نقوس المهدي
كاتب
تحت شجرة بلوط، يرقد. مانويل، مانويلي المسكين. لم يتعلّم شيئاً في حياته، وأنا أحببتُه. النحلُ يئّزُ حول فمهِ المفتوح، هكذا أخبروني. ماذا أرادوا مني، أصرخة من أجل العدالة؟ لا، لأنني تعلّمت كما ترى.
السماء الصفراء تساقط أوراق شجرها على الأرض. راقدة أنا بجانب التل ثملة مثل متسوّلة، بجوار نفسي. كلّنا من الأرض، ولكي نكون شيئاً علينا أن نقفز قفزة بسيطة. الظهيرة طويلة، وتتقلّب. لم يختزلني شيء إلى أسمال بالية. وحيدة مع الطيور والأفاعي.
أقول لك إنني أتكلّم بأسرع ما أستطيع. ما الذي يمكن أن تعلمني إياه الآن؟ رأيتُ مسبقاً يديه تتشبثان. هل ستملأ فمي دماً؟ الصخور كلّها تحتفظ بطعم الجسد. أخبرَهم، ولم يتعلّموا في كلا الحالين؛ حين أدخلوا الفأسَ في رأسه، وحين أدخلتُ جسده في الأرض مع صدى صوته: هذه هي أرضي.
النسيمُ يغني أغنيات بذيئة لجثة زوجي. الهوام والفراشات تسخر من أوراق الشجر. أنا أطلقتُ الرصاص على الحصان الذي أعطوه إياه من بندقية والده لأنني لم أكن أعرف آنذاك أنني لم أكن بحاجة لفعل هذا. العشب الطويل يعرف لغة الأشياء القتيلة. المرأة العجوز تراقب ساقيها المتدليتين في الماء.
إن أردتَ معرفة أي شيء فأنت بحاجة إلى الحفر في الأرض. هذيان، ومن سينكر عليّ هذا. صرتُ ماءً. ذهبَ إليهم وأطلعهم على ورقة، فتحوّلوا إلى رجال من ورق، وكان يكتب عليهم ولكنهم لم يقولوا شيئاً. أكاليل القتلى؛ يبدو أنني لا أستطيع تذكر أغنية واحدة لأغنيها الآن.
طعم الحبل المجدول مرٌّ (هو هنا على الأغلب) ولساني ينقلب. البيت بعيدٌ في مكان ما، وجميع أبوابه ونوافذه مفتوحة. البعوض ساكنٌ فوق الشراشف المعلقة خارج البيت ولا شيء سيجفّ لأن لا شيء في نومي يمكنني إعطاؤه لأي كان. العشب الطويل، وقد تعلّم أن لا ينام بل أن يتكلم فوق فوق سطوح البيوت، يمّحي مع كلامي وأنا أتحدث.
عالياً فوق الأشجار، في هذا التل اكتسوا بروث الأبقار وثقوب حوافرها تلك التي شقّقتْ زوج امرأة لم تعرف أنه لم يكن سوى دمية من خزف. أطلبُ أن تعلّمهم ببطء حين يأتي وقتهم ليتعلّموا، وأن يتذكروا هذا ربما دائماً، وأن يتعلّموه. ليست يدي، منذ تعلّمتُ، وبندقية والده في قاع جدولٍ تحت الرمل والرقائق التي هي ذهبٌ راقد. لستُ بضخامة شجرة، لا ولا عديمة الرحمة مثل رجل. أنا أتحدثُ حين يكون عليّ أن أغني صمت الذاكرة.
صمتُ كلماتي الثرثارة عزلني. ربما يمنحك هذا فكرة من نوع ما، غبية وصاخبة، ولا ترجى منها فائدة للأرض، ينقلها الطائر الواحد. خرزة الأسى أجتثت مني، رفعت وتخللت أغصان الشجرة الوارفة. إنها تتلبث هناك مثل نداوة في الصباح فوق جسد هو كلّه جسد خنزير بصوته الشبيه برنين ذهب، يبذله على نفسه خلال أنفه حيث تتدلى.
ضوء ذهب على ماء، ورقة ذهب على ماء، أحذية ذهب تصدر صوتاً غبياً تجاه بعضها بعضاً في الرمل في قاع المرارة.
إنها تمطرُ العواءَ المُحَالَ في دوامةٍ من دون اتجاهٍ أراها في الأزرق الغامض الذي سرعان ما يتلطخ على امتداد الحواشي. أنا في الداخل وهو في داخلي. استغرقتُ وقتاً طويلاً ليتم تعليمي بلا رحمة، ولكنني في الداخل، وحتى أنت يجب أن تأتي إليّ ذات يوم.
أنا متعبة لأنني كنتُ أجمع كل أوراق الشجر، والهوام هائجة، وليلٌ، ليلٌ مستأجرٌ، سيسحقني، ويجعل مني وجبة طعام ناعمة متناثرة في الماء لتعكس ضوء النجوم العمياء.
ولكن رجاءً لا تمنحني وجهاً غبياً مثل هذا. أنت تعرف تماماً لماذا أتحدث إليك. لقد انتهيتُ وقطعتُ الغصن المتصل بالسنة المصفرّة. مسحوقة تحت حوافر ذهب. ولكنني ممسكة بهذا العالم المفقود، وأنت لن يكون لك نصيب فيه. أنت مجرّد رسول لي. إنها تتموّج في داخلي وتغنّي. نيرانك كلّها تبددت على السرب الذي يدبّ فوقك. عالمي سيحترق بنار أقدم. سيكون لرماده أجنحة ليرتفع ويذهب. إذاً، مغادرتك لا تعني شيئاً. تذكّرْ. أنا أرسلتك يا إلهاً ميتاً إلى العالم، لتمهّد الطريق أمام طفلي القشّ الصغير.
* Mario Ángel Quintero
كاتب قصة قصيرة وشاعر كولومبي من مواليد كاليفورنيا عام 1964 حيث نشأ وكتب بالإنكليزية باسم George Angel قبل أن يعود للاستقرار في كولومبيا.
* عن العربي الجديد
السماء الصفراء تساقط أوراق شجرها على الأرض. راقدة أنا بجانب التل ثملة مثل متسوّلة، بجوار نفسي. كلّنا من الأرض، ولكي نكون شيئاً علينا أن نقفز قفزة بسيطة. الظهيرة طويلة، وتتقلّب. لم يختزلني شيء إلى أسمال بالية. وحيدة مع الطيور والأفاعي.
أقول لك إنني أتكلّم بأسرع ما أستطيع. ما الذي يمكن أن تعلمني إياه الآن؟ رأيتُ مسبقاً يديه تتشبثان. هل ستملأ فمي دماً؟ الصخور كلّها تحتفظ بطعم الجسد. أخبرَهم، ولم يتعلّموا في كلا الحالين؛ حين أدخلوا الفأسَ في رأسه، وحين أدخلتُ جسده في الأرض مع صدى صوته: هذه هي أرضي.
النسيمُ يغني أغنيات بذيئة لجثة زوجي. الهوام والفراشات تسخر من أوراق الشجر. أنا أطلقتُ الرصاص على الحصان الذي أعطوه إياه من بندقية والده لأنني لم أكن أعرف آنذاك أنني لم أكن بحاجة لفعل هذا. العشب الطويل يعرف لغة الأشياء القتيلة. المرأة العجوز تراقب ساقيها المتدليتين في الماء.
إن أردتَ معرفة أي شيء فأنت بحاجة إلى الحفر في الأرض. هذيان، ومن سينكر عليّ هذا. صرتُ ماءً. ذهبَ إليهم وأطلعهم على ورقة، فتحوّلوا إلى رجال من ورق، وكان يكتب عليهم ولكنهم لم يقولوا شيئاً. أكاليل القتلى؛ يبدو أنني لا أستطيع تذكر أغنية واحدة لأغنيها الآن.
