمرة" تعود إلى أصول عربية تستمد مادتها من حكاية "سيدان من فيرونا" في "ألف ليلة وليلة".
كما شبهت "الملك لير" بحكاية "يونان والحكيم رويان" في "ألف ليلة وليلة"، حيث تدور القصتان حول فكرة الحقوق وعدم الوفاء والجحود وإنكار الجميل.
"شكسبير" اقتبس أيضا – حسب نقاد ودارسين – من "ألف ليلة وليلة" مسرحيته الشهيرة "العبرة بالنهاية".
وهناك الكثير من أدباء العالم الأولين والمعاصرين ممن تأثروا بسحر حكايات الخيال والإثارة والحب وصراع الخير والشر في "ألف ليلة وليلة"، وانعكس ذلك في كتاباتهم ومؤلفاتهم.
والغريب أن هذا الثراث الأدبي الذي علم روائيي العالم فن الحكاية والسرد يواجه في مصر الآن بهجمة من البعض يعارضون إعادة طبع "ألف ليلة وليلة" ويطالبون بحذف عبارات منها بزعم أنها خادشة للحياء، حتى وصل الأمر إلى ساحة القضاء.
* masresscom
ألف ليلة وليلة.. سحر الشرق الملهم للغرب