نقوس المهدي
كاتب
"بين عدد لا يحصى من الرسامين والفنانين الذين وجدوا كافة أنواع (الفانتازيا)، السحرية والجنسية. وقد تسلم موزارات نسخة من الكتاب بواسطة صاحبة المنزل الذي كان يسكنه، واستمد من الليالي العربية، أوبرا \"الابتعاد عن سيراغليو\"، وقرأها كولوريدج الحكايات بمشاعر متباينة من الغرابة والرهبة والرغبة الشديدة\" كما حدث معه عندما قرأ \"كوبلاخان\"، أما مشاعر ديكينز إزاء الليالي فنجدها في \"ترنيمة عيد الميلاد\"، عندما يحاول الصياد حشر الجني داخل المصباح السحري.وكتاب مارينا وورنر، \"سحر غريب\" يتناول الترجمات الأولى \"لليالي العربية\" إضافة الى أفلام هوليوود عنها مثل \"حرامي بغداد\"، وهي تختار 15 حكاية مفضلة لديها وتسرد معلومات كيفما اتفق عن تأريخها الثقافي. وورنر لا تقرأ اللغة العربية، وتجد في نفسها ميلا ضعيفا للبنية اللغوية للحكايات، فبعض القصص التي ترجمت من قبل ريتشارد بيرتن (النسخة الفيكتورية)، هناك كلمات ترجمت بشكل لا يتلاءم ومعنى الأصل العربي لها، كما أنها تنفي في كتابها الأصل العربي الحكايات فتقول، \"لا يوجد مؤلف معروف لها، لا طول أو حجم محدد لها، ولا مكان أيضا لولادتها او أصلها اللغوي\" وعلى الرغم من ذلك فهي عالمية،ومتجذرة بثبات في العالم الإسلامي منذ القرون الوسطى\".لنأخذ مثلا، \"قصة الحمّال والسيدات الثلاث\"، فهي تبدأ في بغداد وفي سوق من أسواقها، عندما تقترب سيدة جميلة ترتدي عباءة موصلية، من البواب منحنية سلّته، وتقوده المرأة عبر السوق، متوقفة لشراء جبن سوري وحمص، قبل وصولهما منزلها، وهناك ترحب سيدتان بالحمّال وحيث تتعاون النسوة الثلاث بدفعه إلى الشراب حتى السكر، ثم يخلعن ملابسهن، ويسردن عليه كلمات ذات معان جنسية، ثم يقمن بضربه عندما يتطرف في البذاءة، فالنسبة للقارئ باللغة الأصلية، تبدو عبارتا \"العباءة الموصلية\" و \"الجبن السوري\"، أمراً مألوفا. بالإضافة الى الجنس، تتضمن الحكايات السحر والعفاريت والجنيات. والمؤلفة تصفهم، \"مخلوقات\" متملصة ومراوغة ومحيرة\"، أي أنها تنفي وجودها، في حين ان المسلمين في العصور الوسطى اعتبروهم مخلوقات حقيقية عاشت جنبا الى جنب الإنسان، ويقول القرآن \"إن هناك الصالح منهم وغير الصالح\". ولهذا تقول المؤلفة إن الغرب يتسلى بسحرهم فان المسلمين العرب، يبدون إزاءهم اقل غرابة من امرأة محجبة تسقي الشراب وتقدمه للحمّال مثلا. وبالنسبة لمن يقرأ \"الليالي العربية\" لأول مرة في هذا العصر، فان احدث ترجمة لها، قدمها العراقي حسين هدّاوي (1990) والنسخة التي أصدرتها جامعة كيمبردج عام (2008) والتي ترجمها المستعرب مالكوم سي ليونز، وترجمة الهداوي تتناول القصص الرئيسة من \"الليالي\" ترجمة عن المخطوطة السورية التي تم العثور عليها في القرن الرابع عشر ولغتها أسهل وأكثر إثارة. ويقول هدّاوي كيف انه وهو طفل في بغداد، كان يستمع إلى جدته وهي تحكي \"نسختها\" من حكايات ألف ليلة وليلة، وأهل بغداد ما زالوا يعبرون عن رؤيتهم أو سماعهم بالأعمال الخارقة، بقولهم، \"جئنا من الله وإليه نعود\" أو \"لا حول ولا قوة إلا بالله\". إن كتاب وورنر مسحٌ لرد فعل الغرب إزاء \"الليالي\"، كما يقول الناقد، مضيفا، انه بعد قراءته طبعة كيمبردج لليونز وطبعة الهداوي، وجد نفسه يعيش في تلك القصص، كونها حقيقية، كما وصف جوسر العالم الإسلامي بقوله، \"عالم حيث التقوى والفكاهة والحب الماخور\".
عن الغارديان
عن الغارديان