نقوس المهدي
كاتب
أحدث دراسة أكاديمية عن الليالي تمت مناقشتها في كلية الآداب جامعة القاهرة ، رسالة ماجستير للباحث رجب عوض، وتناول فيها (السرد في ألف ليلة وليلة) بإشراف الدكتورة نبيلة إبراهيم، ومناقشة د.عبدالمنعم تليمة، د.صلاح الدين رزق.
في رسالته أثبت الباحث أن العرب لم ينتبهوا إلي دراسة هذا الأثر العظيم من تراثهم الأدبي، إلا في الربع الثاني من القرن العشرين، بعد ان نوه المستشرقون إلي أهمية دراسة الليالي علي ضوء المناهج والنظريات الحديثة، مشيراً إلي أن دراسة د.سهير القلماوي تعد أولي الدراسات العربية عامة والتاريخية خاصة عن الليالي ، ثم توالت بعد ذلك الدراسات سواء كانت تاريخية أو اجتماعية أو فنية عن حكايات ألف ليلة وليلة.
وبواقع عرض رسالته ، تعرض الباحث لمخطوطات ألف ليلة وليلة مبيناً انه قد ورد في دائرة المعارف الإسلامية أسماء مخطوطات كتاب ألف ليلة وليلة، والتي حفظت في المكتبات الأوروبية وهي كثيرة في ثلاثة أقسام:
الأول ويشمل المخطوطات الأسيوية، وهي الأقدم، كما قال »بروكلمان« نقلا عن »زوتنبرج« وهي التي دونت في بغداد وفارس، وجميع هذه المخطوطات ناقصة عدا واحدة، وهي طبعة »كلكتا الثانية« وهي كاملة، من عمل »ماك ناتن«، ولإتمام هذه الطبعة اعتمد علي مخطوطة عثر عليها »ماكان« في مصر. أما القسم الثاني والثالث، فيتضمنان المخطوطات التي دونت في مصر في العصور المتأخرة، والاختلاف واضح بين هذه المخطوطات ويشير الباحث إلي وجود حكايات في بعض المخطوطات ، لاوجود لها في البعض الآخر، مؤكداً ذلك بالمخطوطات الموجودة بدار الكتب المصرية تحت رقم 32531، والتي تقع في أربعة مجلدات تزيد عن الألف ليلة بسبع ليال في المتن لهذه المخطوطة، ويعد هذا المتن الوحيد الذي يزيد عن باقي المخطوطات.
وعن طبعات ألف ليلة وليلة، أكد الباحث أنها كثيرة ومتباينة في كثير من بلدان العالم، فطبعة »كلكتا« الأولي والثانية، وطبعة برسلو، وطبعة برشلونة، والطبعة البولاقية المصرية التي تتسم بأنها أتم وأكمل الطبعات، وتحدد ظهورها عام 5381م. وقال الباحث بظهور طبعات أخري معتمدة علي الطبعة البولاقية المصرية، مثل طبعة مكتبة محمد علي صبيح وأولاده بميدان الأزهر، وطبعة دار الشعب، وطبعة دار المعارف وهما طبعتان مهذبتان.
وعن ترجمات الليالي يقول الباحث ان ترجمات ألف ليلة وليلة من اللغة العربية إلي اللغة الفرنسية التي تعد من اللغات الأجنبية الأولي التي نقلت إليها، كما أن د.فاطمة موسي تعتبر أن ترجمة »جالان الفرنسية« أهم الترجمات التي نقلت فيما بعد إلي الانجليزية ، وقد حصدت الناقدة الترجمات الانجليزية التي أخذت عن جالان فوجدتها تسع عشرة طبعة قبل نهاية القرن ال 81م، وقد ترجمت بعد ذلك إلي لغات متعددة، وقد جاوزت ترجمات الليالي في أوروبا الثلاثمائة، منها ثلاثون بالفرنسية، ومثلها بالانجليزية.
وعن أصل كتاب ألف ليلة وليلة، أشار الباحث إلي ان بعض النقاد يقول بالأصل الفارسي مؤيداً رأية بأدله من داخل الكتاب نفسه، ومنهم من يقول بالأصل الهندي، معتمداً علي ماجاء في الكتاب من إشارات إلي ذلك، ومنهم من يقول بالأصل الفارسي والهندي معا، وأنا أميل إلي ذلك، علي أن الأصل الفارسي أو الهندي للكتاب ليس سوي الإطار العام للحكايات، أما الحكايات ذاتها فقد نسخت بأيدي النساخ، مشيراً إلي ان ايدي النساخ لعبت دورا بارزا في الليالي حيث اخضعتها للبيئة العربية بكل مافيها من عادات وتقاليد انفردت بها دون غيرها من البيئات المجاورة.
