الحسن اعبا - الشاي في الادب وفي الثرات الشعبي الامازيغي... تازناخت كنمودج

ظهر الشاي لاول مرة في الصين، فمنذ ما يقرب من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد كان شن نانج الامبراطور الصيني يجلس تحت شجرة وبعض الماء يغلي في اناء على نيران شجر محترق، وفجأة هبت ريح تسببت في اسقاط بعض اوراق الشجر في الاناء، وعندما احتسى الامبراطور مشروب الماء المغلي بعد سقوط ورقة الشجر بداخله شعر بحالة من النشاط، وهكذا تم اكتشاف الشاي. وفي اثيوبيا لاحظ راعي غنم ان اغنامه بدأ النشاط يدب في اوصالها وتتحرك وترقص بعد التهامها ثمار بعض الاشجار المحلية، وبعد ذلك جاء قديس ليعطي اتباعه ومريديه نفس هذه الثمار حتى لا يناموا ولا يتكاسلوا عن اداء صلاة الليل.

وهكذا كان اول ظهور للقهوة. يرجع تزايد استهلاك البشر للشاي والقهوة الى رجال الدين، حيث كانت الديانة البوذية تنتشر بسرعة في ذلك الزمان القديم وفي منطقة آسيا، كذلك قام الامبراطور الصيني تولاوتان بسن عادة تقديم الشاي للضيوف باعتبارها عادة من عادات نبلاء الصين في وقت يقرب من عام

500 قبل الميلاد.. وبعد ذلك في القرنين السابع والثامن الميلاديين تزايدت شعبية الشاي واستغل الامبراطور الصيني نانج الفرصة وفرض على الشاي ضريبة استمر العمل بها حتى عام 1911 ميلادية. جاءت القهوة من شرق افريقيا لتنتشر في دول الشرق الاوسط بفضل رجال الدين المسلمين، كما وصلت القهوة القسطنتينية بافتتاح اول مقهى عام 1555م ثم الى اصفهان وبغداد.. وفي ذلك الوقت كان بعض رجال الدين يشجعون احتساء مشروب القهوة المنشط، اما البعض الآخر فكان يرغب في منعه لانهم كانوا يعتبرونه مخدرا مثل الخمر او الحشيش، لكن في النهاية فرض مشروب القهوة نفسه. ونقل التجار الشاي والقهوة الى اوروبا وتحولت تجارتهما الى تجارة مثمرة.. وقد وصلت السفن الاولى المحملة بالشاي الى الشمال الى امستردام ثم لندن..
والى الشرق حملت قوافل الابل الآتية من الصين الشاي والقهوة الى روسيا.
اما القهوة فقد وصلت الى فيينا ومارسيليا في الجنوب، حيث تم افتتاح اول مقهى هناك عام 1650م كمكان جديد يحتسى فيه مشروب القهوة.. وفي نهاية القرن الثامن عشر اصبحت كل اوروبا تقريبا تستهلك الشاي والقهوة.. بأكثر من الذين اكتشفوهما والشاي انواع :
- الشاي الاخضر
- الشاي الاسواد
- الشاي الابيض
ولقد وصل الشاي الى المغرب في زمن بعيد شانه في دلك شان شمال افريقيا باكمله. لكن نتسائل هل كان سكان ايت واوزكيت وبالاحرى امازيغ المغرب يتعاطون لبعض المشروبات قبل ظهور الشاي…لقد اجاب على هدا السؤوال اكثر من الناس.حيث اتفقت جميع الروايات بان ايت واوزكيت كانوا يستعملون عشبة طبية طبيعية..تسمى اساي وهي موجودة بكثرة بنواحي تازناخت حيث ياخد جدع هده الشجرة الصغيرة ويغسل جيدا ويدك دكا ويوضع في الابريق مع السكر ويطبخ جيدا حتى يصير لونه اصفرا كلون الشاي تماما.هدا بالنسبة للشاي اما القهوة فقبل ظهورها كان الناس بايت واوزكيت ياخدون عظام الثمر…ءيخسان ن تيني..وتحرق هده العظام في ايناء مصنوع بالفخار يقال له..تافانت..ويدك دكا ويوضع في ابريق القهوة او البن ويشرب ويتخد لون البن .وفي راي نظر الاطباء ودوي الاختصاص في هدا المجال فان هده العظام احسن وافضل بكثير من البن .نعم ان الشاي في المفهوم الشعبي الامازيغي هو..اتاي..ولقد فرض الشاي اسمه في الادب وفي الثرات الشعبي الامازيغي الى يومنا هدا.فالشاي تقافة وفكر له قواعده وادابه الخاصة وتختلف تهياته من شخص الى اخر ومن قبيلة الى اخرى كما يختلف دوقه فالشاي الافضل في المغرب هو الشاي الطبقة الشعبية وليس شاي الحفلات والاعراس .ولعل اقدم قصيدة عن الشاي والتي عثرنا عليها بمشقة كبيرة تعود الى شاعر مجهول الاسم وتقول هده القصيدة الرائعة :
ءيلا واتاي ءيلي داو غ واناو ن واتاي
اغاد ن ؤدرار ؤالله ارتن كولو يوف
ؤسيغ ؤكان ايديد ءينو نمون دؤغاراس
ا ريان ؤدرار ليغن ءيترس ؤضار
گان ادرار اد ياگوگن ياتوي تاساونت
اتيزي ن هارون اغين ءيترس ؤضار
ؤسيغد ابريق نگو گيس ؤراو ن واتاي
ئيلين لمقراش ف ترگين خار تقاساينت
اسيغد ابريق نگو گيس ؤراو ن واتاي
نبي غ ءيزوكني د ءيزري نگاسنتين
ءينوا واتاي اليغ ءينوا ناسيت ءيد
ناسيد لكاس نگو گيس يان ءيميك ؤكان
مضيغ اتاي ازيض نس ءيسكر تيميمين
اك ؤصاغ اد غاد ءيگان ماي توصا يان
اياتاي واليت ءيگان اداونت ءينيغ

