نقوس المهدي
كاتب
لم يشهد التاريخ رواج كتاب في مختلف العصور والبلدان، كالذي شهده كتاب «ألف ليلة وليلة»، في أوروبا والأميركيتين وآسيا وأفريقيا، وفي جميع أنحاء العالم، الذي بدأت ثقافته الحديثة تتكون منذ ظهور هذا الكتاب الذي أطلق للخيال الشعبي والعلمي آفاقه الرحبة الواسعة، فكانت قصصه ملهمة للعديد من الأدباء والكتاب والمفكرين الغربيين واتجاهاتهم الفلسفية المختلفة، وقد شكّل على مدى المساحة الزمنية والقارية، الثقافة الشعبية المشتركة للشعوب حول الكرة الأرضية، فكان الكتاب الشعبي الأكثر انتشارا، متفوقا على قصص كل الأساطير والملاحم الإغريقية والفلسفة اليونانية، التي بقيت شغل النخب الضيقة المغلقة والمستعصية على الفهم الشعبي الواسع.
تعددت التفسيرات والأقوال حول الأسباب والأهداف التي حدت بخلفاء الزمان الذي ظهرت فيه قصص «ألف ليلة وليلة»، فمن قائل أن السبب هو إلهاء الشعب بقصص أسطورية تبعده عن مساءلة الحكام، إلى رغبة المؤلف أو المؤلفين، في وضع كتاب للقصص في لغة مبسطة توخيا لتعليم اللغة العربية إلى الراغبين فيها، وأكثر ما توخى فيها إفهام الناس، بعد أن اتسعت مساحة الخلافة الإسلامية-العربية، ودخلت في ديار الإسلام شعوب أعجمية كثيرة كان لابد من إيصال اللغة إليها بأسلوب سهل وشيق، وقد ذهب إلى هذا الرأي «الشرواني« في مقدمته للطبعة الإيرانية، الذي يشير فيها إلى أن مؤلف الكتاب هو شامي الأصل، وقد أيده في هذا الرأي الكاتب الفرنسي»دو ساسي»، الذي لا يستبعد أن تكون قد تمت زيادات على النص الأصلي، في كل زمان ومكان، وهذا ماتؤكده لنا الإختلافات الملاحظة في أماكن وأزمنة القصص المختلفة، ولكن يبقى الخيط الذي يجمعها جميعا هو الحبكة الأسطورية المبهرة، ويميل «سكوت» في مقدمته للطبعة الإنكليزية، إلى أن واضع الكتاب، أكثر من واحد، فلا تعرف من بدأ ومن تابع، ولا تعرف جنسياتهم، أما «لانغليه» فعلى رأي المسعودي في كتابه مروج الذهب، حيث يقول»...وإن سبيل الأخبار، سبيل الكتب المنقولة إلينا والمترجمة لنا من الفارسية والهندية والرومية، سبيل تأليفها ما ذكرنا مثل كتاب «هزار أفسانه» وتفسير ذلك من الفارسية إلى العربية «ألف خرافة» والخرافة بالفارسية يقال لها «أفسانه»، والناس يسمون هذا الكتاب «ألف ليلة وليلة» وهو خبر الملك والوزير وإبنتيه شهرزاد ودنيازاد، ومثل كتاب «فرزه وسيماس»، وما فيها من أخبار ملوك الهند والوزراء، ومثل كتاب السندباد، وغيرها من الكتب بهذا المعنى»، غير أن المستشرقين لم يعثروا على كتب في اللغات الفارسية والهندية والرومية، تطابق قصص»ألف ليلة وليلة»، ويعطي الأب» صالحاني»في مقدمته للطبعة العربية، ستة أدلة على أن واضع الكتاب هو عربي، وقد استند إلى ما قاله صاحب الفهرست في «الجهشياري»... قال محمد بن إسحاق: إبتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري، صاحب كتاب «الوزراء» بتأليف كتاب إختار فيه، ألف سمر من أسمار العرب والروم والعجم وغيرهم، كل جزء قائم بذاته، لا يعلق بغيره، وأحضر المسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واختار من الكتب المصنفة في الأسماء والخرافات ما يحلو لنفسه، وكان فاضلا فاجتمع له من ذلك أربعمئة وثمانون ليلة، كل ليلة سمر تامة تحتوي على خمسين ورقة، أقل أو أكثر، ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر، ورأيت من ذلك أجزاء عدة بخط أبي الطيب الشافعي»، ماذا يبين لنا ذلك العرض؟
أولا: أن اتساع رقعة الدولة العربية الإسلامية، ودخول أقوام وحضارات متعددة تحت مظلتها، جلب معه ثقافات تلك الشعوب وعاداتها ومفاهيمها لتصب في الحواضر العربية التي كانت الخزان الثقافي لتلك الشعوب تأخذ منها وتعيد إنتاج ثقافاتها بما يتلاءم مع الثقافة العربية- الإسلامية، بعد تهذيب تلك الثقافات والعمل على انتشارها.
ثانيا: لذلك نستطيع أن نفسر الأسماء غير العربية للرواة أو بعض أبطال القصص كالسندباد وشهريار وشهرزاد، ولكن الخطاب واللغة المستعملة في القصص كانت تتحدث لغة الدين الإسلامي وتبشر بالقيم التي يراد إيصالها عن طريق تلك القصص إلى الشعوب المختلفة، وفي النهاية يرجح أن كتاب»ألف ليلة وليلة» هو كتاب عربي المنشأ بامتياز.
من نماذج تأثير الكتاب «ألف ليلة وليلة» على الآداب الاجنبية نموذج الأدب الألماني، حيث كتبت الكاتبة الألمانية «كاترينا مومسن» كتابا بعنوان»غوته وألف ليلة وليلة» تشرح فيه مدى تأثر الأديب والفيلسوف الألماني الكبير بهذا الكتاب، الموسوعة الثقافية عن الشرق تقول «عاش غوته منذ طفولته يرتوي من قصص هذا الكتاب، وكان يحفظ حكاياته، ويلعب دور شهرزاد، حين تتاح له الفرصة، وكان في شبابه وفي شيخوخته يستخدم رموز الحكايات وصورها في رسائله، وكان بالنسبة له (كتاب عمره) كل ذلك ولم تكن الترجمة الألمانية قد أنجزت بعد، إنما كان يرجع إلى الترجمة الفرنسية المجتزأة التي قام بها المستشرق الفرنسي»أنطوان غالان» بترجمة 583 ليلة من أصل ألف ليلة وليلة،خلال فترة(1704-1717)، وهي الليالي التي استطاع جمعها حتى ذلك التارخ، وقد طُبع الكتاب لأول مرة في ألمانيا باللغة العربية سنة 1825، وقد حققه المستشرق الألماني»هايخت» فأنجز ثمانية أجزاء، مع ترجمته إلى الألمانية، وتوفي قبل إنجاز الكتاب، فأنجز الباقي تلميذه «فليشر» المتوفي سنة 1888، ثم طبع مرات عدة، أهمها طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة 1960، ثم أتت الطفرة التي شهدها كتاب «ألف ليلة وليلة» والتي بدأها المحقق محسن مهدي للنسخ العربية في عمل صدر له في «ليدن»عام 1984، وكذلك صدرت رسوم وكتب عن الكتاب عن جامعة «كمبردج»عام 1985بالإنكليزية، ومنذ ما يزيد على الألف سنة لم يخبُ وهج هذا الكتاب، واستمرت الأبحاث، والبحث عن مخطوطاته بقوة وحماس، وقد تسنى للباحثة الألمانية» كلوديا أوت» إكتشاف مخطوطة جديدة، تبدأ حيث انتهت المخطوطة القديمة من الليلة 283، التي ترجمها «أنطوان غالان» وتدعي «أوت» أن غالان قد أضاف إليها ما يلائم مفاهيم عصره وأخلاقياته، وهذا قد يفسر الفرق بين أعداد الليالي التي ترجمها»غالان» والعدد الذي بدأت منه «أوت»،غير أن «أوت» قد أشارت إلى أن المستشرقين الغربيين كانوا يجولون المنطقة العربية بحثا عن مخطوطات متناثرة تتعلق بكتاب»ألف ليلة وليلة»، وكانوا يعرضون على وسطاء عرب أن يأتوهم بتلك المخطوطات أن َوجدوها، فكانوا غالبا ما يأتونهم بمخطوطات هي أشبه بقصص ألف ليلة