وعن تسمية الكتاب، بألف ليلة وليلة، قال الباحث، ان الكتب العربية القديمة مثل كتاب (مروج الذهب) للمسعودي، و»الفهرست« لابن النديم، أشارت إلي وجود الكتاب وتسميته بهذا الأسم ، وتعود تسمية الكتاب إلي أصله الفارسي فالكتاب الأصلي اسمه »هزار أفسانة« ويفسرها العرب (ألف خرافة) والخرافة بالفارسية (أفسانة)، وسماه الناس بعد تداوله ألف ليلة لأحد أمرين، الأول ، ان الليل هو الزمن الذي تقام فيه الأسمار، والأسمار تسمي تخاريف، ولذلك فالليلة عند العرب ترادف الخرافة باعتبار الليلة زمنا للأسمار، الأمر الآخر ان العدد ألف ليلة وليلة في الأصل، انما أريد به التكثير لا التحديد ، ولقد حصرت د.سهير القلماوي موقف المستشرقين من التسمية للكتاب بقولها: لقد أعطي لين ودوساسي أهمية لمسألة العدد ثم فليشر، وقالوا إن المقصود بها ليس إلا مجرد الكثرة، وأن العرب تكره العدد الزوجي، وأشار إلي ذلك أيضا »برثن«، واتفق معهم في ذلك »جلد ميستر« بأن العرب يتطيرون من الأعداد الزوحية.
فيما يري المستشرق »ويسترب« ان ذلك يرجع إلي ميل الناس إلي التشجيع، وهذا زعم باطل لأن ألف ليلة وليلة ليس فيه تشجيع ولامزاوجة كما يقول أحمد حسن الزيات.
وللباحث وجهة نظر في رأيين، الأول أن إضافة كلمة »وليلة« كانت لشد الانتباه ولفت النظر، والرأي الأخر، بارجاع الإضافة والتسمية إلي الناحية الزمنية حيث امتدت حكايات الكتاب علي مدار (ألف ليلة وليلة) بالرغم من ان عدد الحكايات لايتجاوز (مائتين وأربعا وستين) حكاية، أما اللغات الاوروبية فتسمي الكتاب بالليالي العربية.
ثم تناول الباحث العدد في حكايات ألف ليلة وليلة ، مشيراً إلي أن الأعداد الفولكلورية لها رصيد شعبي وديني وتاريخي ، ولذلك نجدها تتكرر في الحكايات بصورة لافتة وخاصة الأعداد الشعبية (3-7-01)، فهي تتكرر في متن الحكايات وعناوينها مثال (الحمال والبنات الثلاث)، وهي الحكاية الثالثة من حيث الترتيب في الكتاب، ويسيطر هذا العدد ايضاً علي عدد الشخصيات فنجد (شهر زاد، شهريار، دينازاد) ونجد ان الصعاليك عددهم ثلاثة، والبنات في ذات الحكاية ثلاث وهارون الرشيد وجعفر ومسرور ثلاثة، وبالحمال يبلغ العدد سبعة رجال، وعدد العبيد الذين استدعتهم الصبية للانتقام كان عددهم سبعة، واخوة حسن البصري الصائغ، »من الجن« سبع بنات، وفي حكاية سيف الملوك وبديعة الجمال) نجد الملك يعلم بحمل زوجته ثلاثة أشهر ، فيرفع الخراج عن ثلاث سنوات ويأمر بزينة الحديقة سبعة أيام، وهكذا الأعداد في بقية الليالي.
اعتمد الباحث في بحثه علي المنهج الشكلي لاظهار جماليات الشكل في الحكايات، وكذا الطرق الأسلوبية المتبعة في الحكايات وكيفية سردها لتكون ممتعة وجذابة ومن هنا جاءت دراسته في بابين، الأول قدم فيه دراسة شكلية للسرد القصصي في ألف ليلة وليلة، وفي الثاني تناول جماليات السرد القصصي.
فعن السمات السردية في الليالي، أشار الباحث إلي وجود الوصف، التشبيه، التكرار، التناص المباشر (الاقتباس)، مشيراً إلي أن الحكايات اتخذت من المرأة وقضاياها، وخاصة الحب محوراً في فضاء اللغة السردية، وظفتها لغايات تعليمية وتربوبة وجمالية، كاشفة عن أهم أنماط العلاقة العاطفية بين الجنسين في جرأتها وبساطة متناهية، وهي لغة تميل إلي البساطة، والسرد متحرك دائماً إلي الأمام.