ازوند وين ؤدرار هان ؤالله ار نيت سويغ اتاي اياتاي واليت ءيگان اداونت ءينيغ ازوند وين ؤمزيل ؤالله ار نيت سويغ اتاي گان ءيگنوان طبلا گون ءيثران لكيسان ءيلي لبراد غ توزومت سوتلناس لكيسان ءيغ ءيلا زافران هان لعيب ؤرتاك ءيلي واتاي ابناقس نم اشيبا بناقس ن لاطرش ابناقس ن ءيزري ؤلا تيميجا بناقس ن واتاي الاحيا نيتا جديگ نك لاحيا تيملسيت الاحيا نيت ؤلا اضو نك لاحيا توجوت نك نعم هي قصيدة قديمة وطويلة لكنها انقرضت تدريجيا شيئا فشيئا.وتتحدث على اهمية الشاي ومزاياه ولا سيما ادا طبخ مع الزعفران الحر.وهناك العديد من القصائد الشعرية الاخرى كثيرة ويقول احد الشعراء عن الشاي:
اك ؤصاغ اوالي ءيگان ماي توصا يان
ءيغاك ءينا ؤهداوي ها لكاس تينيماس
ءيربي زايدي واياض اشكو ءيكساغ لهيف
ءيغاك ءينا ها وين ءيمغارن ؤكان تينيماس
اجيتين ؤرتاك نحتاجا غ دار توكي ؤلا كام

وقد قال عنه احد الشعراء القدماء البارزين انداك وهو يتحدث عن هدا السائل قائلا خار تلا شيبا خار تالا تورتيت ن ليقامت خار يالا البرادا امون لكيسان غ تاما نس اجل لقد جعل الشاعر الشاي هنا يبكي فالنعناع يبكي والابريق يبكي وحتى الكؤوس المحاطة به تبكي

ان جميع الاصناف الادبية الامازيغية بايت واوزكيت قد تطرقت الى التغني بالشاي ويظهر لنا دلك حتى في الامثال الشعبية الامازيغية السائدة بالمنطقة حيث يقول المثل…

” ءيلا واتاي تيلي تاتايت ءيلي داو غ واتاي.. ” والمقصود هنا ان هناك شايا حقيقيا وهناك المتوسط وهناك الرديء. نعم لقد قلت بان الشاي عند الامازيغ اصبح كتقافة وكثرات شعبي اصيل وتغنى به معظم الشعراء الامازيغ البارزين.ومن بين اهم القصائد الشعرية في هدا المجال هو ماقاله احد الشعراء الواوزكيتيين البارزين وهو يتحدث عن الشاي قائلا..
ءيغ تلا طبلا تيليت اليقامت ءيلين لحباب
امقار اوكان المودن داتودانت ؤراك نسفلد

وقال ايضا ..
ءيد امرحبا تالجوهرت ءيشوان اوى
اتالي ءيهدان ءيگلدان ءيشريف اوى
ازين اعليك امايكرزن تورتيت اوى
ءيگو گيس ليقامت ءيگان لاطرش اوى

ان افضل الشاي عند الشاعر هو الشاي بالنعناع الجيد والتي نطلق عليها ..لاطرش..وفي نفس الموضوع قال احد الشعراء الامازيغ القدماء..الشاعر الكبير احمد ؤلحاج في احدى قصائده القديمة الرائعة والتي قيلت في زمن قل فيه الشاي قائلا :
وانا ءيران اتاي ءيسكر طنجا فاس
اسباب س ؤسباب ارد ءيسوگر اتاي

اجل ان الادب الامازيغي بصفة عامة تحدث على الشاي بعد ان كان مقتصرا فقط على النخبة دون سواها وهكدا قاله عنه احد الشعراء الامازيغ :
خار تلا طبلا خار تلا تورتيت ن ليقام
خار يالا لبراد امون لكيسان غ تامانس

وقال اخر:
لعين ن سيدي داود رزمد ءيوامان
ايسو ؤگليد اتاي الله اودي

ان الشاي كما قلنا سابقا هو تقافة شعبية حتى اصبح مقدسا بالنسبة للامازيغ، و اصبح يضرب به المثل في الضيافة والكرم حيث يقال لك “..اكاغ اك نامر “

اتاي..اي عندما تلتقي بامازيغي فان اول سؤال يطرحه عليك هو الدعوة لشرب، الشاي.والمعنى من دلك هو انه يريد ان تتبادلا اطراف الحديث وتناقشان امرا ما .هدا من جهة اما من جهة اخرى فالشاي له ادابه حيث يختار شخص من بين الحاضرين وليس كاي شخص ويعني انسان مالوف يعرف كيف يحضر الشاي ويجب على هدا الشخص ان يكون انيقا مهدبا يعرف كيف يتربع على رجليه حيث لاينبغي له ان يفرك جسده ولا يمس اي شيء بل عليه ان يحضر الشاي كما يجب.ان اغلب الاساطير الامازيغية الشفوية منها والمجسدة اغلبها تحدث على الشاي حتى اصبح المثل الامازيغي الشعبي يقول: “يان لكاس يوف مراو…” ولقد اكد احد الشعراء الامازيغ القدماء دلك بقوله:
امار يوفان اديك ءيمون البراد اوى
ءيما كراض والا سموس ؤر سول ءيگي اتاي
ءيضرد فلي لحباق جيغ اح الله اوى

وكخلاصة عامة..يمكن القول بان الشاي سيظل رمزا من رموز التقافة الشعبية الامازيغية.وهو ثرات شعبي اصيل بما تحمله الكلمة من معنى.



55.jpg
 
أعلى