نقوس المهدي
كاتب
وتعلمنا محبة الحكمة بأن الحب هو الأبدية حين تنظر إلى نفسها في مرآة الزمان، لأنه عبر الحب يمضي الإنسان إلى الغروب في الأصيل الروحي للمساء، وحين يمطر الألم في المغيب، يبتهج المحبوب بالحبيب، ويقبل بالظلم كعدالة، والعدالة كظلم.
تلك نشوة الحب رائعة رغم عنفها الرمزي الذي يطهر الألم بالألم، ويدفع هذه العاشقة اليائسة إلى القول: «أودعك وأطلب منك أن تحبني، وأن تزيد آلامي يوما بعد يوم». إنها تحبه، ولذلك ينبغي أن تتمتع بآلامه؛ «أعني أنني أحبك في أعماق اليأس».
يا للدهشة أمام هذا الحب الذي امتزج باليأس، بل لقد تحول إلى تجربة وجودية في أعماق اليأس، باعتباره مرحلة أساسية في يقظة الروح من سباتها، وضياعها في العدم، لأن الحب وحده يمنحها شهادة الميلاد في الوجود، ويجعلها تتحرر من إرهاب الخوف، ومواجهة قدرها ببهجة، وكأن الذي يحب تطل النجوم من روحه، ويستطيع أن يحول التراجيدية إلى كوميديا، والشقاء إلى سعادة، والحزن إلى ابتهاج، والموت إلى حياة؛ لعبة مقدسة، اختراق عميق لكينونة الزمان.
فكل شيء في الإنسان يخضع لسلطة الزمان إلا الحب، إنه دائرة مستقلة داخل الوجود، ولذلك يتم الرمز إليه بواسطة خاتم الزواج، والاحتفال به، وإشعال نار البهجة، إنه يضاد الموت الذي يستدعي البكاء والحداد، فالحب يكشف عن الحقيقة، إنه البناء الجمالي للحقيقة.
نعم إن فقدان المحبوب هو في حقيقته موت ينشر ظل الأحزان، التي تخفي أنوار الروح، وترمي بها في أعنف المأساة، إنه الفرح المأساوي، بلغة نيتشه ففي كتاب «ميلاد المأساة»، يتحدث عن استيتيقا الذات، التي تحتفظ بالعمق المأساوي للمرح، حيث أن الإنسان الفنان يشعر في غمرة الابتهاج بهدير الأحزان، وباقترابه من الاغتراب، إنها فرحة استيتيقية يحملها الحب في هيجانه، لكن مهما كان قدر العشاق حزينا، فإنهم يحتفلون بتلك اللحظات الجميلة.
هكذا يكون الحب هو أكبر حافز على الحياة، وفي الوقت نفسه هو الوجه الآخر لليأس. ومع ذلك يقوي الذات، ويجعلها قادرة على تغيير حالات الوجود الأكثر رعبا. وقد كانت المأساة عند الإغريق هي نفسها إرادة القوة التي تدمر ذلك الوجه البشع للوجود، فحقيقة الحب تشبه إلى حد ما حقيقة العمل الفني، باعتبارها مزيجا من الفرح والحزن، أو بالأحرى إنها الابتهاج المأساوي، الذي يتطلب التضحية بالعواطف مقابل نشوة عابرة، نشوة أفروديت وديونيزوس.
والواقع أن تحديد حقيقة الحب لا يمكن أن يتم في غياب حقيقة الإنسان، هذا المسافر وظله من استيتيقا الثمالة إلى استيتيقا المتعة. لكن من أين ينبثق الحب؟ ومتى يخرج من القوة إلى الفعل؟ ومن هو المحرك الذي يقوم بإبداع تمثال الحب في أعماق الروح؟ وماذا يعني أن يكون الإنسان عاشقا أبديا لحب زائل؟
الحب نعمة الأعماق، يسيطر على الروح ويوجهها نحو الابتهاج المأساوي، لأن الحب لا يكون حبا إلا إذا كان شعلة الروح، يحدث صدى في كين
تلك نشوة الحب رائعة رغم عنفها الرمزي الذي يطهر الألم بالألم، ويدفع هذه العاشقة اليائسة إلى القول: «أودعك وأطلب منك أن تحبني، وأن تزيد آلامي يوما بعد يوم». إنها تحبه، ولذلك ينبغي أن تتمتع بآلامه؛ «أعني أنني أحبك في أعماق اليأس».
يا للدهشة أمام هذا الحب الذي امتزج باليأس، بل لقد تحول إلى تجربة وجودية في أعماق اليأس، باعتباره مرحلة أساسية في يقظة الروح من سباتها، وضياعها في العدم، لأن الحب وحده يمنحها شهادة الميلاد في الوجود، ويجعلها تتحرر من إرهاب الخوف، ومواجهة قدرها ببهجة، وكأن الذي يحب تطل النجوم من روحه، ويستطيع أن يحول التراجيدية إلى كوميديا، والشقاء إلى سعادة، والحزن إلى ابتهاج، والموت إلى حياة؛ لعبة مقدسة، اختراق عميق لكينونة الزمان.
فكل شيء في الإنسان يخضع لسلطة الزمان إلا الحب، إنه دائرة مستقلة داخل الوجود، ولذلك يتم الرمز إليه بواسطة خاتم الزواج، والاحتفال به، وإشعال نار البهجة، إنه يضاد الموت الذي يستدعي البكاء والحداد، فالحب يكشف عن الحقيقة، إنه البناء الجمالي للحقيقة.
نعم إن فقدان المحبوب هو في حقيقته موت ينشر ظل الأحزان، التي تخفي أنوار الروح، وترمي بها في أعنف المأساة، إنه الفرح المأساوي، بلغة نيتشه ففي كتاب «ميلاد المأساة»، يتحدث عن استيتيقا الذات، التي تحتفظ بالعمق المأساوي للمرح، حيث أن الإنسان الفنان يشعر في غمرة الابتهاج بهدير الأحزان، وباقترابه من الاغتراب، إنها فرحة استيتيقية يحملها الحب في هيجانه، لكن مهما كان قدر العشاق حزينا، فإنهم يحتفلون بتلك اللحظات الجميلة.
هكذا يكون الحب هو أكبر حافز على الحياة، وفي الوقت نفسه هو الوجه الآخر لليأس. ومع ذلك يقوي الذات، ويجعلها قادرة على تغيير حالات الوجود الأكثر رعبا. وقد كانت المأساة عند الإغريق هي نفسها إرادة القوة التي تدمر ذلك الوجه البشع للوجود، فحقيقة الحب تشبه إلى حد ما حقيقة العمل الفني، باعتبارها مزيجا من الفرح والحزن، أو بالأحرى إنها الابتهاج المأساوي، الذي يتطلب التضحية بالعواطف مقابل نشوة عابرة، نشوة أفروديت وديونيزوس.
والواقع أن تحديد حقيقة الحب لا يمكن أن يتم في غياب حقيقة الإنسان، هذا المسافر وظله من استيتيقا الثمالة إلى استيتيقا المتعة. لكن من أين ينبثق الحب؟ ومتى يخرج من القوة إلى الفعل؟ ومن هو المحرك الذي يقوم بإبداع تمثال الحب في أعماق الروح؟ وماذا يعني أن يكون الإنسان عاشقا أبديا لحب زائل؟
الحب نعمة الأعماق، يسيطر على الروح ويوجهها نحو الابتهاج المأساوي، لأن الحب لا يكون حبا إلا إذا كان شعلة الروح، يحدث صدى في كين