د
د.محمد عبدالحليم غنيم
يمكنك أن تشعر بالبرد داخلا عبر النوافذ، بينما كنا نرقد هناك متشابكين فوق الملاءة .
أدارت فيدا رأسها لكى تواجهنى ، خدها فوق الوسادة وخصلات شعرها تحيط بوجهها وتسقط علي الوسادة ، ذراعاها تمتدان فى تقاطع متعامدين فوق الملاءة البيضاء.
كنت أنظر عبر النافذة ، من على بعد تبدو الأضواء مكفهرة والشوارع مبتلة ، أعتقد أن السماء قد أمطرت ثلجاً خفيفاً، فى المبنى المقابل كان ثمة قليل من النوافذ المضاءة ، نظرت عبر واحدة منها لأرى اذا ما كنت أستطيع أن أرى تساقط ندفات الثلج ، فلم أستطع أن أتأكد من ذلك .
قالت فيدا :
- مرحباً .
استدرت لكى أنظر إليها ، صنع جلدى صوت احتكاك فوق الملاءة :
- ماذا ؟
- هل ثمة شئ يحدث هنا ؟
- معذرة
- استمر فى ذلك ، اجعل شيئاً ما يحدث ، لا أحد يريد أن يقرأ فقط عن النظر عبر النافذة ، اجعل شيئاً ما يحدث.
- مثل ماذا ؟
- لا أعرف ! شىء ما.
عقدت فيدا حاجبيها وحركت أنفها ثم حكت أعلاه بإبهامها .
رأس فيدا يشبه فى شكله اللفتة، قالت :
- لا
- أنا فقط كنت أمزح .
- إنها ليست كذلك
قالت فيدا ذلك وجلست قليلاً ، تطلعت إلى صدرها ، لونه البنى أخف قليلاً من بقية جسدها .
- مهلا!
جذبت الملاءة كى تغطى صدرها ( بشكل تراجيدى ) وضعت يديها فوق رأسها وتحسسته وقالت :
- إنها لا تشبه – حقاً – اللفتة ، أليس كذلك ؟
- لا .... فقط ، أنا كنت أمزح
- حسنا توقف . أجعل شيئاً ما يحدث . شيئاً ما مثيراً
- مثل ماذا ؟
- لا أعرف . أنت الكاتب.
بينما كانت تقول ذلك سحبت سكينا من بين المرتبة وسست السرير ، اهتزت السكين في يدي وأنا أمسك بها أمام وجهها ، قالت : .
- ذلك فوق الاحتمال .
شبكت يديها بقوة ، فسقطت الملاءة بعيداً عن صدرها ، نظرت إليها ، فحاولت أن تغطيه بذراعيها ، ولكن اللحم الجميل نط من الجوانب ، و لم تكن تعرف أنها بهذه الطريقة صارت أكثر إثارة من تغطيتهما هكذا . شدت الملاءة إلى أعلى و قالت :
- توقف عند الصدر
- لكنك قلت أنت تريد أن يكونا أكثر إثارة.
- أعرف ... لكن...
قلت
- أنزلى الملاءة وإلا شرحت وجهك .
- توقف عن هذا .
قالت ذلك وأخذت السكينة من يدي وقذفت بها عبر فضاء الغرفة الوسيع ، فانزلقت ودارت عبر الأرض الخشبية .
نزلت عينا فيدا عن صدري ثم ارتفعت مرة ثانية إلى وجهى ، سحبت الملاءة الى الوراء ، ثم نظرت نحوى و تساءلت:
- ما هذا ؟
كانت تود أن تكون فى فمها ... سيئة جداً .
صرخت:
- انتظر دقيقة
كانت تضحك ، أضافت :
- لا.. لا.. لا تكن سخيفاً .. أنت رجل صغير قذر .. من الموْكد أنك مجنون...
اعترضت لكننى مازلت أستطيع القول أنها تريد أن ......
- ها
صرخت قافزة فوق السرير وقد احمر وجها من الضحك .
التفت إلى الوراء لكى أنظر عبر النافذة من جديد ، منصتاً الى ضحكها ، فى الخارج كانت الشمس مشرقة بإبداع على البنايات البيضاء ، وقد استطعت أن أرى فضة المحيط من على بعد.
قالت
- الشمس ... أعتقد أنك كنت تقول أنها ترمى بالثلج .
- أيا منها ؟
- أين نحن ؟
- فى برشلونة
قالت فيدا
- نعم ؟ أنا لم أكن أبداً فى برشلونة.
سمعنا وقع خطوات قوية فى المدخل.
همست لفيدا :
- هل سمعت ذلك ؟
رفعت الملاءة إلى أعلى ذقنها ونظرت بعينيها الكبيرتين نحو الباب وقالت : .
- نعم .... إنها أصوات مثل وقع خطوات خفيفة في المدخل .
- ربما كان المغربي
- المغربي ؟
- نعم المغربى المسلم .
قالت :
- كيف له أن يرانا ؟
- لا أعرف .
- ما الذي يريده؟
قلت :
- يقتلني ويأخذك لنفسه.
قالت فيدا والإثارة تملا عينيها:
- حقا ؟
- انتظري لحظة.
قلت ذلك وأنا أرفع صوتي لكى يستطيع أن يسمعني عبر الحائط
قالت :
- ماذا ؟
أصدر المغربي نفساً طويلاً وجلس بتثاقل عبر الجانب الآخر من الحائط ، قدماه باردتان فوق السجادة وأصابع قدميه تلمس حافة سيفه.
قلت :
- ليس من المفترض أن تكوني مثارة بسبب ذلك ، يفترض أن تكوني مرعوبة ، يفترض أن تكوني قلقة على سلامتي.
- لكن المغربى ! كم هو مثير المغربي ! هل يريد أن يأخذنى بعيداً إلى ..حريمه؟ مهما كان هو يملكهم ... قل لى : هل هذا المغربى وسيم ؟
- جدا .
هكذا قال المغربى عبر الحائط . فقلت أنا :
- اسكت، عليك اللعنة ، يفترض أن أكون فى الجحيم لكى أكتب أى شيء عن ...
قالت :
- حاول ثانية لا أريدك أن تضيع الوقت .
قلت :
- حسناً
بللت فيدا شفتيها و نظرت إلى أسفل بشوق نحوى ... قالت :
- لا.
- حسنا .ً
بينما المغربى فى الخارج يفكر مرتين فى خطة للهجوم ،متذكراً المومس الصغيرة فى المغرب،قال عبر المدخل:
- اعذرنى.
- ماذا ؟
- أفضل أن آخذ فيدا ، إنها مليحة جدا .ً
- لا تستطيع أن تأخذها .
- ربما أستطيع أن أدخل وأطعنك ثم أخذها معى ...كما أننى أمتلك يختا .ً
قالت فيدا :
- أوه ! يخت؟
قلت :
- لا .
فقالت فيدا والمغربى معاً:
- لا؟
- لا
سأل المغربى:
- أستطيع فقط أن أجرحك فى لطف ؟
قالت فيدا
- نعم . مجرد جرح بسيط فى اللحم ؟
قلت:
- لا .
فجأة دخل نمر قافزاً من المدخل ، ثم ارتفع فى الهواء ، تستطيع أن ترى فى عينيه السوداوين انعكاس رعب المغربى ، بينما كان يطير نحوه.
قال المغربى :
- انتظر
قلت :
- متأخر جداً
- لا انتظار. دعنى على الأقل أبارزك أو شيء من هذا القبيل . أنا لا أريد أن أسرق فتاتك . أنا فقط كنت أمزح معك ، فقط دعنى أدخل معركة مبارزة بالسيف ...وذلك .. إنه كل ما أريد .
قلت :
- لا بأس
توقف النمر وسط الهواء ثم تهشم الى مليون قطعة صغيرة على الأرض
قال المغربى :
- بارع
قلت :
- اسكت
عند ذلك كان القرصان يصعد فوق الدرج
قالت فيدا :
- أحب القراصنة
قلت :
- أششششششششش
صعد القرصان فوق الدرجات ، ونظر الى المغربى الذى كان يمسك بالسيف فى مواجهته ، قال القرصان :
- أنت!
ضحك المغربى ، فقال القرصان :
- سوف تدفع ثمن ما فعلته مع أختى ؟؟؟؟
- أحببتها ؟
ثم أضاف على الفور :
- أنا دائما سوف ......
- لا أخت لى مع المغربى مطلقا
لم يتحدث المغربى وبدلا من ذلك هاجم ، تضاربت السيوف معا ، تطايرت الشرارات ، وتواصل القتال بعنف أعلى وأسفل المدخل
رقدت على ظهرى ،ونظرت الى السقف ، وضعت فيدا يدها على صدرى برفق وقالت :
- وماذا الآن ؟
- لا أعرف .. أنا مرهق.
- لكنها مجرد بداية.
- أعرف ، لكن..
قالت :
- انظر عبر النافذة مرة أخرى
نظرت عبر النافذة ، السماء صافية ومشرقة بضوء القمر ،الميدان الأحمر ملىء بالدبابات والجنود والجماهير والغناء ، دفء أنفاسهم كون سحبا أعلى رؤوسهم.
قالت :
- موسكو.
اهتزت الحجرة كلها عندما احتكت الطائرة المقاتلة بقمم البنايات
سألتنى فيدا :
- ما لذى يجرى فى الخارج ؟
شبكت يديها معا ، ووضعتهما فوق معدتى ، ثم أراحت ذقنها على يديها ، أما رأسها فكان يتحرك إلى إعلى وإللى أسفل مع تردد أنفاسى ، بيمنا أطراف شعرها قد تدلت مدغدغة جسدى ، قلت :
- عملية تنصيب.
- إنهم هناك فى موسكو.
- نعم.
- من الذى ينصبونه؟
- أنا.
- أنت ؟
نظرت فيدا نحوى وعيناها البنيتان قد تحول لونهما ببطء الى اللون الأخضر ، ثم إلى الزرق ثم إلى الرمادى ثم إلى الكهرمانى ثم الى البنى من جديد .
قلت :
- بالطبع .
- كيف ؟
- لقد أسقطت الحكومة ، مثل تروتسكى
- تروتسكى ؟
- نعم سأكون رئيسا لروسيا فى غضون .......