وليلة، ولكن ليس من المؤكد أن لها علاقة بالكتاب الأصلي، فيضموها إلى ما سبق، وإن كانت عملية التشكيك ما زالت دائرة في الأوساط الغربية في أصل الكتاب، فإنه من الواضح أن «ألف ليلة وليلة» قد أسس في الغرب لما بات يعرف «بأدب الفنتازيا»، وأن ما كان يعرف بالأدب العجائبي الشرقي، كان هو إرهاص لأدب الخيال الغربي، الذي أوحى ل»جول فيرن» العديد من قصصه عن الطيران والغوص في أعماق البحار وباقي قصص الخيال العلمي، المستقاة من قصص السندباد وغيرها، مثل رواية «روبنسون كروزو» التي تربت عليها أجيال الغرب المتعاقبة، وأشعلت روح المغامرة والإقدام لديها، وكذلك الإنتقال إلى العصر الرومنسي والإيحاء لعدد كبير من الشعراء في الغرب بقصائدهم، وللكتاب بمؤلفاتهم.
أما أمير الشعراء الأوروبيين الشاعر الألماني الكبير»يوهان فولفغانغ فون غوته» فيقول أنه قد استقى شعره من قصص «ألف ليلة وليلة» الذي كانت شقيقته «كورنيليا» تسرد له حكاياتها في طفولته، فعاش حياته حالما بقصصها معجبا بأسلوب السرد الذي امتازت به تلك القصص، وظل شاعر الغرب الكبير يبحث عن النسخة الأصلية للكتاب حتى عثر عليه في آخر أيامه فكانت رائعته التي توج بها أعماله «الديوان الغربي والشرقي» الذي ظهر فيه تأثره بقصص «ألف ليلة وليلة» وبالأدب والشعر العربي، ومما قاله في وصف اللغة العربية»ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الإنسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية، وإنه لتناسق غريب محتوى بجسد واحد».
لقد أفاد الغرب من تراثنا، بكل صغيرة وكبيرة، أما نحن بعد أن ورث جماعة الجهل والتخلف وحراس الظلام، والحفظة الكسالى، هذا التراث، كنا «...كمثل الحمار يحمل أسفارا...».
تعددت التفسيرات والأقوال حول الأسباب والأهداف التي حدت بخلفاء الزمان الذي ظهرت فيه قصص «ألف ليلة وليلة»، فمن قائل أن السبب هو إلهاء الشعب بقصص أسطورية تبعده عن مساءلة الحكام، إلى رغبة المؤلف أو المؤلفين، في وضع كتاب للقصص في لغة مبسطة توخيا لتعليم اللغة العربية إلى الراغبين فيها، وأكثر ما توخى فيها إفهام الناس، بعد أن اتسعت مساحة الخلافة الإسلامية-العربية، ودخلت في ديار الإسلام شعوب أعجمية كثيرة كان لابد من إيصال اللغة إليها بأسلوب سهل وشيق، وقد ذهب إلى هذا الرأي «الشرواني« في مقدمته للطبعة الإيرانية، الذي يشير فيها إلى أن مؤلف الكتاب هو شامي الأصل، وقد أيده في هذا الرأي الكاتب الفرنسي»دو ساسي»، الذي لا يستبعد أن تكون قد تمت زيادات على النص الأصلي، في كل زمان ومكان، وهذا ماتؤكده لنا الإختلافات الملاحظة في أماكن وأزمنة القصص المختلفة، ولكن يبقى الخيط الذي يجمعها جميعا هو الحبكة الأسطورية المبهرة، ويميل «سكوت» في مقدمته للطبعة الإنكليزية، إلى أن واضع الكتاب، أكثر من واحد، فلا تعرف من بدأ ومن تابع، ولا تعرف جنسياتهم، أما «لانغليه» فعلى رأي المسعودي في كتابه مروج الذهب، حيث يقول»...وإن سبيل الأخبار، سبيل الكتب المنقولة إلينا والمترجمة لنا من الفارسية والهندية والرومية، سبيل تأليفها ما ذكرنا مثل كتاب «هزار أفسانه» وتفسير ذلك من الفارسية إلى العربية «ألف خرافة» والخرافة بالفارسية يقال لها «أفسانه»، والناس يسمون هذا الكتاب «ألف ليلة وليلة» وهو خبر الملك والوزير وإبنتيه شهرزاد ودنيازاد، ومثل كتاب «فرزه وسيماس»، وما فيها من أخبار ملوك الهند والوزراء، ومثل كتاب السندباد، وغيرها من الكتب بهذا المعنى»، غير أن المستشرقين لم يعثروا على كتب في اللغات الفارسية والهندية والرومية، تطابق قصص»ألف ليلة وليلة»، ويعطي الأب» صالحاني»في مقدمته للطبعة العربية، ستة أدلة على أن واضع الكتاب هو عربي، وقد استند إلى ما قاله صاحب الفهرست في «الجهشياري»... قال محمد بن إسحاق: إبتدأ أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري، صاحب كتاب «الوزراء» بتأليف كتاب إختار فيه، ألف سمر من أسمار العرب والروم والعجم وغيرهم، كل جزء قائم بذاته، لا يعلق بغيره، وأحضر المسامرين فأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واختار من الكتب المصنفة في الأسماء والخرافات ما يحلو لنفسه، وكان فاضلا فاجتمع له من ذلك أربعمئة وثمانون ليلة، كل ليلة سمر تامة تحتوي على خمسين ورقة، أقل أو أكثر، ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر، ورأيت من ذلك أجزاء عدة بخط أبي الطيب الشافعي»، ماذا يبين لنا ذلك العرض؟
أولا: أن اتساع رقعة الدولة العربية الإسلامية، ودخول أقوام وحضارات متعددة تحت مظلتها، جلب معه ثقافات تلك الشعوب وعاداتها ومفاهيمها لتصب في الحواضر العربية التي كانت الخزان الثقافي لتلك الشعوب تأخذ منها وتعيد إنتاج ثقافاتها بما يتلاءم مع الثقافة العربية- الإسلامية، بعد تهذيب تلك الثقافات والعمل على انتشارها.
ثانيا: لذلك نستطيع أن نفسر الأسماء غير العربية للرواة أو بعض أبطال القصص كالسندباد وشهريار وشهرزاد، ولكن الخطاب واللغة المستعملة في القصص كانت تتحدث لغة الدين الإسلامي وتبشر بالقيم التي يراد إيصالها عن طريق تلك القصص إلى الشعوب المختلفة، وفي النهاية يرجح أن كتاب»ألف ليلة وليلة» هو كتاب عربي المنشأ بامتياز.
