نقوس المهدي
كاتب
محبو الميثولوجيا والحكايا الشعبية والملاحم التاريخية يعتبرون الكاتبة والناقدة والمؤرخة الميثولوجية مارينا وارنر (1946 ــ ) من ألمع الأسماء ليس فقط في موطنها بريطانيا بل وفي الأوساط الأدبية العالمية لما قدمته من دراسات وتأريخ لفروع الميثولوجيا والحكايا الشعبية العالمية.
تتبعت مارينا وارنر الكثير من الشخوص الرمزية سواء الروائية أو التاريخية الحقيقية وحللت كيفية ظهور هذه الشخوص عبر وسائل مختلفة مثل الأدب والفن في المنحوتات والرسومات والفن التشكيلي والسينما وغيرها. فشخصية مثل جان دارك البطلة الفرنسية والقديسة الرومانكاثوليكية استحوذت على خيال مارينا وارنر فدرست قصتها بالكثير من العناية لتتبع تاريخها ورمزية ظهورها في الوسائل المختلفة وتعتبر دراساتها عنها اليوم مرجعا هاما لمتتبعي رمزية هذه البطلة.
ولمارينا وارنر باع طويل في دراسة تأريخ ألف ليلة وليلة كواحدة من أهم الحكايا الشعبية الشرقية وتأويلاتها المختلفة وتأثيرها على الأدب والفن والهندسة المعمارية والفكر الغربي منذ ظهور أوائل التراجم لها في فرنسا على يد جالان في مطلع القرن الثامن عشر وإلى يومنا هذا.
وقد حازت وارنر على جائزة الشيخ زائد للكتاب في عام 2013 لفئة الثقافة العربية في الكتابات باللغة غير العربية، على كتابها «السحر الأغرب: المدن المسحورة وألف ليلة وليلة» وفيه تتبعت الخارطة الزمانية والمكانية لحكايا ألف ليلة وليلة وتأثيرها على المفهوم الغربي للسحر والخيال حتى في أثناء عصر النهضة الأوروبية التي تغلب فيها صوت العقل والعلم على الخرافات القديمة في عصور الظلام، وكيف أن القصص في ألف ليلة وليلة قد فتحت صفحة جديدة في العلاقات المتبادلة بين الشرق والغرب وشكلت الهوية الشرقية لدى الخيال الغربي. وصرحت وارنر في أحد لقاءاتها الصحفية في جولاي 2013 بأن وضع الساحة السياسية العربية وصراعاتها اليوم قد زاد اهتمامها بدراسة ألف ليلة وليلة التي تشير إلى أماكن مثل القاهرة وبغداد وغيرها وكيف أن الفن والأدب قد ربط بين أماكن تعتبر ذات هويات متباينة وكيف أن الأدب يوفر نوعا من التواصل بين المتباينات.
وكإنسان.. فمارينا وارنر من الشخصيات الشيقة التي ساعدها الحظ على التفتح على ثقافات عديدة منذ نشأتها.. فوالدها بريطاني ووالدتها إيطالية.. وعاشت سنوات طفولتها في القاهرة التي تحبها كثيرا وتذكر غروب الشمس في منزلها في الزمالك المطل على النيل وتؤكد بأن نشأتها هذه قد ساهمت في ولعها بكل ماهو شرقي وغريب وسحري، ووالدها التاجر في الكتب قد أمد مكتبتهم المنزلية بكافة أنواع الكتب التي ألهبت خيالاتها وخاصة كتب ألف ليلة وليلة المليئة بالصور المرعبة التي سكنت خيالها لوقت طويل كطفلة، كما أعطتها جدتها ترجمة لألف ليلة وليلة بقلم إدوارد وليام لين المستشرق الإنكليزي وقد أثرت هذه الطفولة الثرية بالانفتاح على ثقافات العالم على تولعها بالميثولوجيا والشعبيات والملاحم.
تعيد مارينا سرد بعض قصص ألف ليلة وليلة وخاصة غير المتداولة منها بلغتها الخاصة، وفلسفتها هي إلتقاء الشرق بالغرب في أفكار ومفاهيم الخيال الذي يظهر في ألف ليلة وليلة متجسدا في شخصيات وأشياء مثل البساط الطائر والجن والشخصيات الشريرة مثل عم علاء الدين والحيوانات الممسوخة من أصل بشري وغير ذلك من صور الخيال التي أثرت على الفكر والثقافة الغربية والسرد الخيالي الغربي. وتنقلنا مارينا بسرعة البرق بين قرون من الزمان وأميال من المكان بين ديكنز وفلاديمير نابوكوف وشكسبير إلى بورجيس (بورخيس) وكولريدج وبوكاشيو والديكاميرون والكثير من الأعمال عبر أزمنة وأماكن تبدو مستحيلة التوافق ولا يجمعها إلا مفهوم الخيال السحري الإنساني.