نظرت إلى ساعتى الرولكس التى ظهرت فجأة فى معصمى وأضفت :
- فى غضون خمس وأربعين دقيقة ، مع دقة منتصف الليل.
قالت فيدا :
- لا يمكنك أن تكون رئيسا لروسيا.
- يمكن جدا
- أنت لست موجودا حتى روسيا
- لا ، لكن والدى كانا روسيين ، لقد تركا البلد فى بداية الخمسينات ، عندما كنت فى رحم امى ، راكبين فى سيارة نصف نقل من مينسك الى وارسو ، خلال العاصفة الثلجية.
قالت فيدا :
- لقد ولد أبوك فى سنترفيل ، أيوا ، هو قال لى ذلك .
قلت :
- ذلك ما يقوله إنه لا يريد أن يفعل شوشرة ، بعض الناس ربما ما زالوا يبحثون عنه .
- ولكن عمرك فقط سنة ، أنت تقول أن ذلك كان فى الخمسينات وكنت فى رحم أمك
قلت وأنا أضع إصبعى على شفتيها:
- أشششش
عند ذلك كان هناك طرق على الباب ، قلت :
- من هناك ؟
- هل يمكن أن أرحل ؟
قال المغربي وهو يخطو داخل الباب ، يقطر بالعرق ويحاول الحصول على هواء ، جلس فى مقعد ، ودخل القرصان خلفه من اليمين ثم اتكأ على مقبض الباب :
- نحن حقاً متعبين ، هل يمكن أن ننهى القتال ؟
قلت :
- أعتقد.
مجرد أن أسترد القرصان أنفاسه قفز على المغربى ودفع سيفه فى أحشائه ،التصق المغربى بالمقعد ، نظر أسفل إلى السيف وأعلى إلى القرصان ، ثم بعد ذلك إلى فيدا التى كانت تنام عارية فى السرير ظهرها مقوس وضلوعها ظاهرة ، بينما كانت تمسك أنفاسها وأصابعها الرقيقة مستقرة بخفة على شفتيها
- فيدا!
قال المغربى بخفوت ، ثم مات.
نزع القرصان السيف وسقط المغربي فجأة على الأرض ، اصطدمت رأسه بعنف بالخشب ، وكزه القرصان بلطف بطرف حذائه ، ونظر نحوها و ابتسامة عريضة تملأ وجهه.
نظرت فيدا إلى ، و قطبت حاجبيها فى ارتباك.
انحنى القرصان ليمسح الدم من سيفه فى ظهر قميص المغربى الميت ، كانت فيدا خارج السرير الآن ، قدماها العاريتان تصفعان بقوة الأرض الخشبية الصلبة .
يعترض جلدها على ذلك بينما كانت تسير فوق الأرض ، تسترجع السكينة نفسها التى أخذتها من قبل .
وقف القرصان ببطء وأستطاع فقط أن يقف ويراقبنا . صعدت فيدا فوق المغربى الميت ، وطعنته بالسكين فى معدته مراراً وتكرارا ، سال الدم على الأرض وغطى يديها وطرطش على معدتها العارية واصلت الطعن وسقط القرصان على ركبتيه إلى الأرض.
قالت :
- كنت أتساءل دائماً ما هو الشعور عند قتل شخص ما؟
مشت ببطء إلى الباب ، أغلقته وأحكمت القفل .
لم أقل شيئاً ، نظرت من النافذة إلى برج إيفل الذى كان مثل الشبح الأرجوانى ، و مشت فيدا إلى السرير وجهها خال من التعبير وفمها مفتوح قليلاً ، صعدت إلى السرير شبكت ساقيها وابتسمت لى من أعلى ، ثم قالت بنعومة:
- ذلك يشبه كثيراً هذا
قلت :
- يجب عليك تطهيره
- نعم
قلت :
- نعم
عند ذلك كان هناك صوت وقع خطوات للمرة الثانية فى المدخل ، سألت فيدا :
- من هوْلاء ؟
- إنهم بورخيس وهيمنجواى وملير ، فنحن جميعاً ذاهبون لتناول العشاء فى القبة.
- القبة ؟
- نعم
- ما القبة ؟
قلت :
- مكان للأكل والطعام.
- هل يمكن أن نسكر ؟
- بشدة
سألت :
- لقد سمعت عن هيمنجواى ، لكن من الاثنان الآخران ؟
قلت :
- هما كاتبان ايضا .
طرق ميلر الباب والتقط هيمنجواى ضمادة من كم سترته ، وكان بورخيس يدخن ويتطلع الى سحب الدخان وهى تتراقص صاعدة نحو السقف .وقال وهو يشير الى الدخان:
- ذلك الشىء ، بيكاسو .
سأل ميلر من خلال ثقب مفتاح الباب :
- من تلك التى معك ؟
قلت :
- فيدا.
- اوه ..ذلك الفرج ..ذلك الفرج اللذيذ . مرحى مرحى.
نظر بورخيس إلى قفا ميلر وتجهم ، أما هيمنجواى ،فكان يضحك ثم أخرج قارورة عطر وأعطاها لبورخيس . سألهما :
- من أنت ثانية ؟
نظر ميلر من ثقب المفتاح ، اختلس نظرات خاطفة من بشرة فيدا الناعم ، وهى تتحرك للخلف والأمام بينما كانت تقوم بتنظيف الدم .
سألت فيدا وهى تشير الى الرجلين الميتين الملقين على الأرض :
- ماذا عن هذين ؟
تحول الرجلان الميتان فجأة إلى طائرين أبيضين صغيرين ، وطارا نحو النافذة ، ثم طارا خارجين إلى ليل مدينة منتيفيودو المظلم .
خارج الصالة شرعواا فى التشاحن ، كانت أصواتهم منخفضة وغامضة عبر الحائط ، سألت فيدا :
- ماذا يجب أن ألبس ؟
قلت :
- فستان أسود .
- أوه .. من هؤلاء الرجال الذين فى الصالة مرة أخرى ؟
- كتاب .
- هل هم وسيمون ؟
قال هيمنجواى :
- جدا.
ضحك بورخيس فى خفوت .
همست فيدا بعد ان لبست الفستان .. ذلك الفستان السود :
- هل من الممكن أن أنام معهم ؟
قلت :
- ربما
- لكن ماذا عنك أنت ؟
- سأجد شخصا ما ، ربما أجد كيكى
- كيكى ؟
- نعم
- من هذه ؟
قلت :
- مجرد فتاة أعرفها
- جميلة ؟
- جدا!
قال ذلك صوت من خارج النافذة ، صوت امرأة ، والتى كانت تطفو فوق النسيم البارد القادم من الجبال ، اتجهت فيدا نحو النافذة ، واتكات خارج النافذة وسط الليل البارد ، نظرت الى البيوت المتقاربة والشوارع المبرقشة والثلج المتكوم أكواماً فى الأركان ،و تساءلت :
- أين نحن الآن ؟
وعندئذ توجهت نحو كيكى .
قلت :
- تريست.
- أوه !
وكان جيمس جويس جالسا فى البار بعرض الطريق ، رأسه بين يديه ، وأمامه فوق البار كتاب لم ينته بعد من قراءته ، ذهبت إلى النافذة وتحركت نحو كيكى ، ابتسمت لى وتحركت ، جذبت فستانها الى ناحية لترينى ثدييها الأيسر .
ضحكت فيدا ووضعت يدها فوق فمها ، لمعت أسنانها من بين أصابعها :
- تبدو لطيفة .
قالت فيدا ذلك ونحن نعود إلى داخل الغرفة .
من الخارج قالت كيكى :
- ولكننى لست كذلك
ومن الجهة الأخرى للباب ، قال ميلر :
- ألم نجهز للذهاب بعد ؟
قلت :
- تقريبا .
- حسنا ، دعنا نذهب ، ثمة حياة يمكن أن تعاش بعيداً عن هنا . الليل لاينتظر أحدا ، لدينا مشروبات لنشربها ونساء للجنس ، ولدينا طعام للأكل ، حلزونات و بطاطا و ليس لدينا وقت لكى نضيعه ، لا وقت للضياع هذه هى الحياة ويجب أن نعيشها الآن .
قالت كيكي :
- دعونا نذهب.
نظر جويس من فوق كتابه وابتسم
ضحك بورخيس واتكأ على الحائط ثم دعك إبهامه عبر المعدن الناعم لساعة جيبه .
- دعونا نذهب .
قالت فيدا لى ذلك وهى تسير فوق أطراف أصابعها ويداها مشبكتان أمامها .فقلت
- دعونا نذهب
اتجهنا نحو الباب . وضعت فيدا يدها على لتوقفنى قبل فتح الباب ، قبلتنى قبلة ناعمة على خدى وقالت :
- كان كل شىء على ما يرام .
- نعم ؟
قالت :
- أعتقد لم يحدث شيء حقيقى ولكنه كان جيدا.
قلت :
- حسنا .
قالت :
- الآن دعونا نذهب.
فتحنا الباب وكان الكل سعيد لرؤيتنا ، ثمة أحضان وقبلات لفيدا ومصافحات حارة لى .
نزلنا الدرج على عجل ، سلمتين سلمتين ، أعطانى هيمنجواى مشروبا من قارورته ، وفى الخلف كانت فيدا وميلر ، يلف ذراعه حولها و يتحدثان بنشاط وحيوية ، و بوريخس يبتسم وأنا أقدم له القارورة ، قابلتنا كيكي أسفل السلم ، قفزت عاليا وارتمت فى حضنى، احتفظت بها هكذا لعدة سلمات ثم قفزت نازلة . جرت لتعطى كل فتى قبلة وأعطت فيدا واحدة أيضا .
راقبنا جويس عبر النافذة ورفرف المغربى والقرصان فى السماء المليئة بالنجوم فوقنا ثم حطا على شجرة ، يغنيان بصوت عذب . سرنا عبر شوارع فيركروز نغنى أغنيات ونضحك ونفعل أفضل ما عندنا لنعيش حياتنا بقدر ما نستطيع .
المؤلف :
زاك سيمز : كاتب أمريكى يعيش فى ولاية مسيورى ، حيث يعمل موظفاً بشكل مؤقت .ينشر قصصه فى العديد من المجلات الرقمية المعروفة .
أدارت فيدا رأسها لكى تواجهنى ، خدها فوق الوسادة وخصلات شعرها تحيط بوجهها وتسقط علي الوسادة ، ذراعاها تمتدان فى تقاطع متعامدين فوق الملاءة البيضاء.
كنت أنظر عبر النافذة ، من على بعد تبدو الأضواء مكفهرة والشوارع مبتلة ، أعتقد أن السماء قد أمطرت ثلجاً خفيفاً، فى المبنى المقابل كان ثمة قليل من النوافذ المضاءة ، نظرت عبر واحدة منها لأرى اذا ما كنت أستطيع أن أرى تساقط ندفات الثلج ، فلم أستطع أن أتأكد من ذلك .
قالت فيدا :
- مرحباً .
استدرت لكى أنظر إليها ، صنع جلدى صوت احتكاك فوق الملاءة :
- ماذا ؟
- هل ثمة شئ يحدث هنا ؟
- معذرة
- استمر فى ذلك ، اجعل شيئاً ما يحدث ، لا أحد يريد أن يقرأ فقط عن النظر عبر النافذة ، اجعل شيئاً ما يحدث.
- مثل ماذا ؟
- لا أعرف ! شىء ما.
عقدت فيدا حاجبيها وحركت أنفها ثم حكت أعلاه بإبهامها .
رأس فيدا يشبه فى شكله اللفتة، قالت :
- لا
- أنا فقط كنت أمزح .
- إنها ليست كذلك
قالت فيدا ذلك وجلست قليلاً ، تطلعت إلى صدرها ، لونه البنى أخف قليلاً من بقية جسدها .
- مهلا!
جذبت الملاءة كى تغطى صدرها ( بشكل تراجيدى ) وضعت يديها فوق رأسها وتحسسته وقالت :
- إنها لا تشبه – حقاً – اللفتة ، أليس كذلك ؟
- لا .... فقط ، أنا كنت أمزح
- حسنا توقف . أجعل شيئاً ما يحدث . شيئاً ما مثيراً
- مثل ماذا ؟
- لا أعرف . أنت الكاتب.
بينما كانت تقول ذلك سحبت سكينا من بين المرتبة وسست السرير ، اهتزت السكين في يدي وأنا أمسك بها أمام وجهها ، قالت : .
- ذلك فوق الاحتمال .
شبكت يديها بقوة ، فسقطت الملاءة بعيداً عن صدرها ، نظرت إليها ، فحاولت أن تغطيه بذراعيها ، ولكن اللحم الجميل نط من الجوانب ، و لم تكن تعرف أنها بهذه الطريقة صارت أكثر إثارة من تغطيتهما هكذا . شدت الملاءة إلى أعلى و قالت :
- توقف عند الصدر
- لكنك قلت أنت تريد أن يكونا أكثر إثارة.
- أعرف ... لكن...
قلت
- أنزلى الملاءة وإلا شرحت وجهك .
- توقف عن هذا .
قالت ذلك وأخذت السكينة من يدي وقذفت بها عبر فضاء الغرفة الوسيع ، فانزلقت ودارت عبر الأرض الخشبية .
نزلت عينا فيدا عن صدري ثم ارتفعت مرة ثانية إلى وجهى ، سحبت الملاءة الى الوراء ، ثم نظرت نحوى و تساءلت:
- ما هذا ؟
كانت تود أن تكون فى فمها ... سيئة جداً .
صرخت:
- انتظر دقيقة
كانت تضحك ، أضافت :
- لا.. لا.. لا تكن سخيفاً .. أنت رجل صغير قذر .. من الموْكد أنك مجنون...
اعترضت لكننى مازلت أستطيع القول أنها تريد أن ......
- ها
صرخت قافزة فوق السرير وقد احمر وجها من الضحك .
التفت إلى الوراء لكى أنظر عبر النافذة من جديد ، منصتاً الى ضحكها ، فى الخارج كانت الشمس مشرقة بإبداع على البنايات البيضاء ، وقد استطعت أن أرى فضة المحيط من على بعد.
قالت
- الشمس ... أعتقد أنك كنت تقول أنها ترمى بالثلج .
- أيا منها ؟
- أين نحن ؟
- فى برشلونة
قالت فيدا
- نعم ؟ أنا لم أكن أبداً فى برشلونة.
سمعنا وقع خطوات قوية فى المدخل.
همست لفيدا :
- هل سمعت ذلك ؟
رفعت الملاءة إلى أعلى ذقنها ونظرت بعينيها الكبيرتين نحو الباب وقالت : .
- نعم .... إنها أصوات مثل وقع خطوات خفيفة في المدخل .
- ربما كان المغربي
- المغربي ؟
- نعم المغربى المسلم .
قالت :
- كيف له أن يرانا ؟
- لا أعرف .
- ما الذي يريده؟
قلت :
- يقتلني ويأخذك لنفسه.
قالت فيدا والإثارة تملا عينيها:
- حقا ؟
- انتظري لحظة.