* أخبار الأدب : 08 - 05 - 2010
في رسالته أثبت الباحث أن العرب لم ينتبهوا إلي دراسة هذا الأثر العظيم من تراثهم الأدبي، إلا في الربع الثاني من القرن العشرين، بعد ان نوه المستشرقون إلي أهمية دراسة الليالي علي ضوء المناهج والنظريات الحديثة، مشيراً إلي أن دراسة د.سهير القلماوي تعد أولي الدراسات العربية عامة والتاريخية خاصة عن الليالي ، ثم توالت بعد ذلك الدراسات سواء كانت تاريخية أو اجتماعية أو فنية عن حكايات ألف ليلة وليلة.
وبواقع عرض رسالته ، تعرض الباحث لمخطوطات ألف ليلة وليلة مبيناً انه قد ورد في دائرة المعارف الإسلامية أسماء مخطوطات كتاب ألف ليلة وليلة، والتي حفظت في المكتبات الأوروبية وهي كثيرة في ثلاثة أقسام:
الأول ويشمل المخطوطات الأسيوية، وهي الأقدم، كما قال »بروكلمان« نقلا عن »زوتنبرج« وهي التي دونت في بغداد وفارس، وجميع هذه المخطوطات ناقصة عدا واحدة، وهي طبعة »كلكتا الثانية« وهي كاملة، من عمل »ماك ناتن«، ولإتمام هذه الطبعة اعتمد علي مخطوطة عثر عليها »ماكان« في مصر. أما القسم الثاني والثالث، فيتضمنان المخطوطات التي دونت في مصر في العصور المتأخرة، والاختلاف واضح بين هذه المخطوطات ويشير الباحث إلي وجود حكايات في بعض المخطوطات ، لاوجود لها في البعض الآخر، مؤكداً ذلك بالمخطوطات الموجودة بدار الكتب المصرية تحت رقم 32531، والتي تقع في أربعة مجلدات تزيد عن الألف ليلة بسبع ليال في المتن لهذه المخطوطة، ويعد هذا المتن الوحيد الذي يزيد عن باقي المخطوطات.
وعن طبعات ألف ليلة وليلة، أكد الباحث أنها كثيرة ومتباينة في كثير من بلدان العالم، فطبعة »كلكتا« الأولي والثانية، وطبعة برسلو، وطبعة برشلونة، والطبعة البولاقية المصرية التي تتسم بأنها أتم وأكمل الطبعات، وتحدد ظهورها عام 5381م. وقال الباحث بظهور طبعات أخري معتمدة علي الطبعة البولاقية المصرية، مثل طبعة مكتبة محمد علي صبيح وأولاده بميدان الأزهر، وطبعة دار الشعب، وطبعة دار المعارف وهما طبعتان مهذبتان.
وعن ترجمات الليالي يقول الباحث ان ترجمات ألف ليلة وليلة من اللغة العربية إلي اللغة الفرنسية التي تعد من اللغات الأجنبية الأولي التي نقلت إليها، كما أن د.فاطمة موسي تعتبر أن ترجمة »جالان الفرنسية« أهم الترجمات التي نقلت فيما بعد إلي الانجليزية ، وقد حصدت الناقدة الترجمات الانجليزية التي أخذت عن جالان فوجدتها تسع عشرة طبعة قبل نهاية القرن ال 81م، وقد ترجمت بعد ذلك إلي لغات متعددة، وقد جاوزت ترجمات الليالي في أوروبا الثلاثمائة، منها ثلاثون بالفرنسية، ومثلها بالانجليزية.
وعن أصل كتاب ألف ليلة وليلة، أشار الباحث إلي ان بعض النقاد يقول بالأصل الفارسي مؤيداً رأية بأدله من داخل الكتاب نفسه، ومنهم من يقول بالأصل الهندي، معتمداً علي ماجاء في الكتاب من إشارات إلي ذلك، ومنهم من يقول بالأصل الفارسي والهندي معا، وأنا أميل إلي ذلك، علي أن الأصل الفارسي أو الهندي للكتاب ليس سوي الإطار العام للحكايات، أما الحكايات ذاتها فقد نسخت بأيدي النساخ، مشيراً إلي ان ايدي النساخ لعبت دورا بارزا في الليالي حيث اخضعتها للبيئة العربية بكل مافيها من عادات وتقاليد انفردت بها دون غيرها من البيئات المجاورة.
وعن تسمية الكتاب، بألف ليلة وليلة، قال الباحث، ان الكتب العربية القديمة مثل كتاب (مروج الذهب) للمسعودي، و»الفهرست« لابن النديم، أشارت إلي وجود الكتاب وتسميته بهذا الأسم ، وتعود تسمية الكتاب إلي أصله الفارسي فالكتاب الأصلي اسمه »هزار أفسانة« ويفسرها العرب (ألف خرافة) والخرافة بالفارسية (أفسانة)، وسماه الناس بعد تداوله ألف ليلة لأحد أمرين، الأول ، ان الليل هو الزمن الذي تقام فيه الأسمار، والأسمار تسمي تخاريف، ولذلك فالليلة عند العرب ترادف الخرافة باعتبار الليلة زمنا للأسمار، الأمر الآخر ان العدد ألف ليلة وليلة في الأصل، انما أريد به التكثير لا التحديد ، ولقد حصرت د.سهير القلماوي موقف المستشرقين من التسمية للكتاب بقولها: لقد أعطي لين ودوساسي أهمية لمسألة العدد ثم فليشر، وقالوا إن المقصود بها ليس إلا مجرد الكثرة، وأن العرب تكره العدد الزوجي، وأشار إلي ذلك أيضا »برثن«، واتفق معهم في ذلك »جلد ميستر« بأن العرب يتطيرون من الأعداد الزوحية.
فيما يري المستشرق »ويسترب« ان ذلك يرجع إلي ميل الناس إلي التشجيع، وهذا زعم باطل لأن ألف ليلة وليلة ليس فيه تشجيع ولامزاوجة كما يقول أحمد حسن الزيات.
وللباحث وجهة نظر في رأيين، الأول أن إضافة كلمة »وليلة« كانت لشد الانتباه ولفت النظر، والرأي الأخر، بارجاع الإضافة والتسمية إلي الناحية الزمنية حيث امتدت حكايات الكتاب علي مدار (ألف ليلة وليلة) بالرغم من ان عدد الحكايات لايتجاوز (مائتين وأربعا وستين) حكاية، أما اللغات الاوروبية فتسمي الكتاب بالليالي العربية.
ثم تناول الباحث العدد في حكايات ألف ليلة وليلة ، مشيراً إلي أن الأعداد الفولكلورية لها رصيد شعبي وديني وتاريخي ، ولذلك نجدها تتكرر في الحكايات بصورة لافتة وخاصة الأعداد الشعبية (3-7-01)، فهي تتكرر في متن الحكايات وعناوينها مثال (الحمال والبنات الثلاث)، وهي الحكاية الثالثة من حيث الترتيب في الكتاب، ويسيطر هذا العدد ايضاً علي عدد الشخصيات فنجد (شهر زاد، شهريار، دينازاد) ونجد ان الصعاليك عددهم ثلاثة، والبنات في ذات الحكاية ثلاث وهارون الرشيد وجعفر ومسرور ثلاثة، وبالحمال يبلغ العدد سبعة رجال، وعدد العبيد الذين استدعتهم الصبية للانتقام كان عددهم سبعة، واخوة حسن البصري الصائغ، »من الجن« سبع بنات، وفي حكاية سيف الملوك وبديعة الجمال) نجد الملك يعلم بحمل زوجته ثلاثة أشهر ، فيرفع الخراج عن ثلاث سنوات ويأمر بزينة الحديقة سبعة أيام، وهكذا الأعداد في بقية الليالي.
اعتمد الباحث في بحثه علي المنهج الشكلي لاظهار جماليات الشكل في الحكايات، وكذا الطرق الأسلوبية المتبعة في الحكايات وكيفية سردها لتكون ممتعة وجذابة ومن هنا جاءت دراسته في بابين، الأول قدم فيه دراسة شكلية للسرد القصصي في ألف ليلة وليلة، وفي الثاني تناول جماليات السرد القصصي.
فعن السمات السردية في الليالي، أشار الباحث إلي وجود الوصف، التشبيه، التكرار، التناص المباشر (الاقتباس)، مشيراً إلي أن الحكايات اتخذت من المرأة وقضاياها، وخاصة الحب محوراً في فضاء اللغة السردية، وظفتها لغايات تعليمية وتربوبة وجمالية، كاشفة عن أهم أنماط العلاقة العاطفية بين الجنسين في جرأتها وبساطة متناهية، وهي لغة تميل إلي البساطة، والسرد متحرك دائماً إلي الأمام.
* أخبار الأدب : 08 - 05 - 2010