نقوس المهدي
كاتب
حين يتحدث النقاد عن فن تصوير المخطوطات العربية، وعن فن المنمنمات العربي، ـ المينياتور ـ في الفن التشكيلي العربي، يرد اسم (الواسطي)، كأهم فنان عربي قام برسم صور فنية لبعض الكتب العربية الشهرية، وكأشهر ممثل لمدرسة (بغداد) في التصوير العربي، التي تعتبر مرحلة ازدهار هذا الفن، وحين يتحدثون عن (الواسطي) يشيرون إلى فنان رفع هذا الفن إلى مستوى العمق والعبقرية، فكان عمله إبداعاً تجاوز "الرسوم التوضيحية" إلى التعبير الإنساني، ولهذا يتمتع الواسطي بأهمية تعادل أهمية كبار المصورين الذين عرفتهم الحضارات الأخرى، سواء من حيث تطور الأسلوب الفني، أو من حيث ارتباط هذه الرسوم بالواقع الذي يعيشه، وتعبيرها عنه بلغة الألوان والخطوط.
ولعل أهم ما رسمه (الواسطي) وإعطاء الشهرة الكبيرة التي يتمتع بها، هو كتاب (مقامات الحريري) حيث تتمتع هذه المخطوطة التي رسمها بأهمية فنية كبيرة، لأنها تعتبر المصدر الرئيسي لمعرفتنا بتطور فن المنمنمات العربي، ولأنها تمثل أروع ما أنتجه الفن العربي في هذا المجال.
3 مخطوطات
وفي الواقع هناك ثلاثة مخطوطات رسمت في بغداد مقامات الحريري قام برسمها (الواسطي) وهذه المخطوطات محفوظة في ثلاثة مكتبات، واحدة في (استانبول) والثانية في (لينغراد)، والثالثة في (باريس) والمخطوطة الأخيرة هي التي شهرت (الواسطي) حين عرضت عام 1938 في معرض أقيم بمناسبة مرور /700/ عام على رسمها، إذ رسمت عام 1237، وهي المخطوطة التي قام المهتمون بالفن العربي بدراستها، والتنويه بأهميتها، لما لمسوه من أهيمة الجانب الفني فيها، إذ تمثل أروع ما رسم من رسوم، بل تمثل فترة الازدهار لمرحلة تجاوز الفن العربي فيها كل الأطر التقليدية المعهودة فيه، وبالتالي بلغ فترة الازدهار العظمى في القرن الثالث عشر الميلادي.
وتحتوي مخطوطة (باريس) على /99/ رسماً لمقامات الحريري بينما تنقص مخطوطة (لينغراد) حوالي /11/ صفحة منها، أما مخطوطة (استانبول) فقد تعرضت للتمزيق، والتلف، وحذفت منها رؤوس الأشخاص، وسنحاول هنا التحدث عن بعض رسوم مخطوطة (ليننغراد) و(باريس)، معتمدين في ذلك على ما طبع من هذه الرسوم، وعلى دراسة للكاتب "رتشارد اتنغاوسن" الذي حلل بعمق هذه الرسوم في كتابه الشهير "فن التصوير العربي" الذي طبع في (سويسرا) قبل عدة أعوام1.
خصائص الفن العربي
نستطيع في البداية، أن تقول بأن رسوم الواسطي تعبر عن الفن العربي، وعن خصائصه الأساسية، من حيث أخذ التأثيرات المختلفة البيزنطية والفارسية والهندية، ومحاولة تجاوزها تحت تأثير القيم الرئيسية العربية، وتأثير الواقع الذي يعيشه الفنان في عصره، فقد عمد الواسطي إلى الاستفادة من كل الأساليب الفنية القديمة والموروثة، لخدمة تعبيره عن عصره، وعن مقومات الحضارة العربية ونزوعها إلى (الوحدانية) التي تجلت في الفن عن طريق (الخط اللامتناهي)، فالخط العربي يربط التشكيلات في اللوحة بوحدة عميقة، توفق بين مظاهر الأشياء في الطبيعة وبين الطبيعة العميقة الموجدة لهذه المظاهر. فالأشخاص والكائنات المحسوسة تترابط عن طريق خط متواصل يمر فيهم جميعاً ليوجدهم ويعبر عن فكرة (وحدة) كل الأشياء رغم تبدل مظاهرها الخارجية.
ولهذا لابد لنا من أن نتطرق إلى عدة جوانب رئيسية تعكسها أعماله، ونلخصها فيما يلي: التعبير عن المرحلة التي عاشها (الواسطي)، وارتباط هذا التعبير بالواقع الحياتي والاجتماعي السياسي، وثانيهما التطور الذي قدمه (الواسطي) في مجال التعبير الفني، من حيث الصياغة، لتتلاءم هذه الصياغة مع (المضمون الفكري) الذي تمثله الأعمال، وأخيراً الارتباط العميق بين (رسومه) والمفاهيم الأساسية التي طرحته الحضارة العربية في مجال الفن التشكيلي.