قلت ذلك وأنا أرفع صوتي لكى يستطيع أن يسمعني عبر الحائط
قالت :
- ماذا ؟
أصدر المغربي نفساً طويلاً وجلس بتثاقل عبر الجانب الآخر من الحائط ، قدماه باردتان فوق السجادة وأصابع قدميه تلمس حافة سيفه.
قلت :
- ليس من المفترض أن تكوني مثارة بسبب ذلك ، يفترض أن تكوني مرعوبة ، يفترض أن تكوني قلقة على سلامتي.
- لكن المغربى ! كم هو مثير المغربي ! هل يريد أن يأخذنى بعيداً إلى ..حريمه؟ مهما كان هو يملكهم ... قل لى : هل هذا المغربى وسيم ؟
- جدا .
هكذا قال المغربى عبر الحائط . فقلت أنا :
- اسكت، عليك اللعنة ، يفترض أن أكون فى الجحيم لكى أكتب أى شيء عن ...
قالت :
- حاول ثانية لا أريدك أن تضيع الوقت .
قلت :
- حسناً
بللت فيدا شفتيها و نظرت إلى أسفل بشوق نحوى ... قالت :
- لا.
- حسنا .ً
بينما المغربى فى الخارج يفكر مرتين فى خطة للهجوم ،متذكراً المومس الصغيرة فى المغرب،قال عبر المدخل:
- اعذرنى.
- ماذا ؟
- أفضل أن آخذ فيدا ، إنها مليحة جدا .ً
- لا تستطيع أن تأخذها .
- ربما أستطيع أن أدخل وأطعنك ثم أخذها معى ...كما أننى أمتلك يختا .ً
قالت فيدا :
- أوه ! يخت؟
قلت :
- لا .
فقالت فيدا والمغربى معاً:
- لا؟
- لا
سأل المغربى:
- أستطيع فقط أن أجرحك فى لطف ؟
قالت فيدا
- نعم . مجرد جرح بسيط فى اللحم ؟
قلت:
- لا .
فجأة دخل نمر قافزاً من المدخل ، ثم ارتفع فى الهواء ، تستطيع أن ترى فى عينيه السوداوين انعكاس رعب المغربى ، بينما كان يطير نحوه.
قال المغربى :
- انتظر
قلت :
- متأخر جداً
- لا انتظار. دعنى على الأقل أبارزك أو شيء من هذا القبيل . أنا لا أريد أن أسرق فتاتك . أنا فقط كنت أمزح معك ، فقط دعنى أدخل معركة مبارزة بالسيف ...وذلك .. إنه كل ما أريد .
قلت :
- لا بأس
توقف النمر وسط الهواء ثم تهشم الى مليون قطعة صغيرة على الأرض
قال المغربى :
- بارع
قلت :
- اسكت
عند ذلك كان القرصان يصعد فوق الدرج
قالت فيدا :
- أحب القراصنة
قلت :
- أششششششششش
صعد القرصان فوق الدرجات ، ونظر الى المغربى الذى كان يمسك بالسيف فى مواجهته ، قال القرصان :
- أنت!
ضحك المغربى ، فقال القرصان :
- سوف تدفع ثمن ما فعلته مع أختى ؟؟؟؟
- أحببتها ؟
ثم أضاف على الفور :
- أنا دائما سوف ......
- لا أخت لى مع المغربى مطلقا
لم يتحدث المغربى وبدلا من ذلك هاجم ، تضاربت السيوف معا ، تطايرت الشرارات ، وتواصل القتال بعنف أعلى وأسفل المدخل
رقدت على ظهرى ،ونظرت الى السقف ، وضعت فيدا يدها على صدرى برفق وقالت :
- وماذا الآن ؟
- لا أعرف .. أنا مرهق.
- لكنها مجرد بداية.
- أعرف ، لكن..
قالت :
- انظر عبر النافذة مرة أخرى
نظرت عبر النافذة ، السماء صافية ومشرقة بضوء القمر ،الميدان الأحمر ملىء بالدبابات والجنود والجماهير والغناء ، دفء أنفاسهم كون سحبا أعلى رؤوسهم.
قالت :
- موسكو.
اهتزت الحجرة كلها عندما احتكت الطائرة المقاتلة بقمم البنايات
سألتنى فيدا :
- ما لذى يجرى فى الخارج ؟
شبكت يديها معا ، ووضعتهما فوق معدتى ، ثم أراحت ذقنها على يديها ، أما رأسها فكان يتحرك إلى إعلى وإللى أسفل مع تردد أنفاسى ، بيمنا أطراف شعرها قد تدلت مدغدغة جسدى ، قلت :
- عملية تنصيب.
- إنهم هناك فى موسكو.
- نعم.
- من الذى ينصبونه؟
- أنا.
- أنت ؟
نظرت فيدا نحوى وعيناها البنيتان قد تحول لونهما ببطء الى اللون الأخضر ، ثم إلى الزرق ثم إلى الرمادى ثم إلى الكهرمانى ثم الى البنى من جديد .
قلت :
- بالطبع .
- كيف ؟
- لقد أسقطت الحكومة ، مثل تروتسكى
- تروتسكى ؟
- نعم سأكون رئيسا لروسيا فى غضون .......
نظرت إلى ساعتى الرولكس التى ظهرت فجأة فى معصمى وأضفت :
- فى غضون خمس وأربعين دقيقة ، مع دقة منتصف الليل.
قالت فيدا :
- لا يمكنك أن تكون رئيسا لروسيا.
- يمكن جدا
- أنت لست موجودا حتى روسيا
- لا ، لكن والدى كانا روسيين ، لقد تركا البلد فى بداية الخمسينات ، عندما كنت فى رحم امى ، راكبين فى سيارة نصف نقل من مينسك الى وارسو ، خلال العاصفة الثلجية.
قالت فيدا :
- لقد ولد أبوك فى سنترفيل ، أيوا ، هو قال لى ذلك .
قلت :
- ذلك ما يقوله إنه لا يريد أن يفعل شوشرة ، بعض الناس ربما ما زالوا يبحثون عنه .
- ولكن عمرك فقط سنة ، أنت تقول أن ذلك كان فى الخمسينات وكنت فى رحم أمك
قلت وأنا أضع إصبعى على شفتيها:
- أشششش
عند ذلك كان هناك طرق على الباب ، قلت :
- من هناك ؟
- هل يمكن أن أرحل ؟
قال المغربي وهو يخطو داخل الباب ، يقطر بالعرق ويحاول الحصول على هواء ، جلس فى مقعد ، ودخل القرصان خلفه من اليمين ثم اتكأ على مقبض الباب :
- نحن حقاً متعبين ، هل يمكن أن ننهى القتال ؟
قلت :
- أعتقد.
مجرد أن أسترد القرصان أنفاسه قفز على المغربى ودفع سيفه فى أحشائه ،التصق المغربى بالمقعد ، نظر أسفل إلى السيف وأعلى إلى القرصان ، ثم بعد ذلك إلى فيدا التى كانت تنام عارية فى السرير ظهرها مقوس وضلوعها ظاهرة ، بينما كانت تمسك أنفاسها وأصابعها الرقيقة مستقرة بخفة على شفتيها
- فيدا!
قال المغربى بخفوت ، ثم مات.
نزع القرصان السيف وسقط المغربي فجأة على الأرض ، اصطدمت رأسه بعنف بالخشب ، وكزه القرصان بلطف بطرف حذائه ، ونظر نحوها و ابتسامة عريضة تملأ وجهه.
نظرت فيدا إلى ، و قطبت حاجبيها فى ارتباك.
انحنى القرصان ليمسح الدم من سيفه فى ظهر قميص المغربى الميت ، كانت فيدا خارج السرير الآن ، قدماها العاريتان تصفعان بقوة الأرض الخشبية الصلبة .
يعترض جلدها على ذلك بينما كانت تسير فوق الأرض ، تسترجع السكينة نفسها التى أخذتها من قبل .
وقف القرصان ببطء وأستطاع فقط أن يقف ويراقبنا . صعدت فيدا فوق المغربى الميت ، وطعنته بالسكين فى معدته مراراً وتكرارا ، سال الدم على الأرض وغطى يديها وطرطش على معدتها العارية واصلت الطعن وسقط القرصان على ركبتيه إلى الأرض.
قالت :
- كنت أتساءل دائماً ما هو الشعور عند قتل شخص ما؟
مشت ببطء إلى الباب ، أغلقته وأحكمت القفل .
لم أقل شيئاً ، نظرت من النافذة إلى برج إيفل الذى كان مثل الشبح الأرجوانى ، و مشت فيدا إلى السرير وجهها خال من التعبير وفمها مفتوح قليلاً ، صعدت إلى السرير شبكت ساقيها وابتسمت لى من أعلى ، ثم قالت بنعومة:
- ذلك يشبه كثيراً هذا
قلت :
- يجب عليك تطهيره
- نعم
قلت :
- نعم
عند ذلك كان هناك صوت وقع خطوات للمرة الثانية فى المدخل ، سألت فيدا :
- من هوْلاء ؟
- إنهم بورخيس وهيمنجواى وملير ، فنحن جميعاً ذاهبون لتناول العشاء فى القبة.
- القبة ؟
- نعم
- ما القبة ؟
قلت :
- مكان للأكل والطعام.
- هل يمكن أن نسكر ؟
- بشدة
سألت :
- لقد سمعت عن هيمنجواى ، لكن من الاثنان الآخران ؟
قلت :
- هما كاتبان ايضا .
طرق ميلر الباب والتقط هيمنجواى ضمادة من كم سترته ، وكان بورخيس يدخن ويتطلع الى سحب الدخان وهى تتراقص صاعدة نحو السقف .وقال وهو يشير الى الدخان:
- ذلك الشىء ، بيكاسو .
سأل ميلر من خلال ثقب مفتاح الباب :
- من تلك التى معك ؟
قلت :
- فيدا.
- اوه ..ذلك الفرج ..ذلك الفرج اللذيذ . مرحى مرحى.
نظر بورخيس إلى قفا ميلر وتجهم ، أما هيمنجواى ،فكان يضحك ثم أخرج قارورة عطر وأعطاها لبورخيس . سألهما :
- من أنت ثانية ؟
نظر ميلر من ثقب المفتاح ، اختلس نظرات خاطفة من بشرة فيدا الناعم ، وهى تتحرك للخلف والأمام بينما كانت تقوم بتنظيف الدم .
سألت فيدا وهى تشير الى الرجلين الميتين الملقين على الأرض :
- ماذا عن هذين ؟
تحول الرجلان الميتان فجأة إلى طائرين أبيضين صغيرين ، وطارا نحو النافذة ، ثم طارا خارجين إلى ليل مدينة منتيفيودو المظلم .
خارج الصالة شرعواا فى التشاحن ، كانت أصواتهم منخفضة وغامضة عبر الحائط ، سألت فيدا :
- ماذا يجب أن ألبس ؟
قلت :
- فستان أسود .
- أوه .. من هؤلاء الرجال الذين فى الصالة مرة أخرى ؟
- كتاب .
- هل هم وسيمون ؟
قال هيمنجواى :
- جدا.
ضحك بورخيس فى خفوت .
همست فيدا بعد ان لبست الفستان .. ذلك الفستان السود :
- هل من الممكن أن أنام معهم ؟
قلت :
- ربما
- لكن ماذا عنك أنت ؟
- سأجد شخصا ما ، ربما أجد كيكى
- كيكى ؟
- نعم
- من هذه ؟
قلت :
- مجرد فتاة أعرفها
- جميلة ؟
- جدا!
قال ذلك صوت من خارج النافذة ، صوت امرأة ، والتى كانت تطفو فوق النسيم البارد القادم من الجبال ، اتجهت فيدا نحو النافذة ، واتكات خارج النافذة وسط الليل البارد ، نظرت الى البيوت المتقاربة والشوارع المبرقشة والثلج المتكوم أكواماً فى الأركان ،و تساءلت :
- أين نحن الآن ؟
وعندئذ توجهت نحو كيكى .
قلت :
- تريست.
- أوه !
وكان جيمس جويس جالسا فى البار بعرض الطريق ، رأسه بين يديه ، وأمامه فوق البار كتاب لم ينته بعد من قراءته ، ذهبت إلى النافذة وتحركت نحو كيكى ، ابتسمت لى وتحركت ، جذبت فستانها الى ناحية لترينى ثدييها الأيسر .
ضحكت فيدا ووضعت يدها فوق فمها ، لمعت أسنانها من بين أصابعها :
- تبدو لطيفة .
قالت فيدا ذلك ونحن نعود إلى داخل الغرفة .
من الخارج قالت كيكى :
- ولكننى لست كذلك
ومن الجهة الأخرى للباب ، قال ميلر :
- ألم نجهز للذهاب بعد ؟
قلت :
- تقريبا .
- حسنا ، دعنا نذهب ، ثمة حياة يمكن أن تعاش بعيداً عن هنا . الليل لاينتظر أحدا ، لدينا مشروبات لنشربها ونساء للجنس ، ولدينا طعام للأكل ، حلزونات و بطاطا و ليس لدينا وقت لكى نضيعه ، لا وقت للضياع هذه هى الحياة ويجب أن نعيشها الآن .
قالت كيكي :
- دعونا نذهب.
نظر جويس من فوق كتابه وابتسم
ضحك بورخيس واتكأ على الحائط ثم دعك إبهامه عبر المعدن الناعم لساعة جيبه .
- دعونا نذهب .
قالت فيدا لى ذلك وهى تسير فوق أطراف أصابعها ويداها مشبكتان أمامها .فقلت
- دعونا نذهب
اتجهنا نحو الباب . وضعت فيدا يدها على لتوقفنى قبل فتح الباب ، قبلتنى قبلة ناعمة على خدى وقالت :
- كان كل شىء على ما يرام .
- نعم ؟
قالت :
- أعتقد لم يحدث شيء حقيقى ولكنه كان جيدا.
قلت :
- حسنا .
قالت :
- الآن دعونا نذهب.
فتحنا الباب وكان الكل سعيد لرؤيتنا ، ثمة أحضان وقبلات لفيدا ومصافحات حارة لى .
نزلنا الدرج على عجل ، سلمتين سلمتين ، أعطانى هيمنجواى مشروبا من قارورته ، وفى الخلف كانت فيدا وميلر ، يلف ذراعه حولها و يتحدثان بنشاط وحيوية ، و بوريخس يبتسم وأنا أقدم له القارورة ، قابلتنا كيكي أسفل السلم ، قفزت عاليا وارتمت فى حضنى، احتفظت بها هكذا لعدة سلمات ثم قفزت نازلة . جرت لتعطى كل فتى قبلة وأعطت فيدا واحدة أيضا .
راقبنا جويس عبر النافذة ورفرف المغربى والقرصان فى السماء المليئة بالنجوم فوقنا ثم حطا على شجرة ، يغنيان بصوت عذب . سرنا عبر شوارع فيركروز نغنى أغنيات ونضحك ونفعل أفضل ما عندنا لنعيش حياتنا بقدر ما نستطيع .
المؤلف :
زاك سيمز : كاتب أمريكى يعيش فى ولاية مسيورى ، حيث يعمل موظفاً بشكل مؤقت .ينشر قصصه فى العديد من المجلات الرقمية المعروفة .