نقوس المهدي
كاتب
بالرغم مما يقال بأننا نعيش عصر الصورة الالكترونية واكتساح عالم الفضاء الرقمي؛ فإننا مازلنا نعيش زمن السرديات والمحكيات بمختلف أشكالها وأنواعها؛ لِمَا لها من دور كبيرِ في البحث عن عوالم سردية جديدة تحاول القبض على المنفلت المتسارع في تحولاته داخل مجتمعاتنا؛ من خلال لملمة ما يتناسل في ساحة العلامات واللغات والأفكار والصراعات
وإذا كانت هناك كتابات كثيرة تبعث على التشاؤم لما فيها من تدن فني وجمالي؛ فإن هناك في المقابل أعمال أدبية ترقى بذائقة المتلقي، كما نجد في إبداعات الكاتب المغربي مهدي ناقوس، الذي يعتبر بحق واحدا من الأدباء المغاربة الذين يشتغلون بصمت بعيدا عن الأضواء البراقة التي تخدع العيون، وتأخذ الألباب إلى أحكام ومنزلقات تبعد القارئ عن معنى الإبداع وجوهر الكتابة، من خلال مجموعتيه ( صنائع من نوبة عراق العجب ) ومجموعة ( ...إلخ ) لما فيهما من تمازج بين جماليات أشكال تعبيرية كثيرة منها التقطيع المشهدي والحوار المسرحي والتناسق التشكيلي والكلمة الشعرية المنظومة والزجلية.
وهذا يدل على أن المبدع مهدي ناقوس يعي لعبة الكتابة، والوعي بالكتابة هي الكتابة نفسها؛ تشعر به وأنت تقرأ أعماله السردية أنه واقف على ركح السرد يوزع أدوار الحكي على شخصياته بحِرَفية عالية فيها دربة الكاتب ، وذائقة القارئ الذي يوجه سردياته الاتجاه الذي يريد وكأنه الاله الخفي المتواري خلف عرش السرد؛ وخاصة من خلال شخصياته الشعبية الساخرة (عباس، العبدي ..) التي تعكس مزاج الانسان العربي معبرة بلسانها عن الواقع العربي والمغربي مؤرخة بذلك لفترة من تاريخ هذه الأمة، سابرة أغوار المشهد العام للسلوكيات اليومية بنكهة الفكاهة..
إن كتابات مهدي نقوس السردية تنهض على ضخ دماء الواقع في شريان السرد ليقتات وينتعش؛ خاصة عندما يعرج على أحداث من عمق البادية المغربية ، ومن مخزون الذاكرة الشعبية المشتركة، باعتماده تقنية المشهد السينمائي، إذ إن السارد يبدو من خلال القراءة وكأنه يتجول بعينيه في فضاء المحكي القصصي، وكأنه مخرج سينمائي يحرك الكاميرا في كل الاتجاهات لالتقاط أقصى ما يمكن من الصور الثابتة والمتحركة.
وبرجوعه إلى المحكيات التاريخية ذات الثقل الإشاري والمرجعي؛ استطاع المهدي نقوس تكسير خط السرد الكرونولوجي؛ بالمزج بين التاريخي والفني لتأكيد حقيقة المتخيل السردي؛ وجذب اهتمام القارئ وجعله يعيش الحدث ويندمج مع المشاهد الحكائية التي تبدو قريبة منه ومن تاريخه ومحيطه الاجتماعي.
والهدف من استحضار الماضي في الحاضر هو أن يجعل القارئ يعيش الأحداث التاريخية والسياسية والدينية من خلال... المتخيل السردي، وهو تقنية في الكتابة القصصية الغرض منها الاستحضار الذهني، للإيقاع الحياتي الذي تعيشه الشخصيات في فضاءات مختلفة تقرب الماضي بالحاضر، بلغة تمزج بين مختلف الثقافات والتركيبات النفسية والاجتماعية للشخصيات المؤثثة للفضاء القصصي.
وفي الأخير نؤكد بأن هذين العملين القصصيين يتوفران على كل مقومات العمل القصصي بما فيهما من حوار، وتركيز وتكثيف وقوة التعبير، ومعالجة فنية وتصوير خارجي ووصف واستبطان المشاعر والأحاسيس، كما فيهما رؤية للحياة وموقف منها، وفيهما استحضار الماضي، واستخدام الذاكرة، وفيهما تصوير للأحلام والكوابيس والهواجس، واستخدام تقنية تيار الشعور او تيار الوعي، ومحاولة الوصول الى ما هو خلف الوعي.
متمنياتي للأديب الأريب الصديق العزيز مهدي نقوس بمزيد من التألق في مجال الإبداع الأدبي.
محمد يوب
وإذا كانت هناك كتابات كثيرة تبعث على التشاؤم لما فيها من تدن فني وجمالي؛ فإن هناك في المقابل أعمال أدبية ترقى بذائقة المتلقي، كما نجد في إبداعات الكاتب المغربي مهدي ناقوس، الذي يعتبر بحق واحدا من الأدباء المغاربة الذين يشتغلون بصمت بعيدا عن الأضواء البراقة التي تخدع العيون، وتأخذ الألباب إلى أحكام ومنزلقات تبعد القارئ عن معنى الإبداع وجوهر الكتابة، من خلال مجموعتيه ( صنائع من نوبة عراق العجب ) ومجموعة ( ...إلخ ) لما فيهما من تمازج بين جماليات أشكال تعبيرية كثيرة منها التقطيع المشهدي والحوار المسرحي والتناسق التشكيلي والكلمة الشعرية المنظومة والزجلية.
وهذا يدل على أن المبدع مهدي ناقوس يعي لعبة الكتابة، والوعي بالكتابة هي الكتابة نفسها؛ تشعر به وأنت تقرأ أعماله السردية أنه واقف على ركح السرد يوزع أدوار الحكي على شخصياته بحِرَفية عالية فيها دربة الكاتب ، وذائقة القارئ الذي يوجه سردياته الاتجاه الذي يريد وكأنه الاله الخفي المتواري خلف عرش السرد؛ وخاصة من خلال شخصياته الشعبية الساخرة (عباس، العبدي ..) التي تعكس مزاج الانسان العربي معبرة بلسانها عن الواقع العربي والمغربي مؤرخة بذلك لفترة من تاريخ هذه الأمة، سابرة أغوار المشهد العام للسلوكيات اليومية بنكهة الفكاهة..
إن كتابات مهدي نقوس السردية تنهض على ضخ دماء الواقع في شريان السرد ليقتات وينتعش؛ خاصة عندما يعرج على أحداث من عمق البادية المغربية ، ومن مخزون الذاكرة الشعبية المشتركة، باعتماده تقنية المشهد السينمائي، إذ إن السارد يبدو من خلال القراءة وكأنه يتجول بعينيه في فضاء المحكي القصصي، وكأنه مخرج سينمائي يحرك الكاميرا في كل الاتجاهات لالتقاط أقصى ما يمكن من الصور الثابتة والمتحركة.
وبرجوعه إلى المحكيات التاريخية ذات الثقل الإشاري والمرجعي؛ استطاع المهدي نقوس تكسير خط السرد الكرونولوجي؛ بالمزج بين التاريخي والفني لتأكيد حقيقة المتخيل السردي؛ وجذب اهتمام القارئ وجعله يعيش الحدث ويندمج مع المشاهد الحكائية التي تبدو قريبة منه ومن تاريخه ومحيطه الاجتماعي.
والهدف من استحضار الماضي في الحاضر هو أن يجعل القارئ يعيش الأحداث التاريخية والسياسية والدينية من خلال... المتخيل السردي، وهو تقنية في الكتابة القصصية الغرض منها الاستحضار الذهني، للإيقاع الحياتي الذي تعيشه الشخصيات في فضاءات مختلفة تقرب الماضي بالحاضر، بلغة تمزج بين مختلف الثقافات والتركيبات النفسية والاجتماعية للشخصيات المؤثثة للفضاء القصصي.
وفي الأخير نؤكد بأن هذين العملين القصصيين يتوفران على كل مقومات العمل القصصي بما فيهما من حوار، وتركيز وتكثيف وقوة التعبير، ومعالجة فنية وتصوير خارجي ووصف واستبطان المشاعر والأحاسيس، كما فيهما رؤية للحياة وموقف منها، وفيهما استحضار الماضي، واستخدام الذاكرة، وفيهما تصوير للأحلام والكوابيس والهواجس، واستخدام تقنية تيار الشعور او تيار الوعي، ومحاولة الوصول الى ما هو خلف الوعي.
متمنياتي للأديب الأريب الصديق العزيز مهدي نقوس بمزيد من التألق في مجال الإبداع الأدبي.
محمد يوب