نقوس المهدي
كاتب
يعتبر الأدب الميدان الواسع للمعارف والاهتمامات الإنسانيّة على اختلافها، ويمكن لنا أن نلاحظ بجلاء تلك الشّموليّة الّتي يتميّز بها الأدب في مضامينه المتنوّعة في القرون الخمسة الأولى للهجرة. ويعدّ " الأدب القصصيّ " أحد أهمّ فنون الأدب العربيّ الكلاسيكيّ ،رغم الجدل الّذي احتدم بين بعض الباحثين حول مدى فنّيّة أنواع القصص والحكايات الّتي يزخر بها الأدب العربيّ القديم، ومدى توافر "السّرد" فيما يعتبر ضروبًا أدبيّة قصصيّة، كالمقامات، والحكايات، والخرافات،والأسمار، وأحاديث الأعراب، والشّعر القصصيّ، وما إلى ذلك. وتعتبر قصص كليلة ودمنة من أ ول النصوص النثرية القصصّية المدّونه لدى العرب، التي تعتمد على الخيال، والمنطويه على الحكمة في إطار من التورية والرمزية.إذ يعود ظهورها في الأدب العربي إلى القرن الثاني الهجري. ولقد أجمع الباحثون على اعتبار قصص كليلة ودمنة " خرافات". والخرافة حكاية رمزيّة ذات طابع خلقيّ وتعليميّ، تظهر فيها شخصيّات وأحداث ما هي إلاّ سواتر للشّخصيّات والأحداث الحقيقيّة المقصودة. من أجل ذلك يكون القناع الّذي تتستّر من ورائه هذه الشّخصيّات والأحداث غير سميك، حتّى لا تنطمس الغاية الرّمزيّة من القصّة. والخرافة تحكى على لسان الحيوان أو النّبات أو الجماد، ويلعب هذا " الكائن" غير الإنسانيّ دور البطولة فيها، وتعتمد على السّرد المباشر المؤدّي إلى الإقناع والتّأثير في النّفوس، بغية إيصال المغزى إلى القارىء. فالغاية التّعليميّة هي ما يطمح الرّاوي إلى تحقيقها بشكل أساسيّ. ويتّخذ الرّاوي من المغامرات العجيبة والأشياء الخياليّة موضوعًا له، دامجًا في ذلك بين خياله وإحساسه من ناحية، ومواقفه من الحياة من ناحية أخرى. ويرى البعض أنّ الخرافة " الفابولا " تشمل أنواعًا من الخرافات، منها القصّة الحيوانيّة الّتي لا مغزى لها، والقصّة الحيوانيّة ذات المغزى والموازية " للموعظة "، والقصّة الخياليّة بوجه عام ،وإن لم تحو العنصر الحيوانيّ. هذا وتتماثل " الخرافة " و" الموعظة " في الغاية التّعليميّة والتّهذيبيّة الّتي تهدف إليها كلّ منهما. ولا فرق بينهما سوى كون الخرافة أقلّ تعقيدًا وتركيبًا من الموعظة، واحتوائها على السّرد القصصيّ كأساس فنّيّ للرّواية، وإن كان هذا السّرد يختلف عنه في كلّ من أدب الرّواية والأقصوصة، من حيث أنّه يحاول التّحرّر من الواقع اعتمادًا على الخوارق والأحداث غير الواقعيّة. هذا ويمكن لنا أن نلمح " للفابولا " وجهين اثنين: الأوّل مادّيّ، يتضمّن الظّاهر من القصّة فيما يتعلّق بالأقوال والأفعال المسلّية المعزوّة إلى الحيوان، والثّاني معنويّ روحانيّ، يتجلّى في المغزى أو الموعظة الّتي يريد الرّاوي أن يلفت انتباه المرويّ له إليها. ولقد اختلفت الآراء في البيئة الّتي نشأ فيها الأدب الخرافيّ العالميّ، فرأى بعض الباحثين أنّ منشأ هذا النّوع الأدبيّ غربيّ، إذ يعزو أصوله إلى الأدب اليونانيّ، الّذي أثّر في الأدب الّلاتينيّ في هذا الجنس من الأدب، وقد تمّ التّعرّض بالدّراسة والمقارنة لأعمال أدبيّة متعدّدة، من أبرزها
1. خرافات وضعها الشّاعر" هيزيودس " في القرن الثّامن قبل الميلاد.
2. خرافات " إيسوبس " الموضوعة في القرن السّادس قبل المبلاد.
3. خرافات " باريوس " المنظومة شعرًا في القرن الأوّل الميلاديّ.
4. خرافات " فيدروس " المنظومة شعرًا أيضًا، في القرن الأوّل الميلاديّ.
5. لافونتين ( 1621-1695) الفرنسيّ، الّذي يعدّ من أكبر وأشهر واضعي الخرافات في الأدب العالميّ.
أمّا غالبيّة الباحثين، فقد ذهبوا إلى أنّ منشأ هذا النّوع الأدبيّ إنّما هو شرقيّ، واختُلف بينهم في تحديد الحضارة الشّرقيّة ذات السّبق في هذا المضمار. فهناك من رأى أنّ منشأ هذا الفنّ مصريّ فرعونيّ، حيث وجدت بعض هذه الحكايات على أوراق البردي، أو صوّرت على جدران المعابد والقبور. وهناك من يرى أنّ منشأ هذه الحكايات هنديّ - وهو رأي كان له حظّ وافر من الرّواج بين أوساط الباحثين - وأنّ هناك آثارًا خرافيّة هنديّة قديمة تدلّ على ذلك، ومنها:
1. كتاب "جاتاكا"، ويعدّ أقدم ما وصل من الحكايات الخرافيّة الهنديّة، يعود وضعه إلى القرن السّابع، أو التّاسع الميلاديّ. وهو يحكي تاريخ تناسخ "بوذا" في أنواع مختلفة من الحيوانات والطّيور، قبل وجوده الأخير مؤسّسًا للدّيانة البوذيّة .
2. كتاب "تانترا خياييكا"، ويعود وضعه إلى ما بين القرنين الثّاني والخامس الميلاديّين.
3. كتاب "بنج تانترا" ( أي الأسفار أو القصص الخمس)، ويعود وضعه أيضًا إلى ما بين القرنين الثّاني والخامس الميلاديّين. ويبدو أنّه كان الأصل الأوّل لكتاب "كليلة ودمنة"، إذ أنّ مبناه ومضمونه يشبهان مبنى ومضمون كتاب كليلة ودمنة إلى حدّ كبير.
4. كتاب "هتوباديسيا"، ويعود تدوينه إلى ما القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديّين، وهو أقدم كتاب هنديّ قلّد كتاب "بنج تانترا" المذكور أعلاه، إذ اقتبس منه خمسًا وعشرين قصّة .
