عبدالباقي قربوعة
عبد الباقي قربوعه روائي وقاص جزائري.
في حدود فهمي المتواضع ولا أريد أن أتوه بكم في غياهب المصطلحات النقدية، دعني أباشر الحديث حول ما يُسمى بالرابطات والجمعيات، من حيث هي فكرة ابتكرها أصحابها لسد ثغرة معينة، أو تقويم عوج طارئ في سقف القبة الشعرية المقدسة، أو لنقُل معالجة خمج أصيبت به لُحمة الشعر في وقت لا يتحدث فيه الناس إلا على الحداثة، وكأن جهة معينة تخاف عليه من الانقراض بسبب ظهور جنس آخر ربما أكثر وداعة بأنماطه الجديدة، وربما يبدو أكثر وحشية أمام جنس جعلت منه العصرنة هشّا وقابلا للافتراس.
يمكن أن نصف راهن الشعر بأنه ديناصور منقرض ولا أحد يدري أهي حالة دائمة أم مؤقّتة، سببها بطء ظهور طفرات جديدة يمكن أن تمنحه ثوبا غير الذي ألفه الناس عليه في أعياده البائدة، على غرار ما فعلت الرواية، ولو أن الشعر سابق في هذه الحداثة ولكنه فقد هويته فيها على ما يبدو، في حين خرجت الرواية مبهرجة في ثوب حديث فأزاحته، لأنها وجدته يعاني ألم ضربة نصف قاضية بسبب ما جنى عليه نمط إدارة التجارب الشعرية من قبل أولئك الذين ظنوا أنهم آباء القريض وأربابه، حيث اعتبروا التجربة متوقفة عندهم ولا يمكنها أن تولد في أشخاص آخرين، أو بمعنى أكثر صراحة خوفهم من هاجس التجاوز، كالشرطي الذي لم يكن يهمه تنظيم المرور ومراقبة نظام السير، على قدر ما يبدو متلذّذا بتعطيل المسافرين، هكذا وصل الشعر إلى محطة باهته خالية لا يوجد فيها مسافرون جدد، غير أولئك الذين أتعبتهم أسفار الشعر غربا وشرقا حتى لم تعد تمر بمحاذاتهم أي وسيلة نقل، وربما أنماط المواصلات تغيّرت وتغيّر معها مسار الطريق وهم لا يدرون.
الآن لا يمكن أن نعامل الشعر معاملة دُب الباندا المهدّد بالانقراض، فنلجأ لحمايته بابتكار سبل التزاوج وإنعاش المواليد الجديدة والرفق بها حتى تتماسك وتكبر، يا ليت الأمر يسير بهذا النحو وإلا قمت بإنشاء مَشْعرَة على وزن مَشتلة، أكيد لا تنجح كل التسميات التي قد يبتكرها الشعراء، ولا تفلح كذلك الحال أي مبادرة يمكن أن تقوم بها الإدارة المسؤولة عن تطوير وإحياء الإبداع الشعري والارتقاء به إلى ما يقنع الإنسانية، وإلى ما يعيد إليه مكانته أيام كانت الجلسات الشعرية لا تتأتّ إلا بدفع مستحقات الاستماع، الأكيد بهذا الأسلوب الميكانيكي لا يمكن أبدا، ربما يفيد في جمع شتات الشعراء الذين بدّدت الرواية جمعهم، ولكن أن يدّعي أحدٌ بأنه سيعيد به روح جديدة للشعر في أشخاص مكرّسين، أو أنه كفيل بأن ينفخ في أرواح نماذج جديدة فالأمل ضعيف جدّا.
العملية ليس للشاعر فيها أي دخل، فمنذ القديم كنا نقول بأن الإبداع كائن حي، يتجدد كيف يشاء، وينبت في أي أرض أراد، وله أن ينقرض، وله أيضا أن يحيا في شكل آخر، وأحيانا يشبه السحاب لا يدري أحد أين يمطر، وهل يؤتي أكلا يستسيغه الإنسان، أم تمتصه الأرض دون أن تنبت شيئا.
من الذي أوجد الشعر في الجاهلية، هل أسّس أبو جهل مكانا أو حيّزا بمثابة الورشة لصناعة القصائد أم أنه وُجد بالسليقة، مثله مثل سائر الموجودات المحيطة حوله، كيف كان راعي الإبل يجد حاجته لقول الشعر وهو في الخلاء، وكيف وجدت قصيدته طريقها إلى آذان الناس في سوق يثرب وعكاظ على ألسنة أناس آخرين، الأذن التي نسمّيها الآن المتلقّي بالمعنى الشكلي أو المتأثرة إذا أردنا فحص صاحبها نفسيا، يعني علاقة التجربة بالإنسان وليس بالمستحدثات الجديدة كالسعي نحو الشهرة أو دعم مشاريع جانبية، أو تحويل الشعر إلى مصيدة للجوائز والتكريمات، وحوافز أخرى يعلمها الشعر والشعراء ولا نعلم نحن منها شيئا، لأننا لا نبسط آذاننا إلا إلى الأوزان والقوافي.
