نقوس المهدي
كاتب
المقامة كلمه مشتقة من مادة ( قوم ) وهذه المادة تدل على القيام و الإقامة ، ووردت في القران الكريم اسما لموضع القيام كما في قوله تعالى " و اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " و موضع الجنة في الأيه الكريمة (وحسنت مستقرا و مقاما ) أما المعنى الاصطلاحي للمقامة فهو جنس أدبي نثري يتميز بخواص معينة وله سماته المختلفة عن سائر الأجناس . فهو نوع من الحكايات القصيرة غايتها لغوية أدبيه ترفيهية و كل مقامه نكته أدبية أو لغوية و فيها صناعة لفظية وبيانية إذ تمتلئ بالسجع و بأساليب البديع و الوصف و التشبيه ,وتروي المقامة على لسان أحد الرواة، وبطلها رجل أشتهر بالدهاء و قنع القليل من الرزق. وقد يحتال عادة للحصول على الطفيف من الرزق، مستعينا على ذلك بما أوتي من قوة البيان ، و براعة القول و حذق الإنشاء و تتكون المقامة من ثلاثة عناصر :
1. الرواية: الذي يروى المقامة مثل عيسى بن هشام في مقامات بديع الزمان الهمذاني .
2. مكد : و هو شخص خيالي في الأغلب و واسع الحيلة و هو بطل المقامة ؛ حيث تدور القصة حولة و تنتهى بانتصاره في كل مرة مثل أبي الفتح الأسكندري في مقامات بديع الزمان .
3. ملحة أو نكتة أو عقدة تحاك حولها المقامة.
سمات المقامة و موضوعاتها:
إن الناظر إلى فن المقامة يلاحظ أنها تبنى على الإغراق في الصناعة اللفظية خاصة، و الصناعة المعنوية عامة و موضوعاتها، أما أن تكون أدبية أو فقهية أو فكاهية أو حماسية ؛لذلك نجد المقامات تحتوى على النوادر و الأخبار و الإشارة إلى وقائع الزمن و أعلام التاريخ ، وهي حافلة بالحكم و الأمثال ، و النكت اللغوية و الأدبية، و الأحاجي النحوية و الرسائل المبتكرة، و الخطب المحيرة ، و المواعظ المبكية، و الأضاحيك الملهية في المقامة .
ويشيع في المقامة أسلوب الحوار بين الأشخاص و خاصة بين الراوي و البطل و كذالك يشيع في المقامة الشكل اللفظي المسجوع، ذو الفقرات القصار ، والبديع المتواتر، و الاستشهاد بالقرآن الكريم و الحديث النبوي وأشعار العرب، و من السمات الواضحة في فن المقامة عنايتها بالمكان قلبا و قالبا فهي تستوحي اسمه وجغرافيته و ذاكرته التاريخية ، بالإضافة إلى عادات أهله و تقاليدهم ، كما ترسم ملامح من طباعهم و ميولهم و أذواقهم .
نشأة فن المقامة:
إن فن المقامة فن شغل أدباء العربية و كتّابها مدة طويلة، و كثر حوله التساؤل ، من أنشأ هذا الفن و ابتدعه ؟ و كذالك هل هذا الفن قصة أم حكاية أم شكل نثري ؟ و كذالك متى ظهر ؟
يقول الدكتور شبر الموسوي " تعود نشأة فن المقامة إلى القرن الرابع الهجري حيث كان أول ظهوره على يد ابن دريد ( أبو بكر محمد بن الحسن ) المتوفى في سنه 321هـ، إلا أن المقامة لم تأخذ شكلها الفني إلا على يد بديع الزمان الهمذاني المتوفى 398هـ والذي يعد مبتكر ورائد هذا الفن " ومما يؤكد هذا الرأي أن الدكتور زكي مبارك يقول" أن بديع الزمان عارض بمقاماته أربعينيا حديثا أنشأها ابن دريد، والمعارضات كانت تقارب دائما في الكمية " ومن هذه الأقوال نكتشف أن بداية فن المقامة كانت على يد ابن دريد الأزدي ثم على الرغم من "أن أحاديث ابن دريد لم تكن إلا أحاديث تعليمية صرفة مليئة بالغريب من الألفاظ وهي في بعض الأحيان قصيدة شعرية ، وأحيانا تكون قولا منثورا ولا نجد فيها العناصر الضرورية للقصة إلا نادرا " ثم صارت المقامة عند بديع الزمان شكلا أدبيا لهو سماته الخاصة و المختلفة عن سائر الأجناس . ثم جاء الحريري فصير المقامات إلى ظاهرة أدبية و انتشرت مقاماته في جميع الأقطار العربية, وصارت مضرب المثل في الفصاحة و البيان "ويعد الحريري أشهر من نظم المقامات وإليه يرجع الفضل في ذيوع هذا الفن الجميل ".