وهناك من الباحثين من يرى أنّ أصل الخرافات فارسيّ، إلاّ أنّ أغلبيّة الشّواهد تدلّ على أنّ الفرس قد نقلوا الكتاب عن الهند، ومنها وجود كتاب "البنج تانترا" ذي الأصل الهنديّ، وفكرة تناسخ الأرواح الّتي كانت سائدة في الهند، ووفقها لا يستنكر أن يُبعث الإنسان متقمّصًا شخصيّة حيوان أو طائر ويتحدّث بلسانه. كما أنّ "أدب الحكمة" قد أثر عن الهند في غير موضع من كتب أصول الأدب. سبب وضع كتاب " كليلة ودمنة": لقد قلنا آنفًا إنّ أصل الكتاب هندي فيما يرجّح، وهو كتاب " البنجتانترا" المذكور. وقد وضع الكتاب فيلسوف هنديّ هو " بيدبا"، من أجل ملك الهند " دبشليم" ، وقد ورد ذلك في مقدّمة كتاب كليلة ودمنة، الّتي وضعها عليّ بن محمّد بن شاه الظّاهريّ، وكان رجلا أديبًا " طيّبًا غاية في الظّرف واللّطافة ". وهذه المقدّمة الطّويلة تتضمّن بعض الأساطير الّتي خلّفتها فتوحات الإسكندر المقدونيّ في بلاد الشّرق، وقد قصد مؤلّفها تبيان سبب وضع كتاب كليلة ودمنة، ويذكر أنّ " دبشليم" قد ملك الهند بعد فتح الإسكندر، وقد ظلم العباد، وكان في قصره رجل حكيم فاضل من " البراهمة " يدعى " بيدبا "، لم يرضه ما يصنع الملك مع النّاس، فنصحه، فعاقبه الملك بالسّجن، ولكنّه ما عتم أن ندم على ذلك، فأطلق سراحه واتّخذه وزيرًا له، فوضع " بيدبا " سنن العدل في البلاد، فاستقام الحكم، وأمن النّاس الظّلم. ولمّا رأى " دبشليم" حسن سياسة " بيدبا " أمره بوضع كتاب في سياسة الرّعيّة وتهذيب الأخلاق، يتضمّن ضروب الحكمة والمثل، ويجعله على لسان الحيوان، فقام " بيدبا" بوضع الكتاب مستعينًا بتلامذته، مستغرقًا في ذلك حولا كاملاً، فأراد الملك مكافأته، إلاّ أنّ " بيدبا " رفض ذلك طالبًا من الملك أن يأمر بتدوين كتابه والحرص على الحافظة عليه، فأمر الملك أن يحفظ الكتاب في خزائنه، حتّى مرّت ثمانية قرون، قبل أن يطّلع عليه الفرس. يتجلّى لنا إذن أنّ الغايتين من دعوة " دبشليم" " بيدبا" إلى وضع الكتاب هما :
1. تربية العامّة على طاعة الملك.
2. بيان حسن سياسة الملك للرّعيّة.
أمّا عن كيفيّة وصول الكتاب إلى الفرس، فإنّ " ابن المقفّع" يحدّثنا في مقدّمة " كليلة ودمنة" أنّ " كسرى أنوشروان" كان محبًّا للعلم والأدب، وحدث أن سمع بأمر كتاب الهند في الحكمة، فأنفذ " برزويه" رأس أطبّاء فارس إلى الهند لاستنساخ الكتاب، فقضى " برزويه" سنتين متواليتين في تلك البلاد يبحث عن الكتاب متلطّفًا باذلاً لحكماء الهند حتّى وجد ضالّته المنشودة في خزانة الملك، وذلك بمساعدة خازنه، فنقله متحايلاً، ثمّ عاد به إلى كسرى، فأعجب به إعجابًا شديدًا، وأمر بإقامة حفل دعا إليه خواصّ حاشيته وأشراف مملكته، وأجلس " برزويه" على سريره، وأمر أن تفتح له خزائن الياقوت والمرجان يأخذ منها ما شاء، ولكنّ " برزويه" يأبى أن يأخذ مكافأة ماليّة، ويرجو أن تكون مكافأته أن يكتب وزيره الفيلسوف " بزرجمهر" ترجمة لحياته يجعلها بابًا من أبواب الكتاب تخليدًا لذكراه. ولا يخفى على القارىء هذا التّشابه بين رفض كلّ من " بيدبا " الهنديّ و" برزويه " الفارسيّ للمكافأة المادّيّة، وهذا يقودنا إلى استنتاجين:
1. أنّ "بهنوذ بن سحوان" واضع المقدّمة الأولى للكتاب قد اقتبس من ابن المقفّع هذه الفقرة عن مكافأة " برزويه".
2. أنّ الحكمة والمعرفة هي خير من المادّة والمال، ويظهر ذلك من خلال تأكيد الحكيم على هذه الفكرة، سواء أكان الحكيم هو " بيدبا" أم "برزويه" أم " ابن المقفّع".
ولكن يذكر الباحثون أنّ هناك رواية أخرى لقصّة نقل الكتاب إلى الفارسيّة، مستندين إلى رواية الفردوسيّ في كتابه " الشّاهنامه"، مفادها أنّ "برزويه" كان طبيبًا كثير الاطّلاع على كتب الطّبّ، فقرأ أنّ بالهند جبلاً ينمو عليه عشب يحيي الموتى، فسارع إلى " كسرى أنوشروان " يبلغه بالأمر، فأنفذه إلى الهند، وهناك يعلمه ملوكها أنّ المعنى هو مجازيّ، إذ المقصود أنّ إحياء الموتى إنّما يتمّ عن طريق قراءة وتدبّر كليلة ودمنة، ويسمح له الملوك بالاطّلاع على الكتاب ونسخه. وقد نتساءل: لماذا لجأ " بيدبا" ( سواء كان وجوده حقيقيًّا أم لا) إلى استخدام الرّمز على ألسنة الحيوان في تأليفه " كليلة ودمنة"؟ والإجابة عن هذا التّساؤل تدور حول عدد من الافتراضات، من أهمّها:
1. انعدام الحرّيّة والشّعور بالأمان لدى المؤلّف. والظّاهرة معروفة، إذ لا يجرؤ المؤلّف على التّعبير عن نفسه بصراحة إذا ما خاف من جور السّلطان، فيلجأ إلى الكناية والرّمز.
2. ترغيبًا للعامّة في قراءة الكتاب وفهم معانيه، إذ يغلب على العامّة طابع السّذاجة والبعد عن الحكمة والرّويّة. وهم غالبًا ما ينفرون من قراءة الكتب الجادّة.
3. إظهار خيالات الحيوانات بصنوف الأصباغ والألوان ، ليكون أنسًا لقلوب الملوك، ويكون حرصهم عليه أشدّ للنّزهة في تلك الصّور.
4. رغبةً في إحياء التّراث الفارسيّ، إذ من المعلوم أنّ " ابن المقفّع" كان يعدّ من الشّعوبيّين الّذين تباهوا بحضارة آبائهم وأجدادهم، ولعلّه ذهب إلى نشر وتمجيد حكايات الحيوان كجزء من حضارة الفرس القائمة على فنون القصّ والخيال.
5. رغبةً في الوصول بالمتعلّم إلى جادّة الصّواب والحكمة، فلا بدّ من أجل ذلك من تبسيط الأسلوب أمام المتعلّم، وجعله قريبًا من نفسه. فطريقة التّعليم تقوم في العادة على أساس الشّرح والتّوضيح التّفصيليّين للأشياء، وقد يكون من المناسب استخدام التّورية والرّمز والتّمثيل.
ويقودنا الحديث إلى التّساؤل الجديد: لمن وضع الكتاب بالتّحديد؟ هل وضع للعامّة من النّاس أم للخاصّة؟ ونجد الإجابة في باب عرض الكتاب، ويذكر فيه " ابن المقفّع" أنّ العلم في حدّ ذاته غاية يجب أن يصل إليها الإنسان، وهنا يمكن أن نفهم أنّ الإنسان المقصود هو أيّ إنسان، من العامّة كان أم من الخاصّة، ولكنّه يذكر بعد ذلك، أنّ العلم وحده لا ينفع الإنسان، فلا بدّ له من العمل بما يعلم، وهنا يعترف " ابن المقفّع " بأنّ القلّة من النّاس " العالمين" تعمل بما تعلم، وهذه الفئة القليلة هي الفئة النّيّرة الّتي تحظى بالسّعادة حتمًا. ويمكن لنا أن نستشفّ نظرة " ابن المقفّع" إلى القارىء - قارىء كليلة ودمنة-، فهو يصنّف القرّاء إلى ثلاثة مستويات :
" القارىء " البدائيّ" الّذي يتوقف عند السّرد – أسلوب الهزل والّلهو-، أي عند الأحداث السّرديّة في حدّ ذاتها .
والقارىء الفطن الّذي يتجاوز مرحلة السّرد ويهتدي إلى الحكمة ويتوقّف عندها.
والقارىء العاقل الّذي يستوعب الحكمة ويخضع سلوكه لأوامرها ونواهيها.
إذن، من الواضح أنّ الكتاب إنّما أعدّ للغرض التّعليميّ التّربويّ، والتّعليم والتّربية ليسا حكرًا على طبقة دون طبقة، وإن كانت طبقة الخاصّة أسرع وصولاً إلى التّربية والثّقافة والكتاب، بحكم المكانة الاجتماعيّة والمادّيّة الّتي تتمتّع بها. أسلوب وفنّيّة كتاب " كليلة ودمنة": يمكننا تبيان مبنى كتاب كليلة ودمنة بشيء من الإيجاز - رغم أنّ هذا الجانب من النّقاش يحتاج إلى بحث مستقلّ-، فنقول إنّه يتميّز من ناحية المبنى بما يلي:
1. وجود قصّة إطار تحوي القصص الدّاخليّة جميعها، وتجمع بينها. وهذه القصّة هي قصّة " دبشليم" الملك " وبيدبا" الفيلسوف، اللّذين نصادفهما في مطلع كلّ قصّة جديدة. هذه القصّة الإطاريّة الثّابتة المستندة إلى الحوار تشكّل بمثابة نظام يجمع بين القصص المتنوّعة، ذات الشّخصيّات والأحداث المتعدّدة والمتغيّرة.
2. استخدام لفظة " زعموا" في مطلع أغلب القصص . وهذه اللّفظة من شأنها أن تدلّ على ما يلي:
أ. أنّ الرّاوي ( "بيدبا" أو "ابن المقفّع") يظهر أنّ مصدر الرّواية- وهي رواية تنطوي على الحكمة- مجهول، فهو غير مسمًّى. ويفترض أن يكون حكيمًا، ومدعاة إلى ثقة الرّاوي، لأنّه يستشهد به دائمًا .
ب. أنّ مصدر الحكمة هو جماعة من النّاس، ومن شأن الجماعة أن يكونوا أقوى تأثيرًا من الفرد في المجتمع. وبما أنّ المجتمع الّذي ينشده واضع الرّوايات هو المجتمع الفاضل المثاليّ، كان من المنطق نسبة الرّوايات إلى ضمير الجمع الغائب.
ج. ومصدر الرّواية هذا قديم، ولعلّه موغل في القدم، إذ أنّ الفعل المستخدم هو الماضي، مسندًا إلى ضمير الجمع الغائب، والحكمة الّتي يوثق بها أكثر من غيرها، هي تلك الدّارجة على الألسن، منسوبة إلى حكماء مجهولين. والسّلوك المحمود هو الّذي يكرّر النّماذج السّالفة المحمودة .
د. وهذا الجهل بالرّاوي قد يكون مقصودًا، إذ أنّ التّورية غاية في حدّ ذاتها هدف إليها واضع الكتاب، والرّاوي المجهول قناع يتستّر خلفه مؤلّف الرّواية الحقيقيّ.
هـ. ولعلّه من غير المهمّ معرفة هويّة الرّاوي، بقدر ما هي مهمّة معرفة الحكمة المرويّة وفهمها.
3. تداخل الحكايات: فكلّ حكاية رئيسيّة تحوي حكايات فرعيّة، كلّ منها قد يحوي حكاية أو أكثر متداخلة فيها. وينتج عن ذلك دخول شخصيّات جديدة إلى المتن الحكائي بلا انقطاع، ولأدنى مناسبة.
4. تناسي الكاتب للرّمز، فيسهب في الحديث عن المرموز إليهم من النّاس في الحكاية، غافلاً عن شخصيّاته الرّمزيّة الحيوانيّة أو غير الحيوانيّة.
5. بساطة الأسلوب، ووضوح الفكرة، والبعد عن التّزويق والتّرصيع المعروفين عن الكتّاب الفرس بصورة عامّة، رغم الأصل الفارسيّ " لابن المقفّع"، ولعلّ ذلك عائد إلى نشأته بين أحضان بني تميم ، القبيلة العربيّة ذات الطّبع اللّغويّ، فابتعد عن التّصنّع والتّكلّف، (حتّى في مؤلّفاته الأخرى: الأدب الكبير والأدب الصّغير، ورسائله المختلفة). وقد صرّح " ابن المقفّع" نفسه أنّ البلاغة قد تكون في سهولة الألفاظ أحيانًا، وتكون في الإيجاز دائمًا.
6. تعليقات " ابن المقفّع" أو " بيدبا" الختاميّة على الأحداث، وهذه التّعليقات تتراوح بين كونها تدخّلاً صريحًا أو تلميحًا من خلال إحدى الشّخصيّات الرّمزيّة.
تأثير " كليلة ودمنة" على الأدب العربيّ:
لقد فتح ابن المقفع بكتابه "كليلة ودمنة "الباب على مصراعيه أمام هذا الضرب القصصي المعتمد على شخصيات من عالم الحيوان، فسرعان ما ظهرت محاولات عديدة في هذا المضمار، مضمار المثل الخرافيّ " الفابولا" نظما ونثرا، تحاكي كليلة ودمنة وتسير على منواله. ونحاول ههنا بشيء من العجالة تتبّع أبرز هذه المحاولات، حتّى يتسنّى للقارىء الاطّلاع على أهمّيّة كتاب " كليلة ودمنة" في الأدب العربيّ من حيث تأثيره فيه. أمّا أبرز محاولات المحاكاة فهي:
1. نظم كليلة ودمنة لأبان بن عبد الحميد اللاّحقي (ت 200هـ/815م)، فقد نظم الكتاب في خمسة آلاف بيت من الشّعر . ويبدو أنّ نظم الكتاب يشير إلى رواج سوق الشّعر وقوّة سلطانه في القرن الثّاني الهجريّ، حيث اختار الشّاعر إعادة سرد الحكايات الواردة في كليلة ودمنة شعرًا، بعد أن وردت نثرًا مطلقًا .
2. " كتاب ثعلة وعفراء"، الّذي وضعه " سهل بن هارون" (215هـ/815م)، ولم يصلنا هذا الكتاب .
3. " كتاب النّمر والثّعلب"، وهو منسوب إلى " سهل بن هارون" أيضًا.
4. " رسالة الصّاهل والشّاحج " لأبي العلاء المعرّيّ (449هـ/1057م)، الّتي تعدّ من أعلى مؤلفات المعرّيّ قيمة. 4. كتاب" القائف" وكتاب " منار القائف"، وهما كتابان للمعرّيّ لم يصلانا.
5. كتاب " مضاهاة أمثال كتاب كليلة ودمنة بما أشبهها من أشعار العرب "، وهو كتاب لليمنيّ ( 400هـ/ 1015)، وهو ينزع فيه نحو التّعصّب للعرب في معركتهم ضدّ الشّعوبيّة، في وقت انبرى فيه العلماء العرب ينفون ما يزعمه الفرس من أنّ مصدر الحكمة والأمثال في الأدب العربيّ هو الحضارة الفارسيّة السّاسانيّة .
6. كتاب " فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظّرفاء "، وضعه " ابن عرب شاه" ( 854هـ/ 1450م)، وهو آخر كتاب في التّراث العربيّ وضع على لسان الحيوان، ويعود تأليفه إلى ما يعرف بفترة الأدب المملوكي، أي ضمن العصر الّذي يطلق عليه اسم " عصر الانحطاط". والكتاب ترجمة حرّة عن الفارسيّة لكتاب " مرزبان نامه"، الموضوع في القرن الرّابع الهجريّ. ويتناول الكتاب مجموعة من الحكايات التّعليميّة على ألسنة الحيوانات، وفيه إلى جانب ذلك نصائح للملوك، وحديث عن العدل والعقل ..
7. نظم " ابن الهبّاريّة" ( 509 هـ/ 1015م) لكليلة ودمنة، ضمن كتابه المسمّى: " نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة".
8. كتاب" الصّادح والباغم" لابن الهبّاريّة، وهو أرجاز تدور حول الحيوانات وبعض الشّخصيّات الإنسيّة الرّمزيّة.
9. رسالة تداعي الحيوان على الإنسان، وهي رسالة فلسفيّة "لإخوان الصّفّا" ، إحدى رسائلهم الإحدى والخمسين، وتضمّ خمسة وستين فصلا. وقد تأثر واضعوها بكليلة ودمنة، ولكنهم في الوقت ذاته حاولوا ملاءمة الرسالة مع مبادئهم الفلسفية الخاصة بهم. وتسمية "إخوان الصّفا" بهذا الاسم مقتبس فيما يبدو من إحدى حكايات كليلة ودمنة، حيث ورد الاسم فيها .
10. كتاب الأسد والغوّاص"، وهو لمؤلّف مجهول ربّما لم يصرّح باسمه خوفًا من بطش السّلطة)، والكتاب يهدف إلى نقد الأوضاع السّياسيّة والدّينيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، ويبدو أنّ تأليفه يعود إلىفترة حكم البويهيّين في العراق. والغوّاص اسم لابن آوى. والقصّة الإطاريّة متأثّرة بحكاية الأسد والثّور في كليلة ودمنة.
11. كتاب "سلوان المطاع في عدوان الأتباع"، وهو كتاب "لابن ظفر الصّقلّيّ (ت565هـ)، وأهداه إلى أحد قادة صقلّيّة، وفيه حكايات متعدّدة على ألسنة الحيوان، ذات مغزى سياسيّ وأخلاقيّ وتربويّ.
12. "كشف الأسرار عن حكم الأطيار والأزهار"، وهو كتاب لعزّ الدّين بن عبد السّلام (ت678). ينطوي الكتاب على مواعظ وعبر على ألسنة الحيوانات .
13. حكايات ألف ليلة وليلة، الّتي تدور على ألسنة الحيوان، حيث نجد عدّة حكايات كهذه، يلعب فيها الحيوان دور البطولة.
ولا يسعنا في هذا المقام الاستفاضة في تعداد المؤلّفات المتأثّرة بكليلة ودمنة في الأدب العربيّ، وذلك نظرًا لكثرتها. هذا وقد أثّر كتاب كليلة ودمنة في الأدب الفارسيّ، بعد أن تُرجم الكتاب عدّة ترجمات إلى اللّغة الفارسيّة، من أبرزها ترجمة: الكاشفي المعروفة باسم " أنوار سهيلي"، وترجمة " أبي المعالي نصر" المعروفة باسم" كليلة ودمنة بهرامشي". ومن ثمّ توالت الكتب الفارسيّة المتّصلة بكليلة ودمنة، سواء كانت شروحًا للنّصّ العربيّ، أو كانت تهذيبًا للتّرجمة الّتي قام بها أبو المعالي نصر الله، أو تهذيبًا "لأنوار سهيلي". يمكننا إذن أن ندرك ما لكتاب " كليلة ودمنة " من أهمّيّة في الدّراسات الأدبيّة المقارنة من جهة، وفي الأدب العربيّ بشكل خاصّ من جهة أخرى. وربّما يشير الكتاب إلى التّرابط الفكريّ الحضاريّ بين الشّعوب، الّذي يتجلّى في نقل الموروث من جيل إلى جيل، ومن مكان إلى مكان.
قائمة المراجع:
1. ابن قتيبة، أبو محمّد عبداللهّ، المعارف، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1992.
2. ابن المقفّع،عبد اللهّ، كليلة ودمنة، المكتبة الثّقافيّة، د.ت.
3. كليلة ودمنة، تحقيق: لويس شيخو، بيروت، 1923.
4. ابن النّديم، الفهرست، دار المعرفة، بيروت، د.ت.
5. إبراهيم، مجدي محمّد شمس الدّين، كليلة ودمنة بين الأصول القديمة والمحاكاة الشّرقيّة، دار الفكر العربيّ، القاهرة، د.ت.
6. البيرونيّ، تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، دائرة المعارف العثمانيّة، حيدر أباد، الهند، 1958.
7. جمعة، بديع محمّد، دراسات في الأدب المقارن، دار النّهضة العربيّة، بيروت، 1980.
8. الحصريّ، زهر الآداب وثمر الألباب، المكتبة العصريّة، صيدا، 2001.
9. حمد اللهّ، محمّد عليّ، الأسلوب التّعليميّ في كليلة ودمنة، دار الفكر، دمشق، 1970. 10. حميدة، عبد الرّزّاق، قصص الحيوان في الأدب العربيّ، الأنجلومصريّة، القاهرة، 1951.
11. الخراسانيّ، محمّد غفرانيّ، عبد اللهّ بن المقفّع، الدّار القوميّة للطّباعة والنّشر، القاهرة، د.ت.
12. درويش، أحمد، نظريّة الأدب المقارن وتجلّياتها في الأدب العربيّ، دار غريب للطّباعة النّشر، القاهرة، 2002.
13.ذهني، محمود، القصّة في الأدب القديم، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، 1973. 14. سعد الدّين، ليلى، كليلة ودمنة في الأدب العربيّ، مكتبة الرّسالة، عمّان، د.ت.
15.سعيد، نفوسة زكريّا، خرافات لافونتين في الأدب العربيّ، مؤسّسة الثّقافة الجامعيّة، الإسكندريّة، 1976.
16. سويدان، سامي، في دلاليّة القصّ وشعريّة السّرد، دار الآداب، بيروت، 1991.
17. الشّهرستانيّ، الملل والنّحل، المكتبة العصريّة، صيدا، 2000.
18. ضيف، شوقي، العصر العبّاسيّ الأوّل، دار المعارف، القاهرة، د.ت.
19. عابدين، عبد المجيد، الأمثال في النّثر العربيّ القديم، مصر، 1956.
20.عبد النّور، جبّور، المعجم الأدبيّ، دار العلم للملايين، بيروت، 1984.
21. كيليطو، عبد الفتّاح، الأدب والغرابة، دار الطّليعة للطّباعة والنّشر، بيروت، 1982. 22. الحكاية والتّأويل- دراسات في السّرد العربيّ، دار توبقال للنّشر، الدّار البيضاء، 1988.
23. المسعوديّ، أبو الحسن عليّ بن الحسن، مروج الذّهب ومعادن الجوهر، المكتبة الإسلاميّة، بيروت، د.ت.
24.النّجّار، محمّد رجب، التّراث القصصيّ في الأدب العربيّ، منشورات ذات السّلاسل، الكويت، 1995.
25. ندا، طه، الأدب المقارن، دار المعرفة الجامعيّة، ( مصر)، 1996.
26. هلال، محمّد غنيمي، الأدب المقارن، دار العودة، بيروت، 1999.
27. اليمنيّ، أبو عبد اللهّ محمّد بن حسين، كتاب مضاهاة أمثال كتاب كليلة ودمنة بما أشبهها من أشعار العرب، دار الثّقافة، بير وت، د.ت.
28. شاخت، وبوزورث، تراث الإسلام، ترجمة: حسين مؤنس وزميليه، عالم المعرفة، الكويت، 1978.
29. Grunebaum, G. E. Von, “ The Spirit of Islam as Shown in Its Literature”, Studia Islamica, vol 1,( 1953),pp 110-119. 30. Kramers, J.H., “ Marzban-nama”, EI, New Edition, vol 6, pp:632-633.
1. خرافات وضعها الشّاعر" هيزيودس " في القرن الثّامن قبل الميلاد.
2. خرافات " إيسوبس " الموضوعة في القرن السّادس قبل المبلاد.
3. خرافات " باريوس " المنظومة شعرًا في القرن الأوّل الميلاديّ.
4. خرافات " فيدروس " المنظومة شعرًا أيضًا، في القرن الأوّل الميلاديّ.
5. لافونتين ( 1621-1695) الفرنسيّ، الّذي يعدّ من أكبر وأشهر واضعي الخرافات في الأدب العالميّ.
أمّا غالبيّة الباحثين، فقد ذهبوا إلى أنّ منشأ هذا النّوع الأدبيّ إنّما هو شرقيّ، واختُلف بينهم في تحديد الحضارة الشّرقيّة ذات السّبق في هذا المضمار. فهناك من رأى أنّ منشأ هذا الفنّ مصريّ فرعونيّ، حيث وجدت بعض هذه الحكايات على أوراق البردي، أو صوّرت على جدران المعابد والقبور. وهناك من يرى أنّ منشأ هذه الحكايات هنديّ - وهو رأي كان له حظّ وافر من الرّواج بين أوساط الباحثين - وأنّ هناك آثارًا خرافيّة هنديّة قديمة تدلّ على ذلك، ومنها:
1. كتاب "جاتاكا"، ويعدّ أقدم ما وصل من الحكايات الخرافيّة الهنديّة، يعود وضعه إلى القرن السّابع، أو التّاسع الميلاديّ. وهو يحكي تاريخ تناسخ "بوذا" في أنواع مختلفة من الحيوانات والطّيور، قبل وجوده الأخير مؤسّسًا للدّيانة البوذيّة .
2. كتاب "تانترا خياييكا"، ويعود وضعه إلى ما بين القرنين الثّاني والخامس الميلاديّين.
3. كتاب "بنج تانترا" ( أي الأسفار أو القصص الخمس)، ويعود وضعه أيضًا إلى ما بين القرنين الثّاني والخامس الميلاديّين. ويبدو أنّه كان الأصل الأوّل لكتاب "كليلة ودمنة"، إذ أنّ مبناه ومضمونه يشبهان مبنى ومضمون كتاب كليلة ودمنة إلى حدّ كبير.
4. كتاب "هتوباديسيا"، ويعود تدوينه إلى ما القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديّين، وهو أقدم كتاب هنديّ قلّد كتاب "بنج تانترا" المذكور أعلاه، إذ اقتبس منه خمسًا وعشرين قصّة .
وهناك من الباحثين من يرى أنّ أصل الخرافات فارسيّ، إلاّ أنّ أغلبيّة الشّواهد تدلّ على أنّ الفرس قد نقلوا الكتاب عن الهند، ومنها وجود كتاب "البنج تانترا" ذي الأصل الهنديّ، وفكرة تناسخ الأرواح الّتي كانت سائدة في الهند، ووفقها لا يستنكر أن يُبعث الإنسان متقمّصًا شخصيّة حيوان أو طائر ويتحدّث بلسانه. كما أنّ "أدب الحكمة" قد أثر عن الهند في غير موضع من كتب أصول الأدب. سبب وضع كتاب " كليلة ودمنة": لقد قلنا آنفًا إنّ أصل الكتاب هندي فيما يرجّح، وهو كتاب " البنجتانترا" المذكور. وقد وضع الكتاب فيلسوف هنديّ هو " بيدبا"، من أجل ملك الهند " دبشليم" ، وقد ورد ذلك في مقدّمة كتاب كليلة ودمنة، الّتي وضعها عليّ بن محمّد بن شاه الظّاهريّ، وكان رجلا أديبًا " طيّبًا غاية في الظّرف واللّطافة ". وهذه المقدّمة الطّويلة تتضمّن بعض الأساطير الّتي خلّفتها فتوحات الإسكندر المقدونيّ في بلاد الشّرق، وقد قصد مؤلّفها تبيان سبب وضع كتاب كليلة ودمنة، ويذكر أنّ " دبشليم" قد ملك الهند بعد فتح الإسكندر، وقد ظلم العباد، وكان في قصره رجل حكيم فاضل من " البراهمة " يدعى " بيدبا "، لم يرضه ما يصنع الملك مع النّاس، فنصحه، فعاقبه الملك بالسّجن، ولكنّه ما عتم أن ندم على ذلك، فأطلق سراحه واتّخذه وزيرًا له، فوضع " بيدبا " سنن العدل في البلاد، فاستقام الحكم، وأمن النّاس الظّلم. ولمّا رأى " دبشليم" حسن سياسة " بيدبا " أمره بوضع كتاب في سياسة الرّعيّة وتهذيب الأخلاق، يتضمّن ضروب الحكمة والمثل، ويجعله على لسان الحيوان، فقام " بيدبا" بوضع الكتاب مستعينًا بتلامذته، مستغرقًا في ذلك حولا كاملاً، فأراد الملك مكافأته، إلاّ أنّ " بيدبا " رفض ذلك طالبًا من الملك أن يأمر بتدوين كتابه والحرص على الحافظة عليه، فأمر الملك أن يحفظ الكتاب في خزائنه، حتّى مرّت ثمانية قرون، قبل أن يطّلع عليه الفرس. يتجلّى لنا إذن أنّ الغايتين من دعوة " دبشليم" " بيدبا" إلى وضع الكتاب هما :
1. تربية العامّة على طاعة الملك.
2. بيان حسن سياسة الملك للرّعيّة.
أمّا عن كيفيّة وصول الكتاب إلى الفرس، فإنّ " ابن المقفّع" يحدّثنا في مقدّمة " كليلة ودمنة" أنّ " كسرى أنوشروان" كان محبًّا للعلم والأدب، وحدث أن سمع بأمر كتاب الهند في الحكمة، فأنفذ " برزويه" رأس أطبّاء فارس إلى الهند لاستنساخ الكتاب، فقضى " برزويه" سنتين متواليتين في تلك البلاد يبحث عن الكتاب متلطّفًا باذلاً لحكماء الهند حتّى وجد ضالّته المنشودة في خزانة الملك، وذلك بمساعدة خازنه، فنقله متحايلاً، ثمّ عاد به إلى كسرى، فأعجب به إعجابًا شديدًا، وأمر بإقامة حفل دعا إليه خواصّ حاشيته وأشراف مملكته، وأجلس " برزويه" على سريره، وأمر أن تفتح له خزائن الياقوت والمرجان يأخذ منها ما شاء، ولكنّ " برزويه" يأبى أن يأخذ مكافأة ماليّة، ويرجو أن تكون مكافأته أن يكتب وزيره الفيلسوف " بزرجمهر" ترجمة لحياته يجعلها بابًا من أبواب الكتاب تخليدًا لذكراه. ولا يخفى على القارىء هذا التّشابه بين رفض كلّ من " بيدبا " الهنديّ و" برزويه " الفارسيّ للمكافأة المادّيّة، وهذا يقودنا إلى استنتاجين:
1. أنّ "بهنوذ بن سحوان" واضع المقدّمة الأولى للكتاب قد اقتبس من ابن المقفّع هذه الفقرة عن مكافأة " برزويه".
2. أنّ الحكمة والمعرفة هي خير من المادّة والمال، ويظهر ذلك من خلال تأكيد الحكيم على هذه الفكرة، سواء أكان الحكيم هو " بيدبا" أم "برزويه" أم " ابن المقفّع".
ولكن يذكر الباحثون أنّ هناك رواية أخرى لقصّة نقل الكتاب إلى الفارسيّة، مستندين إلى رواية الفردوسيّ في كتابه " الشّاهنامه"، مفادها أنّ "برزويه" كان طبيبًا كثير الاطّلاع على كتب الطّبّ، فقرأ أنّ بالهند جبلاً ينمو عليه عشب يحيي الموتى، فسارع إلى " كسرى أنوشروان " يبلغه بالأمر، فأنفذه إلى الهند، وهناك يعلمه ملوكها أنّ المعنى هو مجازيّ، إذ المقصود أنّ إحياء الموتى إنّما يتمّ عن طريق قراءة وتدبّر كليلة ودمنة، ويسمح له الملوك بالاطّلاع على الكتاب ونسخه. وقد نتساءل: لماذا لجأ " بيدبا" ( سواء كان وجوده حقيقيًّا أم لا) إلى استخدام الرّمز على ألسنة الحيوان في تأليفه " كليلة ودمنة"؟ والإجابة عن هذا التّساؤل تدور حول عدد من الافتراضات، من أهمّها:
1. انعدام الحرّيّة والشّعور بالأمان لدى المؤلّف. والظّاهرة معروفة، إذ لا يجرؤ المؤلّف على التّعبير عن نفسه بصراحة إذا ما خاف من جور السّلطان، فيلجأ إلى الكناية والرّمز.
2. ترغيبًا للعامّة في قراءة الكتاب وفهم معانيه، إذ يغلب على العامّة طابع السّذاجة والبعد عن الحكمة والرّويّة. وهم غالبًا ما ينفرون من قراءة الكتب الجادّة.
3. إظهار خيالات الحيوانات بصنوف الأصباغ والألوان ، ليكون أنسًا لقلوب الملوك، ويكون حرصهم عليه أشدّ للنّزهة في تلك الصّور.
4. رغبةً في إحياء التّراث الفارسيّ، إذ من المعلوم أنّ " ابن المقفّع" كان يعدّ من الشّعوبيّين الّذين تباهوا بحضارة آبائهم وأجدادهم، ولعلّه ذهب إلى نشر وتمجيد حكايات الحيوان كجزء من حضارة الفرس القائمة على فنون القصّ والخيال.
5. رغبةً في الوصول بالمتعلّم إلى جادّة الصّواب والحكمة، فلا بدّ من أجل ذلك من تبسيط الأسلوب أمام المتعلّم، وجعله قريبًا من نفسه. فطريقة التّعليم تقوم في العادة على أساس الشّرح والتّوضيح التّفصيليّين للأشياء، وقد يكون من المناسب استخدام التّورية والرّمز والتّمثيل.
ويقودنا الحديث إلى التّساؤل الجديد: لمن وضع الكتاب بالتّحديد؟ هل وضع للعامّة من النّاس أم للخاصّة؟ ونجد الإجابة في باب عرض الكتاب، ويذكر فيه " ابن المقفّع" أنّ العلم في حدّ ذاته غاية يجب أن يصل إليها الإنسان، وهنا يمكن أن نفهم أنّ الإنسان المقصود هو أيّ إنسان، من العامّة كان أم من الخاصّة، ولكنّه يذكر بعد ذلك، أنّ العلم وحده لا ينفع الإنسان، فلا بدّ له من العمل بما يعلم، وهنا يعترف " ابن المقفّع " بأنّ القلّة من النّاس " العالمين" تعمل بما تعلم، وهذه الفئة القليلة هي الفئة النّيّرة الّتي تحظى بالسّعادة حتمًا. ويمكن لنا أن نستشفّ نظرة " ابن المقفّع" إلى القارىء - قارىء كليلة ودمنة-، فهو يصنّف القرّاء إلى ثلاثة مستويات :
" القارىء " البدائيّ" الّذي يتوقف عند السّرد – أسلوب الهزل والّلهو-، أي عند الأحداث السّرديّة في حدّ ذاتها .
والقارىء الفطن الّذي يتجاوز مرحلة السّرد ويهتدي إلى الحكمة ويتوقّف عندها.
والقارىء العاقل الّذي يستوعب الحكمة ويخضع سلوكه لأوامرها ونواهيها.
إذن، من الواضح أنّ الكتاب إنّما أعدّ للغرض التّعليميّ التّربويّ، والتّعليم والتّربية ليسا حكرًا على طبقة دون طبقة، وإن كانت طبقة الخاصّة أسرع وصولاً إلى التّربية والثّقافة والكتاب، بحكم المكانة الاجتماعيّة والمادّيّة الّتي تتمتّع بها. أسلوب وفنّيّة كتاب " كليلة ودمنة": يمكننا تبيان مبنى كتاب كليلة ودمنة بشيء من الإيجاز - رغم أنّ هذا الجانب من النّقاش يحتاج إلى بحث مستقلّ-، فنقول إنّه يتميّز من ناحية المبنى بما يلي:
1. وجود قصّة إطار تحوي القصص الدّاخليّة جميعها، وتجمع بينها. وهذه القصّة هي قصّة " دبشليم" الملك " وبيدبا" الفيلسوف، اللّذين نصادفهما في مطلع كلّ قصّة جديدة. هذه القصّة الإطاريّة الثّابتة المستندة إلى الحوار تشكّل بمثابة نظام يجمع بين القصص المتنوّعة، ذات الشّخصيّات والأحداث المتعدّدة والمتغيّرة.
2. استخدام لفظة " زعموا" في مطلع أغلب القصص . وهذه اللّفظة من شأنها أن تدلّ على ما يلي:
أ. أنّ الرّاوي ( "بيدبا" أو "ابن المقفّع") يظهر أنّ مصدر الرّواية- وهي رواية تنطوي على الحكمة- مجهول، فهو غير مسمًّى. ويفترض أن يكون حكيمًا، ومدعاة إلى ثقة الرّاوي، لأنّه يستشهد به دائمًا .
ب. أنّ مصدر الحكمة هو جماعة من النّاس، ومن شأن الجماعة أن يكونوا أقوى تأثيرًا من الفرد في المجتمع. وبما أنّ المجتمع الّذي ينشده واضع الرّوايات هو المجتمع الفاضل المثاليّ، كان من المنطق نسبة الرّوايات إلى ضمير الجمع الغائب.
ج. ومصدر الرّواية هذا قديم، ولعلّه موغل في القدم، إذ أنّ الفعل المستخدم هو الماضي، مسندًا إلى ضمير الجمع الغائب، والحكمة الّتي يوثق بها أكثر من غيرها، هي تلك الدّارجة على الألسن، منسوبة إلى حكماء مجهولين. والسّلوك المحمود هو الّذي يكرّر النّماذج السّالفة المحمودة .
د. وهذا الجهل بالرّاوي قد يكون مقصودًا، إذ أنّ التّورية غاية في حدّ ذاتها هدف إليها واضع الكتاب، والرّاوي المجهول قناع يتستّر خلفه مؤلّف الرّواية الحقيقيّ.
هـ. ولعلّه من غير المهمّ معرفة هويّة الرّاوي، بقدر ما هي مهمّة معرفة الحكمة المرويّة وفهمها.
3. تداخل الحكايات: فكلّ حكاية رئيسيّة تحوي حكايات فرعيّة، كلّ منها قد يحوي حكاية أو أكثر متداخلة فيها. وينتج عن ذلك دخول شخصيّات جديدة إلى المتن الحكائي بلا انقطاع، ولأدنى مناسبة.
4. تناسي الكاتب للرّمز، فيسهب في الحديث عن المرموز إليهم من النّاس في الحكاية، غافلاً عن شخصيّاته الرّمزيّة الحيوانيّة أو غير الحيوانيّة.
5. بساطة الأسلوب، ووضوح الفكرة، والبعد عن التّزويق والتّرصيع المعروفين عن الكتّاب الفرس بصورة عامّة، رغم الأصل الفارسيّ " لابن المقفّع"، ولعلّ ذلك عائد إلى نشأته بين أحضان بني تميم ، القبيلة العربيّة ذات الطّبع اللّغويّ، فابتعد عن التّصنّع والتّكلّف، (حتّى في مؤلّفاته الأخرى: الأدب الكبير والأدب الصّغير، ورسائله المختلفة). وقد صرّح " ابن المقفّع" نفسه أنّ البلاغة قد تكون في سهولة الألفاظ أحيانًا، وتكون في الإيجاز دائمًا.
6. تعليقات " ابن المقفّع" أو " بيدبا" الختاميّة على الأحداث، وهذه التّعليقات تتراوح بين كونها تدخّلاً صريحًا أو تلميحًا من خلال إحدى الشّخصيّات الرّمزيّة.
تأثير " كليلة ودمنة" على الأدب العربيّ:
لقد فتح ابن المقفع بكتابه "كليلة ودمنة "الباب على مصراعيه أمام هذا الضرب القصصي المعتمد على شخصيات من عالم الحيوان، فسرعان ما ظهرت محاولات عديدة في هذا المضمار، مضمار المثل الخرافيّ " الفابولا" نظما ونثرا، تحاكي كليلة ودمنة وتسير على منواله. ونحاول ههنا بشيء من العجالة تتبّع أبرز هذه المحاولات، حتّى يتسنّى للقارىء الاطّلاع على أهمّيّة كتاب " كليلة ودمنة" في الأدب العربيّ من حيث تأثيره فيه. أمّا أبرز محاولات المحاكاة فهي:
1. نظم كليلة ودمنة لأبان بن عبد الحميد اللاّحقي (ت 200هـ/815م)، فقد نظم الكتاب في خمسة آلاف بيت من الشّعر . ويبدو أنّ نظم الكتاب يشير إلى رواج سوق الشّعر وقوّة سلطانه في القرن الثّاني الهجريّ، حيث اختار الشّاعر إعادة سرد الحكايات الواردة في كليلة ودمنة شعرًا، بعد أن وردت نثرًا مطلقًا .
2. " كتاب ثعلة وعفراء"، الّذي وضعه " سهل بن هارون" (215هـ/815م)، ولم يصلنا هذا الكتاب .
3. " كتاب النّمر والثّعلب"، وهو منسوب إلى " سهل بن هارون" أيضًا.
4. " رسالة الصّاهل والشّاحج " لأبي العلاء المعرّيّ (449هـ/1057م)، الّتي تعدّ من أعلى مؤلفات المعرّيّ قيمة. 4. كتاب" القائف" وكتاب " منار القائف"، وهما كتابان للمعرّيّ لم يصلانا.
5. كتاب " مضاهاة أمثال كتاب كليلة ودمنة بما أشبهها من أشعار العرب "، وهو كتاب لليمنيّ ( 400هـ/ 1015)، وهو ينزع فيه نحو التّعصّب للعرب في معركتهم ضدّ الشّعوبيّة، في وقت انبرى فيه العلماء العرب ينفون ما يزعمه الفرس من أنّ مصدر الحكمة والأمثال في الأدب العربيّ هو الحضارة الفارسيّة السّاسانيّة .
6. كتاب " فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظّرفاء "، وضعه " ابن عرب شاه" ( 854هـ/ 1450م)، وهو آخر كتاب في التّراث العربيّ وضع على لسان الحيوان، ويعود تأليفه إلى ما يعرف بفترة الأدب المملوكي، أي ضمن العصر الّذي يطلق عليه اسم " عصر الانحطاط". والكتاب ترجمة حرّة عن الفارسيّة لكتاب " مرزبان نامه"، الموضوع في القرن الرّابع الهجريّ. ويتناول الكتاب مجموعة من الحكايات التّعليميّة على ألسنة الحيوانات، وفيه إلى جانب ذلك نصائح للملوك، وحديث عن العدل والعقل ..
7. نظم " ابن الهبّاريّة" ( 509 هـ/ 1015م) لكليلة ودمنة، ضمن كتابه المسمّى: " نتائج الفطنة في نظم كليلة ودمنة".
8. كتاب" الصّادح والباغم" لابن الهبّاريّة، وهو أرجاز تدور حول الحيوانات وبعض الشّخصيّات الإنسيّة الرّمزيّة.
9. رسالة تداعي الحيوان على الإنسان، وهي رسالة فلسفيّة "لإخوان الصّفّا" ، إحدى رسائلهم الإحدى والخمسين، وتضمّ خمسة وستين فصلا. وقد تأثر واضعوها بكليلة ودمنة، ولكنهم في الوقت ذاته حاولوا ملاءمة الرسالة مع مبادئهم الفلسفية الخاصة بهم. وتسمية "إخوان الصّفا" بهذا الاسم مقتبس فيما يبدو من إحدى حكايات كليلة ودمنة، حيث ورد الاسم فيها .
10. كتاب الأسد والغوّاص"، وهو لمؤلّف مجهول ربّما لم يصرّح باسمه خوفًا من بطش السّلطة)، والكتاب يهدف إلى نقد الأوضاع السّياسيّة والدّينيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، ويبدو أنّ تأليفه يعود إلىفترة حكم البويهيّين في العراق. والغوّاص اسم لابن آوى. والقصّة الإطاريّة متأثّرة بحكاية الأسد والثّور في كليلة ودمنة.
11. كتاب "سلوان المطاع في عدوان الأتباع"، وهو كتاب "لابن ظفر الصّقلّيّ (ت565هـ)، وأهداه إلى أحد قادة صقلّيّة، وفيه حكايات متعدّدة على ألسنة الحيوان، ذات مغزى سياسيّ وأخلاقيّ وتربويّ.
12. "كشف الأسرار عن حكم الأطيار والأزهار"، وهو كتاب لعزّ الدّين بن عبد السّلام (ت678). ينطوي الكتاب على مواعظ وعبر على ألسنة الحيوانات .
13. حكايات ألف ليلة وليلة، الّتي تدور على ألسنة الحيوان، حيث نجد عدّة حكايات كهذه، يلعب فيها الحيوان دور البطولة.
ولا يسعنا في هذا المقام الاستفاضة في تعداد المؤلّفات المتأثّرة بكليلة ودمنة في الأدب العربيّ، وذلك نظرًا لكثرتها. هذا وقد أثّر كتاب كليلة ودمنة في الأدب الفارسيّ، بعد أن تُرجم الكتاب عدّة ترجمات إلى اللّغة الفارسيّة، من أبرزها ترجمة: الكاشفي المعروفة باسم " أنوار سهيلي"، وترجمة " أبي المعالي نصر" المعروفة باسم" كليلة ودمنة بهرامشي". ومن ثمّ توالت الكتب الفارسيّة المتّصلة بكليلة ودمنة، سواء كانت شروحًا للنّصّ العربيّ، أو كانت تهذيبًا للتّرجمة الّتي قام بها أبو المعالي نصر الله، أو تهذيبًا "لأنوار سهيلي". يمكننا إذن أن ندرك ما لكتاب " كليلة ودمنة " من أهمّيّة في الدّراسات الأدبيّة المقارنة من جهة، وفي الأدب العربيّ بشكل خاصّ من جهة أخرى. وربّما يشير الكتاب إلى التّرابط الفكريّ الحضاريّ بين الشّعوب، الّذي يتجلّى في نقل الموروث من جيل إلى جيل، ومن مكان إلى مكان.
قائمة المراجع:
1. ابن قتيبة، أبو محمّد عبداللهّ، المعارف، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 1992.
2. ابن المقفّع،عبد اللهّ، كليلة ودمنة، المكتبة الثّقافيّة، د.ت.
3. كليلة ودمنة، تحقيق: لويس شيخو، بيروت، 1923.
4. ابن النّديم، الفهرست، دار المعرفة، بيروت، د.ت.
5. إبراهيم، مجدي محمّد شمس الدّين، كليلة ودمنة بين الأصول القديمة والمحاكاة الشّرقيّة، دار الفكر العربيّ، القاهرة، د.ت.
6. البيرونيّ، تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة، دائرة المعارف العثمانيّة، حيدر أباد، الهند، 1958.
7. جمعة، بديع محمّد، دراسات في الأدب المقارن، دار النّهضة العربيّة، بيروت، 1980.
8. الحصريّ، زهر الآداب وثمر الألباب، المكتبة العصريّة، صيدا، 2001.
9. حمد اللهّ، محمّد عليّ، الأسلوب التّعليميّ في كليلة ودمنة، دار الفكر، دمشق، 1970. 10. حميدة، عبد الرّزّاق، قصص الحيوان في الأدب العربيّ، الأنجلومصريّة، القاهرة، 1951.
11. الخراسانيّ، محمّد غفرانيّ، عبد اللهّ بن المقفّع، الدّار القوميّة للطّباعة والنّشر، القاهرة، د.ت.
12. درويش، أحمد، نظريّة الأدب المقارن وتجلّياتها في الأدب العربيّ، دار غريب للطّباعة النّشر، القاهرة، 2002.
13.ذهني، محمود، القصّة في الأدب القديم، مكتبة الأنجلو المصريّة، القاهرة، 1973. 14. سعد الدّين، ليلى، كليلة ودمنة في الأدب العربيّ، مكتبة الرّسالة، عمّان، د.ت.
15.سعيد، نفوسة زكريّا، خرافات لافونتين في الأدب العربيّ، مؤسّسة الثّقافة الجامعيّة، الإسكندريّة، 1976.
16. سويدان، سامي، في دلاليّة القصّ وشعريّة السّرد، دار الآداب، بيروت، 1991.
17. الشّهرستانيّ، الملل والنّحل، المكتبة العصريّة، صيدا، 2000.
18. ضيف، شوقي، العصر العبّاسيّ الأوّل، دار المعارف، القاهرة، د.ت.
19. عابدين، عبد المجيد، الأمثال في النّثر العربيّ القديم، مصر، 1956.
20.عبد النّور، جبّور، المعجم الأدبيّ، دار العلم للملايين، بيروت، 1984.
21. كيليطو، عبد الفتّاح، الأدب والغرابة، دار الطّليعة للطّباعة والنّشر، بيروت، 1982. 22. الحكاية والتّأويل- دراسات في السّرد العربيّ، دار توبقال للنّشر، الدّار البيضاء، 1988.
23. المسعوديّ، أبو الحسن عليّ بن الحسن، مروج الذّهب ومعادن الجوهر، المكتبة الإسلاميّة، بيروت، د.ت.
24.النّجّار، محمّد رجب، التّراث القصصيّ في الأدب العربيّ، منشورات ذات السّلاسل، الكويت، 1995.
25. ندا، طه، الأدب المقارن، دار المعرفة الجامعيّة، ( مصر)، 1996.
26. هلال، محمّد غنيمي، الأدب المقارن، دار العودة، بيروت، 1999.
27. اليمنيّ، أبو عبد اللهّ محمّد بن حسين، كتاب مضاهاة أمثال كتاب كليلة ودمنة بما أشبهها من أشعار العرب، دار الثّقافة، بير وت، د.ت.
28. شاخت، وبوزورث، تراث الإسلام، ترجمة: حسين مؤنس وزميليه، عالم المعرفة، الكويت، 1978.
29. Grunebaum, G. E. Von, “ The Spirit of Islam as Shown in Its Literature”, Studia Islamica, vol 1,( 1953),pp 110-119. 30. Kramers, J.H., “ Marzban-nama”, EI, New Edition, vol 6, pp:632-633.