طعم الحبل المجدول مرٌّ (هو هنا على الأغلب) ولساني ينقلب. البيت بعيدٌ في مكان ما، وجميع أبوابه ونوافذه مفتوحة. البعوض ساكنٌ فوق الشراشف المعلقة خارج البيت ولا شيء سيجفّ لأن لا شيء في نومي يمكنني إعطاؤه لأي كان. العشب الطويل، وقد تعلّم أن لا ينام بل أن يتكلم فوق فوق سطوح البيوت، يمّحي مع كلامي وأنا أتحدث.
عالياً فوق الأشجار، في هذا التل اكتسوا بروث الأبقار وثقوب حوافرها تلك التي شقّقتْ زوج امرأة لم تعرف أنه لم يكن سوى دمية من خزف. أطلبُ أن تعلّمهم ببطء حين يأتي وقتهم ليتعلّموا، وأن يتذكروا هذا ربما دائماً، وأن يتعلّموه. ليست يدي، منذ تعلّمتُ، وبندقية والده في قاع جدولٍ تحت الرمل والرقائق التي هي ذهبٌ راقد. لستُ بضخامة شجرة، لا ولا عديمة الرحمة مثل رجل. أنا أتحدثُ حين يكون عليّ أن أغني صمت الذاكرة.
صمتُ كلماتي الثرثارة عزلني. ربما يمنحك هذا فكرة من نوع ما، غبية وصاخبة، ولا ترجى منها فائدة للأرض، ينقلها الطائر الواحد. خرزة الأسى أجتثت مني، رفعت وتخللت أغصان الشجرة الوارفة. إنها تتلبث هناك مثل نداوة في الصباح فوق جسد هو كلّه جسد خنزير بصوته الشبيه برنين ذهب، يبذله على نفسه خلال أنفه حيث تتدلى.
ضوء ذهب على ماء، ورقة ذهب على ماء، أحذية ذهب تصدر صوتاً غبياً تجاه بعضها بعضاً في الرمل في قاع المرارة.
إنها تمطرُ العواءَ المُحَالَ في دوامةٍ من دون اتجاهٍ أراها في الأزرق الغامض الذي سرعان ما يتلطخ على امتداد الحواشي. أنا في الداخل وهو في داخلي. استغرقتُ وقتاً طويلاً ليتم تعليمي بلا رحمة، ولكنني في الداخل، وحتى أنت يجب أن تأتي إليّ ذات يوم.
أنا متعبة لأنني كنتُ أجمع كل أوراق الشجر، والهوام هائجة، وليلٌ، ليلٌ مستأجرٌ، سيسحقني، ويجعل مني وجبة طعام ناعمة متناثرة في الماء لتعكس ضوء النجوم العمياء.
ولكن رجاءً لا تمنحني وجهاً غبياً مثل هذا. أنت تعرف تماماً لماذا أتحدث إليك. لقد انتهيتُ وقطعتُ الغصن المتصل بالسنة المصفرّة. مسحوقة تحت حوافر ذهب. ولكنني ممسكة بهذا العالم المفقود، وأنت لن يكون لك نصيب فيه. أنت مجرّد رسول لي. إنها تتموّج في داخلي وتغنّي. نيرانك كلّها تبددت على السرب الذي يدبّ فوقك. عالمي سيحترق بنار أقدم. سيكون لرماده أجنحة ليرتفع ويذهب. إذاً، مغادرتك لا تعني شيئاً. تذكّرْ. أنا أرسلتك يا إلهاً ميتاً إلى العالم، لتمهّد الطريق أمام طفلي القشّ الصغير.
* Mario Ángel Quintero
كاتب قصة قصيرة وشاعر كولومبي من مواليد كاليفورنيا عام 1964 حيث نشأ وكتب بالإنكليزية باسم George Angel قبل أن يعود للاستقرار في كولومبيا.
* عن العربي الجديد
التعديل الأخير بواسطة المشرف: