أبو نواس - وَناهِدَةِ الثَديَينِ مِن خَدَمِ القَصرِ

وَناهِدَةِ الثَديَينِ مِن خَدَمِ القَصرِ = سَبَتني بِحُسنِ الجيدِ وَالوَجهِ وَالنَحرِ
غُلامِيَّةٌ في زِيِّها بِرمَكِيَّةٌ = مُزَوَّقَةُ الأَصداغِ مَطمومَةُ الشَعرِ
كَلِفتُ بِما أَبصَرتُ مِن حُسنِ وَجهِها = زَماناً وَما حُبُّ الكَواعِبِ مِن أَمري
فَما زِلتُ بِالأَشعارِ في كُلِّ مَشهَدٍ = أُلَيِّنُها وَالشِعرُ مِن عُقَدِ السِحرِ
إِلى أَن أَجابَت لِلوِصالِ وَأَقبَلَت = عَلى غَيرِ ميعادٍ إِلَيَّ مَعَ العَصرِ
فَقُلتُ لَها أَهلاً وَدارَت كُؤوسُنا = بِمَشمولَةٍ كَالوَرسِ أَو شُعَلِ الجَمرِ
فَقالَت عَساها الخَمرُ إِنّي بَريئَةٌ = إِلى اللَهِ مِن وَصلِ الرِجالِ مَعَ الخَمرِ
فَقُلتُ اشرَبي إِن كانَ هَذا مُحَرَّماً = فَفي عُنُقي يا ريمُ وِزرُكِ مَع وِزري
فَطالَبتُها شَيئاً فَقالَت بِعَبرَةٍ = أَموتُ إِذَن مِنهُ وَدَمعَتُها تَجري
فَما زِلتُ في رِفقٍ وَنَفسي تَقولُ لي = جُوَيرِيَّةٌ بِكرٌ وَذا جَزَعُ البِكرِ
فَلَمّا تَواصَلنا تَوَسَّطتُ لُجَّةً = غَرِقتُ بِها يا قَومُ مِن لُجَجِ البَحرِ
فَصُحتُ أَغِثني يا غُلامُ فَجاءَني = وَقَد زَلِقَت رِجلي وَلُجِّجتُ في الغَمرِ
فَلَولا صِياحي بِالغُلامِ وَأَنَّهُ = تَدارَكَني بِالحَبلِ صِرتُ إِلى القَعرِ
فَآلَيتُ لا أَركَبَ البَحرَ غازِياً = حَياتي وَلا سافَرتُ إِلّا عَلى الظَهرِ
 
أعلى