د. أحلام محمد علاقي
سحـر ألف ليلة وليلة
تتبعت مارينا وارنر الكثير من الشخوص الرمزية سواء الروائية أو التاريخية الحقيقية وحللت كيفية ظهور هذه الشخوص عبر وسائل مختلفة مثل الأدب والفن في المنحوتات والرسومات والفن التشكيلي والسينما وغيرها. فشخصية مثل جان دارك البطلة الفرنسية والقديسة الرومانكاثوليكية استحوذت على خيال مارينا وارنر فدرست قصتها بالكثير من العناية لتتبع تاريخها ورمزية ظهورها في الوسائل المختلفة وتعتبر دراساتها عنها اليوم مرجعا هاما لمتتبعي رمزية هذه البطلة.
ولمارينا وارنر باع طويل في دراسة تأريخ ألف ليلة وليلة كواحدة من أهم الحكايا الشعبية الشرقية وتأويلاتها المختلفة وتأثيرها على الأدب والفن والهندسة المعمارية والفكر الغربي منذ ظهور أوائل التراجم لها في فرنسا على يد جالان في مطلع القرن الثامن عشر وإلى يومنا هذا.
وقد حازت وارنر على جائزة الشيخ زائد للكتاب في عام 2013 لفئة الثقافة العربية في الكتابات باللغة غير العربية، على كتابها «السحر الأغرب: المدن المسحورة وألف ليلة وليلة» وفيه تتبعت الخارطة الزمانية والمكانية لحكايا ألف ليلة وليلة وتأثيرها على المفهوم الغربي للسحر والخيال حتى في أثناء عصر النهضة الأوروبية التي تغلب فيها صوت العقل والعلم على الخرافات القديمة في عصور الظلام، وكيف أن القصص في ألف ليلة وليلة قد فتحت صفحة جديدة في العلاقات المتبادلة بين الشرق والغرب وشكلت الهوية الشرقية لدى الخيال الغربي. وصرحت وارنر في أحد لقاءاتها الصحفية في جولاي 2013 بأن وضع الساحة السياسية العربية وصراعاتها اليوم قد زاد اهتمامها بدراسة ألف ليلة وليلة التي تشير إلى أماكن مثل القاهرة وبغداد وغيرها وكيف أن الفن والأدب قد ربط بين أماكن تعتبر ذات هويات متباينة وكيف أن الأدب يوفر نوعا من التواصل بين المتباينات.
وكإنسان.. فمارينا وارنر من الشخصيات الشيقة التي ساعدها الحظ على التفتح على ثقافات عديدة منذ نشأتها.. فوالدها بريطاني ووالدتها إيطالية.. وعاشت سنوات طفولتها في القاهرة التي تحبها كثيرا وتذكر غروب الشمس في منزلها في الزمالك المطل على النيل وتؤكد بأن نشأتها هذه قد ساهمت في ولعها بكل ماهو شرقي وغريب وسحري، ووالدها التاجر في الكتب قد أمد مكتبتهم المنزلية بكافة أنواع الكتب التي ألهبت خيالاتها وخاصة كتب ألف ليلة وليلة المليئة بالصور المرعبة التي سكنت خيالها لوقت طويل كطفلة، كما أعطتها جدتها ترجمة لألف ليلة وليلة بقلم إدوارد وليام لين المستشرق الإنكليزي وقد أثرت هذه الطفولة الثرية بالانفتاح على ثقافات العالم على تولعها بالميثولوجيا والشعبيات والملاحم.
تعيد مارينا سرد بعض قصص ألف ليلة وليلة وخاصة غير المتداولة منها بلغتها الخاصة، وفلسفتها هي إلتقاء الشرق بالغرب في أفكار ومفاهيم الخيال الذي يظهر في ألف ليلة وليلة متجسدا في شخصيات وأشياء مثل البساط الطائر والجن والشخصيات الشريرة مثل عم علاء الدين والحيوانات الممسوخة من أصل بشري وغير ذلك من صور الخيال التي أثرت على الفكر والثقافة الغربية والسرد الخيالي الغربي. وتنقلنا مارينا بسرعة البرق بين قرون من الزمان وأميال من المكان بين ديكنز وفلاديمير نابوكوف وشكسبير إلى بورجيس (بورخيس) وكولريدج وبوكاشيو والديكاميرون والكثير من الأعمال عبر أزمنة وأماكن تبدو مستحيلة التوافق ولا يجمعها إلا مفهوم الخيال السحري الإنساني.
د. أحلام محمد علاقي
سحـر ألف ليلة وليلة