يجب أن يعود الشعر عودة الناقة المأمورة حتى يستعيد منبره وصومعته، وما دون ذلك ليس إلا حَراكا أشبه بالسياسي، ولا شيء وراءه إلا الاستمرار في تسييج الساحة بأسلاك شائكة أمام من نتوسّم فيهم حضورا مختلفا للشعر العربي.
يمكن أن نصف راهن الشعر بأنه ديناصور منقرض ولا أحد يدري أهي حالة دائمة أم مؤقّتة، سببها بطء ظهور طفرات جديدة يمكن أن تمنحه ثوبا غير الذي ألفه الناس عليه في أعياده البائدة، على غرار ما فعلت الرواية، ولو أن الشعر سابق في هذه الحداثة ولكنه فقد هويته فيها على ما يبدو، في حين خرجت الرواية مبهرجة في ثوب حديث فأزاحته، لأنها وجدته يعاني ألم ضربة نصف قاضية بسبب ما جنى عليه نمط إدارة التجارب الشعرية من قبل أولئك الذين ظنوا أنهم آباء القريض وأربابه، حيث اعتبروا التجربة متوقفة عندهم ولا يمكنها أن تولد في أشخاص آخرين، أو بمعنى أكثر صراحة خوفهم من هاجس التجاوز، كالشرطي الذي لم يكن يهمه تنظيم المرور ومراقبة نظام السير، على قدر ما يبدو متلذّذا بتعطيل المسافرين، هكذا وصل الشعر إلى محطة باهته خالية لا يوجد فيها مسافرون جدد، غير أولئك الذين أتعبتهم أسفار الشعر غربا وشرقا حتى لم تعد تمر بمحاذاتهم أي وسيلة نقل، وربما أنماط المواصلات تغيّرت وتغيّر معها مسار الطريق وهم لا يدرون.
الآن لا يمكن أن نعامل الشعر معاملة دُب الباندا المهدّد بالانقراض، فنلجأ لحمايته بابتكار سبل التزاوج وإنعاش المواليد الجديدة والرفق بها حتى تتماسك وتكبر، يا ليت الأمر يسير بهذا النحو وإلا قمت بإنشاء مَشْعرَة على وزن مَشتلة، أكيد لا تنجح كل التسميات التي قد يبتكرها الشعراء، ولا تفلح كذلك الحال أي مبادرة يمكن أن تقوم بها الإدارة المسؤولة عن تطوير وإحياء الإبداع الشعري والارتقاء به إلى ما يقنع الإنسانية، وإلى ما يعيد إليه مكانته أيام كانت الجلسات الشعرية لا تتأتّ إلا بدفع مستحقات الاستماع، الأكيد بهذا الأسلوب الميكانيكي لا يمكن أبدا، ربما يفيد في جمع شتات الشعراء الذين بدّدت الرواية جمعهم، ولكن أن يدّعي أحدٌ بأنه سيعيد به روح جديدة للشعر في أشخاص مكرّسين، أو أنه كفيل بأن ينفخ في أرواح نماذج جديدة فالأمل ضعيف جدّا.
العملية ليس للشاعر فيها أي دخل، فمنذ القديم كنا نقول بأن الإبداع كائن حي، يتجدد كيف يشاء، وينبت في أي أرض أراد، وله أن ينقرض، وله أيضا أن يحيا في شكل آخر، وأحيانا يشبه السحاب لا يدري أحد أين يمطر، وهل يؤتي أكلا يستسيغه الإنسان، أم تمتصه الأرض دون أن تنبت شيئا.
من الذي أوجد الشعر في الجاهلية، هل أسّس أبو جهل مكانا أو حيّزا بمثابة الورشة لصناعة القصائد أم أنه وُجد بالسليقة، مثله مثل سائر الموجودات المحيطة حوله، كيف كان راعي الإبل يجد حاجته لقول الشعر وهو في الخلاء، وكيف وجدت قصيدته طريقها إلى آذان الناس في سوق يثرب وعكاظ على ألسنة أناس آخرين، الأذن التي نسمّيها الآن المتلقّي بالمعنى الشكلي أو المتأثرة إذا أردنا فحص صاحبها نفسيا، يعني علاقة التجربة بالإنسان وليس بالمستحدثات الجديدة كالسعي نحو الشهرة أو دعم مشاريع جانبية، أو تحويل الشعر إلى مصيدة للجوائز والتكريمات، وحوافز أخرى يعلمها الشعر والشعراء ولا نعلم نحن منها شيئا، لأننا لا نبسط آذاننا إلا إلى الأوزان والقوافي.
يجب أن يعود الشعر عودة الناقة المأمورة حتى يستعيد منبره وصومعته، وما دون ذلك ليس إلا حَراكا أشبه بالسياسي، ولا شيء وراءه إلا الاستمرار في تسييج الساحة بأسلاك شائكة أمام من نتوسّم فيهم حضورا مختلفا للشعر العربي.
المرفقات
التعديل الأخير: