زين الدين الجزيري - عمدة الصفوة في حل القهوة

تعود بداية انتشار القهوة في العالم المتحضر إلى اليمن، عن طريق جماعة من صوفيتها كان لهم دور لا يستهان به في مناوئة الفقهاء الذين أفتوا بتحريمها والتشنيع على من يشربها، حتى قام بعض الأمراء بهدم المقاهي وكسر اواني الشراب، وإتلاف حبوب البن، ومعاقبة من يشرب القهوة، فكان ذلك سبب ما وضع من التآليف في القهوة، وفي مقدمتها كتاب شهاب الدين أحمد بن محمد المالكي، الذي استخلص الجزيري معظم مواد كتابه التاريخية والفقهية منه، وزاد عليه النوادر الأدبية والشعرية التي كتبها الشعراء في وصف تلك الوقائع، وذلك في غضون عام 966هـ. ولا يزال كتاب المالكي مخطوطا، ومنه نسخة بمكتبة بطرسبورغ. افتتحه بقوله: (إن الأخبار قد وردت علينا بمصر أوائل هذا القرن بانه قد شاع في اليمن شراب يقال له القهوة، تستعمله مشايخ الصوفية...) قال الجزيري: (فأحببت أن ألخص منه مؤلفا لطيفا ، وأضم إليه من غرر الفرائد ما تتصل الصلة منه بالعائد، وأزيد عليه إن شاء الله تعالى ما يبتلج به صبح إسفاره ... ) ورتب الكتاب على سبعة أبواب:
1- في معنى القهوة وصفتها، ومن أي بلدة كان انتشارها
2- في ذكر المحضر الذي كتب بشأنها بمكة، والمرسوم الوارد جوابا، وذكر فتاوى العلماء بالحل والحرمة
3- في إبطال دعوى الإنكار لها وأنها من الشراب الطهور
4- في إبطال القول بحرمتها
5- في أن موجب الحرمة ليس في ذاتها، بل من تعاطيها بالأوصاف الخارجة عنها.
6- في نكت متفرقة وفوائد تتعلق بها
7- في بعض ما روي من الشعر في حلها، والفتاوى الشعرية التي كتبت حولها عام (953هـ) وقد اورد في هذا الفصل كثيرا من شعره في القهوة، ومن ذلك قصيدة له على نهج البردة في (43) بيتا.
اعتمد الحبشي في تحقيقه للكتاب عدة مخطوطات منها نسخة خاصة اطلع عليها وتقع في نحو 170 صفحة صغيرة، فرغ ناسخها من نسخها يوم 6/ رمضان/ 1070هـ ومنها مخطوطة مكتبة الإسكندرية وتاريخ نسخها عام (978هـ) ونسخة دير الأسكوريال التي رمز لها بالحرف (ك) ومما ألفه أهل اليمن في القهوة أيضا: كتاب ( إيناس الصفوة بأنفاس القهوة) للشيخ عبد الرحمن ابن محمد التريمي الشهير بابن مخ الرأس (ت 1112هـ) وعند أحفاده اليوم نسخة منه. و(المستخرجات البينات في القهوة والطباق والقات: خ) ليحيى بن الحسين بن القاسم (1099هـ) نقل منه الحبشي بعض الفوائد. أما مؤلف الكتاب فمن كبار مشاهير عصره، نسبته إلى الجزيرة الفراتية، أشهر مؤلفاته (الدرر الفرائد المنظمة في أخبار الحاج وطريق مكة المعظمة- ط) اشتمل على الكثير من اخباره، وكان يعمل كاتبا في خدمة أمير الحاج أحمد كوجك، في وظيفة كانت تسمى (مباشر الركب) وفي عام (976هـ) غضب عليه أمير الحاج، وضربه ضربا موجعا كما يقول النهروالي في (البرق اليماني) ثم حطه في الحديد، ومشاه مرحلة كاملة، وكان شيخا مسنا وقورا، فما استحيا احمد بك من شيبته.... ولعل احمد بك ما هلك بعد ذلك إلا بدعائه، فمات مقتولا بعد ذلك بعام في حصن بَعْدان في اليمن، وهو المراد بقول الجزيري:
ألا قولوا لشخص قد تفوى = على ضعفي ولا يخشى رقيبهْ)
( خبأت له سهاما في الليالي = وأرجو ان تكون له مصيبهْ)

طبع الكتاب بتحقيق البحاثة عبد الله محمد الحبشي (أبوظبي: (هيئة أبوظبي للثقافة والتراث: 1428هـ 2007م) ط1 251 صفحة )