نقوس المهدي
كاتب
فكرت طويلاً فى الاعتذار عن عدم الكتابة هذا الأسبوع، لأنه لا يمكننى بأى حال استكمال سلسلة المقالات التى أكتبها حالياً (مع الحالة المصرية) الحالية! أو بعبارة أخرى: لأنه من غير اللائق الكلام عن (الرؤية الصوفية للعالم) فى عالم تضطرب فيه بواطنُ المصريين، وتضطرم قلوبهم التهاباً وغضباً، بسبب اللقاءات الكروية البائسة التى جرت مؤخراً مع ذلك البلد المسمى الجزائر (وسوف أعود بعد قليل للكلام عن هذا الاسم) وبسبب الأحداث المريعة التى وقعت كتداعيات لهاتين المباراتين الأخيرتين.
ولذلك، أستأذنُ القراء فى قطع الكلام هذا الأسبوع، ومواصلته ثانيةً ابتداءً من الأسبوع القادم، بالحديث عن «صوفية الفن وفنون التصوف» ثم «شطحات التعبير الصوفى» ثم «أزمة اللغة عند الصوفى» وأخيراً «رمزية الأدب».. وبذلك تتم السباعية الصوفية التى تستكشف آفاق الرؤية الروحية للكون.
وحديثنا اليوم سيكون فى أوله، عن ذكريات (جزائرية) أهاجتها فى باطنى الأحداث الأخيرة، وأثارتها بقلبى بقوة، الحالةُ المصرية التى وجدتها هنا بعد عودتى- يوم الجمعة الماضى- من رحلةٍ قصيرةٍ إلى دولة الإمارات لإتمام أمر كان لابدَّ له أن يتم. المهم، أننى على الرغم من عدم اكتراثى بلعبة كرة القدم، التى صارت مؤخراً معادلاً موضوعياً للوطنية المصرية! وعلى الرغم من ندرة متابعتى لمثل هذه (المواجهات الكروية المصيرية) أو التى صارت «مصيرية» لأنها مصرية بالمعنى المعاصر للكلمة، فقد تابعتُ ما جرى وتذكرتُ أشياءَ جرت فى السنوات الأخيرة.
أتذكرُ.. أنه قبل سنين، كان هناك لقاءٌ كروى مع الجزائر فى القاهرة، وفازت مصر وسط هدير مائة وعشرين ألف مشجع فى استاد القاهرة. واستهانةً بمائة وعشرين ألف مشجع مصرى، واستخفافاً بقلب القاهرة التى يهدر فيها ضجيج الملايين من المصريين، فقأ اللاعب الجزائرى الشنيع البائس (الأخضر بللومى) عينَ طبيب مصرى.
طبيبٌ مصرى، أجهد أهله أنفسهم لتعليمه ولجعله إنساناً مرموقاً، يفقأ عينه شخصٌ تافه، تصادف أنه يجيد اللعب بالكرة، وتصادف أن أهله لم يحسنوا تربيته وتعليمه وجعله إنساناً مرموقاً، فكانت النتيجة أنه صار يحرز لفريقه الأهداف، ويفقأ للمصريين عيون أطبائهم..
فما الذى فعلته مصر فى ذاك الحين؟ مصر المحروسة التى ترفع شعار دولة القانون؟ مصر المنكوبة فى أبنائها النابغين الذين يمثلهم الطبيب مفقوء العين؟.. لم يحدث شىء! لم يُحاكم اللاعب، ولم يُحتجز، ولم يُحقق معه. وياليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل إن (مصرنا المحروسة) ممثلة فى الجهات المنوط بها مثل تلك الأمور، أَلْهتها فرحة الفوز فى مباراة، فلم تنتبه إلى أنها صارت البلد الذى سقطت هيبته فى عاصمته ووسط الملايين من أهله، وظنَّت أنها إذ تفوز بمباراة تعيسة فإنها ستحوز المجد بين الأمم.. ماذا فعلت مصر بالمجرم الجزائرى؟..
أخذته فى حماية الشرطة مع فريقه، أوصلتهم سالمين إلى المطار، فوصلوا بلادهم ترافقهم السلامة للجزائريين والخزى للمصريين. فهل نستغرب من بعد ذلك، أن يأتى علينا يوم آخر، يفقأ فيه الجزائريون مزيداً من عيون المصريين؟ وهل نستبعد أنه فى حالة فوز الفريق المصرى الأسبوع الماضى، تحت ظلال السكاكين التى يلوِّح بها الجزائريون، أن كارثة إنسانية كانت ستقع فى الخرطوم؟ وكانت السلطات المعنية سوف توصل المجرمين إلى بلادهم ترافقهم السلامة الجزائرية ويعود الضحايا إلى بلادهم يرافقهم الخزى المصرى.
ماذا كنا ننتظر من مباراة الخرطوم: نفوز ويلحقنا الخزى، أم ننهزم ويلحقنا الخزى؟ وكأن الخزىَ مكتوب علينا فى كل الأحوال. وما ذاك إلا لأننا، رضينا بالهوان مرة من بعد مرة، فصرنا فى أعين الآخرين هيِّنين.. وحسبما قال الشاعر: من يَهُنْ يسهل الهوان عليه.
■ ■ ■
أتذكرُ.. دُعيتُ للجزائر قبل فترة، للمشاركة فى مؤتمر عن التراث العربى ينعقد هناك، فكانت معى هناك كارثة، لأننى حين وصلت مع ثلاثة من المشاركين الذين ذهبوا من مصر إلى العاصمة الجزائرية الجزائر (عزَّتْ الأسماء وندرتْ، فجعلوا للبلد وعاصمته اسماً واحداً!) لم نجد أحداً ينتظرنا فى المطار. وفى ساحته الخارجية ووسط سيارات المسافرين، كان (المندوب) ينتظر متلفتاً، خشية وقوع تفجير مفاجئ. وقد أخبرنا حين رآنا قادمين، بخبرٍ يقين مفاده أنهم نقلوا المؤتمر لأسباب أمنية، إلى بلدة مجاورة للعاصمة. وفى هذه البلدة، لم نجد فى الموضع التعيس الذى قضينا فيه ليلتنا، أغطية.. مع أن البرد الليلى الشتوى، كان شديداً.
أيقظنى فى الفجر ألـمٌ شديدٌ لم أعرفه من قبل، ولا عرفته من بعد، فأخذنى الزميل د.خالد عزب إلى مستشفى قروى، ظللت فيه لسبع ساعات أعانى الويلات. يقبض على شِقِّى الألم المفاجئ، فيعتصرنى، وأقبض بإحدى يدىَّ على معصم «خالد عزب» فأعتصره، وباليد الأخرى أقبض على قائم السَّرير الحديدى، حتى إنه انثنى من شدة جذبى، مع شدة الألم.. وبعدما انتبهتْ السفارةُ المصريةُ ووزارة الثقافة الجزائرية للأمر، نقلونى إلى المستشفى العام للعاصمة، لأبقى على أبوابه الخارجية ساعةً مرت كأنها الدهر كله.
لماذا بقيتُ على الأبواب يعصرنى الألم؟ لأن المستشفى كان مغلق الأبواب! لأن رئيسهم الحالى المسمى (بوتفليقة) الذى كان قبلها بقليل، لاجئاً بدولة الإمارات العربية، ثم صار فجأة رئيساً للجمهورية الجزائرية. المهم، كان هذا الرئيس فى طريقه للمستشفى، لأنه كان يتصنَّع المرض كى يتهرَّب من حضور لقاء القمة المغربى، تفادياً لحل المشكلات العويصة بين الجزائر والمغرب! فى اليوم التالى عدت إلى مصر، وأجريت فحوصاً طبية كاملة، فلم يكن هناك أى سبب لما عانيتُ منه هناك، إلا البرد القارس والإهمال الشديد.
وبالطبع لم أفكر ثانية فى السفر إلى هذا البلد، فرحمتُ نفسى بذلك من تكرار مثل هذا الأمر الذى وقع هناك.. وقد أكون رُحمتُ من تفجيرٍ عشوائى أو مذبحةٍ جماعية من تلك المذابح التى نراها دوماً على شاشات التليفزيون، ولا أحد يعرف لماذا يذبحون بعضهم البعض؟ وهل الجماعات الإسلامية هى التى تذبح القرويين حقاً، أم تذبحهم الحكومة كى تدين الجماعات الإسلامية؟ وهل هناك حقاً حكومة وجماعات إسلامية بهذا البلد المسمى (الجزائر)؟ مع أنه فى معظمه امتدادٌ صحراوى لا يحوطه بحرٌ، مثلما تحوط البحار الجزر (الجزائر).
وبعد هذه الذكرى السخيفة، عرفتُ عن الجزائر أنها بلد يعتصره البؤس. فلماذا لم تعرف حكومتنا أن البؤس يغوص فى نفوس الجزائريين، بعدما قاموا بعد المباراة الأولى بالهجوم على المصريين فى بلادهم وفى فرنسا وفى بلدان غير ذلك.
لماذا لم يتم تأمين الذاهبين لحضور المباراة، وتأمين المصريين القانطين بجوار الجزائريين؟ هل غاب عنا هذا الأمر، وهل غاب عنهم أننا متساهلون. الشىء –كما يقال- بالشىء يُذكر! ولذلك نتذكر أنه حين اضطربت أحوال إثيوبيا (الحبشة) أرسلت إسرائيل طائرات حربية تحرس طائرات مدنية تنقل يهود (الفلاشا) من هناك إلى إسرائيل، لمجرد أنهم يهود! وبقطع النظر عن أنهم يقدحون فى أسطورة النقاء العرقى اليهودى، لأنهم زنوج!
وبصرف الخاطر عن أنه لم يسبق لهم أن رأوا دولة إسرائيل.. ومثل هذه الأشياء تقع دوماً، فى أماكن الاضطرابات، فتقوم الدول بحماية رعاياها بكل وسيلة ممكنة. فما بال بلادنا تُرسل السياسيين والفنانين إلى الأَتون الخرطومى البائس، من دون تحوُّط ولا حماية؟ وما بال قادة الرأى فى بلادنا قد صاروا من لاعبى الكرة السابقين، ومن الممثلين، وممن لم يكملوا دراستهم، ولولا كرة القدم لصاروا من جملة المتشردين؟ هل صار هؤلاء هم المفكرين (المصريين) المعاصرين، الذين لا همَّ لهم هذه الأيام إلا تصدُّر وسائل الإعلام شاحنين النفوس ومتشاحنين بغير رَوِيَّة، حتى إنهم جعلوا (الجزائر) وهى البلد الوليد، خصماً لمصر التى لم يعرف الزمان كفواً لها فى هذه البلاد الوليدة المجاورة .
■ ■ ■
أتذكرُ.. كان معنا فى كلية الآداب طلاب جزائريون بالدراسات العليا، وكانوا والحق يقال مثالاً للغباء والعنف الداخلى، والتعصب المطلق (أى التعصب لأى سبب) ومع أن المنح الدراسية المقدمة لهم، ويا للعجب، كانت مجانية، أى أن مصر (المحروسة) تقوم بسدادها عنهم، إلا أنهم كانوا لا يكفون عن التذمر، لأنهم كانوا حانقين على بلدهم! لأنها أرسلتهم إلى مصر وليس إلى فرنسا، كآخرين من زملائهم.
وكانوا حانقين على بلادنا، لأنها حسبما كانوا يقولون (متخلِّفة).. ولأننى، على نحوٍ ما، صعيدىُّ الأصل ولا يخلو باطنى من صفات الصعايدة، فقد أثارنى انتقادهم الدائم لنا، وهم بيننا يتعالمون ولا يتعلَّمون، فقلتُ لهم يوماً فى نقاشٍ جمعنا، وبعدما فاض بى الكيلُ من كلامهم وبلغ بى السيل الزُّبى، ما ملخصه أن المغاربة أكثر رقياً وتحضراً من الجزائريين، وأن المغرب بلد حقيقى عرفناه فى التراث وفى الحاضر، ولكن تراثنا لا يعرف بلداً اسمه (الجزائر) ولم يستخدم أحدٌ هذه التسمية غير المطابقة لواقع الحال، أعنى لهذه الصحراء التى تمتد فى كل الجهات، وتمتد فى نفوس الناس. ولذلك لم تصح أخلاق سكان الجزر، لسكان الجزائر، لأن سكان الجزر عادة ظرفاء.
هاج الطلبة الجزائريون من كلامى، ولمحت فى عيونهم الرغبة فى فقء العيون، ولولا أنهم كانوا قلةً ضعاف البنية، وكانوا يرون فى عينى ما يثير فيهم الجبن المميز لسكان الصحارى، وكانوا متأكدين من أنهم لن يفلتوا يومها لو قاموا بأى فعل شنيع، فقد سكتوا على مضضٍ، ولم ينتقلوا من الغِلِّ إلى الفعل.
■ ■ ■
لماذا أتذكرُ؟ لأن المعرفة كما قال أفلاطون تذكُّر، والجهل نسيان. لقد نسينا ونسى الجزائريون أن مصر هى التى أنفقت من أموالها كى تجعلهم عرباً، وأغدق جمال عبد الناصر عليهم وأوفد لبلادهم المدرسين المصريين كى يضعوا على ألسنتهم اللفظ العربى الذى أنستهم إياه فرنسا (الحرة) فلا هم ظلوا من بعد ذلك عرباً ولا هم صاروا فرنسيين.. لقد نسينا ونسوا، أن المخرج المصرى الراحل يوسف شاهين هو الذى صنع لهم فيلماً جعلهم فى أذهان الناس بلداً خليقاً بالاحترام، لأنه حكى قصة المجاهدة الجزائرية (جميلة بوحريد) ونسوا أنه يوم عُرض الفيلم فى باكستان بعد استقلال الجزائر فعلاً بسنوات، خرج المشاهدون فى مظاهرة واقتحموا السفارة الفرنسية فى العاصمة الباكستانية، تعاطفاً مع شعب الجزائر الذى ناضل حتى حصل على حريته..