الجانب الأول
في أحد رسوم المقامات، وهي المقامة الثامنة والثلاثين، يرسم الواسطي أحد المستولين الفقراء أمام ملك (غني) ويعبر من خلال ذلك عن طريق التناقض بين ألبستهما عن (الفروق الطبقية) القائمة ويلاحظ النقاد أن هذا التناقض قد ألح عليه (الواسطي) مما يدل على أنه مقصود، وليس عفوياً، وهو يدل على وعي الرسام للواقع الذي يعيشه.
وفي مقدمة (مقامات الحريري) في مخطوطة (باريس) يرسم الواسطي رجلين أحدهما (تركي ) والآخر (عربي) ويظهر التركي ضخماً كبيراً كما لو كان الحاكم، على حين يصور العربي على نحو أبسط،كما لو أنه لا يملك من أمره شيئاً، لقد صور نسراً ضخماً على رأس التركي، وعصفوراً على رأس العربي، مما يؤكد رغبته في إظهار هذه الفروق ليعكس بوضوح سيطرة الأتراك على الحكم في بغداد، وفي ذلك من الدلالة على الارتباط العميق بالأحداث السياسية التي كان يريد التعبير عنها، عن طريق شتى الأساليب.
ولقد وصل الواسطي في رسومه (لمقامات الحريري) الموجودة في (باريس) إلى مرحلة أعمق من ذلك، إذ حاول أن يعكس بعض جوانب حياتية في الرسوم، تتجاوز ما يخبرنا به النص الأصلي، ويعطيه أبعاداً أعمق من مجرد (الرسم التوضيحي)..
من المعروف أن (مقامات الحريري)، متباينة في أهميتها النقدية، ومختلفة في قيمة القصص التي تنقلها، وفي دلالالتها الاجتماعية، ولكن (الواسطي) يأخذ من القصص ما يراه أقرب للتعبير الاجتماعي، ليعكس من خلال رسومه ما يريد أن يقول. ويبدو ذلك بوضوح في المقامة /43/ التي صورها (الواسطي)، إذ ظهرت القرية في مشهد (بانورامي) ـ المساجد، السوق، الحيوانات، العادات، الأثاث، غزل الصوف، الزراعة ـ مع أن القصة لا تتطلب كل ذلك، ولكن (الواسطي) يضيفها في خلفية اللوحة ليعطينا الإطار الاقتصادي والاجتماعي لأحداث القصة التي يصورها في المقدمة، وبالتالي يعطينا لوحة واقعية تمثل حياة القرية في عصره، فيغني القصة، ويضيف إليها ما نريد معرفته من (الواقع الاقتصادي) لقرية من تلك الأيام.
ونستطيع أن نعطي بعض نماذج أخرى توضح أسلوب (الواسطي) في اختيار رسومه، واللحظات التي يريد تصويرها ليعكس القصة المرسومة، ويتجاوز القصة بما يضفه من تفاصيل تغنيها وتعطيها الأهمية الكبيرة، ولكن رغبتنا في أن نبحث في الجوانب الأخرى التي تمثلها رسومه يجعلنا نكتفي بهذا القدر، لنقول بأن رسومه تعكس ارتباطاً عميقاً بعصره سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
الصياغة الفنية
وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الصياغة الفنية لرسومه، نستطيع أن نقول بأن الواسطي رسام متمكن من خطوطه، بارع في استخدام الألوان، قادر على أن يعطي تكوينات مبتكرة، يتجنب كل ما يمكن أن يقوده إلى (التكرار) أو (التماثيل)، وهو قادر على أن يعطي إيقاعاً معيناً غنياً يساعد على تمتع المشاهد بأعماله، وهو بهذا يعطينا الصورة الشاملة عن مرحلة ازدهار رسوم المنمنمات في عصره.
نرى براعته في الرسوم حين ننظر إلى بعض رسوم أوراق الأشجار التي يرسمها وإلى الصيغ الجميلة التي يلخص بها (الجمال) أو (الخيل)، وتظهر براعته في اللون، في فهم مهمة اللون على طريقة كل الفنون الشرقية التي تجعل اللون عبارة عن مساحات متدرجة، ومتناغمة، تغطي الرسوم الخطية المتحركة، وعن طريق تدرج اللون، وتنوع هذا التدرج ضمن سيطرة لون واحد، يوحي لنا بجمالية لونية خاصة.
التكوين.. والمضمون
ولكن الجانب الأكثر أهمية في صياغة لوحات (الواسطي) يرجع إلى ترابط عميق بين (المضمون) الذي تطرحه اللوحات، وبين تكوينها، فالتكوين يعكس (الفكرة) ويساعد على إبرازها، وبالتالي ترتبط الصيغة الفنية التي يرسم بها بالهدف الرئيسي لهذه اللوحة المرسومة.
ففي إحدى الرسوم التي يرسم (الواسطي) فيها (محمل الحج) نلاحظ أن حركة حية تسيطر على الأشخاص، ويبدو (التشوق) للوصول إلى الحج قد حر كل التكوين، فامتدت رؤوس الأشخاص، والجمال، إلى الأمام، كأنها تريد تجاوز سرعتها، ولا تقنع بها، نظراً لرغبتها في الوصول إلى الديار المقدسة، وهنا نلمس رغبة عميقة عنده لإقناع المشاهد، عن طريق تصوير عالم الحجاج الداخلي وعدم اقتناعه بتصوير (المحمل) على شكل خارجي فقط، وبالتالي تبرز أهمية التعبير عن نفسية الحجاج عند تصويرهم، وفي هذا ما فيه من الدلالة على عمق رسوم (الواسطي) وتجاوزها للظاهر من الأشياء.
ونستطيع أن نرى ذلك واضحاً لو قارنا بين لوحته (المحمل) وبين لوحته عن (عيد الفطر) التي رسمها في المقامة السابعة، لوحة (عيد الفطر) تظهر ساكنة يوحي تكوينها بهذا الثبات الظاهري، وتؤكده أرجل الخيل وحركة الأشخاص، فالطبيعة النفسية التي يريد تمثيلها هنا طبيعة ساكنة لأن التشوق للوصول لم يحرك الأشخاص، بل استغرق كل واحد منهم في عمله.
ولكن (الواسطي) في لوحته (عيد الفطر) يلجأ إلى أساليب أخرى كي يحرك اللوحة، ويعطيها الحيوية، إذ الحركة الخارجية التي تدل على تشوق راكبي الجمال للوصول إلى الحج قد عبرت عن نفسية الأشخاص، في لوحته (محمل الحج)، بينما تظهر الحركة الداخلية في لوحته (عيد الفطر)، فأرجل الخيل ساكنة عامودية، لكنه لجأ إلى رفع رجل حصان إلى الأعلى، ليمنع التماثل، وليعطي المشهد حركة، كما حرك رؤوس عازفي (الأبواق) على شكل يختلف عن حركة حملة الأعلام، وجعل (قارع الطبل) يندفع إلى الأمام على شكل يختلف عن غيره ليعطي حركة داخلية للمشهد، رغم سكونه الظاهري، ونلاحظ أن الأبواق والأعلام قد نظمت بحيث تتبدل زاوية ميلها على خط الأفق ليعطي التنوع والغنى لتكوين اللوحة ولتظهر من خلال ذلك كله براعته الرائعة في إعطاء الحركة الداخلية، منذ غياب الحركة الخارجية.
وكل هذه الشواهد تعكس لنا مدى تمكن (الواسطي) من ربط مضمون عمله بأسلوب وتكوين هذا العمل، ورغبته في أن يتجنب (التكرار) و(التماثل)، وبالتالي نحس بالإيقاع الحركي يظهر من المشهد ويعبر عنه، سواء كان هناك الإيقاع ظاهراً، أو عميقاً، مما يدل على الغنى والتنوع في التفاصيل التي يستخدمها لتعطي أعمق الأبعاد لأعماله.
وبالإضافة إلى هذه البراعة في التكوينات نراه قادراً على أن يستغل كل التراث الفني السابق له، ببراعة ليعكس ما يريد قوله، وهذا ما أعطاه تنوعاً في الصيغ التي يكون لوحاته بها، نتيجة معرفته وتمكنه من مختلف الأساليب، وبالتالي تظهر في بعض تكويناته البساطة التي يتطلبها الموضوع، أو التعقيد الضروري، ونراه يلجأ إلى رسوم تهتم بالبعد، وتوحي به طريق (اللون) أو (النسب) وأحياناً يهمل ذلك معتمداً على أساليب أخرى ليوحي لنا بالبعد والتنوع، وهو يلجأ إلى المنظور أحياناً ويهمله أحياناً أخرى ويستخدم جمع الأمكنة معاً في لوحة، أو جمع الأزمنة، وكل ذلك تحت تأثير رغبته في أن يعبر عما يريد التعبير عنه، ولولا سعة اطلاعه على فنون من سبقه لما تمكن من استخدام كل هذه الأساليب، ولما استطاع أن يدمج بينها في وحدة، تؤلف شخصية خاصة به.
اللون
وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى مجال (اللون)، لنتحدث عنه نستطيع أن نعطي مثلاً حياً على فهم الواسطي لمهمة (اللون) وذلك عن طريق تحليل لوحته الشهيرة (قافلة الجمال)، حيث يعبر في هذه اللوحة عن مدى المقدرة الفنية له لابتكار أسلوب خاص لوني نستطيع أن نشرحه هنا.
(الواسطي) بلون (الجمال) يلون واحد يسيطر على جميع الجمال، ويتدرج هذا اللون، ويظهر كما لو أنه عبارة عن مساحات تختلف قيمة كل مساحة عن الأخرى، وتتباين بتدرج ضئيل، كدرجات متفاوتة من لون واحد، أو كأنها بقع ضوئية مختلفة الشدة، كل جمل منها تختلف عن آخر بفروق بسيطة تتكرر، من (الفاتح) حتى (الغامق)، وهنا نلمس تسلسلاً في درجة الإضاءة، تعكس فهماً عميقاً لهذه الدرجات، فاللون لا يعكس الظل والنور، ولكنه يعكس التباينات المختلفة المتسلسلة لتوحي بالفروق، ولتعطي التناغم الضروري للعمل، مما يقودنا إلى شعور بأننا ننتقل من درجة إلى درجة أكثر أو أقل إضاءة بقليل، فيعطي عن طريق هذه التبدلات إحساساً بالبعد والقرب والتنوع والحركة التي تمثل ميزة أخرى هامة من ميزات التلوين عنده، وهذا يؤكد لنا مدى ارتباط التلوين عنده بفهمه لميزات الفن العربي، وعمق نقله للأرابسك من مجال الخط الذي هو منطلق الفن العربي في الزخرفة إلى البقة اللونية، التي تجعل المشاهد يحس بحركة كل شيء في اللوحة.
فإذا قلنا عن (الواسطي) بأنه يتمثل كل مقومات الفن العربي، التي يلخصها التنظيم للحركة لتوحي باللامتناهي، الذي يوجد كل الأشكال الظاهرة، ونحس بحركة لا متناهية فيه، فيبدو ذلك أيضاً في رسومه ولنأخذ لوحة (قافلة الجمال) لندرس كيف عبرت عن كل مقومات الفن العربي.
ولو حاولنا أن نننظر إلى طريقته في رسم (الجمال) من حيث علاقتها بالخط اللامتناهي نجد الواسطي يرسمها بخطوط لينة، وإلى جانب بعضها بحيث تتداخل وتتشابك، والخط ينتقل بحرية وحركة مستمرة، كما لو أن الجمال كتلة واحدة، ولو وضعنا يدنا على الخط لوجدناه مستمراً لا ينقطع، ودون أن ننقل يدنا من جمل لآخر، يمر الخط في كل خطوط الجمال، وهذا الحركة اللامتناهية للخط تترافق مع حركة لا متناهية في (البقع اللونية) المتدرجة، وفي أرجل الجمال، ورؤوسها، بحيث يوحي المشهد بالحركة اللامتناهية، وفي ذلك ما فيه من الدلالة العميقة على استيعاب (الواسطي) لكل مفاهيم (الفن العربي) وتعبيره عنها، وبالتالي إعطائه للأرابسك قيمة تصويرية، وعدم وقوف هذا المفهوم عند حدود الزخرفة.
وأخيراً ما نود أن ننوه به، هو "الشخصية" المتميزة التي يقدمها الواسطي والتي تمثل تجربة (المينياتور العربي)، والتي تختلف اختلافاً كبيراً عن (المينياتور الفارسي)، الذي ازدهر فيما بعد على يد "بهزاد"، فالواسطي بمفاهيمه عن التصوير العربي أقرب للروحية العربية التي تسعى للتوفيق بين ما هو "موجود" وما هو "خلف الوجود"، بين ظاهر الطبيعة، وبين "أعماقها"، فالنمط واضح متين متحرك، واللون سطوح ومساحات، والفراغ في المساحات وخارجها موجود، وبالتالي يختلف كلياً عن الرسوم الفارسية في الميناتور التي جسدها (بهزاد)، والتي تنزع إلى (الرمزية) أكثر من رسوم (الواسطي) والتي تنفر من الفراغ، وتعتمد على اللون اعتماداً كبيراً، وتسرف في استخدام (الذهبي) كدلالة على اتجاه الفرس إلى إعطاء جو (زخرفة) وبهرج، وعناية بالدقائق والتفاصيل، عناية كبيرة. إن العناية بتميز انتقال التصوير من مراحل ازدهار الفن العربي، ومسلماته، إلى المرحلة الفارسية وتأثيراتها، هي التي أخذت تبرز الآن بين نقاد الفن الحديثين، مما يسمح لنا بتميز ضمن الحضارة الإسلامية بين (مرحلة عربية خالصة) تعبر عن مقومات هذه الحضارة، وبين مرحلة (فارسية)، وهذه المرحلة تترافق مع طبيعة التطور الذي مرت به الحضارة العربية، فالواسطي تمثل المرحلة الأولى كل التمثيل على كل حين يمثل بهزاد المرحلة الثانية وبينهما فروق كبيرة نترك دراستها بالتفصيل إلى محاولة أخرى لدراسة المنياتور العربي الإسلامي وتبيان تطور هذا المينياتور من خلال مختلف الاتجاهات.
Arab Painting للمؤلف Richard Eltenghausen وهو مدير قسم الشرق الأوسط في متحف واشنطن.
* مجلة الموقف الأدبي - العدد الثاني حزيران 1972 السنة الثانية
ولعل أهم ما رسمه (الواسطي) وإعطاء الشهرة الكبيرة التي يتمتع بها، هو كتاب (مقامات الحريري) حيث تتمتع هذه المخطوطة التي رسمها بأهمية فنية كبيرة، لأنها تعتبر المصدر الرئيسي لمعرفتنا بتطور فن المنمنمات العربي، ولأنها تمثل أروع ما أنتجه الفن العربي في هذا المجال.
3 مخطوطات
وفي الواقع هناك ثلاثة مخطوطات رسمت في بغداد مقامات الحريري قام برسمها (الواسطي) وهذه المخطوطات محفوظة في ثلاثة مكتبات، واحدة في (استانبول) والثانية في (لينغراد)، والثالثة في (باريس) والمخطوطة الأخيرة هي التي شهرت (الواسطي) حين عرضت عام 1938 في معرض أقيم بمناسبة مرور /700/ عام على رسمها، إذ رسمت عام 1237، وهي المخطوطة التي قام المهتمون بالفن العربي بدراستها، والتنويه بأهميتها، لما لمسوه من أهيمة الجانب الفني فيها، إذ تمثل أروع ما رسم من رسوم، بل تمثل فترة الازدهار لمرحلة تجاوز الفن العربي فيها كل الأطر التقليدية المعهودة فيه، وبالتالي بلغ فترة الازدهار العظمى في القرن الثالث عشر الميلادي.
وتحتوي مخطوطة (باريس) على /99/ رسماً لمقامات الحريري بينما تنقص مخطوطة (لينغراد) حوالي /11/ صفحة منها، أما مخطوطة (استانبول) فقد تعرضت للتمزيق، والتلف، وحذفت منها رؤوس الأشخاص، وسنحاول هنا التحدث عن بعض رسوم مخطوطة (ليننغراد) و(باريس)، معتمدين في ذلك على ما طبع من هذه الرسوم، وعلى دراسة للكاتب "رتشارد اتنغاوسن" الذي حلل بعمق هذه الرسوم في كتابه الشهير "فن التصوير العربي" الذي طبع في (سويسرا) قبل عدة أعوام1.
خصائص الفن العربي
نستطيع في البداية، أن تقول بأن رسوم الواسطي تعبر عن الفن العربي، وعن خصائصه الأساسية، من حيث أخذ التأثيرات المختلفة البيزنطية والفارسية والهندية، ومحاولة تجاوزها تحت تأثير القيم الرئيسية العربية، وتأثير الواقع الذي يعيشه الفنان في عصره، فقد عمد الواسطي إلى الاستفادة من كل الأساليب الفنية القديمة والموروثة، لخدمة تعبيره عن عصره، وعن مقومات الحضارة العربية ونزوعها إلى (الوحدانية) التي تجلت في الفن عن طريق (الخط اللامتناهي)، فالخط العربي يربط التشكيلات في اللوحة بوحدة عميقة، توفق بين مظاهر الأشياء في الطبيعة وبين الطبيعة العميقة الموجدة لهذه المظاهر. فالأشخاص والكائنات المحسوسة تترابط عن طريق خط متواصل يمر فيهم جميعاً ليوجدهم ويعبر عن فكرة (وحدة) كل الأشياء رغم تبدل مظاهرها الخارجية.
ولهذا لابد لنا من أن نتطرق إلى عدة جوانب رئيسية تعكسها أعماله، ونلخصها فيما يلي: التعبير عن المرحلة التي عاشها (الواسطي)، وارتباط هذا التعبير بالواقع الحياتي والاجتماعي السياسي، وثانيهما التطور الذي قدمه (الواسطي) في مجال التعبير الفني، من حيث الصياغة، لتتلاءم هذه الصياغة مع (المضمون الفكري) الذي تمثله الأعمال، وأخيراً الارتباط العميق بين (رسومه) والمفاهيم الأساسية التي طرحته الحضارة العربية في مجال الفن التشكيلي.
الجانب الأول
في أحد رسوم المقامات، وهي المقامة الثامنة والثلاثين، يرسم الواسطي أحد المستولين الفقراء أمام ملك (غني) ويعبر من خلال ذلك عن طريق التناقض بين ألبستهما عن (الفروق الطبقية) القائمة ويلاحظ النقاد أن هذا التناقض قد ألح عليه (الواسطي) مما يدل على أنه مقصود، وليس عفوياً، وهو يدل على وعي الرسام للواقع الذي يعيشه.
وفي مقدمة (مقامات الحريري) في مخطوطة (باريس) يرسم الواسطي رجلين أحدهما (تركي ) والآخر (عربي) ويظهر التركي ضخماً كبيراً كما لو كان الحاكم، على حين يصور العربي على نحو أبسط،كما لو أنه لا يملك من أمره شيئاً، لقد صور نسراً ضخماً على رأس التركي، وعصفوراً على رأس العربي، مما يؤكد رغبته في إظهار هذه الفروق ليعكس بوضوح سيطرة الأتراك على الحكم في بغداد، وفي ذلك من الدلالة على الارتباط العميق بالأحداث السياسية التي كان يريد التعبير عنها، عن طريق شتى الأساليب.
ولقد وصل الواسطي في رسومه (لمقامات الحريري) الموجودة في (باريس) إلى مرحلة أعمق من ذلك، إذ حاول أن يعكس بعض جوانب حياتية في الرسوم، تتجاوز ما يخبرنا به النص الأصلي، ويعطيه أبعاداً أعمق من مجرد (الرسم التوضيحي)..
من المعروف أن (مقامات الحريري)، متباينة في أهميتها النقدية، ومختلفة في قيمة القصص التي تنقلها، وفي دلالالتها الاجتماعية، ولكن (الواسطي) يأخذ من القصص ما يراه أقرب للتعبير الاجتماعي، ليعكس من خلال رسومه ما يريد أن يقول. ويبدو ذلك بوضوح في المقامة /43/ التي صورها (الواسطي)، إذ ظهرت القرية في مشهد (بانورامي) ـ المساجد، السوق، الحيوانات، العادات، الأثاث، غزل الصوف، الزراعة ـ مع أن القصة لا تتطلب كل ذلك، ولكن (الواسطي) يضيفها في خلفية اللوحة ليعطينا الإطار الاقتصادي والاجتماعي لأحداث القصة التي يصورها في المقدمة، وبالتالي يعطينا لوحة واقعية تمثل حياة القرية في عصره، فيغني القصة، ويضيف إليها ما نريد معرفته من (الواقع الاقتصادي) لقرية من تلك الأيام.
ونستطيع أن نعطي بعض نماذج أخرى توضح أسلوب (الواسطي) في اختيار رسومه، واللحظات التي يريد تصويرها ليعكس القصة المرسومة، ويتجاوز القصة بما يضفه من تفاصيل تغنيها وتعطيها الأهمية الكبيرة، ولكن رغبتنا في أن نبحث في الجوانب الأخرى التي تمثلها رسومه يجعلنا نكتفي بهذا القدر، لنقول بأن رسومه تعكس ارتباطاً عميقاً بعصره سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
الصياغة الفنية
وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى الصياغة الفنية لرسومه، نستطيع أن نقول بأن الواسطي رسام متمكن من خطوطه، بارع في استخدام الألوان، قادر على أن يعطي تكوينات مبتكرة، يتجنب كل ما يمكن أن يقوده إلى (التكرار) أو (التماثيل)، وهو قادر على أن يعطي إيقاعاً معيناً غنياً يساعد على تمتع المشاهد بأعماله، وهو بهذا يعطينا الصورة الشاملة عن مرحلة ازدهار رسوم المنمنمات في عصره.
نرى براعته في الرسوم حين ننظر إلى بعض رسوم أوراق الأشجار التي يرسمها وإلى الصيغ الجميلة التي يلخص بها (الجمال) أو (الخيل)، وتظهر براعته في اللون، في فهم مهمة اللون على طريقة كل الفنون الشرقية التي تجعل اللون عبارة عن مساحات متدرجة، ومتناغمة، تغطي الرسوم الخطية المتحركة، وعن طريق تدرج اللون، وتنوع هذا التدرج ضمن سيطرة لون واحد، يوحي لنا بجمالية لونية خاصة.
التكوين.. والمضمون
ولكن الجانب الأكثر أهمية في صياغة لوحات (الواسطي) يرجع إلى ترابط عميق بين (المضمون) الذي تطرحه اللوحات، وبين تكوينها، فالتكوين يعكس (الفكرة) ويساعد على إبرازها، وبالتالي ترتبط الصيغة الفنية التي يرسم بها بالهدف الرئيسي لهذه اللوحة المرسومة.
ففي إحدى الرسوم التي يرسم (الواسطي) فيها (محمل الحج) نلاحظ أن حركة حية تسيطر على الأشخاص، ويبدو (التشوق) للوصول إلى الحج قد حر كل التكوين، فامتدت رؤوس الأشخاص، والجمال، إلى الأمام، كأنها تريد تجاوز سرعتها، ولا تقنع بها، نظراً لرغبتها في الوصول إلى الديار المقدسة، وهنا نلمس رغبة عميقة عنده لإقناع المشاهد، عن طريق تصوير عالم الحجاج الداخلي وعدم اقتناعه بتصوير (المحمل) على شكل خارجي فقط، وبالتالي تبرز أهمية التعبير عن نفسية الحجاج عند تصويرهم، وفي هذا ما فيه من الدلالة على عمق رسوم (الواسطي) وتجاوزها للظاهر من الأشياء.
ونستطيع أن نرى ذلك واضحاً لو قارنا بين لوحته (المحمل) وبين لوحته عن (عيد الفطر) التي رسمها في المقامة السابعة، لوحة (عيد الفطر) تظهر ساكنة يوحي تكوينها بهذا الثبات الظاهري، وتؤكده أرجل الخيل وحركة الأشخاص، فالطبيعة النفسية التي يريد تمثيلها هنا طبيعة ساكنة لأن التشوق للوصول لم يحرك الأشخاص، بل استغرق كل واحد منهم في عمله.
ولكن (الواسطي) في لوحته (عيد الفطر) يلجأ إلى أساليب أخرى كي يحرك اللوحة، ويعطيها الحيوية، إذ الحركة الخارجية التي تدل على تشوق راكبي الجمال للوصول إلى الحج قد عبرت عن نفسية الأشخاص، في لوحته (محمل الحج)، بينما تظهر الحركة الداخلية في لوحته (عيد الفطر)، فأرجل الخيل ساكنة عامودية، لكنه لجأ إلى رفع رجل حصان إلى الأعلى، ليمنع التماثل، وليعطي المشهد حركة، كما حرك رؤوس عازفي (الأبواق) على شكل يختلف عن حركة حملة الأعلام، وجعل (قارع الطبل) يندفع إلى الأمام على شكل يختلف عن غيره ليعطي حركة داخلية للمشهد، رغم سكونه الظاهري، ونلاحظ أن الأبواق والأعلام قد نظمت بحيث تتبدل زاوية ميلها على خط الأفق ليعطي التنوع والغنى لتكوين اللوحة ولتظهر من خلال ذلك كله براعته الرائعة في إعطاء الحركة الداخلية، منذ غياب الحركة الخارجية.
وكل هذه الشواهد تعكس لنا مدى تمكن (الواسطي) من ربط مضمون عمله بأسلوب وتكوين هذا العمل، ورغبته في أن يتجنب (التكرار) و(التماثل)، وبالتالي نحس بالإيقاع الحركي يظهر من المشهد ويعبر عنه، سواء كان هناك الإيقاع ظاهراً، أو عميقاً، مما يدل على الغنى والتنوع في التفاصيل التي يستخدمها لتعطي أعمق الأبعاد لأعماله.
وبالإضافة إلى هذه البراعة في التكوينات نراه قادراً على أن يستغل كل التراث الفني السابق له، ببراعة ليعكس ما يريد قوله، وهذا ما أعطاه تنوعاً في الصيغ التي يكون لوحاته بها، نتيجة معرفته وتمكنه من مختلف الأساليب، وبالتالي تظهر في بعض تكويناته البساطة التي يتطلبها الموضوع، أو التعقيد الضروري، ونراه يلجأ إلى رسوم تهتم بالبعد، وتوحي به طريق (اللون) أو (النسب) وأحياناً يهمل ذلك معتمداً على أساليب أخرى ليوحي لنا بالبعد والتنوع، وهو يلجأ إلى المنظور أحياناً ويهمله أحياناً أخرى ويستخدم جمع الأمكنة معاً في لوحة، أو جمع الأزمنة، وكل ذلك تحت تأثير رغبته في أن يعبر عما يريد التعبير عنه، ولولا سعة اطلاعه على فنون من سبقه لما تمكن من استخدام كل هذه الأساليب، ولما استطاع أن يدمج بينها في وحدة، تؤلف شخصية خاصة به.
اللون
وإذا انتقلنا بعد ذلك إلى مجال (اللون)، لنتحدث عنه نستطيع أن نعطي مثلاً حياً على فهم الواسطي لمهمة (اللون) وذلك عن طريق تحليل لوحته الشهيرة (قافلة الجمال)، حيث يعبر في هذه اللوحة عن مدى المقدرة الفنية له لابتكار أسلوب خاص لوني نستطيع أن نشرحه هنا.
(الواسطي) بلون (الجمال) يلون واحد يسيطر على جميع الجمال، ويتدرج هذا اللون، ويظهر كما لو أنه عبارة عن مساحات تختلف قيمة كل مساحة عن الأخرى، وتتباين بتدرج ضئيل، كدرجات متفاوتة من لون واحد، أو كأنها بقع ضوئية مختلفة الشدة، كل جمل منها تختلف عن آخر بفروق بسيطة تتكرر، من (الفاتح) حتى (الغامق)، وهنا نلمس تسلسلاً في درجة الإضاءة، تعكس فهماً عميقاً لهذه الدرجات، فاللون لا يعكس الظل والنور، ولكنه يعكس التباينات المختلفة المتسلسلة لتوحي بالفروق، ولتعطي التناغم الضروري للعمل، مما يقودنا إلى شعور بأننا ننتقل من درجة إلى درجة أكثر أو أقل إضاءة بقليل، فيعطي عن طريق هذه التبدلات إحساساً بالبعد والقرب والتنوع والحركة التي تمثل ميزة أخرى هامة من ميزات التلوين عنده، وهذا يؤكد لنا مدى ارتباط التلوين عنده بفهمه لميزات الفن العربي، وعمق نقله للأرابسك من مجال الخط الذي هو منطلق الفن العربي في الزخرفة إلى البقة اللونية، التي تجعل المشاهد يحس بحركة كل شيء في اللوحة.
فإذا قلنا عن (الواسطي) بأنه يتمثل كل مقومات الفن العربي، التي يلخصها التنظيم للحركة لتوحي باللامتناهي، الذي يوجد كل الأشكال الظاهرة، ونحس بحركة لا متناهية فيه، فيبدو ذلك أيضاً في رسومه ولنأخذ لوحة (قافلة الجمال) لندرس كيف عبرت عن كل مقومات الفن العربي.
ولو حاولنا أن نننظر إلى طريقته في رسم (الجمال) من حيث علاقتها بالخط اللامتناهي نجد الواسطي يرسمها بخطوط لينة، وإلى جانب بعضها بحيث تتداخل وتتشابك، والخط ينتقل بحرية وحركة مستمرة، كما لو أن الجمال كتلة واحدة، ولو وضعنا يدنا على الخط لوجدناه مستمراً لا ينقطع، ودون أن ننقل يدنا من جمل لآخر، يمر الخط في كل خطوط الجمال، وهذا الحركة اللامتناهية للخط تترافق مع حركة لا متناهية في (البقع اللونية) المتدرجة، وفي أرجل الجمال، ورؤوسها، بحيث يوحي المشهد بالحركة اللامتناهية، وفي ذلك ما فيه من الدلالة العميقة على استيعاب (الواسطي) لكل مفاهيم (الفن العربي) وتعبيره عنها، وبالتالي إعطائه للأرابسك قيمة تصويرية، وعدم وقوف هذا المفهوم عند حدود الزخرفة.
وأخيراً ما نود أن ننوه به، هو "الشخصية" المتميزة التي يقدمها الواسطي والتي تمثل تجربة (المينياتور العربي)، والتي تختلف اختلافاً كبيراً عن (المينياتور الفارسي)، الذي ازدهر فيما بعد على يد "بهزاد"، فالواسطي بمفاهيمه عن التصوير العربي أقرب للروحية العربية التي تسعى للتوفيق بين ما هو "موجود" وما هو "خلف الوجود"، بين ظاهر الطبيعة، وبين "أعماقها"، فالنمط واضح متين متحرك، واللون سطوح ومساحات، والفراغ في المساحات وخارجها موجود، وبالتالي يختلف كلياً عن الرسوم الفارسية في الميناتور التي جسدها (بهزاد)، والتي تنزع إلى (الرمزية) أكثر من رسوم (الواسطي) والتي تنفر من الفراغ، وتعتمد على اللون اعتماداً كبيراً، وتسرف في استخدام (الذهبي) كدلالة على اتجاه الفرس إلى إعطاء جو (زخرفة) وبهرج، وعناية بالدقائق والتفاصيل، عناية كبيرة. إن العناية بتميز انتقال التصوير من مراحل ازدهار الفن العربي، ومسلماته، إلى المرحلة الفارسية وتأثيراتها، هي التي أخذت تبرز الآن بين نقاد الفن الحديثين، مما يسمح لنا بتميز ضمن الحضارة الإسلامية بين (مرحلة عربية خالصة) تعبر عن مقومات هذه الحضارة، وبين مرحلة (فارسية)، وهذه المرحلة تترافق مع طبيعة التطور الذي مرت به الحضارة العربية، فالواسطي تمثل المرحلة الأولى كل التمثيل على كل حين يمثل بهزاد المرحلة الثانية وبينهما فروق كبيرة نترك دراستها بالتفصيل إلى محاولة أخرى لدراسة المنياتور العربي الإسلامي وتبيان تطور هذا المينياتور من خلال مختلف الاتجاهات.
Arab Painting للمؤلف Richard Eltenghausen وهو مدير قسم الشرق الأوسط في متحف واشنطن.
* مجلة الموقف الأدبي - العدد الثاني حزيران 1972 السنة الثانية