ثم تمضي القرون فتكثر المقامات فنجد الزمخشري وابن الجوزي والسيوطي وغيرهما الكثير.و في العصر الحديث نجد أن محمد المويلحي في حديث (عيسى بن هشام) الذي تعد مقاماته أول عمل قصصي طويل في الأدب العربي ، يجمع بين شكل المقامة وشكل الرواية وقد تأثر المويلحي بالثقافة العربية القديمة فصاغ كتابه على طريق المقامة ، تأثر بالثقافة الأوربية في رسم الشخصيات و تصوير المواقف ،وعلى الرغم من تعدد المقامات إلا أنها أخذت نفس الشكل والقالب والصبغة " والفرق يرجع إلى صور الثقافات في مختلف العصور، فبديع الزمان صور مشكلات عصره ، والحريري مثل معضلات زمانه ، والسيوطي فصّل أوهام الناس وعلومهم في أيامه ".
أما عن توصيف هذا الجنس الأدبي فقد اختلفت الآراء فمنهم من يقول (( أنها قصة و منهم من يرى أنها ليست بقصة و إنما هي حديث أدبي بليغ ليس فيه من القصة إلا الظاهر فقط " وتجد العناية فيها بالثورة اللفظية البيانية و يهمل فيها الاهتمام بالمعنى.
أشهر كُتَّاب المقامة في عمان:
إن المتتبع لفن المقامة في عمان ليجد أن هناك أدباء كتبوا مقامات تضاهي مقامات الهمذاني والحريري ومن هؤلاء سعيد بن راشد بن بشير الخروصي، والمؤرخ العماني ابن رزيق ، و البر واني ، وعبدالله بن علي الخليلي ، وسأقوم بتفصيل القول في كل واحد موضحا المقامات التي كتبها والمصادر التي أوردها
1-الشيخ سعيد بن راشد بن بشير الغشري الخروصي الأزدي ،و الشيخ من مشاهير علماء عمان في القرن الثاني عشر الهجري، وله ديوان مطبوع وقد أورد ابن رزيق مقامة نثرية له اسمها السونية في كتابه الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيدين " ، وهو شاعر فصيح له شعر في الوعظ وفي مدح الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلام وفي مدح آل من بني خر وص ، وله مقامة واحدة اسمها المقامة السونية نسبة إلى ( السوني ) بلدة العوابي من عمان وفيها يقول " روى اليافث بن تمام قال أجدبت أرضنا ذات سنة ، حتى منع الطوى من السنة ، وأقوت من الأقوات الربوع المرابع فلذا تجافينا عن المضاجع وأسكت السماء عن الرجع والأرض عن الصدع ... فحينئذ أزمعت الرحيل إلى سوني القديمة فلم أنزل أنجد وأغوار وأقطع الدمث والوعور ، والصحاري والصخور ، إلى أن وافيت جنابها الرحيب ،و روضها العشيب وزهرها القشيب... ).
2- المؤرخ ابن رزيق:
هو"حميد بن محمد بن رزيق" أديب وعالم ومؤرخ عاش في الفترة ما بين 1783ـ 1874م ، وترك عدة مؤلفات أدبية وتاريخية منها عدة دواوين شعرية :( سبائك اللجين ،السلك الفريد وفصول المرجان، سلوة الأنام، و القصيدة النورانية، جواهر الأشعار ، فريدة الأفكار ) وكتب تاريخية منها ( الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيدين ، ويعد أول كتاب يتناول تاريخ عمان منذ فترة ما قبل الإسلام حتى قيام الدولة آلبوسعيدية ، ويشير الدكتور شبر الموسوي أن ابن رزيق لدية كتاب بعنوان علم الكرامات المنسوب إلى نسق المقامات ) والكتاب لا يزال مفقودا ويحتوى على ستين مقامة منها المقامة الشاذونية الذي ذكرها في كتاب الفتح المبين. " حكى الوارث بن بسام شيخ العتيك عن أبي جواب الضريك ، قال ، ألفت ذات سنة ، مناعة للسنة ، فتنة فئة بشاذون ، من أخيها شاذون ، فرحلت عنهم إلى قصوى ، ثم توجهت إلى بصرى ، فلما حططت بها رحل الشملان وألقيت العصي عن اليمين أو الشمال ، جاءني شيخ أعرج الظهر أبرص الثغر ـ حلته محرقة ، ولحيته محرقة ، فسلم علي تسليم السليم، الشاكي من الإثم، ومن مضايقة الأليم.....).
البرواني :
هو "محمد بن علي بن خميس البراوني من أصول عمانية ولد في جزيرة ( زنجبار ) من جنوب شرق أفريقيا من 1878م إلى 1953 م . عاش البراوني في زنجبار منذ مولده إلى أن توفي ولم يتركها إلا لرحلات طويلة إلى مصر وبلاد الشام ، وقد اهتم البراوني بتدوين تفاصيل هذه الرحلات وتفاصيل المدن التي زارها في كتاب رحلة أبي الحارث .
كانت للمؤلف مؤلفات أخرى شعرية ونثرية إلا أن معظمها فقدت بزنجبار إبان ثورة الزنج على العرب " . ومن الكتب التي وصلتنا كتاب( مقامات أبي الحارث)،طبعته وزارة التراث والثقافة ، ومقامات البراوني عبارة عن خمس مقامات عنون لكل منها باسم جغرافي معروف ، فالمقامة (السنجارية ) نسبه إلى سنجار ،" وهي بلد مشهور في العراق " والمقامة الصحارية نسبة إلى صحار والمقامة العمانية نسبة إلى عمان والمقامة المكية نسبه إلى مكة المكرمة والمقامة النادية نسبه إلى النادي . ويتضح من خلال قراءة هذه المقامات أن البراوني تأثر بسابقيه من كتاب المقامات فهو ينهج نهجهم في هذا الفن ، وكما يتضح من تضمينه لمقاماته نصوصا دينية وأخرى بلاغية وثالثة تاريخية ) يقول البر واني في المقامة الصحارية : "حكى هلال بن إياس قال :أزمعت الرحيل ، في ركب من بني الحارث البهاليل ، وما منهم إلا أغر نجيب ، ندب إذا عدّ الكرام نسيب ...فما زلنا نستقري المنازل والمعاهد ونطوى السباسب والفدافد إلى أن دخلنا صحار في رائعة النهار فبينما نحن نجول في شوارعها ونستقصي مشارعها ، فإذا نحن على قاصية الحضيض بناد قدا احتوى له القوم بالقض والقضيض ...) فنلاحظ أن البراوني نهج نهج سابقية كالهمذاني والحريري فاستهل بالسند واعتمد على راو بعينه وركز على شخصي البطل والراوي وغابت الحبكة والحدث وطغت الثورة اللفظية ووظف الأماكن الجغرافية ليدل على مكان وقوع أحداث المقامة .
[1] البراوني ، من مقامات أبي الحارث،ص65
منقول
1. الرواية: الذي يروى المقامة مثل عيسى بن هشام في مقامات بديع الزمان الهمذاني .
2. مكد : و هو شخص خيالي في الأغلب و واسع الحيلة و هو بطل المقامة ؛ حيث تدور القصة حولة و تنتهى بانتصاره في كل مرة مثل أبي الفتح الأسكندري في مقامات بديع الزمان .
3. ملحة أو نكتة أو عقدة تحاك حولها المقامة.
سمات المقامة و موضوعاتها:
إن الناظر إلى فن المقامة يلاحظ أنها تبنى على الإغراق في الصناعة اللفظية خاصة، و الصناعة المعنوية عامة و موضوعاتها، أما أن تكون أدبية أو فقهية أو فكاهية أو حماسية ؛لذلك نجد المقامات تحتوى على النوادر و الأخبار و الإشارة إلى وقائع الزمن و أعلام التاريخ ، وهي حافلة بالحكم و الأمثال ، و النكت اللغوية و الأدبية، و الأحاجي النحوية و الرسائل المبتكرة، و الخطب المحيرة ، و المواعظ المبكية، و الأضاحيك الملهية في المقامة .
ويشيع في المقامة أسلوب الحوار بين الأشخاص و خاصة بين الراوي و البطل و كذالك يشيع في المقامة الشكل اللفظي المسجوع، ذو الفقرات القصار ، والبديع المتواتر، و الاستشهاد بالقرآن الكريم و الحديث النبوي وأشعار العرب، و من السمات الواضحة في فن المقامة عنايتها بالمكان قلبا و قالبا فهي تستوحي اسمه وجغرافيته و ذاكرته التاريخية ، بالإضافة إلى عادات أهله و تقاليدهم ، كما ترسم ملامح من طباعهم و ميولهم و أذواقهم .
نشأة فن المقامة:
إن فن المقامة فن شغل أدباء العربية و كتّابها مدة طويلة، و كثر حوله التساؤل ، من أنشأ هذا الفن و ابتدعه ؟ و كذالك هل هذا الفن قصة أم حكاية أم شكل نثري ؟ و كذالك متى ظهر ؟
يقول الدكتور شبر الموسوي " تعود نشأة فن المقامة إلى القرن الرابع الهجري حيث كان أول ظهوره على يد ابن دريد ( أبو بكر محمد بن الحسن ) المتوفى في سنه 321هـ، إلا أن المقامة لم تأخذ شكلها الفني إلا على يد بديع الزمان الهمذاني المتوفى 398هـ والذي يعد مبتكر ورائد هذا الفن " ومما يؤكد هذا الرأي أن الدكتور زكي مبارك يقول" أن بديع الزمان عارض بمقاماته أربعينيا حديثا أنشأها ابن دريد، والمعارضات كانت تقارب دائما في الكمية " ومن هذه الأقوال نكتشف أن بداية فن المقامة كانت على يد ابن دريد الأزدي ثم على الرغم من "أن أحاديث ابن دريد لم تكن إلا أحاديث تعليمية صرفة مليئة بالغريب من الألفاظ وهي في بعض الأحيان قصيدة شعرية ، وأحيانا تكون قولا منثورا ولا نجد فيها العناصر الضرورية للقصة إلا نادرا " ثم صارت المقامة عند بديع الزمان شكلا أدبيا لهو سماته الخاصة و المختلفة عن سائر الأجناس . ثم جاء الحريري فصير المقامات إلى ظاهرة أدبية و انتشرت مقاماته في جميع الأقطار العربية, وصارت مضرب المثل في الفصاحة و البيان "ويعد الحريري أشهر من نظم المقامات وإليه يرجع الفضل في ذيوع هذا الفن الجميل ".
ثم تمضي القرون فتكثر المقامات فنجد الزمخشري وابن الجوزي والسيوطي وغيرهما الكثير.و في العصر الحديث نجد أن محمد المويلحي في حديث (عيسى بن هشام) الذي تعد مقاماته أول عمل قصصي طويل في الأدب العربي ، يجمع بين شكل المقامة وشكل الرواية وقد تأثر المويلحي بالثقافة العربية القديمة فصاغ كتابه على طريق المقامة ، تأثر بالثقافة الأوربية في رسم الشخصيات و تصوير المواقف ،وعلى الرغم من تعدد المقامات إلا أنها أخذت نفس الشكل والقالب والصبغة " والفرق يرجع إلى صور الثقافات في مختلف العصور، فبديع الزمان صور مشكلات عصره ، والحريري مثل معضلات زمانه ، والسيوطي فصّل أوهام الناس وعلومهم في أيامه ".
أما عن توصيف هذا الجنس الأدبي فقد اختلفت الآراء فمنهم من يقول (( أنها قصة و منهم من يرى أنها ليست بقصة و إنما هي حديث أدبي بليغ ليس فيه من القصة إلا الظاهر فقط " وتجد العناية فيها بالثورة اللفظية البيانية و يهمل فيها الاهتمام بالمعنى.
أشهر كُتَّاب المقامة في عمان:
إن المتتبع لفن المقامة في عمان ليجد أن هناك أدباء كتبوا مقامات تضاهي مقامات الهمذاني والحريري ومن هؤلاء سعيد بن راشد بن بشير الخروصي، والمؤرخ العماني ابن رزيق ، و البر واني ، وعبدالله بن علي الخليلي ، وسأقوم بتفصيل القول في كل واحد موضحا المقامات التي كتبها والمصادر التي أوردها
1-الشيخ سعيد بن راشد بن بشير الغشري الخروصي الأزدي ،و الشيخ من مشاهير علماء عمان في القرن الثاني عشر الهجري، وله ديوان مطبوع وقد أورد ابن رزيق مقامة نثرية له اسمها السونية في كتابه الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيدين " ، وهو شاعر فصيح له شعر في الوعظ وفي مدح الرسول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلام وفي مدح آل من بني خر وص ، وله مقامة واحدة اسمها المقامة السونية نسبة إلى ( السوني ) بلدة العوابي من عمان وفيها يقول " روى اليافث بن تمام قال أجدبت أرضنا ذات سنة ، حتى منع الطوى من السنة ، وأقوت من الأقوات الربوع المرابع فلذا تجافينا عن المضاجع وأسكت السماء عن الرجع والأرض عن الصدع ... فحينئذ أزمعت الرحيل إلى سوني القديمة فلم أنزل أنجد وأغوار وأقطع الدمث والوعور ، والصحاري والصخور ، إلى أن وافيت جنابها الرحيب ،و روضها العشيب وزهرها القشيب... ).
2- المؤرخ ابن رزيق:
هو"حميد بن محمد بن رزيق" أديب وعالم ومؤرخ عاش في الفترة ما بين 1783ـ 1874م ، وترك عدة مؤلفات أدبية وتاريخية منها عدة دواوين شعرية :( سبائك اللجين ،السلك الفريد وفصول المرجان، سلوة الأنام، و القصيدة النورانية، جواهر الأشعار ، فريدة الأفكار ) وكتب تاريخية منها ( الفتح المبين في سيرة السادة البوسعيدين ، ويعد أول كتاب يتناول تاريخ عمان منذ فترة ما قبل الإسلام حتى قيام الدولة آلبوسعيدية ، ويشير الدكتور شبر الموسوي أن ابن رزيق لدية كتاب بعنوان علم الكرامات المنسوب إلى نسق المقامات ) والكتاب لا يزال مفقودا ويحتوى على ستين مقامة منها المقامة الشاذونية الذي ذكرها في كتاب الفتح المبين. " حكى الوارث بن بسام شيخ العتيك عن أبي جواب الضريك ، قال ، ألفت ذات سنة ، مناعة للسنة ، فتنة فئة بشاذون ، من أخيها شاذون ، فرحلت عنهم إلى قصوى ، ثم توجهت إلى بصرى ، فلما حططت بها رحل الشملان وألقيت العصي عن اليمين أو الشمال ، جاءني شيخ أعرج الظهر أبرص الثغر ـ حلته محرقة ، ولحيته محرقة ، فسلم علي تسليم السليم، الشاكي من الإثم، ومن مضايقة الأليم.....).
البرواني :
هو "محمد بن علي بن خميس البراوني من أصول عمانية ولد في جزيرة ( زنجبار ) من جنوب شرق أفريقيا من 1878م إلى 1953 م . عاش البراوني في زنجبار منذ مولده إلى أن توفي ولم يتركها إلا لرحلات طويلة إلى مصر وبلاد الشام ، وقد اهتم البراوني بتدوين تفاصيل هذه الرحلات وتفاصيل المدن التي زارها في كتاب رحلة أبي الحارث .
كانت للمؤلف مؤلفات أخرى شعرية ونثرية إلا أن معظمها فقدت بزنجبار إبان ثورة الزنج على العرب " . ومن الكتب التي وصلتنا كتاب( مقامات أبي الحارث)،طبعته وزارة التراث والثقافة ، ومقامات البراوني عبارة عن خمس مقامات عنون لكل منها باسم جغرافي معروف ، فالمقامة (السنجارية ) نسبه إلى سنجار ،" وهي بلد مشهور في العراق " والمقامة الصحارية نسبة إلى صحار والمقامة العمانية نسبة إلى عمان والمقامة المكية نسبه إلى مكة المكرمة والمقامة النادية نسبه إلى النادي . ويتضح من خلال قراءة هذه المقامات أن البراوني تأثر بسابقيه من كتاب المقامات فهو ينهج نهجهم في هذا الفن ، وكما يتضح من تضمينه لمقاماته نصوصا دينية وأخرى بلاغية وثالثة تاريخية ) يقول البر واني في المقامة الصحارية : "حكى هلال بن إياس قال :أزمعت الرحيل ، في ركب من بني الحارث البهاليل ، وما منهم إلا أغر نجيب ، ندب إذا عدّ الكرام نسيب ...فما زلنا نستقري المنازل والمعاهد ونطوى السباسب والفدافد إلى أن دخلنا صحار في رائعة النهار فبينما نحن نجول في شوارعها ونستقصي مشارعها ، فإذا نحن على قاصية الحضيض بناد قدا احتوى له القوم بالقض والقضيض ...) فنلاحظ أن البراوني نهج نهج سابقية كالهمذاني والحريري فاستهل بالسند واعتمد على راو بعينه وركز على شخصي البطل والراوي وغابت الحبكة والحدث وطغت الثورة اللفظية ووظف الأماكن الجغرافية ليدل على مكان وقوع أحداث المقامة .
[1] البراوني ، من مقامات أبي الحارث،ص65
منقول