مع أن هذه المناضلة حتى اليوم، لا تزال حبيسة بيتها تتجرع آلام حسرتها على جهادها الذى رفعه الفن المصرى عالياً، وخفضه الواقع الجزائرى المعاصر أسفل سافلين.. ولقد نسينا ونسوا أننا طالما نظرنا إليهم كأخوة أشقاء، مع أنهم لا هم إخوة ولا أشقاء، إلا مجازاً! وإلا، فما هم إلا صحراويون لم تعرف بلادهم يوماً نسمات التحضر، ولا يعرف تراثنا عالماً واحداً يحمل لقب (الجزائرى) وإن الأمير عبد القادر الجزائرى، لم يشتهر قبله أىّ شخص بهذا اللقب، حتى هو نفسه بعدما كان مكرماً فى الشام أثناء حياته، وكان بعد وفاته مدفوناً بجوار شيخ الصوفية الأكبر محيى الدين بن عربى، حسبما أوصى.. انتزعه الجزائريون من مرقده المختار، كى يضعوه فى مكان مهجور على طريق المطار، فلا يزوره أحدٌ هناك اليوم.. بل لا يكاد أحدٌ يعرفه الآن .
■ ■ ■
المعرفة تذكُّر والجهل نسيان. لو لم يكن أفلاطون يونانياً لصار ولياً من أولياء الله، ولو لم يكن المصريون مصابين بداء النسيان وبالميل للطيبة التى هى (الهوان) فى كثير من الأحيان، لما جرؤ الجزائريون على أفعالهم القبيحة ضد المصريين فى فرنسا والجزائر بعد المباراة الأولى، ولما دخلوا المباراة الثانية يحملون تحت إبطهم السكاكين.
سكاكين.. فى مباراة كرة قدم! لست كما قلتُ من مشجعى كرة القدم، ولا أهتم بها إلا قليلاً. لكنى أعرف أن حملة السكاكين قومٌ مجرمون، ولم يكن من الصائب أصلاً أن نلاعب المجرمين، فالمجرمون ليس لهم إلا العقاب.. عقاب اللاعب الذى فقأ عين الطبيب، وعقاب البدو الصحراويين الذين صارت لهم بلد، فظنوا أنفسهم مثل المصريين وتخيَّلوا أن كل البلدان مثل كل البلدان.. وعقاب حكومة ركيكة تدير أمور بلدها كما تدير الرقيعات الرقيعات.
لا يستغربن أحدٌ تشبيهى لأفعال الحكومة الجزائرية بالرقاعة، فأنا أميل لتسمية الأشياء بأسمائها، ولولا بقية من حياء لصرَّحت باللفظة التى يجب أن نصف بها أفعالهم. وإلا، فما هذا الفعل الحكومى الجزائرى الذى حدا بهم إلى فرض ضرائب غير منطقية على رجل الأعمال المصرى، نجيب ساويرس، لصالح شركتين أخريين تعملان هناك فى سوق الموبايلات.. وما تلك التلويحات الجزائرية بمسألة توريث الحكم فى مصر، وكأنهم أعرف بنا منا.. وما هذا النكران لبلدٍ كان بالأمس القريب يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف ويخرجهم من جهل.. وما هذا العنف من كيان ضعيف؟ أليست هذه كلها من صفات الرقيعات، بل رقيعات الدرجة الدنيا.
■ ■ ■
إن الوقائع الأخيرة، فيما أرى، ليست إلا مناسبة مهمة أو هى منبهٌ لنا كى نعيد النظر فى كثير من الأمور، التى من أهمها: ضرورة إمعان النظر فى مسألة (الكرامة المصرية) التى تم التهاون فيها مؤخراً لأسباب واهية، وتحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان: الأخوة العرب الأشقاء!
ما الأخوةُ، وما الأشقاء؟ إنهم أولئك الذين يحترمون بعضهم البعض، ويتحابون، ولا ينكرون لأخيهم الأكبر، الذى هو أكبر من كرة القدم، وأكبر مهما تغيرت الظروف.. وما الأخوةُ والأشقاءُ، إذا لم يستمسك الناس بعلاقات القرابة.
ولا بد لنا أن نعى جيداً، أن (الجزائر) لا يصح أصلاً أن تكون خصماً لمصر، ولا كفوا لها.. وأن نعى جيداً، أن قطع العلائق مع الجزائر لن يضير مصر لا على المدى القريب ولا البعيد، وقطع النظر عن وجود هذا الامتداد القاحل فى قلوب أهلها، سوف يضيف لنا أمراً عزيزاً فقدناه.. أمراً اسمه الكرامة التى أُهدرت بغير سبب ولا غاية إلا هوى الحكام وأحلام السياسيين فى كل العصور.. وهذه، لو علمنا وتذكرنا، مسألة محورية أهم من تفاهات اللحظات الحاضرة، لأن كرامة هذا البلد وإن كانت بأيدينا اليوم، فهى لا تخصنا وحدنا، بل هى تخص أجيالنا القادمة، التى لن تتسامح معنا إذا ارتضينا أن نعيش فى هذا العالم، بمثل ما جعل به الكاتب الشهير دوستويفسكى عنوان روايته: مُذلون مُهانون.. أو بمثل ما قال أمل دنقل فى سطوره الشعرية:
آه، مَنْ يوقف فى قلبى الطواحين
ومَنْ يقتل أطفالى المساكين
كيلا يكبروا فى الشقق المفروشة الحمراء
خدَّامين
مأبونين
قوَّادين.
ولذلك، أستأذنُ القراء فى قطع الكلام هذا الأسبوع، ومواصلته ثانيةً ابتداءً من الأسبوع القادم، بالحديث عن «صوفية الفن وفنون التصوف» ثم «شطحات التعبير الصوفى» ثم «أزمة اللغة عند الصوفى» وأخيراً «رمزية الأدب».. وبذلك تتم السباعية الصوفية التى تستكشف آفاق الرؤية الروحية للكون.
وحديثنا اليوم سيكون فى أوله، عن ذكريات (جزائرية) أهاجتها فى باطنى الأحداث الأخيرة، وأثارتها بقلبى بقوة، الحالةُ المصرية التى وجدتها هنا بعد عودتى- يوم الجمعة الماضى- من رحلةٍ قصيرةٍ إلى دولة الإمارات لإتمام أمر كان لابدَّ له أن يتم. المهم، أننى على الرغم من عدم اكتراثى بلعبة كرة القدم، التى صارت مؤخراً معادلاً موضوعياً للوطنية المصرية! وعلى الرغم من ندرة متابعتى لمثل هذه (المواجهات الكروية المصيرية) أو التى صارت «مصيرية» لأنها مصرية بالمعنى المعاصر للكلمة، فقد تابعتُ ما جرى وتذكرتُ أشياءَ جرت فى السنوات الأخيرة.
أتذكرُ.. أنه قبل سنين، كان هناك لقاءٌ كروى مع الجزائر فى القاهرة، وفازت مصر وسط هدير مائة وعشرين ألف مشجع فى استاد القاهرة. واستهانةً بمائة وعشرين ألف مشجع مصرى، واستخفافاً بقلب القاهرة التى يهدر فيها ضجيج الملايين من المصريين، فقأ اللاعب الجزائرى الشنيع البائس (الأخضر بللومى) عينَ طبيب مصرى.
طبيبٌ مصرى، أجهد أهله أنفسهم لتعليمه ولجعله إنساناً مرموقاً، يفقأ عينه شخصٌ تافه، تصادف أنه يجيد اللعب بالكرة، وتصادف أن أهله لم يحسنوا تربيته وتعليمه وجعله إنساناً مرموقاً، فكانت النتيجة أنه صار يحرز لفريقه الأهداف، ويفقأ للمصريين عيون أطبائهم..
فما الذى فعلته مصر فى ذاك الحين؟ مصر المحروسة التى ترفع شعار دولة القانون؟ مصر المنكوبة فى أبنائها النابغين الذين يمثلهم الطبيب مفقوء العين؟.. لم يحدث شىء! لم يُحاكم اللاعب، ولم يُحتجز، ولم يُحقق معه. وياليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل إن (مصرنا المحروسة) ممثلة فى الجهات المنوط بها مثل تلك الأمور، أَلْهتها فرحة الفوز فى مباراة، فلم تنتبه إلى أنها صارت البلد الذى سقطت هيبته فى عاصمته ووسط الملايين من أهله، وظنَّت أنها إذ تفوز بمباراة تعيسة فإنها ستحوز المجد بين الأمم.. ماذا فعلت مصر بالمجرم الجزائرى؟..
أخذته فى حماية الشرطة مع فريقه، أوصلتهم سالمين إلى المطار، فوصلوا بلادهم ترافقهم السلامة للجزائريين والخزى للمصريين. فهل نستغرب من بعد ذلك، أن يأتى علينا يوم آخر، يفقأ فيه الجزائريون مزيداً من عيون المصريين؟ وهل نستبعد أنه فى حالة فوز الفريق المصرى الأسبوع الماضى، تحت ظلال السكاكين التى يلوِّح بها الجزائريون، أن كارثة إنسانية كانت ستقع فى الخرطوم؟ وكانت السلطات المعنية سوف توصل المجرمين إلى بلادهم ترافقهم السلامة الجزائرية ويعود الضحايا إلى بلادهم يرافقهم الخزى المصرى.
ماذا كنا ننتظر من مباراة الخرطوم: نفوز ويلحقنا الخزى، أم ننهزم ويلحقنا الخزى؟ وكأن الخزىَ مكتوب علينا فى كل الأحوال. وما ذاك إلا لأننا، رضينا بالهوان مرة من بعد مرة، فصرنا فى أعين الآخرين هيِّنين.. وحسبما قال الشاعر: من يَهُنْ يسهل الهوان عليه.