من نماذج تأثير الكتاب «ألف ليلة وليلة» على الآداب الاجنبية نموذج الأدب الألماني، حيث كتبت الكاتبة الألمانية «كاترينا مومسن» كتابا بعنوان»غوته وألف ليلة وليلة» تشرح فيه مدى تأثر الأديب والفيلسوف الألماني الكبير بهذا الكتاب، الموسوعة الثقافية عن الشرق تقول «عاش غوته منذ طفولته يرتوي من قصص هذا الكتاب، وكان يحفظ حكاياته، ويلعب دور شهرزاد، حين تتاح له الفرصة، وكان في شبابه وفي شيخوخته يستخدم رموز الحكايات وصورها في رسائله، وكان بالنسبة له (كتاب عمره) كل ذلك ولم تكن الترجمة الألمانية قد أنجزت بعد، إنما كان يرجع إلى الترجمة الفرنسية المجتزأة التي قام بها المستشرق الفرنسي»أنطوان غالان» بترجمة 583 ليلة من أصل ألف ليلة وليلة،خلال فترة(1704-1717)، وهي الليالي التي استطاع جمعها حتى ذلك التارخ، وقد طُبع الكتاب لأول مرة في ألمانيا باللغة العربية سنة 1825، وقد حققه المستشرق الألماني»هايخت» فأنجز ثمانية أجزاء، مع ترجمته إلى الألمانية، وتوفي قبل إنجاز الكتاب، فأنجز الباقي تلميذه «فليشر» المتوفي سنة 1888، ثم طبع مرات عدة، أهمها طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة 1960، ثم أتت الطفرة التي شهدها كتاب «ألف ليلة وليلة» والتي بدأها المحقق محسن مهدي للنسخ العربية في عمل صدر له في «ليدن»عام 1984، وكذلك صدرت رسوم وكتب عن الكتاب عن جامعة «كمبردج»عام 1985بالإنكليزية، ومنذ ما يزيد على الألف سنة لم يخبُ وهج هذا الكتاب، واستمرت الأبحاث، والبحث عن مخطوطاته بقوة وحماس، وقد تسنى للباحثة الألمانية» كلوديا أوت» إكتشاف مخطوطة جديدة، تبدأ حيث انتهت المخطوطة القديمة من الليلة 283، التي ترجمها «أنطوان غالان» وتدعي «أوت» أن غالان قد أضاف إليها ما يلائم مفاهيم عصره وأخلاقياته، وهذا قد يفسر الفرق بين أعداد الليالي التي ترجمها»غالان» والعدد الذي بدأت منه «أوت»،غير أن «أوت» قد أشارت إلى أن المستشرقين الغربيين كانوا يجولون المنطقة العربية بحثا عن مخطوطات متناثرة تتعلق بكتاب»ألف ليلة وليلة»، وكانوا يعرضون على وسطاء عرب أن يأتوهم بتلك المخطوطات أن َوجدوها، فكانوا غالبا ما يأتونهم بمخطوطات هي أشبه بقصص ألف ليلة وليلة، ولكن ليس من المؤكد أن لها علاقة بالكتاب الأصلي، فيضموها إلى ما سبق، وإن كانت عملية التشكيك ما زالت دائرة في الأوساط الغربية في أصل الكتاب، فإنه من الواضح أن «ألف ليلة وليلة» قد أسس في الغرب لما بات يعرف «بأدب الفنتازيا»، وأن ما كان يعرف بالأدب العجائبي الشرقي، كان هو إرهاص لأدب الخيال الغربي، الذي أوحى ل»جول فيرن» العديد من قصصه عن الطيران والغوص في أعماق البحار وباقي قصص الخيال العلمي، المستقاة من قصص السندباد وغيرها، مثل رواية «روبنسون كروزو» التي تربت عليها أجيال الغرب المتعاقبة، وأشعلت روح المغامرة والإقدام لديها، وكذلك الإنتقال إلى العصر الرومنسي والإيحاء لعدد كبير من الشعراء في الغرب بقصائدهم، وللكتاب بمؤلفاتهم.
أما أمير الشعراء الأوروبيين الشاعر الألماني الكبير»يوهان فولفغانغ فون غوته» فيقول أنه قد استقى شعره من قصص «ألف ليلة وليلة» الذي كانت شقيقته «كورنيليا» تسرد له حكاياتها في طفولته، فعاش حياته حالما بقصصها معجبا بأسلوب السرد الذي امتازت به تلك القصص، وظل شاعر الغرب الكبير يبحث عن النسخة الأصلية للكتاب حتى عثر عليه في آخر أيامه فكانت رائعته التي توج بها أعماله «الديوان الغربي والشرقي» الذي ظهر فيه تأثره بقصص «ألف ليلة وليلة» وبالأدب والشعر العربي، ومما قاله في وصف اللغة العربية»ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الإنسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية، وإنه لتناسق غريب محتوى بجسد واحد».
لقد أفاد الغرب من تراثنا، بكل صغيرة وكبيرة، أما نحن بعد أن ورث جماعة الجهل والتخلف وحراس الظلام، والحفظة الكسالى، هذا التراث، كنا «...كمثل الحمار يحمل أسفارا...».