■ ■ ■
أتذكرُ.. دُعيتُ للجزائر قبل فترة، للمشاركة فى مؤتمر عن التراث العربى ينعقد هناك، فكانت معى هناك كارثة، لأننى حين وصلت مع ثلاثة من المشاركين الذين ذهبوا من مصر إلى العاصمة الجزائرية الجزائر (عزَّتْ الأسماء وندرتْ، فجعلوا للبلد وعاصمته اسماً واحداً!) لم نجد أحداً ينتظرنا فى المطار. وفى ساحته الخارجية ووسط سيارات المسافرين، كان (المندوب) ينتظر متلفتاً، خشية وقوع تفجير مفاجئ. وقد أخبرنا حين رآنا قادمين، بخبرٍ يقين مفاده أنهم نقلوا المؤتمر لأسباب أمنية، إلى بلدة مجاورة للعاصمة. وفى هذه البلدة، لم نجد فى الموضع التعيس الذى قضينا فيه ليلتنا، أغطية.. مع أن البرد الليلى الشتوى، كان شديداً.
أيقظنى فى الفجر ألـمٌ شديدٌ لم أعرفه من قبل، ولا عرفته من بعد، فأخذنى الزميل د.خالد عزب إلى مستشفى قروى، ظللت فيه لسبع ساعات أعانى الويلات. يقبض على شِقِّى الألم المفاجئ، فيعتصرنى، وأقبض بإحدى يدىَّ على معصم «خالد عزب» فأعتصره، وباليد الأخرى أقبض على قائم السَّرير الحديدى، حتى إنه انثنى من شدة جذبى، مع شدة الألم.. وبعدما انتبهتْ السفارةُ المصريةُ ووزارة الثقافة الجزائرية للأمر، نقلونى إلى المستشفى العام للعاصمة، لأبقى على أبوابه الخارجية ساعةً مرت كأنها الدهر كله.
لماذا بقيتُ على الأبواب يعصرنى الألم؟ لأن المستشفى كان مغلق الأبواب! لأن رئيسهم الحالى المسمى (بوتفليقة) الذى كان قبلها بقليل، لاجئاً بدولة الإمارات العربية، ثم صار فجأة رئيساً للجمهورية الجزائرية. المهم، كان هذا الرئيس فى طريقه للمستشفى، لأنه كان يتصنَّع المرض كى يتهرَّب من حضور لقاء القمة المغربى، تفادياً لحل المشكلات العويصة بين الجزائر والمغرب! فى اليوم التالى عدت إلى مصر، وأجريت فحوصاً طبية كاملة، فلم يكن هناك أى سبب لما عانيتُ منه هناك، إلا البرد القارس والإهمال الشديد.
وبالطبع لم أفكر ثانية فى السفر إلى هذا البلد، فرحمتُ نفسى بذلك من تكرار مثل هذا الأمر الذى وقع هناك.. وقد أكون رُحمتُ من تفجيرٍ عشوائى أو مذبحةٍ جماعية من تلك المذابح التى نراها دوماً على شاشات التليفزيون، ولا أحد يعرف لماذا يذبحون بعضهم البعض؟ وهل الجماعات الإسلامية هى التى تذبح القرويين حقاً، أم تذبحهم الحكومة كى تدين الجماعات الإسلامية؟ وهل هناك حقاً حكومة وجماعات إسلامية بهذا البلد المسمى (الجزائر)؟ مع أنه فى معظمه امتدادٌ صحراوى لا يحوطه بحرٌ، مثلما تحوط البحار الجزر (الجزائر).
وبعد هذه الذكرى السخيفة، عرفتُ عن الجزائر أنها بلد يعتصره البؤس. فلماذا لم تعرف حكومتنا أن البؤس يغوص فى نفوس الجزائريين، بعدما قاموا بعد المباراة الأولى بالهجوم على المصريين فى بلادهم وفى فرنسا وفى بلدان غير ذلك.
لماذا لم يتم تأمين الذاهبين لحضور المباراة، وتأمين المصريين القانطين بجوار الجزائريين؟ هل غاب عنا هذا الأمر، وهل غاب عنهم أننا متساهلون. الشىء –كما يقال- بالشىء يُذكر! ولذلك نتذكر أنه حين اضطربت أحوال إثيوبيا (الحبشة) أرسلت إسرائيل طائرات حربية تحرس طائرات مدنية تنقل يهود (الفلاشا) من هناك إلى إسرائيل، لمجرد أنهم يهود! وبقطع النظر عن أنهم يقدحون فى أسطورة النقاء العرقى اليهودى، لأنهم زنوج!
وبصرف الخاطر عن أنه لم يسبق لهم أن رأوا دولة إسرائيل.. ومثل هذه الأشياء تقع دوماً، فى أماكن الاضطرابات، فتقوم الدول بحماية رعاياها بكل وسيلة ممكنة. فما بال بلادنا تُرسل السياسيين والفنانين إلى الأَتون الخرطومى البائس، من دون تحوُّط ولا حماية؟ وما بال قادة الرأى فى بلادنا قد صاروا من لاعبى الكرة السابقين، ومن الممثلين، وممن لم يكملوا دراستهم، ولولا كرة القدم لصاروا من جملة المتشردين؟ هل صار هؤلاء هم المفكرين (المصريين) المعاصرين، الذين لا همَّ لهم هذه الأيام إلا تصدُّر وسائل الإعلام شاحنين النفوس ومتشاحنين بغير رَوِيَّة، حتى إنهم جعلوا (الجزائر) وهى البلد الوليد، خصماً لمصر التى لم يعرف الزمان كفواً لها فى هذه البلاد الوليدة المجاورة .
■ ■ ■
أتذكرُ.. كان معنا فى كلية الآداب طلاب جزائريون بالدراسات العليا، وكانوا والحق يقال مثالاً للغباء والعنف الداخلى، والتعصب المطلق (أى التعصب لأى سبب) ومع أن المنح الدراسية المقدمة لهم، ويا للعجب، كانت مجانية، أى أن مصر (المحروسة) تقوم بسدادها عنهم، إلا أنهم كانوا لا يكفون عن التذمر، لأنهم كانوا حانقين على بلدهم! لأنها أرسلتهم إلى مصر وليس إلى فرنسا، كآخرين من زملائهم.
وكانوا حانقين على بلادنا، لأنها حسبما كانوا يقولون (متخلِّفة).. ولأننى، على نحوٍ ما، صعيدىُّ الأصل ولا يخلو باطنى من صفات الصعايدة، فقد أثارنى انتقادهم الدائم لنا، وهم بيننا يتعالمون ولا يتعلَّمون، فقلتُ لهم يوماً فى نقاشٍ جمعنا، وبعدما فاض بى الكيلُ من كلامهم وبلغ بى السيل الزُّبى، ما ملخصه أن المغاربة أكثر رقياً وتحضراً من الجزائريين، وأن المغرب بلد حقيقى عرفناه فى التراث وفى الحاضر، ولكن تراثنا لا يعرف بلداً اسمه (الجزائر) ولم يستخدم أحدٌ هذه التسمية غير المطابقة لواقع الحال، أعنى لهذه الصحراء التى تمتد فى كل الجهات، وتمتد فى نفوس الناس. ولذلك لم تصح أخلاق سكان الجزر، لسكان الجزائر، لأن سكان الجزر عادة ظرفاء.
هاج الطلبة الجزائريون من كلامى، ولمحت فى عيونهم الرغبة فى فقء العيون، ولولا أنهم كانوا قلةً ضعاف البنية، وكانوا يرون فى عينى ما يثير فيهم الجبن المميز لسكان الصحارى، وكانوا متأكدين من أنهم لن يفلتوا يومها لو قاموا بأى فعل شنيع، فقد سكتوا على مضضٍ، ولم ينتقلوا من الغِلِّ إلى الفعل.
■ ■ ■
لماذا أتذكرُ؟ لأن المعرفة كما قال أفلاطون تذكُّر، والجهل نسيان. لقد نسينا ونسى الجزائريون أن مصر هى التى أنفقت من أموالها كى تجعلهم عرباً، وأغدق جمال عبد الناصر عليهم وأوفد لبلادهم المدرسين المصريين كى يضعوا على ألسنتهم اللفظ العربى الذى أنستهم إياه فرنسا (الحرة) فلا هم ظلوا من بعد ذلك عرباً ولا هم صاروا فرنسيين.. لقد نسينا ونسوا، أن المخرج المصرى الراحل يوسف شاهين هو الذى صنع لهم فيلماً جعلهم فى أذهان الناس بلداً خليقاً بالاحترام، لأنه حكى قصة المجاهدة الجزائرية (جميلة بوحريد) ونسوا أنه يوم عُرض الفيلم فى باكستان بعد استقلال الجزائر فعلاً بسنوات، خرج المشاهدون فى مظاهرة واقتحموا السفارة الفرنسية فى العاصمة الباكستانية، تعاطفاً مع شعب الجزائر الذى ناضل حتى حصل على حريته..
مع أن هذه المناضلة حتى اليوم، لا تزال حبيسة بيتها تتجرع آلام حسرتها على جهادها الذى رفعه الفن المصرى عالياً، وخفضه الواقع الجزائرى المعاصر أسفل سافلين.. ولقد نسينا ونسوا أننا طالما نظرنا إليهم كأخوة أشقاء، مع أنهم لا هم إخوة ولا أشقاء، إلا مجازاً! وإلا، فما هم إلا صحراويون لم تعرف بلادهم يوماً نسمات التحضر، ولا يعرف تراثنا عالماً واحداً يحمل لقب (الجزائرى) وإن الأمير عبد القادر الجزائرى، لم يشتهر قبله أىّ شخص بهذا اللقب، حتى هو نفسه بعدما كان مكرماً فى الشام أثناء حياته، وكان بعد وفاته مدفوناً بجوار شيخ الصوفية الأكبر محيى الدين بن عربى، حسبما أوصى.. انتزعه الجزائريون من مرقده المختار، كى يضعوه فى مكان مهجور على طريق المطار، فلا يزوره أحدٌ هناك اليوم.. بل لا يكاد أحدٌ يعرفه الآن .
■ ■ ■
المعرفة تذكُّر والجهل نسيان. لو لم يكن أفلاطون يونانياً لصار ولياً من أولياء الله، ولو لم يكن المصريون مصابين بداء النسيان وبالميل للطيبة التى هى (الهوان) فى كثير من الأحيان، لما جرؤ الجزائريون على أفعالهم القبيحة ضد المصريين فى فرنسا والجزائر بعد المباراة الأولى، ولما دخلوا المباراة الثانية يحملون تحت إبطهم السكاكين.
سكاكين.. فى مباراة كرة قدم! لست كما قلتُ من مشجعى كرة القدم، ولا أهتم بها إلا قليلاً. لكنى أعرف أن حملة السكاكين قومٌ مجرمون، ولم يكن من الصائب أصلاً أن نلاعب المجرمين، فالمجرمون ليس لهم إلا العقاب.. عقاب اللاعب الذى فقأ عين الطبيب، وعقاب البدو الصحراويين الذين صارت لهم بلد، فظنوا أنفسهم مثل المصريين وتخيَّلوا أن كل البلدان مثل كل البلدان.. وعقاب حكومة ركيكة تدير أمور بلدها كما تدير الرقيعات الرقيعات.
لا يستغربن أحدٌ تشبيهى لأفعال الحكومة الجزائرية بالرقاعة، فأنا أميل لتسمية الأشياء بأسمائها، ولولا بقية من حياء لصرَّحت باللفظة التى يجب أن نصف بها أفعالهم. وإلا، فما هذا الفعل الحكومى الجزائرى الذى حدا بهم إلى فرض ضرائب غير منطقية على رجل الأعمال المصرى، نجيب ساويرس، لصالح شركتين أخريين تعملان هناك فى سوق الموبايلات.. وما تلك التلويحات الجزائرية بمسألة توريث الحكم فى مصر، وكأنهم أعرف بنا منا.. وما هذا النكران لبلدٍ كان بالأمس القريب يطعمهم من جوع ويؤمنهم من خوف ويخرجهم من جهل.. وما هذا العنف من كيان ضعيف؟ أليست هذه كلها من صفات الرقيعات، بل رقيعات الدرجة الدنيا.
■ ■ ■
إن الوقائع الأخيرة، فيما أرى، ليست إلا مناسبة مهمة أو هى منبهٌ لنا كى نعيد النظر فى كثير من الأمور، التى من أهمها: ضرورة إمعان النظر فى مسألة (الكرامة المصرية) التى تم التهاون فيها مؤخراً لأسباب واهية، وتحت مسميات ما أنزل الله بها من سلطان: الأخوة العرب الأشقاء!
ما الأخوةُ، وما الأشقاء؟ إنهم أولئك الذين يحترمون بعضهم البعض، ويتحابون، ولا ينكرون لأخيهم الأكبر، الذى هو أكبر من كرة القدم، وأكبر مهما تغيرت الظروف.. وما الأخوةُ والأشقاءُ، إذا لم يستمسك الناس بعلاقات القرابة.
ولا بد لنا أن نعى جيداً، أن (الجزائر) لا يصح أصلاً أن تكون خصماً لمصر، ولا كفوا لها.. وأن نعى جيداً، أن قطع العلائق مع الجزائر لن يضير مصر لا على المدى القريب ولا البعيد، وقطع النظر عن وجود هذا الامتداد القاحل فى قلوب أهلها، سوف يضيف لنا أمراً عزيزاً فقدناه.. أمراً اسمه الكرامة التى أُهدرت بغير سبب ولا غاية إلا هوى الحكام وأحلام السياسيين فى كل العصور.. وهذه، لو علمنا وتذكرنا، مسألة محورية أهم من تفاهات اللحظات الحاضرة، لأن كرامة هذا البلد وإن كانت بأيدينا اليوم، فهى لا تخصنا وحدنا، بل هى تخص أجيالنا القادمة، التى لن تتسامح معنا إذا ارتضينا أن نعيش فى هذا العالم، بمثل ما جعل به الكاتب الشهير دوستويفسكى عنوان روايته: مُذلون مُهانون.. أو بمثل ما قال أمل دنقل فى سطوره الشعرية:
آه، مَنْ يوقف فى قلبى الطواحين
ومَنْ يقتل أطفالى المساكين
كيلا يكبروا فى الشقق المفروشة الحمراء
خدَّامين
مأبونين
قوَّادين.